قدم الإعلام الجزائري خبر طرد المغرب لوفد من البرلمانيين الإسباني (غاليسيا)، يوم الجمعة 13 ماي 2016، بـ«اعتباره دليلا آخر عن عدم تعاون بلادنا مع المجتمع الدولي للتأكد من مدى احترام المغرب لحقوق الإنسان» وقدم العيون وكأنها «غزة» (انظر ص:7). وهذا النوع من القراءة يفيد بأن زيارة ذلك الوفد المعروف بانحيازه لأطروحة الانفصال هي حلقة من حلقات التحرش المتجدد بقضية وحدتنا الترابية منذ تصريحات بان كيمون بتندوف، وخاصة منذ إقرار مسافة التسعين يوما التي تبناها مجلس الأمن في تقريره الأخير كمهلة لعودة أفراد «المينورسو»، كما تؤشر مثل هذه القراءة على أن قرار خصومنا في الجزائر ومناصريهم داخل هذه المنظمة أو تلك المؤسسة جاهز باتجاه إدانة المغرب حتى ولو كنا في الشوط الأول فقط لمهلة التسعين يوما.
لنعد تركيب الوقائع:
l البرلمانيون الخمسة المطرودون معروفون بمناصرتهم لأطروحة الانفصال بعد أن دافعوا عنها علنا أثناء تداول فكرة الاعتراف بالجمهورية الصحراوية داخل البرلمان الإسباني.
l هم أيضا سبق أن زاروا المغرب سنة 2014 بهدف الاطلاع عن الأوضاع داخل الصحراء، والتزموا باستطلاع آراء كل الأطراف لكنهم في الميدان اكتفوا فقط بزيارة انفصاليي الداخل المشكلين لأقلية محدودة داخل نسيج اجتماعي مؤمن بوحدة الوطن.
l هم أيضا نزلوا بمطار العيون ترأسهم برلمانية معروفة بعدائها الشديد للمصالح المغربية، وبتنسيقها الكلي مع رموز الانفصال، بدليل أن أميناتو حيدر كانت هي من استقبلهم بعد عودتهم إلى جزر الكناري.
إضافة إلى ذلك فهم يعرفون أن الأعراف المتداولة في مثل هذه المناسبات تقتضي أن يتم الاتفاق حول مثل هذه الزيارات عن طريق المرور عبر بوابة البرلمان المغربي، أو عن الطريق الديبلوماسية من خلال سفارة بلادهم، ومع ذلك نهجوا مسطرة مخالفة تحقيقا لهدفين رئيسين:
l الأول: محاولة إحراج المغرب دوليا وتقديمه كبلد مغلق يرفض الانفتاح على الفعاليات الدولية.
l الثاني: اغتنام الفرصة لـ «تعمار الشوارج»، حيث تصبح التقارير الدولية حول الأوضاع في الصحراء طافحة بالخروقات (في أبريل القادم)، وهم بذلك يتعمدون لا فقط إحراج المغرب، بل إحراج حكومة بلادهم أيضا ودفعها إلى التدخل بشكل أو بآخر عبر الضغط عليها لتسائل المغرب عن سبب المنع وسبب الطرد. وبذلك تصبح تلك التقارير مرآة لما يريدون هم، لا لما هو مرسوم في الواقع.
ثم إن التركيز فقط على منطقة الصحراء ضمن استراتيجية الخصوم المتمثلة في تأزيم الاوضاع، ورفع درجات التوتر إغلاقا لكل مساع أممية نفترض أن تبذل لتقريب مساحات الخلاف، ولإنجاز قراءة موضوعية وصولا إلى الحل الذي ترضى به كل الأطراف.
