الجمعة 22 نوفمبر 2024
ملفات الوطن الآن

سؤال أجاب عنه مصطفى بوعزيز ونبيلة منيب مبعوثا المغرب إلى السويد.. لماذا يكره اليسار الأوربي مملكة محمد السادس؟

سؤال أجاب عنه مصطفى بوعزيز ونبيلة منيب مبعوثا المغرب إلى السويد.. لماذا يكره اليسار الأوربي مملكة محمد السادس؟

إذا تأملنا علاقة المغرب بيسار العالم، وباليسار الأوربي تحديدا، فسنجدها دائما متأثرة بعقيدة قديمة بسبب التمثل الذي صاغه هذا اليسار حول مؤسسة الملكية بالمغرب التي ظل يعتبرها مؤسسة طاعنة في التخلف والقمع، ومتحكمة في القرار السياسي والمالي، تماما كما لو أن الزمن قد توقف مطلقا عند اعتبارات الحرب الباردة التي كانت تنظر إلى الملكية، لا فقط كموطن تحكم واستبداد، ولكن أيضا كبلد كان دائما حليفا للإمبريالية العالمية. ولذلك كان اليسار الأوربي دائما مصدر تشويش أيام الراحل الحسن الثاني الذي كان يتهم من طرف هذه الدوائراليسارية باعتباره كذلك مصدر تعطيل للديمقراطية، وللإجهاز على حقوق الإنسان، وعلى وضع الحريات بشكل عام.

وقد تغذت هذه العقيدة المعادية للملكية من الصراع المتوتر الذي طبع علاقة هذه الأخيرة بالحركة اليسارية المغربية، منذ فجر الاستقلال، تاريخ تنازع الشرعيات حول حكم المغرب من طرف الملك في مواجهة روافد الحركة الوطنية. ولأن التمثل اليساري الأوربي حول المغرب قد سجن نفسه في تلك العقيدة السياسية المتجمدة، فقد عشنا منذ سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، مفارقة صارخة. ذلك أن الجزائر التي خرجت من زمن الاستعمار، باعتبارها مهد الثورة وبلاد المليون شهيد، سرعان ما غرقت مع توالي الزمن وإلى يومنا هذا، في أسلوب الحكم الفردي المتسلط، وفي كل مساوئ النظام العسكري المغلق الذي أجهز على ثروات البلاد، وكبل طاقات شعبه. ومع ذلك فقد ظل اليسار الأوربي ينظر إليها دائما مهدا للثورة. ومن هذا المنطلق دعم الجمهورية الصحراوية بقيادة حركة البوليزاريو، وساندها في المنتديات الدولية بتمويل يقتص من مال الشعب الجزائري، وذلك باسم حرية الشعوب، وحقها في استكمال استقلالها. في حين تمكن المغرب من التخلص من ردائه السياسي القديم عبر تجديد بنائه السياسي، وحقق وثبات مؤسساتية لطي صفحة الماضي، وللتصالح مع ذاكرته، ومع طموحات شعبه من قبيل إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة، كما صادق على المعاهدات الدولية المرتبطة بحقوق الإنسان، وطور ترسانته الدستورية بالاعتراف بالمفهوم الكوني لحقوق الإنسان، وواصل انتخاب مؤسسسات غير مطعون فيها سياسيا ، وطور علاقاته الدولية على معيار التوازن الدولي. ومع ذلك لم يشفع له ذلك في تحسين صورته التي ظلت كما شكلها التمثل اليساري الأوربي القديم الذي يصر على أن يضعنا كبلد للقمع وللإجهاز على الحريات، مقابل اعتبار الجزائر «منارة تقدمية» رغم تورطها الحقيقي في حجز الشعب الجار في الشعارات العتيقة، ورغم دعمها لكيان انفصالي يحجز بدوره آلاف الصحراويين على أرض جزائرية ضدا على كرامة الإنسان، ونداءات المجتمع الدولي.

في سياق هذا التوتر ينبغي قراءة الأزمة بين المغرب والسويد بشأن ما تسرب من احتمال إحياء توصية برلمانية تدعو حكومة ستوكهولم إلى الاعتراف بـ«دولة البوليزاريو»، وهي التوصية التي تغذت من رأي عام شعبي يخفق بقلب يساري سويدي .

