«المغرب بلاد «السيبة» وبلاد «اللاقانون»، والمغاربة محكومون بقدرية قاهرة لا فكاك منها تتجلى في مؤسسة ملكية تخنق المجتمع وتجثم على الشعب كرها».
تلك هي إحدى الصور التي يرسمها تقرير وزارة الخارجية الامريكية حول حالة حقوق الإنسان ببلادنا، الصادر مؤخرا، والذي يضرب في العمق المؤسسة الملكية في المغرب، بادعاء ممارستها للتحكم الغاصب في الشأن العام المغربي، وبادعاء أن المغاربة ليس بإمكانهم تغيير البنية الدستورية الخاصة بنظام الحكم، أي النظام الملكي. ومعنى ذلك، وفق منطوق التقرير، أننا نعيش وضعية «حجر»، تماما كما لو أن المغرب قد وجد على هذه الأرض بالصدفة، وهو ما يلغي ما قبل التاريخ المغربي الذي يعود إلى آلاف السنين، ويلغي بالتالي ما حدث منذ نشأة الدولة في القرن الثامن الميلادي وصولا إلى اليوم. (انظر ص: 10)
وحتى حين يذكر التقرير الأمازيغ بالاسم، فإنه لا يفعل ذلك باعتبارهم مكونا أساسيا ضمن النسيج الوطني المتماسك بالممارسة، وبقوة الدستور، ولكن باعتبارهم اثنية معزولة مقصاة، مرماة بها على الرصيف. وبنفس المنطق يتحدث عن الصحراويين. هكذا يتحدث عن النسيج الوطني مقسما إياه إلى الأمازيغ والصحراويين والمغاربة (؟!) الذين ينصبون في تقديره الكمائن لكل من الأمازيغ والصحراويين. (انظر ص: 7)
هنا يبرز الطابع التحريضي للتقرير بدفعه المغاربة إلى الثورة على المؤسسة الملكية من جهة، وبدفعهم إلى الثورة على المكونين الصحراوي والأمازيغي، وهو ما لم يحدث حتى في أعرق الدراسات الاستشراقية الموغلة في التزمت والعنصرية.
وبناء على هذا النوع من القراءة، نجد التقرير في تعرضه للوضع الحقوقي يميز بين حالته في الصحراء، وحالته في باقي جهات المغرب، وذلك في تنكر صارخ لما حدث على الأرض منذ تحرير الصحراء من بقايا الاستعمار الإسباني سنة 1975، ومنذ تبنيه لمشاريع تنموية، ولمقترحات حلول للنزاع المفتعل، وكان آخرها مقترحه للحكم الذاتي الموسع. بل الأفظع والأخطر أن تقرير الخارجية الأمريكية زاغ لأول مرة -حسب علمنا- عن قاموس الإدارة الأمريكية بشأن ملف الصحراء،إذ أن محرري التقرير لم يتحدثوا عن الصحراء كقطعة من التراب الوطني استرجعها المغرب عبر مسلسل طويل من النضال ضد المستعمر (الفرنسي والإسباني) وبعد مسار معقد من المفاوضات وإصرار المغرب على إدراج المف في الأمم المتحدة في ستينات القرن العشرين، بل يتحدث التقرير عن أن العسكر المغربي قام «بغزو الصحراء» بعد «جلاء» القوات العسكرية الإسبانية! (انظر ص:9) أضف إلى ذلك أن التقرير لا يبخس فقط الجهد المغربي الرسمي السائر باتجاه التنمية، والتفاهم حول إيجاد الحلول لصالح المحيط الإقليمي والدولي، ولكنه يبخس كذلك مجهودات المؤسسات الوطنية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والوسيط وغيرهما من المؤسسات التي أرساها المغرب كآليات وكصيغة للتصالح مع ذاكرة الماضي، ومع رهانات المستقبل المتعلقة بحقوق الإنسان. وتتناقض كلية مع تصريحات لمسؤولين سامين أمريكيين أنفسهم (انظر الكرونولوجيا في ص: 8)
أما مرجعيات التحليل فتفضح الغايات والمقاصد، ذلك أنها تستنسخ، بشكل كسول، تقارير سابقة أنجزتها من قبل مؤسسات «فريدم هاوس» و«هيومن رايتس» ومؤسسة «كينيدي» و«أمنيستي»، حيث المشترك هو ضرب المؤسسة الملكية ومحيط الملك، لأن الإدارة الأمريكية ومرادفاتها في المنظمات الأممية تدرك أن قوة المغرب من قوة مؤسسة الملكية التي هي موضع توافق كل النسيج الوطني، بما تتمتع به من شرعيات التاريخ والاعتبار الوطني والحمولة الدينية ومقتضيات الدستور.
نضيف إلى كل هذه الاعتبارات تحريف كل اللقاءات التي أجرتها الإدارة الأمريكية مع السلطات المغربية، حيث لا نجد صدى لتلك اللقاءات التي كانت تهم المعطيات حول حالات حقوق الإنسان داخل التقرير، وهو ما يعني أن الإدارة الأمريكية لا تعترف بالدولة المغربية ولا بمعطياتها ولا بمصداقيتها، وإلا كان عليها (وذلك أضعف الإيمان) أن تدرج في التقرير الرأي المعارض إلى جانب الرأي الرسمي توضيحا لما يعتبر خروقات وتبديدا لسوء الفهم.