إذا وضعنا كل هذه الوقائع والمعطيات في سياق النزاعات الدولية في كل مناطق التوتر في العالم سنجد أن نفس الاستراتيجية تتبنى دائما بنفس التخطيط من طرف الدول الغربية وأذرعها الجمعوية والإعلامية. ربما أقرب مثال بهذا الخصوص ما جرى بجنوب السودان، إذ تابعنا كيف كان ذلك الإقليم منذ سنوات في بؤرة الضوء، بدءا من الحديث عن إقصائه من مخططات التنموية التي تقرها الخرطوم، ومرورا بالحديث عن تهميش المسيحيين، وانتهاء بتأكيد خروقات الدولة السودانية وحربها الشرسة على حقوق الإنسان. وهو ما استمر الدعاية له إلى حين أن انتصرت فكرة الانفصال، ومضى السودان بشماله وجنوبه إلى الغرق في آثار التقسيم الوخيمة، دون أن توضع الحلول الموضوعية لنهضة السودان بكل أقاليمه. بل إن العقل الانقسامي الدولي لا يزال يفكر في بتر أجزاء أخرى من ذلك البلد، بما فيها التهديد بتقسيم الجنوب ذاته. نفس السيناريو يهيؤه ذلك العقل لمناطق أخرى من المعمور كما في ناكورني كارا باخ، أو في سوريا واليمن وليبيا...
ولإنجاح هذه الاستراتيجية يعتمد العقل الانقسامي على كل الأذرع الممكنة في هذا الاتجاه، بدءا من توظيف الإعلام الدولي الذي يهب إلى تسليط الضوء بكثافة على منطقة ما والنفخ في حالات معزولة أو اختلاقها حتى، أو انخراطا في مشروع التجييش المصوب نحونا، أو بسبب انسياق أعمى مع فكرة تقرير المصير. كما يعتمد هذا العقل على الأجهزة والفرق النيابية المهيأة لهذا الدور داخل محافل الأمم المتحدة وداخل أروقة البرلمانات المحلية بكل دولة أوربية ثم داخل البرلمان الأوربي نفسه التي هي (أي الفرق والمجموعات النيابية) جاهزة لدعم الانفصال، ولتمزيق الدول و«بهدلة» مقومات السيادة الوطنية. (انظر ص: 9).
ويتوازى هذا العمل مع اقتناص عساكر الجزائر وقادة البوليزاريو لكل هذه الفرص، حيث يواصلون تحركهم في أوربا تحديدا من أجل خدمة مخطط التقسيم والترويج لأطروحة يكونون هم مجرد أداة لا تخدم المصالح الحقيقية للصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف الكامنة أساسا في فتح المجال للعودة إلى وطنهم المغرب للعيش بكرامة ، ولكن فقط خدمة لأطروحة الفوضى الخلافة بما يلائم مصالح القوى العظمى الذي تعولم الصراعات الإقليمية، وتجعلها الأنوية المركزية لإعادة امتلاك العالم والتحكم في خيراته واستعباد شعوبه.
هكذا إذن يتبين أن قضيتنا تعيش اليوم فصلا جديدا من فصول التحرشات المتوالية. وهو ما يعيه المغرب ويجابهه يوميا بمواصلة مساره التنموي الذاتي، وبمبادرته بتجديد تحالفاته الدولية.
هو قدرنا الذي لا بد أن نذهب فيه بعيدا بمزيد من تطوير أدائنا التنموي والدبلوماسي لأن العالم صار مستسلما للقذراة وللظلم، وإلا بماذا نفسر تصاعد حملات التحرش حولنا باسم حقوق الإنسان، في حين يصمتون عن الجزائر، حيث لا دولة ولا رئيس ولا تنمية ولا حقوق؟!
125 جنسية بالعيون للرد على أن عاصمة الصحراء ليست هي غزة
إن شاهدت 10 أفراد يتجولون في مدينة العيون، فاعلم أن واحدا منهم زائر أجنبي.
فحسب الاحصائيات التي حصلت عليها «الوطن الآن»، هناك 25 ألف شخص أجنبي يزور العيون كل سنة تقريبا (إحصاء 2015)، أي ما يمثل 10.5 في المائة من مجموع سكان مدينة العيون البالغ عددهم 237500 نسمة.
الأجانب المتوافدون على العيون ينتمون إلى 125 جنسية. بمعنى أن كل دولة (من أصل 125) ترسل على الأقل خمسة من مواطنيها كل سنة لزيارة العيون، وهي زيارات تشمل سياسيين وجمعويين وجامعيين ورياضيين وتقنيين وسائحين (لم ندرج في الاحصائيات الموظفون الدوليون الأمميون نظرا لطابعهم ومركزهم القانوني الخاص).