ثمة خلل بكل تأكيد، بعض مصادر هذا الخلل تأتت من فشل المغرب دبلوماسيا في تسويق صورته في الخارج، وفي اكتساح مساحات جديدة في المنتديات الدولية، وفي نسج علاقات جديدة مع العالم وفي تقديم أطروحته بالحجج القانونية والسياسية بذكاء ودهاء. وبعضها الآخر متأت من عدم تمكن الأحزاب اليسارية المغربية من لعب دورها في تبديد الصورة الأوروبية القديمة، وذلك لاعتبارات ذاتية وموضوعية. من بينها افتقاد هذه الأحزاب للإمكانات المادية التي تؤهلها للعب دور دبلوماسي مواز في الساحة الدولية، في حين تشهد الكثير من الوقائع المؤلمة كيف أن مليارات يتم تبديدها في التفاهات. واللافت للنظر في تقلص مساحات تحرك المغرب أن بلادنا قد تمكنت ، ضمن لحظات دبلوماسية محدودة، من تحقيق اختراقات داخل الجدار الأوربي، لكنها لم تستثمر بالشكل الكافي الذي يقلب المعادلات القائمة. نذكر بهذا الخصوص كيف أن الدانمارك تعتبر شريكا مع المغرب في تفعيل اتفاقية مناهضة التعذيب على المستوى الأممي ، في خطوة مخالفة تماما لاعتقاد يسار «الفيكينغ» الذي لا يزال يواصل مدمنا على التصور الإيديولوجي العتيق الذي يرى في المغرب ملكية قمعية ومحتلة للصحراء تماما مثل كل الديكتاتوريات المنقرضة، أو الباقية.

نستنتج من كل ذلك أن نازلة الدانمارك المضيئة والمخالفة لنازلة السويد تستدعي من المغرب، دولة ومجتمعا، مضاعفة الجهد من أجل استدراك الزمن الضائع في علاقتنا مع العالم، ومع اليسار الأوربي بشكل خاص، الجهد الذي له اسم واحد: تعميق البناء الديمقراطي والمزيد من توسيع الحريات، ومواصلة محاربة الهشاشة بمختلف تجلياتها، وفتح مسالك جديدة للحوار والتفاعل مع المعارضة، ومع قوى اليسار تحديدا. وتمكين هذه الأخيرة من التمويل الضروري ومن أدوات العمل والتحرك وفق منظور تشاركي يقيم تعاقدا جديدا بين المغاربة بكل مللهم السياسية من أجل الحفاظ على المكتسبات المتحققة، ومن أجل ملء البياضات في علاقتنا مع العالم.

 نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد

سيغير اليسار الأوربي رأيه في الملكية لما تبنى الديمقراطية الكاملة في المغرب

* أزمة المغرب مع السويد جعلت الدولة تكتشف أن المغرب يضم عائلة يسارية. كيف تفسرين هذه الصحوة التي جعلت الدولة تلتجئ لكم كقوى يسارية للذهاب إلى السويد؟

