Saturday 3 May 2025
سياسة

الوديع: تدخل "المبادرة" أتى بعدما أصبح ملف "الأساتذة المتدربون" ينذر بتطورات خطيرة

الوديع: تدخل "المبادرة" أتى بعدما أصبح ملف "الأساتذة المتدربون" ينذر بتطورات خطيرة

وفق منطق لا غالب ولا مغلوب تدخلت مبادرة فعاليات مدنية من أجل المساهمة في حل أزمة "اﻷساتذة المتدربون" الذين طالبوا بإسقاط المرسومين الصادرين عن وزارة التربية الوطنية حول عدم ربط التكوين بالتوظيف والنقص من المنحة، بينما أعلنت الحكومة لأكثر من مرة رفضها التراجع عن المرسومين، واستطاعت دبلوماسية المبادرة أن  تجمع الأطراف حول طاولة الحوار الذي انتهى باتفاق وبتوقيع محضر 13 أبريل لمعرفة السياق  والخلفيات وكذا بعض التفاصيل. "أنفاس بريس" اتصلت بصلاح الدين الوديع الناشط السياسي والحقوقي وواحد من موقعي المبادرة، وأجرت معه الحوار التالي:

إن نجاح المبادرة كانت في إمساكها العصا من الوسط وطبقت الديبلوماسية في حل أزمة دامت شهورا عدة. فكيف يمكنك إثبات نجاعة المجتمع المدني في التدخل بعدما تم سحب البساط من تحت أقدام الأحزاب التي  تلعب دور الوسيط في المجتمع؟ وهل يمكن اعتبار هذه التجربة خطوة أولى قابلة للتعميم في "مبادرات أخرى" لملفات عالقة؟

إن إقدامنا على هذه المبادرة تأتي من اقتناعنا بالدور المتعاظم للمجتمع المدني منذ مدة، ونذكر هنا كيف اشتغلت الحركة النسائية والحركة الأمازيغية وحركة ضحايا الإنتهاكات الجسيمة، وكيف اشتغلت بمنطق تشكل كقوة اقتراح. فنحن ننتمي إلى هذا المنطق وهذا المسار الذي لم يزده دستور 2011 إلا دعما وتفصيلا وشرعية. ومن هذه الزاوية انتبهنا إلى هذا المشكل (الأساتذة المتدربون) الذي أصبح ينذر بتطورات غير إيجابية بالنسبة للأطراف كلها. ولذلك بادرنا إلى ما أسميناه بالمبادرة الوطنية التي تشكلت في بدايتها قبل أن توسعت من 30 من الشخصيات الوطنية المعروفة بالتزامها المدني، ومعروفة أيضا بنشاطها في مجالات متعددة، وبدأت الإتصالات بجميع الأطراف. وفعلنا لم يقتصر فقط على اللقاءات التي عقدت مع هذه الأطراف، بل تجاوزتها إلى ربط اتصالات ومد الجسور بين الأطراف والتي كان يبدو للوهلة الأولى أن لا شيء يمكن أن يقرب بين مقارباتها و بين مواقفها. ونحن طبعا اعتبرنا بأن إمساكنا العصا من الوسط سهل علينا هذا العمل المتمثل في الوساطة، وبالتالي فالدروس  الأساسية المستخلصة من هذه التجربة تتجلى في أنها أظهرت بأن مجتمعنا في حاجة إلى مستويات متعددة من الوساطات  وليست واحدة فقط لأنه في بعض الحالات ربما قد يكون عدم التوصل إلى نتيجة مرضية ناتجا عن عدم الإنصات أو يكون غير مبني على  منطق صلب. ولذلك  حينما يفتح النقاش من زاوية - الحياد الإيجابي- إذا جاز القول، حيث تستطيع أن تحمل بضاعة هذا وتطرحها على ذاك والعكس صحيح. وهكذا تبين بأنه بالإمكان إيجاد نقط مشتركة. ثم أنه لا بأس من الإشارة بأن الأشكال التعبيرية وأشكال المطالبة والإحتجاج في مجتمعنا قد عرفت تطورا ملحوظا ومرتبطا في نظري بتمام الوعي  بالمواطنة والمشاركة في الشأن العام، وهو ما يستوجب إلى جانب طبعا دور الأحزاب التي لا مفر منها والنقابات أيضا على مثل هذه الوساطة المبنية على القانون وفي نفس الوقت على مقاربة ما أسميته بالحياد الإيجابي الذي يحاول أن يقرب بين الأطراف. 