هذه المعطيات شكلت ضغطا على السلطات العمومية للجواب عن إشكالين: الأول يهم البنية المطارية، في حين يتمحور الاشكال الثاني بالبنية الإيوائية.
بخصوص النقطة الأولى أضحى الارتفاع المتزايد للوافدين على العيون يطرح بالحاح قضية توسيع مطار الحسن الأول الذي سجل عام 2015 حوالي 160 ألف مسافر (منهم 16 في المائة أجانب) بدليل أن عدد الرحلات الجوية نحو مطار العيون انتقل من 2782 رحلة (عام 2014) إلى 3047 رحلة عام 2015 (بمعدل زيادة بلغت 9.5 في المائة).
أما بخصوص البنية الإيوائية للفنادق فحسبنا الاستشهاد برؤية 2020 الرامية إلى تمكين العيون من طاقة إيوائية تصل إلى 3300 سرير لاستيعاب 158 ألف سائح سنويا، وليس 25 ألف.
أبعد كل هذا يحق أن ينتصب فرد ما بالادعاء أن العيون «محاصرة» (Assiégée) ويمنع الناس من زيارتها؟
هل يستساغ أن ينهض عاقل ليقارن العيون بـ «غزة»؟
ألا يمكن اعتبار ذلك ضرب من ضروب «الاستمناء السياسي والإعلامي» لبعض الفاعلين المرتبطين بالفلك الجزائري؟!
الصحراء ليست هي ناكورني كاراباخ
ليس صدفة أن يكون انحلال الاتحاد السوفياتي سنة 1991 تعبيرا عن عنوانين رئيسين: نهاية الحرب الباردة ودخول العالم مرحلة التجزئ.
العقل الانقسامي داخل الإدارة الأمريكية لم يكتف بشق إحدى أكبر امبراطوريات القرن العشرين، ولكنه ظل يسعى إلى تجزيء المجزأ، ولذلك جند كل طاقاته اللوجستيكية والدعائية إلى زرع بذرة التقسيم حتى داخل الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفياتي السابق. ووفق هذا المنطق تم التركيز على تشجيع أطروحة الانفصال داخل إقليم ناكورني ا الذي كان منذ عهد ستالين مدمجا ضمن جمهورية اذربيجان. لكن بدءا من سنة 1992 (أي سنة واحدة بعد تصدع الإمبراطورية القديمة) نادى الانفصاليون في هذا الإقليم بضرورة الاستقلال الذاتي عن أذريبجان، ومن تم تدخلت أرمينيا وأطراف خارجية لتشجيع فكرة الانفصال ضد أذربيجان. الأمر الذي نتجت عنه حرب أهلية مدمرة لكل المحيط الإقليمي ومهددة للسلم في تلك المنطقة، ومخلفة لخسائر جسيمة في العمران والإنسان. وكذلك استمر الوضع إلى سنة 1994، حيث تم إقرار مسطرة وقت إطلاق النار بوساطة دولية، وتجديدا من طرف الاتحاد الأوروبي.
إن قراءة جيوستراتيجية لما كان يجري هناك يثبت أن مخطط التفتيت الذي صار هو عصب قطاع كبير من الإدارة الأمريكية وحلفائها في المنتديات الدولية كان يهدف دائما إلى إحراج روسيا والمضايقة عليها دائما بهدف استفراد الأمريكيين والغرب بإرادة التحكم في خريطة العالم. هذه الخريطة التي تتضمن مجموعة من النزاعات التي تعتبرها أمريكا «نزاعات مجمدة»، وهو ما يقتضي في نظرها توتير (نسبة إلى التوتر) الوضع في هذه النزاعات المجمدة: كشمير، الصحراء، قبرص، ناكورني كاراباخ، وتسليط الضوء الإعلامي عليها لتهيئ الرأي العام الدولي لقرار ما.