هذا الأمر يدفعنا إلى التساؤل حول جدوى استمرار اللقاءات غير الرسمية INFORMEL بين المغرب والإدارة الأمريكية. (انظر ص: 9)
ولأن المغرب قد شق بالفعل قنوات التنمية داخل صحرائه، حيث تسجل التقارير الموضوعية وجود حياة حقيقية في الشارع الصحرواي، فقد لجأ التقرير إلى اقتناص حالات معزولة إما في شكل خروقات تافهة لحقوق الإنسان، أو حادث اعتقال شارد شكلي لتجعل منه الذريعة للقول بوجود التعذيب الممنهج والاختطاف المبرمج والاعتقال المفبرك، فقط من أجل ابتزاز المغرب واستفزازه.
كل هذه الاعتبارات تؤكد أن المغرب يوجد في ظرف صعب أمام تكاثر التهديدات من الجزائر والإدارة الأمريكية والبرلمان الأوربي والاتحاد الأوربي والمنظمات الدائرة في الفلك الأمريكي، ولذلك لا ينبغي للمغرب أن يظل مطمئنا لصدقه الذاتي، وللاكتفاء بأداء دبلوماسي أكدت الوقائع بأنه محتاج إلى إعادة النظر، حيث لا معنى لأن يستمر المغرب في الاعتماد على دبلوماسيين من نوع «الناطحة والمنطوحة» الذين يعتبرون المهمة الدبلوماسية استراحة آخر الوظيف، أو نزهة واسطة العمر، أو فقط حلا من حلول تقاسم الريع مع النخب السياسية بالبرلمان.
أمام المغرب إذن مهمة مواصلة بنائه الديمقراطي في شقه السياسي، وفي شقه التنموي عبر التغلب على أعطابه الذاتية، وأمام مهمة على وجه الاستعجال تفرض إعادة النظر في سلوكه الدبلوماسي بما يضمن تجديد أدائه وأطره، واختراق مساحات جديدة في المحافل الدولية يتم فيها إشراك كل مكونات المشهد الحزبي، الموالي منها والمعارض، بتظافر المجتمع المدني والمكون البرلماني، ولكن على أساس اختيار الكفاءات وليس الارتكاز على معيار تداول منتخبي الأحزاب وبرلمانييها.
فنحن في حالة حرب وليس في نزهة، والأحزاب التي لم تستوعب هذه الحقيقة يتعين حلها، فشرط وجودنا اليوم رهين بطي ملف الصحراء بما يزكي حق المغرب والمغاربة.
إنه قدرنا الحقيقي القمين بمواجهة أقدارنا الكاذبة المصنوعة في أروقة خيانة حقيقة المغرب ومساعية لبناء مجتمع السلم في محيطه الوطني والإقليمي والدولي. ففي الوقت الذي كان السفير الأمريكي «الأسمر» المعتمد بالرباط «دوايت بوش» ضيفا فوق العادة على مهرجان «كَناوة» بالصويرة، ويتراقص هو وأندري أزولاي على إيقاعات طبول كَناوة، كانت الخارجية تدق «طبول الحرب» على المغرب، وتطبخ في «محابرها» السرية تقريرا ناريا يشبه التقارير «الكيدية» التي كانت تقصف بها أعداءها التقليديين في «روسيا» و«كوريا الشمالية» و»كوبا» و«روسيا»!! السفير الأمريكي كلما ارتفعت حماسته في الرقص تندى من جبينه آثار «الحبر» الأسود الذي صاغ به رؤساؤه التقرير «المسموم» ضد المغرب!!
المخطط الذي تعده واشنطن لتفتيت المغرب إلى خمس إمارات إثنية
الخلاصة العامة والجوهرية الخطيرة التي حاول تقرير وزارة الخارجية الأمريكية إيهام الرأي العام حولها، هي أن المغرب يعرف «اضطهادا إثنيا» في حق الأمازيغ والصحراويين.
وهو (أي التقرير) كرر أكثر من مرة استعمال «الإثنية»، وكأن المغرب مجموعة من المتتاليات الإثنية المجمعة قسرا في وطن اسمه «المغرب»، وليست أمة انصهرت مكوناتها عبر قرون.
هذا التوجيه «المخدوم» قسم المغرب إلى ثلاث مجموعات إثنية: أمازيغ وصحراويين ومغاربة (هكذا)، وحاول معدو التقرير إعطاء انطباع بأن المغاربة هم من يزرع الدسائس والكمائن بين الاثنيتين الأخريتين: الأمازيغ والصحراويين.
