عندما تحدث النص التشريعي وقبله الدستوري على استقلالية القضاء، فهذا ليس من قبيل الترف التشريعي، وإنما لإعطاء الأحكام القضائية صلابتها وسموها، من هنا نص دستور 2011 على معاقبة كل من أثر أو شوش على عملية تكوين قناعة القاضي، لكن النص أمر، والواقع أمر آخر، فإذا كان المتتبع لقضية عقار عين الذئاب التي تروج أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، استأنس بالظروف العامة التي تجري فيها المحاكمة أبرزها تأخر مناقشته إلى أوقات متأخرة من الليل، فإن خارج المحكمة يعرف مخالفة للنص الدستوري بعدم القبول بالتأثير على قناعة القاضي، إذ على خلفية كل جلسة، يأتي شخص يقدم نفسه للسلطات العمومية بأنه رئيس جمعية "قانون وعدالة"، وهي جمعية تحوم حولها شبهات عدة، لغياب مقر لها، أو معرفة أنشطتها، باستثناء تجميع عدد من المواطنين محكوم عليهم بالإفراغ، بعدد من المقاطعات بالعاصمة الاقتصادية، وتقديمهم ضحايا الترامي على العقار، في حين أن ملفاتهم تتعلق بأحكام الإفراغ من السكن..
لكن الخطير في سلوك هذا الشخص، الذي تحتفظ "أنفاس بريس"، باسمه، هو أنه يستعمل هذه الجمعية، لمحاولة الضغط على القضاء المغربي، في الملف المعروف بعقار عين الذئاب، وله علاقة قوية بأحد المتابعين في هذا الملف، ولهذا الشخص سوابق عدلية، حيث حوكم سنة 2009 بثلاث سنوات حبسا نافذا، بسبب انتحال صفة وكيل الملك، وقبل ذلك أدين من أجل النصب والاحتيال سنة 2003، كما أنه متابع اليوم بموجب مذكرة بحث صادرة عن منطقة أنفا من أجل إصدار شيكات بدون رصيد، ولعل آخر خرجاته، منذ مدة قصيرة، عندما قام بتنظيم وقفة شارك فيها مواطنون محكوم عليهم بالإفراغ أمام المدخل الرئيسي لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، مطلقا العنان للسانه عبر مكبر الصوت، متهما قضاة بأسمائهم وصفاتهم بأنهم فاسدين ومرتشين وعديمي الضمير، وهو التسجيل المرئي الذي تتوفر "انفاس بريس"، على نسخة منه، فماكان من رد فعل القضاة المعنيين سوى تقديم شكاية مباشرة لوزير العدل والحريات، بشأن هذه الاتهامات الخطيرة والتطاول على مؤسسة القضاء، وهي الشكاية التي مازالت رهينة لدى الوزير الرميد، ليظل هذا الشخص حرا طليقا، مستندا في خرجاته الإعلامية أنه استقبل من طرف عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة، ووزير العدل مصطفى الرميد ضمن ما يعرف بملفات الترامي على عقارات الأجانب.
فهل سيحرك الوزير الرميد، المتابعة في حق كل شخص يسيء للقضاء والقضاة، باسم العمل الجمعوي؟
سؤال سيضع مصداقية الوزير الرميد في الميزان، على خلفية انعقاد جلسة أخرى لملف عقار عين الذئاب، اليوم الأربعاء 2 مارس الجاري أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء..
مجتمع