لماذا في نظرك كانت المبادرة للمجتمع المدني ولم تكن للأحزاب والتي لوحظ عدم مشاركتها على غرار النقابات؟

في تقديري الشخصي ولا ألزم  به المبادرة ربما نحن في مرحلة نحاول فيها أن نتخلص من -جلدنا- المتمثل في ممارسة سياسية تنتمي إلى فترة تاريخية أخرى من أجل اعتماد ممارسات سياسية جديدة تتناسب والتحديات والقضايا التي أصبحت تطرح اليوم. وحينما نلقي نظرة على طبيعة هذه القضايا نراها متعددة فيها الإجتماعي وفيها  دعم العلاقة مع السلطة وقد جعلت الظواهر والأحداث التي تعكسها الوسائط الإجتماعية والشبكات الإجتماعية في ممارسة السلطة ومواجهة الشطط في استعمال السلطة. هذه  القضايا تطرح بإلحاح، لهذا ساهمنا مع المجتمع المدني بتعدد فاعليه في النقاش حولها، خاصة وقد أصبحت القضايا بكثافتها واتصالها بحياتنا اليومية تفرض أشكالا أخرى في التعبير وفي تقريب وجهات النظر و في  إسماع صوت هذا لذاك والعكس صحيح. إذن فلست متخوفا على دور الأحزاب في الشأن العام لأنه كما قلت مسألة لا مفر منها في الديمقراطية لكني لا أرى بالعكس بعين الريبة والتوجس والشك إلى الأشكال الجديدة التي يتم التعبير عنها في المجال العام، وهي الأشكال التي تتطلب كذلك الطرق لإيصال رسالتها وربما يكون المجتمع المدني في هذه اللحظة من التطور في مؤهلا للعب هذه الأدوار

في نص مقترح المبادرة كان الخطاب موجها للأساتذة المتدربين. فلماذا لماذا برأيك لم  يكن موجها للحكومة أيضا؟

كنا نريد أن نقول لهذا "الشعب" الذي لم يكن ينصت إليه بأن هناك من ينصت إليكم ويستطيع أن يتوجه بالجزء المقنع من مطالبكم نحو الحل، ونقول بأن لكم بأن لكم الحق في كذا كما ليس لكم الحق في كذا، ندعمكم في كذا ونترك المجال لكي تنالوا من المطالب ما يمكن أن يعينكم وانتهى الأمر.

ولكن هل قبل الطرف الآخر أي الحكومة مبادرتكم عندما وجهتم المقترح إلى الأساتذة المتدربين أو ما تسميهم المبادرة بأساتذة الغد؟

طبعا قبلوا ذلك ويمكن القول بأن المبادرة نسجت علاقة ثقة حقيقية ولا زالت قائمة في التفاصيل الخاصة بالحل الذي نحن بصدد الوصول إليه، والمسألة الأساسية التي قلناها ونقولها دائما هي أن العنصر الذي ينبغي أن يتوخى في هذه النزاعات بالنسبة للمجتمع هي في "توفر الثقة" لدى المعنيين بالأمر. وأعتقد بأنه هو أحسن وأهم ما خرجنا به من هذا المسار لأنه في المجال العام تعتبر الثقة مسألة أساسية وليس فقط مسألة السلطة والتي طبعا يجب أن لا تفقد هيبتها، ويجب أن ننتقدها دون إغفال أنه في هذا المسار الإصلاحي إصلاح الدولة والذي تتجلى مقوماته  في الصراحة والصرامة والحفاظ على مبدإ السلم المدني الذي لا يجب أن نفرط فيه وفي نفس الوقت نكون ارتكازنا إلى القانون وإلى مشروعية المطالب.

وهل هذه الثقة التي تتحدث عنها هي في الحوار أم في الضمانات خاصة وأن المغرب مقبل على انتخابات تشريعية وتأتي معها حكومة جديدة قد تتراجع عن الإتفاق الذي تم التوصل إليه مع الأساتذة المتدربين؟

سوف نعمل على تحصين هذاالإتفاق بالضمانات المطلوبة وفق الأدوات القانونية المعروفة، وسوف نشتغل على ذلك وأتمنى أن نتوفق ونتوصل في هذه الأشواط النهائية إلى هذا التحدي.