والمراد من وراء هذا التحليل المسموم خلق الفتنة في المغرب (التي سبق أن فشل فيها المستعمر الفرنسي في عهد الظهير البربري عام 1930). وذلك عبر إشعال النار في كل التراب الوطني وتمزيقه إلى 5 طوائف أو ممالك وفق الرؤية الأمريكية التالية::
1 - إمارة الريف في الشمال
2 - إمارة زيان في الأطلس المتوسط
3 - إمارة سوس في الأطلس الكبير وأكادير
4 - إمارة الصحراء في الأقاليم الجنوبية
5 - إمارة المغاربة في الواجهة الأطلسية وما تبقى من قطع داخلية
هذه الوصفة (وصفة الفتن والتفكيك وتمزيق الأوطان) جربتها واشنطن في الشرق الأوسط وأفلحت فيها في العراق ولبنان والسودان وأيضا في دول البلقان، وتريد تعميمها بالمغرب.
وهنا علينا استحضار معطيين اثنين:
الأول: يخص القرار الأخير الصادر عن الحلف الأطلسي بشأن رغبته في تعزيز وجوده في البحر المتوسط بدعوى تناسل حالات اللاستقرار بليبيا، في حين أن الغاية المبطنة من قرار الحلف الأطلسي هي التواجد اليقظ تحسبا لأي اشتعال للنار بالمغرب، وبالتالي قدرة الحلف على التدخل بسرعة لتأمين البحر المتوسط الذي يعد أحد أهم الممرات البحرية في التجارة الدولية.
أما المعطى الثاني فيتلخص في تناسل التقارير الحقوقية مؤخرا ضد المغرب من مجموعة من المنظمات الدائرة في الفلك الأمريكي (كينيدي، هيومن رايتس، فريدم هاوس، أمنيستي، الكوديسا (رغم أنها جمعية للانفصاليين فإنها محسوبة على الفلك الأمريكي) أو من تلك الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، وهي كلها تقارير تشير وتركز على «وجود حملة واضطهاد ضد الصحراويين بالمغرب» عبر التهويل من ذلك بالادعاء أن السجون المغربية «ممتلئة بالصحراويين» وبأن هؤلاء يتعرضون لحملة ممنهجة في «القتل والاختطاف والمضايقات».
بالموازاة مع ذلك تحرص هذه التقارير على إبراز أن المكون الأمازيغي بالمغرب هو الأكثر تهميشا في المناصب والمسؤوليات وفي الاستثمارات العمومية، والحال أن قراءة خاطفة لأسماء كبار المسؤولين المغاربة في الهرم الأمني (الجيش بالخصوص) والإداري والمؤسساتي سيجد أن الأغلبية الساحقة منهم ينحدرون من السلالات الأمازيغية، أضف إلى ذلك أن الشمال (الريف بالأساس) استفاد في السنوات 15 الماضية من الحصة الكبرى من الاستثمارات العمومية التي لم تشهدها أي منطقة بالمغرب تليها المنطقة الصحراوية، ثم جهة البيضاء، ثم جهة سوس. أما الأكثر فقرا فهي شيشاوة والراشيدية ومنطقة عبدة.
379 مظاهرة بالصحراء
حسب إحصائيات رسمية، حصلت عليها «الوطن الآن»، عرفت الأقاليم الجنوبية عام 2015 تنظيم 379 مظاهرة بالشارع العام شارك فيها 11950 فردا (أي بمشاركة 32 فردا تقريبا في كل مظاهرة كمعدل).
وحسب البيانات الرسمية المغربية فإن مدينة العيون تأتي على رأس القائمة بـ 166 مظاهرة (5738 مشارك) ثم واد الذهب بـ 82 مظاهرة (3475 مشارك) فالسمارة بـ 62 (1419 مشارك) وبوجدور بـ 40 مظاهرة (974 فردا) ثم أوسرد بـ 28 مظاهرة (333 فردا).
أما المظاهرات غير المرخص لها والتي تم تفريقها بالشارع العام، فبلغت حسب الإحصائيات الرسمية 81 مظاهرة بمجموع الأقاليم الصحراوية خلال نفس الفترة (1يناير -31 جنبر 2015) وشارك فيها 2708 في المجموع. بمعنى 33 محتجا كمعدل في كل تظاهرة غير مرخص لها.
تخدير للمغرب أم طعن من الخلف
كرونولوجيا سياسة الكيل بمكيالين للولايات المتحدة
تقرير الخارجية الأمريكية بقدر ما رسم صورة جد سوداء عن حقوق الانسان بالمغرب بقدر ما عرى عن تناقض في مواقف الأمريكان. في هذه الورقة سرد كرونولوجي للفترة الممتدة من عام 2011 إلى اليوم، وهو سرد يتوقف عند أبرز المحطات التي صدرت فيها تصريحات لمسؤولين أمريكيين تمجد المغرب وتتضمن غزلا ومديحا.
هنا يطرح السؤال: هل الولايات المتحدة تتضمن عدة دول ، وكل «دويلة» يتحكم فيها جهاز ما، يصدر ما يحلو له من تصريحات دون وجود خيط ناظم بين الأجهزة الرسمية؟ أم على العكس هناك رؤية موحدة ومراقبة من طرف حكام الولايات المتحدة الأمريكية ؟ وفي هذه الحالة: هل كانت التصريحات المتتالية الوردية مجرد تخدير لصناع القرار بالمغرب أم هي تمهيد لطعنه من الخلف؟
- مارس 2011 وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تصرح خلال ندوة صحفية مشتركة بمقر وزارة الخارجية، مع نظيرها المغربي الطيب الفاسي الفهري، «أنه في الوقت الذي تتبنى فيه بعض الدول مقاربة متعددة الأبعاد، أطلق جلالة الملك إصلاحات شاملة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية».