وبحكم أن كشمير توجد في قلب توازن الرعب النووي بين باكستان والهند، وتواجد قبرص في قلب تحالف دولتين عضوتين بالناتو (اليونان وتركيا)، فإن الدول الغربية لا تضعهما في أجندة المنظمات «الحقوقية» وفي رادار الإعلام الغربي.
تبقى إذن حالة روسيا التي تقلق الغرب، خاصة بعد العودة القوية للرئيس بوتين الذي أعاد الهيبة لفيدرالية روسيا وتحدى غطرسة الميريكان وأوربا، وحالة المغرب الذي خرج سالما من تداعيات ما يسمى بـ «الربيع العربي». من هنا نفهم لماذا التصعيد «الحقوقي» ضد روسيا وضد مجالها الحيوي بالقوقاز وضد المغرب وتهييج العالم ليتم تركيز الأنظار كلها حول العيون، عبر تكثيف إرسال الوفود «برلمانية، جمعوية، صحفية» إلى الصحراء وكأن الصحراء هي المنطقة الوحيدة المعنية بوباء الانفصال، والحال أن هناك 36 منطقة بالعالم منخورة بالفيروس دون أن تحظى باهتمام البرلمانيين والإعلاميين والجمعويين الغربيين:
هل نذكر جزيرة كورسيكا أو كاليدونيا أم الباسك أم كاتالونيا أم بورتوريكو أم الفلامان أم....؟
تجربة تستحق من المغرب دراستها
هكذا جففت بكين منابع الجمعيات الغربية ومكاتب انتدابها داخل الصين
من حق الفرد أن يتساءل أمام تأكد اختراق المنظمات الحكومية من طرف الخارج: هل بإمكان الدول أن تظل سجينة هذا الافتراس الموجه لتهديم أسس السيادة بحجة نصرة حقوق الإنسان؟ أم أن الدول المعنية بهذا الافتراس مطالبة بانتهاج خطط غير تقليدية لمواجهة ذلك؟
كان هذا السؤال موضوع تداول طويل في الزمن داخل الصين التي انتهى بها الأمر إلى أن قررت أجهزتها التشريعية العمل، ابتداء من يناير المقبل (2017)، على مراقبة كل أنشطة المنظمات غير الحكومية الممولة من طرف الخارج، خاصة في المجال الحقوقي. وفي هذا الإطار امتلكت وزارة الأمن الوطني في الصين الحق الشرعي في إقرار إجراءات لتدبر أوضاع هذه المنظمات عبر منع كل الأنشطة المدعمة من الخارج باسم حقوق الإنسان، وذلك بحجة الإساءة لأمن الدولة، مع استثناء العمل غير الحكومي الموجه أساسا للعمل التربوي أو الصحي أو ما يهم البحث العلمي.
قد يتفق الحقوقيون الموضوعيون مع هذا الإجراء، أو يختلفون معه، لكن المؤكد أن دلالته الرئيسية تكمن في وعي الطرف الصيني بأن بعض المنظمات المسماة مدنية وغير حكومية صارت تتصرف وفق أجندات أمريكا وأوربا بشكل مكشوف، بل يتم ذلك بالاستقواء بالخارج، لا وفق الأجندات التي يقرها الضمير الذاتي داخل التراب الصيني؟
وبناء عليه فالموقف الصيني قد يلهمنا في إقرار إجراءات داخل ترابنا الوطني حيث صار عمل بعض هذه المنظمات مشوبا بالغموض وبالتدليس، وإلا فكيف نفسر، على سبيل المثال، أن «مناضلينا الحقوقيين» صاروا يغضبون ويثورون تضامنا مع المدانين في ملف «إكديم إزيك»، ولا يغضبون تقديرا لتضحية شهداء الجيش والدرك والأمن والوقاية المدنية ضمن نفس الأحداث، مثلما يدافعون عن أطروحة الانفصال في الصحراء ضد على إرادة كل مكونات الشعب المغربي؟
الفكرة الصينية بهذا الخصوص قد تدفع المغرب إلى إجراءات تندرج في صلب ممارسته سيادته على العمل الجمعوي غير الحكومي مثلما يمارسها بكفاءة على مستوى حماية حدوده الوطنية.
