الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

مومر: ماذا ينتظر من تحالف المسخ بين العدالة و التنمية و الاتحاد الاشتراكي؟

مومر: ماذا ينتظر من تحالف المسخ بين العدالة و التنمية و الاتحاد الاشتراكي؟ عبد المجيد مومر

 

أمام جهل مركب يرفض استقراء الواقع، يمر حزب الاتحاد الاشتراكي بحراك شبابي نتيجة عوامل متشابكة. هذا الحراك لا يتلاءم مع ثقافة "الأحكام الجاهزة" التي تدغدغ العواطف و تَحْجُرُ على العقول، ثقافة التقليد الغبي لأساليب سياسية ماضوية. لا سيما و أن إفراز الحلول السليمة يستدعي القدرة على الابداع قصد تقديم الإجابات الممكنة عن أسئلة المرحلة وليس الإستهلاك السلبي لمصطلحات تضليلية تُحَرِّف الفكر السياسي الإتحادي عن مواضعه.

فالكتائب الوزارية داخل الإتحاد الاشتراكي المتحالفة مع قوى التدين السياسي تستقوي تنظيميا بقاموس غنائم التوافقات الفوقية. هذه التوافقات الحكومية لا تعبر عن مطالب الجيل الجديد لأن الدوافع المتحكمة في تشكيلها لا ترتبط بالمرجعية الفكرية المشتركة و لا تعتمد البرامج المنسجمة من أجل خدمة المصلحة العامة. و مع غياب المنهجية العلمية ينتج خلل رقمي في التحليل السياسي حيث تتحول القيادة الحزبية إلى ترجيح المصالح بمنطلقات انتهازية. ثم تزداد الممارسة السياسية في نكوصها عن الحكامة الحزبية الديمقراطية كلما فاجأتهم الإرادة الشعبية بالسقوط الانتخابي. و لعل الارتماء بين أحضان فكر التدين السياسي يكشف تمظهرات البحث الذليل عن صكوك غفران وهمية عنوانها الحقيقي تحالف المسخ السياسي تحت غطاء التبريرات الواهية و الانبطاح لبرنامج الائتلاف الحكومي الذي يقوده حزب العدالة و التنمية و الذي ليس إلا استمرارا بئيسا للسياسات اللاشعبية لسلفه الأستاذ عبد الإله بنكيران.

و هنا نعيد طرح تساؤلات أولاد الشعب على أولئك الوزراء "الذين يغيرون مواقفهم مثلما يغيرون معاطفهم"، ويتنكرون لمرجعيتهم اليسارية الحداثية:

ما هي إذن مرجعية فكركم السياسي؟! وكيف ينشأ التحالف الحكومي؟! بل ما هي شروط ومعايير تأسيس تحالف سياسي ؟! وما هي القوى الاجتماعية التي تعبر عنها هذه التحالفات؟ !!!

هذه تساؤلات تهدف إلى بلورة نقاش حقيقي كشف مسخ التحالفات السياسية، و يجتنب خطاب المزايدات السياسية. ولأن المعادلة عسيرة الحلول فالمرحلة تفرض مراجعة حقيقية للمشهد الحزبي الاتحادي من خلال تنحي قيادته الفاشيستية الغارقة في مستنقع التخلف الفكري و المزايدات الشعبوية، و ذلك قصد إعادة اكتشاف معنى الذات الحزبية التي تستلزم مواكبة التطورات العالمية والثورة الرقمية وما يليها من ثورة صناعية رابعة، مع مسايرة التحولات المجتمعية المتعددة الأبعاد وفق رؤية مستقبلية قوامها أسس علمية ومنبعها بصيرة ثاقبة ومناعة معنوية عالية، تقوم أساسا على تمكين الشباب من حق ولوج عالم الحداثة السياسية وإحقاق العدالة الاجتماعية، وذاك هو الحافز لانخراط أولاد الشعب في عملية التغيير المجتمعي المتعاقد عليها.

و لابد من التذكير مجددا بأن لقب "أولاد الشعب" لا يؤسس لثقافة الريع الحزبي والامتيازات ولا يسعى إلى الترويج لخطاب سياسي ينبني على إقصاء الآخر، كما لا تحركه دوافع الحقد والكراهية ضد نخبٍ بعينها. بل يظل الهدف الوطني الإستراتيجي لاختيارنا الحداثي الشعبي هو التأسيس للحقوق الدستورية الجديدة، التي جعلت جميع المغاربة متساوين - دون تمييز أو إقصاء - أمام أحكام الميثاق الأسمى للأمة المغربية، فالمواطنات و المواطنون شركاء في بناء الوطن، لديهم حقوق وعليهم واجبات.

و قد  تميز مسار أولاد الشعب منذ تأسيس تيارهم كمجموعة تفكير بالقوة الاقتراحية من خلال طرح رؤيتهم التطويرية المنتجة للموجة الثالثة من  الاشتراكية بخصائص مغربية: "الحداثة الشعبية ". وبالتالي جسد التيار - رغم المعيقات الذاتية و الموضوعية - رافدًا فكريا شبابيا  لتطوير فكر الحركة الاتحادية سواء من خلال قيمة مبادراته أو من خلال نباهة معارضته للسياسات الحكومية غير الشعبية، و ذلك تماشيا مع قناعات التيار اليسارية الحداثية المرتكزة على أسس الوضوح السياسي الملامس لحقيقة واقع الشباب المغربي.

كما اتجه التيار نحو مساءلة القيادة الاتحادية الحالية و دعوتها  لفضيلة الحكامة الحزبية الديمقراطية المُؤَسسة لفعل سياسي يتجاوز "الأنا" الحزبية الضارة و ينتصر للعقل الحزبي النافع، لأن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كحزب وطني تقدمي ليس له إلا أن يكون في طليعة المدافعين عن الوضوح القيمي والهوياتي و التمسك بالمرجعية الحداثية، وليس شرعنة التحالفات الحكومية الهجينة الفاقدة للمصداقية والتنسيقات التي تشكل قناعا مفضوحا للتيار الإنتخابوي الانتهازي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.