- يونيو 2011: المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نالاند تصرح إن الولايات المتحدة «متحمسة» لمشروع الدستور الجديد وأكدت المسؤولة الأمريكية: «نحن متحمسون للمقترحات المعلن عنها من طرف الملك» بهدف تعزيز المسلسل الديمقراطي الذي يشهده المغرب من خلال إجراء إصلاحات دستورية على المستويين القضائي والسياسي.
- يوليوز 2011: وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ترحب بنتيجة الإستفتاء على الدستور، مؤكدة أنه يساعد في عملية الإصلاح الديمقراطي في المملكة. وقالت كلينتون في بيان إن «الولايات المتحدة ترحب بالاستفتاء الدستوري الذي جرى في المغرب». وأضافت «نحن ندعم الشعب المغربي وقادته في جهودهم لتعزيز سيادة القانون ورفع معايير حقوق الإنسان وتشجيع الحكم الرشيد والعمل من أجل إصلاح ديمقراطي طويل الأمد».
- 25 أكتوبر 2011: المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند تؤكد من الرباط إن الولايات المتحدة تتابع بـ«اهتمام كبير» مسلسل الإصلاحات الجارية في المغرب، وأضافت أن نائب وزير الخارجية للشرق الأوسط جيفري فيلتمان أكد خلال زيارته للمملكة، أن «واشنطن تتابع باهتمام كبير الإصلاحات الجارية في المغرب».
- 27 نونبر 2011: وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، تقدم تهانيها للشعب المغربي عقب الإجراء «الناجح» للانتخابات التشريعية، مؤكدة أن ملايين المغاربة توجهوا إلى صناديق الاقتراع بمناسبة هذه الاستحقاقات.
- دجنبر 2011: حاكم ولاية هاواي، نيل أبيركرومبي، يؤكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش افتتاح أسبوع صاحب الجلالة الملك محمد السادس بهواي، الذي انعقد من 28 نونبر إلى ثاني دجنبر الماضي، أن المغرب «القوي بتاريخه العريق يسير نحو التقدم تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس. وسجل أبيركرومبي أن «المغرب استوعب الفرصة التي أتيحت له اليوم للولوج إلى عالم الحداثة، متشبعا بتاريخه العريق».
- 11 ماي 2012: المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، تصرح بواشنطن بأن الولايات المتحدة الأمريكية تؤكد من جديد «دعمها القوي» لمسلسل الإصلاحات في المغرب وكذا لجهود المملكة على المستوى الاقتصادي. وقالت نولاند في لقائها الصحفي اليومي «نحن ندعم بقوة مسلسل الإصلاحات في المغرب والجهود التي تبذلها المملكة لجذب المزيد من الاستثمارات الأمريكية».
- 20 ماي 2012: عمدة شيكاغو والكاتب العام السابق بالبيت الأبيض، رام إيمانويل ينوه في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش القمة الـ25 لمنظمة حلف شمال الأطلسي التي احتضنتها مدينة شيكاغو، بجلالة الملك محمد السادس، كما نوه بالمغرب كـ«نموذج للتسامح الديني والانفتاح والتلاقح بين الثقافات». وجاء في تصريحه «إنني لا أرغب فقط في زيارة المغرب، ولكن أيضا في اصطحاب أطفالي إلى هذا البلد لأطلعهم على تاريخ المملكة وتسامحها». وأضاف «إنني سعيد لرؤية المغرب ينمو ويزدهر تحت قيادة جلالة الملك، في بيئة من التسامح والتفاعل والاحترام والانسجام بين مختلف الثقافات والأديان».
- شتنبر 2012: توقيع مذكرة تفاهم بين المغرب والولايات المتحدة لتأسيس شراكة استراتيجية بين البلدين مع التزام عقد اجتماع سنوي يترأسه وزيرا خارجية البلدين بالتناوب في كل عاصمة ويتضمن الحوار الاستراتيجي. أربع مجموعات (المجموعة السياسية والمجموعة الأمنية والمجموعة الاقتصادية ثم المجموعة الثقافية).
- 15 يونيو 2013: مساعدة وزير الخارجية الأمريكي المكلفة بالشؤون السياسية، ويندي شيرمان، تؤكد من الرباط مجددا الموقف «الثابت» للولايات المتحدة حول قضية الصحراء، مبرزة أن واشنطن تعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب مقترحا «ذا مصداقية».
وقالت المسؤولة الأمريكية، خلال مائدة مستديرة مع مجموعة من الصحفيين المغاربة، إنه «خيار ذو مصداقية نشيد به»، مبرزة أن هذه المبادرة تعكس كثافة الجهود التي يبذلها المغرب من أجل إيجاد حل لهذا النزاع.
- 27 يوليوز 2013: ستيوارت هوليداي، رئيس مركز مريديان الدولي، وهي مؤسسة أمريكية تهتم بالدبلوماسية العمومية، يؤكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بأن «هذا الاعتدال في إطار من التسامح والانفتاح، جعل المغرب يضطلع على الدوام بدور بناء في الوساطة لحل النزاعات بالمنطقة العربية».