المغرب ليس أرضا بلا سيد والصحراء ليست بوابة بلا حارس
واقعة طرد برلمانيين من غاليسيا (إسبانيا) من مطار العيون يوم 13 ماي 2016 تطرح من جديد مفهوم السيادة وتمثل الدول القوية لـ«القانون» وللمساطر وللأعراف.
فمعلوم أن البرلمانيين الذين يحلون بدولة ما بصفتهم البرلمانية لإنجاز مهمة استطلاعية أو لقاءات، فإن ذلك يخضع لاتفاقيات وأعراف ، وعلى رأسها وجوب إخبار برلمان الدولة المعنية بالزيارة حتى يتم تنظيم اللقاءات وتأطير الزيارات والتنقلات.
وهذا المقتضى لم يتم إعماله من فراغ، بل مبني على معطى مهم يتجلى في أن البرلمانيين بالعالم يتوفرون إما على جواز ديبلوماسي أو على جواز رسمي (حسب الدول).
وفي كلتا الحالتين (جواز رسمي أو ديبلوماسي). فهو جواز يبيح للبرلماني التمتع ب حصانة في الدولة التي سيزورها، وفي هذا الإطار تنطبق عليه اتفاقية فيينا لعام 1956 المقننة للعلاقات الديبلوماسية بين الدول.
المشرع الدولي حين نص على هذا المقتضى فلكي يتمتع البرلماني من حصانة فعلية، ولتحقيق ذلك لابد من إخبار الدولة المعنية عبر وزارة الخارجية بشكل رسمي، حتى تتخذ التوابير اللازمة ليتمتع البرلماني الأجنبي بالحصانة مثلما يتمتع بها الديبلوماسي المقيم بالبلد الأجنبي.
فإخبار الدولة من طرف البرلمانيين الأجانب شرط أساسي تحت طائلة الطرد، لأن البلد (المغرب أو أي دولة) له سيادة، ولا يحق لأي برلماني حزم حقائبه وامتطاء أول طائرة ليحط الرحال بدولة ثانية ويباشر التحقيقات والتقصي، وكأنه في أرض خلاء بدون سيد. بدليل أن البرلمانيين المغاربة الذين يتنقلون في مهام رسمية في أوربا أو أمريكا أو أسيا يخبرون ليس فقط الدولة المضيفة، بل ويتم إخبار دول العبور كذالك (عبر المساطر الديبلوماسية المعروفة) من كون رئيس الغرفة الأولى أو الغرفة الثانية مثلا سيمكث في المطار الفلاني (TRANSIT) كذا ساعة. وهو إخبار يتم لتتخذ الدولة المعنية إجراءاتها لضمان الحصانة والحماية أيضا، بالنظر إلى أن البرلماني يمثل دولة أجنبية. واقعة برلمانيي غاليسيا، لا تندرج في إطار القانون يقدر ما تندرج في إطار محاولة استفزاز المغرب.
وما يزكي هذا الطرح، أن هؤلاء كان بإمكانهم أن يدخلوا كمواطنين عاديين (سائحين)، مادام المغرب لا يفرض على الأوربيين التأشيرة، إلا أن إصرارهم على دخول التراب الوطني كبرلمانيين «فاتحين» تحول إلى سلاح ضدهم، متناسين أن المغرب طرد أصلا جيش فرانكو فأحرى أن ترعبه حفنة من السياسيين الإسبان الموالين للجزائر.
خريطة الدول الأوربية المصدرة لأعداء المغرب بقبة ستراسبورغ
تظهر اللائحة المرفقة بهذا العدد (انظر ص: 9) أن 108 نائبا بالبرلمان الأوربي يتبنون أطروحة معادية للمصالح القومية للمغرب، حيث انتظم هؤلاء في مجموعة تسمى «فريق الصحراء الغربية»، هدفها الأساسي هو الدفاع عن الطرح الجزائري القاضي بفصل الصحراء عن المغرب.
وإذا علمنا أن البرلمان الأوربي (مقره بمدينة ستراسبورغ الفرنسية) يضم 571 نائبا، آنذاك نعي أن مجموعة «سفراء الجزائر» بالبرلمان الأوربي تمثل 14.3 في المائة من المجموع العام.