- 22 نونبر 2013: الرئيس الأمريكي أوباما يشيد في أعقاب لقاء القمة بين الرئيس الأمريكي والملك محمد السادس في البيت الأبيض بعمل وريادة الملك في تعزيز الديمقراطية، والدفع بالتقدم الاقتصادي والتنمية البشرية خلال العقد الأخير. كما جدد كل من الرئيس أوباما والملك محمد السادس،في بيان مشترك، التزامهما بالعمل سويا من أجل تحقيق الأهداف الواعدة لدستور المغرب لسنة 2011، واستكشاف السبل الكفيلة بتمكين الولايات المتحدة من المساعدة على دعم المؤسسات الديمقراطية بالمغرب، والمجتمع المدني والحكامة التشاركية.
وفي ما يخص قضية الصحراء تعهد الرئيس بمواصلة دعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي ودائم ومقبول من لدن الأطراف لقضية الصحراء.
- 4 أبريل 2014: وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري ،يشارك بالرباط في الدورة الثانية للحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والمغرب. وفي سياق حديثه عن التعاون بين البلدين، وصف رئيس الدبلوماسية الأميركية الرباط بأنها تبذل جهوداً للانتقال صوب المستقبل، مضيفاً أن واشنطن تؤمن بقدرات المغرب وتدعم الإصلاحات الجذرية والهائلة، مؤكداً أن المغرب لديه «قدرة كبيرة على النمو». وأوضح كيري أنه يزور المغرب من أجل «دعم علاقات واشنطن مع الرباط»، معلناً «احترام الإدارة الأميركية لأدوار المملكة في الاستقرار في إفريقيا، وفي محاربة الإرهاب وفي دعم مالي».
- 17 ماي 2016: أكدت نورين كيندي، نائبة رئيس الشؤون البيئية والطاقية والاستراتيجية في المجلس الأمريكي للأعمال الدولية، أن المغرب يمكن أن يلعب دورا محوريا في التنمية المستدامة في إفريقيا. وقالت، على هامش مؤتمر بون حول تغيرات المناخ، «نحن نعتبر المغرب كبلد رائد في منطقة شمال إفريقيا والقارة الإفريقية».
- السبت 27 يونيو 2015: وزارة الخارجية الأمريكية تصنف المغرب في تقريرها السنوي حول ممارسات حقوق الإنسان في مختلف دول العالم، ضمن البلدان التي عرفت تحسنا كبيرا على مستوى وضعية حقوق الإنسان خلال سنة 2014، مبرزة جهود والتزامات المملكة في القيام بمزيد من الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان.
وقال السفير الأمريكي في المغرب، دوايت بوش، تعليقا على إصدار التقرير الذي يتم بتكليف من الكونغرس الأمريكي منذ سنة 1977، «تود الولايات المتحدة أن تهنئ المغرب على الخطوات الايجابية التي اتخذها نحو تعزيز ثقافة حقوق الإنسان في عام 2014».
- 05 شتنبر 2015: وزارة الخارجية الأمريكية تؤكد أن الانتخابات الجماعية والجهوية، التي جرت يوم رابع شتنبرمن نفس العام بالمغرب «تشكل خطوة مهمة وإيجابية نحو الأمام» في إطار جهود المملكة في مجال اللامركزية.
- شتنبر 2015: مؤسسة «تحدي الألفية» الأمريكية تقدم للمغرب منحة جديدة قدرها 450 مليون دولار على مدى 5 سنوات لدعم التعليم وإصلاح الاراضي الفلاحية وقرى الصيد، وهي المنحة العالية المبلغ التي تمنح لبلد أجنبي من طرف واشنطن بالعالم بعد تنزانيا.
- 29 دجنبر 2015: نائب كاتب الدولة الأمريكي المساعد الرئيسي في الدفاع، بريان ماكوين يؤكد بالرباط، استعداد بلاده لتقوية وتعزيز علاقات التعاون مع المملكة المغربية، لاسيما في المجال الأمني، ونوه المسؤول الأمريكي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عقب مباحثات أجراها مع الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، امبركة بوعيدة، بجودة العلاقات التاريخية التي تربط المغرب والولايات المتحدة الأمريكية
- 18 فبراير 2016: مساعد كاتب الدولة الأمريكي في الشؤون السياسية توماس شانون يعرب من الرباط في أعقاب لقاء مع الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون مباركة بوعيدة عن ارتياحه لمستوى علاقات الشراكة التي تربط الولايات المتحدة بالمغرب في مختلف المجالات، موضحا أن هذه العلاقات «التاريخية والتي تتجه نحو المستقبل نجحت في التكيف مع التحولات السياسية لما فيه مصلحة البلدين والشعبين».
- 5 أبريل 2016: مجموعة الصداقة المغربية الأمريكية بالكونغرس، التي تتألف من أزيد من 40 سيناتورا بالكونغرس، تؤكد في رسالة موجهة إلى وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أن الانزلاقات والتصرفات المدانة للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، تشكل ممارسات غير مسبوقة وتناقض موقف الأمناء السابقين في اشارة الى استعمال الأمين العام الأممي كلمة ?احتلال? خلال زيارته إلى مخيمات تندوف.
- 17 ماي 2016: البحرية الملكية تشارك مع القوات الأمريكية في مناورات عسكرية باليونان في إطار عملية «فرينيكس إكسبريس 2016» بمشاركة 10 دول من ضفتي البحر المتوسط لتقوية قدرات القوات البحرية للدول المشاركة بهدف مواجهة مافيا تهريب البشر والهجرة السرية وكذا مافيا تهريب السلاح والمخدرات.
الرسائل الأمريكية المسمومة بخصوص الصحراء
من الأخطاء الفظيعة الواردة في تقرير الخارجية الأمريكية القول أن منطقة الصحراء لم تشهد أي إحصاء منذ عام 1975، والحال أن أربع عمليات كبرى لإحصاء السكان تمت منذ ذاك التاريخ إلى اليوم، آخرها عملية 2014.
ورغم وجود سفارة أمريكية بالرباط بدبلوماسييها وبجواسيسها وخبرائها وعملائها المغاربة، فإن هذا الخطأ الفظيع كاف لوحده لإظهار أن محرر التقرير (أو محرري) جاهلون أصلا بالمعطيات. وحتى حينما تناول التقرير ساكنة الأقاليم الجنوبية ادعى أن «الصحراويين» لا يتعدى حجمهم 25 في المائة من المجموع العام لسكان المنطقة، وهي إشارة ماكرة ذات حمولة إثنية لإبراز أن المغرب مقسم إلى إثنيات (انظر ص7).
وإذا كانت السفارة الأمريكية تجهل المعطيات الإحصائية، إما لكسل المسؤولين الأمريكيين أو عجزهم عن التنقل ونقر الحاسوب للدخول لموقع مندوبية التخطيط، فإن المثير أيضا أن تقرير الخارجية الأمريكية لما تحدث عن الجدار الأمني تحدث عنه كحد فاصل للحدود المغربية، والحال أن الوثائق الأممية توثق أن المرحوم الحسن الثاني راسل بيريز دي كويلار (الأمين العام الأممي السابق (يوم 3 شتنبر 1991 بشأن تسلل عناصر البوليزاريو إلى المنطقة الشرقية للجدار الأمني) المدمجة أصلا في التراب الوطني لمنع تكرار ذلك تحت طائلة استعداد المغرب للدفاع عن ترابه كلما حدث تسلل آخر.بالنظر إلى أن المغرب لما بنى الجدار الأمني لوقف هجمات قوات الجزائر والبوليزاريو، وضع المنطقة الشرقية للجدار رهن إشارة الأمم لمتحدة ابتداء من عام 1991 لتسهيل قرارها القاضي بوقف إطلاق النار، دون أن يعني ذلك أن حدود المغرب تنتهي مع الجدار الأمني.
ثالثة الأثافي أن تقرير الخارجية الأمريكية تضمن إشارة سامة مفادها أن «اللاجئين الصحراويين بتندوف» ما فتئوا و«حكومتهم بالمنفى» يطالبون باستفتاء حول الاستقلال بالصحراء. وهنا مبعث الغرابة، لأن القاموس الأمريكي الرسمي لم يسبق له أصلا أن استعمل لفظة «حكومة الصحراويين في المنفى». وهو ما يطرح تساؤلات مقلقة حول هذا الانزلاق، وهل هو مقدمة لقرارات أمريكية أخرى أم جس لنبض المغرب ومعرفة رد فعله؟
لماذا كان رد وزارة الداخلية على واشنطن بتلك القوة؟
التفسير الأقرب للصواب لفهم حدة اللهجة التي كتب بها بيان وزارة الداخلية المغربية الاحتجاجي ضد تقرير الخارجية الأمريكي حول حقوق الإنسان يرتبط برغبة الرباط في رد الأمور إلى نصابها في العلاقة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية. وذلك عبر محاولة سلطات الرباط تنبيه صانعي القرار في واشنطن، إلا أن محرري تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان، اعتمدوا عملا مكتبيا متجاوزا، فضلا عن اعتمادهم على أحادية المصدر بالتركيز على الإحالة على مصادر جمعوية أمريكية أو مغربية معروفة بعدائها التابث ضد المغرب.
أضف إلى ذلك أن التقرير يدعي أنه «سنوي»، أي من المفروض أن يستعرض الحالات التي تهم السنة المدروسة (عام 2015)، لكن الملاحظ أن تقرير الخارجية الأمريكية اعتمد حالات تعود إلى سنة 2013 أو تجاهل البناء الدستوري لما بعد 2011، فضلا عن كونه حرف وقائع (مثلا حالة وفاء شرف الذي قال التقرير إنها اختطفت بينما هي التي ادعت أنها اختطفت وبرز ذلك من خلال التحقيقات والتسجيلات المسلمة للمحكمة التي كشفت أن شرف اختلقت الوقائع).