صحيح أن هذا العدد لا يمثل أغلبية كاسحة، لكنها مجموعة تمتلك طاقة هائلة من التشويش، خاصة وأن معظم المنتمين للمجموعة هم يساريون، تدرجوا وتدربوا في المسارب الخاصة بالتشويش ووضع المتاريس.
وإذا استرسلنا في قراءة «اللائحة السوداء» سنجد أن أكبر مجموعة معادية للمغرب بالبرلمان الأوربي تحمل الجنسية الألمانية والايطالية (23 نائبا من كل دولة)، متبوعين بالإسبان (22نائبا) ثم السويد (9 نواب)، وهكذا دواليك (انظر الجدول رفقته).
وهنا ينبغي أن نستحضر أن توزيع المقاعد بالبرلمان الأوربي يتم على أساس المعيار الديمقراطي (ألمانيا مثلا لها 96 مقعد في حين قبرص ومالطا لهما ستة مقاعد)، لكن رغم ذلك، فإن المثير من خلال قراءة متأنية للجدول أن مصدر التشويش على المغرب يأتي من خمس دول بالأساس وهي ألمانيا وإسبانيا والسويد والبرتغال والنمسا. فأعلى نسبة للمناهضين للمغرب ينتمون لهذه بشكل بارز.
فمثلا فرنسا لديها 74 نائبا بالبرلمان الأوربي (من مختلف التيارات السياسية)، إلا أننا لا نجد سوى نائبا واحدا يعلن جهارا انتماؤه للمجموعة المساندة للبوليزاريو بالبرلمان الأوربي (نقصد لوهاريك باتريك من اليسار الموحد)، ومع ذلك فهو لا يمثل سوى 1.3 في المائة من مجموع نواب فرنسا بالبرلمان الأوربي.
لكن الخطر هو أن السويد التي رغم أنها تضم 20 نائبا فقط بالبرلمان الأوربي إلا أن 45 في المائة منهم يساندون الجزائرويضربون في الصميم مصالح المغرب. نفس الشيء يصدق على «صديقتنا وحبيبتنا وجارتنا العزيزة» إسبانيا، التي تتوفر على 54 نائبا بالبرلمان الأوربي لكن منهم 42.5 في المائة ضد المغرب ويساندون الجزائر والبوليزاريو. وبخصوص البرتغال هناك 33 في المائة من نوابها بالبرلمان الأوربي ضد المغرب، متبوعة بألمانيا (23 في المائة من نوابها بنيابة ستراسبورغ) والنمسا (27 في المائة).
ما الغاية من سرد هذه المعطيات؟ هناك ثلاثة أهداف أساسية: الأول يهم البرلمانيين المغاربة المنتمين لجمعيات الصداقة البرلمانية مع كل دولة لحتهم على مراجعة أوراقهم وتحالفاتهم والعمل على تسطير تصور للتواصل مع هذه المجموعات المعادية للمغرب لتصحيح مواقفها.
أما الهدف الثاني فيهم بعث «ميساج» إلى الأحزاب المغربية (خاصة اليسارية منها) التي عليها أن تجيب الرأي العام المغربي لماذا لم تفلح في إقناع يسار أوربا،ليس بتبني الطرح المغربي ،ولكن على الأقل عدم «الجهاد» بالبرلمان الأوربي ضد المصالح القومية للمغاربة، خاصة وأن هذه الأحزاب تتقاضى سنويا من خزينة المغرب الملايين للتأطير والتنقل واللقاءات إلخ...
أما ثالث هدف، فيرتبط بسفارات المغرب بالدول «المصدرة» للأعداء نحو البرلمان الأوربي لبحث سفاراتنا هناك عن سبل أخرى لإبطال القنابل في البلدان المعنية (ألمانيا - إسبانيا - البرتغال - السويد - النمسا... إلخ). وهل هناك تواصل بين الدبلوماسيين المغاربة والسياسيين المنتمين لهده العائلات الفكرية والسياسية لإزالة اللبس وتوضيح الحقائق لهم.
اللائحة الكاملة لأسماء «سفراء» الجزائر بالبرلمان الأوربي