تقرير الخارجية الأمريكية: إنجيل التقارير الأممية
إذا كان من اسم مستعار يمكن اطلاقه على الأمم المتحدة فهو «أمم الولايات المتحدة»، بالنظر إلى أن منظمة الأمم المتحدة هي في الأصل توجد تحت إبط الولايات المتحدة الأمريكية، ليس فقط من حيث التمويل ومساهمة واشنطن البارزة في تمويلها، أو من حيث هيمنة الموظفين الدوليين الأمريكيين على دواليب القرار في المنظمة الأممية، ولكن لأن الأمم المتحدة لا تخطو خطوة إلا إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي المباركة والراعية.
الدليل أن تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حالة حقوق الإنسان بالعالم، رغم أنه تقرير شاذ بحكم أنه لا توجد دولة بالعالم تمارس الوصاية على باقي دول المعمور (باستثناء الولايات المتحدة)، فهو بمثابة «إنجيل» مقدس يؤطر باقي التقارير الأممية وتعتمده الأمم المتحدة في كافة تقاريرها وملاحظاتها.
وحتى يتم تذويب تلك التبعية العمياء في اعتماد شبه كلي لما يرد في تقرير الخارجية الأمريكية يتم اللجوء إلى وسائط معروفة ومترابطة من قبيل: أمنيستي وهيومن ووتش وفيردم هاوس والوكالات التابعة للأمم المتحدة مثل «اليونيسيف وبرنامج «البام» وغيرهما.
وبالتالي يكون المرء عمليا في مواجهة تأطيرواحد وأوحد لرؤية وضعية حقوق الإنسان بالعالم وفق ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية ووفق ما تراه هي حسب مصالحها وأجندتها.
التقرير الأمريكي: دعوة مفتوحة للمغاربة للانقلاب على المؤسسة الملكية
«في لقاء سابق جمعني بوليام بورنس، مساعد كاتب الدولة الأمريكي في الشرق الأوسط بمكتبه بوزارة الخارجية بواشنطن، وبعد أن أنهيت أسئلتي الصحفية حول دور أمريكا في العالم وبؤر التوتر، خاصة بالشرق الأوسط وأفغانستان، طلب مني ويليام بورنس أن نقلب الأدوار، بأن يكون هو صاحب السؤال وأنا في دور المجيب.
قلت له: تفضل:
قال لي: ما هو تمثل المواطنين بالمغرب للولايات المتحدة الأمريكية؟
قلت له: هل أجيبك بسؤال؟
رد علي: وما المانع في ذلك
قلت له: إن تمثل المغاربة للولايات المتحدة مرتبط بسؤال جوهري: لماذا لم يحدث أي انقلاب في الولايات المتحدة؟
ظل ويليام بورنس شاردا ولم يقو على الجواب: فتابعت قائلا: الجواب: «إن واشنطن لا توجد فيها سفارة للولايات المتحدة الأمريكية».
انفجر المسؤول الأمريكي ضاحكا وقال: هل معنى هذا أن كل سفارة لنا بالعالم متهمة بالتحضير لانقلاب ما؟
قلت له: هذه هي قناعة الرأي العام المغربي».
استحضرت واقعة هذا اللقاء مع نائب وزير الخارجية الأمريكي وأنا أقرأ تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان بالمغرب، وهو تقرير أعتبره بمثابة «بلاغ رقم 1» صادر عن كتيبة عسكرية تمهد لانقلاب على المملكة المغربية. فهل هي صدفة أن كل التقارير الأمريكية الرسمية والمدنية تلتقي حول هدف واحد، ألا وهو ضرب المؤسسة الملكية؟
في بداية السنة أصدرت منظمة «فريدم هاوس» تقريرا ركز على ما تسميه تحكم واستبداد محيط الملك في كل القرارات السياسية والاقتصادية والمالية، وهو تقرير وإن صدر عام 2016، فلا يظهر أن واضعيه اطلعا على دستور 2011 أو على نتائج انتخابات 2011 أو على انتخابات 4 شتنبر 2015.
ثم جاء تقرير «أمنيستي» الذي لم يخرج عن نفس القاعدة، ليليه تقرير «هيومن رايتس»، وكلها تقارير تحوم حول نفس الهدف (أي نسف المؤسسة الملكية).
وتم تتويج هذا المسار بالتقرير الأخير لوزارة الخارجية الامريكية الذي قال إن المواطنين المغاربة لا يتوفرون على أي مدخل لتغيير المقتضيات الدستورية التي تحدد شكل الحكم بالبلاد، وبأن النظام الملكي لا يسمح بأي إصلاح، بل هو عنصر عرقلة سواء للإصلاحات السياسية أو لملف الصحراء(!)
وهو ما اعتبره مراقبون دعوة إلى التمرد على المؤسسة الملكية لقلبها.
أخطر ماورد في التقرير الأمريكي
1 - المغرب تحكمه ميليشيات وليست مؤسسات يؤطرها دستور وقانون. فالكل يزحف على بطنه خوفا من تبعات رفع الرأس، والكل يمشي «جنب الحايط» مخافة الاصطدام مع جماعات مقاتلة، والكل يضع «سكوتش» على فمه خوفا من أن تلاحقه الحكومة، والكل محاصر وممنوع من التنقل!
2 - المؤسسة الملكية هي أساس المشاكل بالمغرب والمعرقل لأي إصلاح
3 - المغرب لم يسترجع صحراؤه لأنها أرضه بل إن جنوده دخلوا للتراب الصحراوي بعدما انسحب العسكر الإسباني. وتأسيسا على ذلك تضمن التقرير قسمين: قسم خاص بالمغرب (!) وقسم خاص بالصحراء (!) وكأن الصحراء تراب معزول و«مستقل».
4 - تم تبخيس كل المؤسسات الوطنية ومنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان
5 - المغرب جنة الإفلات من العقاب!
6 - البوليزاريو له «حكومة في المنفى»
7 - المغرب مثل بوروندي ورواندا حيث يتم افتراس الاثنيات
حتى الجيش المغربي لم يسلم من التحرش الأمريكي
سياسيا، المغرب فتح لقاءات غير رسمية (INFORMEL) مع الولايات المتحدة منذ عام 2005 حول حالة حقوق الإنسان، وهي لقاءات تقدم فيها الإدارة الأمريكية معطياتها (عبر السفارة بالرباط) ويسلم المغرب الردود على كل حالة.
ورغم أنه لا يوجد في القانون الدولي مقتضى يلزم دولة مثل المغرب على الجلوس للطاولة (مثل تلميذ مرتعب) ليشرح لدولة أخرى (أمريكا) ما يهم وضعه الحقوقي الداخلي، فإن استمرار المغرب في مأسسة هذا السلوك يجعل المرء يتساءل: هل مازالت هناك جدوى للقاءات غير الرسمية ما دامت الإدارة الأمريكية تكتب ما تريد في تقاريرها دون أن تشير ولو إلى وجهة نظر الدولة المغربية؟ ولماذا لا يقوم المغرب (عبر سفارته ومنظماته الموازية) بإجراء تقرير حول حالة حقوق الإنسان بالولايات المتحدة الأمريكية كل سنة ويسائل أمريكا بدورها عن الخروقات المرتكبة في حق المهاجرين السود والفقراء واللاتينيين والمسلمين والسجناء هناك؟
إذا كان الأمر صعبا أو يتخيل أنه صعب، فلماذا لم يعمل المغرب على وضع حد للقاءات غير الرسمية على الأقل.
وإذا رغبت الولايات المتحدة الأمريكية، أو أي دولة أخرى، في إبداء الاهتمام بتحسين حالة حقوق الإنسان بالمغرب، فهناك الميكانزمات الأممية لدى الاستعراض الدوري لتقارير المغرب بجنيف.
ليس هذا وحسب، بل حتى المؤسسة العسكرية لم تسلم من «التقلاز من تحت الجلابة» من طرف الأمريكان. وهنا المفارقة، إذ بقدر ما تخطب واشنطن ود الجيش بالمغرب وتدخل في شراكات معه في مناورات مشتركة بالصحراء أو البحر الأبيض المتوسط، بقدر ما توغل واشنطن في إهانة المؤسسة العسكرية بالمغرب بقولها ثارة إن: «المغرب أرسل جنوده للصحراء عقب انسحاب العسكر الإسباني»، وكأن المغرب غير معني بمسلسل شاق وطويل وتاريخي لاسترجاع أرضه واستكمال وحدته الترابية.
وتارة بالإيحاء بأن العسكر بالمغرب متورط في القطاع الخاص، مما يزكي الفساد واللاعقاب في توزيع الصفقات والأراضي والمقالع.
والطامة الكبرى هي حين تكتب وزارة الخارجية الأمريكية أن ظاهرة الإفلات من العقاب عقيدة راسخة بالمغرب كلما تعلق الأمر بالأمنيين، وكأننا في تيمور الشرقية حين استأسد الجناح الموالي لجاكارتا على باقي سكان تيمور!
وأم الكبائر، هي اصطياد واضعي تقرير الخارجية الأمريكية لحالة اتهام جندي مغربي واحد في قوات حفظ السلام الأممية بإفريقيا الوسطى بمزاعم التورط في اعتداء جنسي لتصور الأمر وكأن كل الوحدات العسكرية المغربية الموجودة في بؤر التوتر العالمية مهووسة بـ «تحت الحزام»، وبالجنس والحال أن حالة واحدة أو حتى ثلاث حالات إن وجدت فعلا لا ترقى لإيهام الرأي العام الدولي وكأن جنود المغرب «يجاهدون» في «نساء العالم»، علما أن التقارير العالمية المتواترة تشير بالدرجة الأولى إلى بشاعة تعامل الجنود الأمريكيين والبريطانيين بالأساس في مختلف الاعتداءات الجنسية، لدرجة أن أركان الحرب العامة ببربطانيا تقدمت بقانون يعفي جنودها من كل مساءلة أثناء ارتكاب جريمة جنسية بالخارج في مهام حفظ السلام الأممي. بدليل أن آخر إحصاء لوزارة الدفاع البريطانية كشف عن أرقام صادمة حول تورط الجنود البريطانيين في جرائم جنسية وغيرها بلغت في موسم 2013-2012 ما مجموعه 5800 شكاية.