** أولا، لابد من التذكير ولو بعجالة بتاريخ علاقة الدولة المغربية باليسار، إذ كانت علاقة متوترة خصوصا أنه بعد الاستقلال كانت القوى المعارضة للنظام المخزني آنذاك هي اليسار. فقمع قمعا شرسا خلال سنوات الرصاص. بعد ذلك تم استدراجه ليشارك في الحكومة، ومن ثمة إضعافه وضرب مصداقيته وشعبيته. ومن هذه الخطة الأولى القمعية المباشرة، انتقل المخزن إلى استقطاب واسع في صفوف اليسار تجسيدا لما في مخيل الدولة المغربية من إصرار على نقله من الهامش إلى أقصى الهامش. فهو (أي اليسار) بالنسبة لها شر لابد منه، لكن يجب أن يكون ضعيفا وبعيدا عن مراكز القرار. اليوم، أظن في هذه القضية الوطنية وكما تعلم، فإن اليسار قادم من الحركة الوطنية ويؤمن بأن استقلال البلاد لا يمكن أن نستكمله إلا باستكمال وحدتنا الترابية. ولنتذكر السي بنسعيد آيت يدر الذي كان قائدا بجيش التحرير وكان مستعدا وهو على رأسه لتحرير الأقاليم الجنوبية ابتداء من 1956 للمطالبة باسترجاع سيدي إفني وطرفاية والساقية الحمراء وما إلى ذلك. ولكن بسبب تفكيك جيش التحرير واتفاقية «إيكوفيون» التي ساهمت فيها إسبانيا وفرنسا، ضاعت الفرصة كما ضاعت غيرها. وجميعنا يتذكر كذلك السي عبد الرحيم بوعبيد الذي رفض قبول المغرب للاستفتاء في نيروبي، فسجن إلى جانب قيادات أخرى. وعليه، فاليسار وطني ولم يغيب يوما القضية الوطنية ويعتبرها أولوية، لثبوت حقنا في استكمال الوحدة الترابية، وفي الدفاع عن مغرب كبير بما فيه من خيرات وشعب بهوية متنوعة أمازيغية عربية صحراوية، ونفتخر بهذا. فكل هذا يبرز أن اليسار كان دائما منخرطا. الجديد اليوم هو أن سلطات استوكهولم أوفدت مبعوثا لها، وهو سفير سابق بالجزائر ليقوم بتحريات من أجل استكمال الرؤية بخصوص القضية الوطنية، علما أن الحكومة السويدية يترأسها ائتلاف مكون من الحزب الديمقراطي الاشتراكي والخضر. وسبق لهذين الحزبين لما كانا في المعارضة سنة 2012 أن اعترفا كأحزاب بالجمهورية المزعومة وساندا الطرح الانفصالي. ليتم الضغط عليهم من قبل المجتمع المدني والكتلة الناخبة لغاية الاستمرار. لأنهم عند اعترافهم في 2012 تقدموا بمشروع للبرلمان، لكن الحكومة اليمينية آنذاك رفضته، ليس لكونها يمينية ولكن لأنها دولة الحق والقانون، قائلة بأن هناك ثلاثة معايير من أجل الاعتراف بدولة، أولا وجود أرض، ثم وجود شعب ولو أنه لم نستطع إحصاءه، والمعيار الثالث هو أن تكون للشعب سلطة لها سيادة على الأراضي، وهو ما لا يتحقق. فكان الرفض. اليوم ولأنها ترى بأنه بعدما اعترفت بالدولة الفلسطينية كأول دولة في الاتحاد الأوروبي وما لقيته من رضى الناخبين، وخاصة العرب منهم الذين أوصلوها إلى الحكومة، خطر ببال السويديين أنهم عند تصويتهم على الجمهورية المزعومة سيحققون مكاسب سياسية، خاصة وأن لديهم طمعا في مقعد بمجلس الأمن.

* لماذا اليسار تحديدا هو الذي أوفدته الدولة إلى السويد أولا قبل العائلات الأخرى؟

** نحن لدينا علاقة مع اليسار في العالم، إنما ليس مع كل الأحزاب. فمثلا لم تكن لنا صلة مباشرة بأحزاب السويد إلا في بعض المنتديات. لكن الدولة فطنت إلى إمكانية لعب اليسار لدور أساسي، لأنها تفهم بأن الصراع المفتعل مستبطنة أطرافه بقايا الحرب الباردة، من خلال الطرح الجزائري الذي يسانده اليسار، والمغرب الذي يعتبرونه ملكية غير قادرة على بناء الديمقراطية ولا تحترم حقوق الإنسان.

* يلاحظ أن اليسار الأوروبي شكل مصدر تشويش للمغرب خلال الخمسين سنة، بالنظر للتمثل الذي يرى على ضوئه أن المغرب محكوم بملكية مطلقة طاعنة في التخلف والتحكم في القرار السياسي والمالي. ألهذه الدرجة لا يريد اليسار الأوربي أن يغير رأيه رغم ما تحقق في المغرب في السنوات الخمسة عشر الأخيرة على الأقل؟

** سيغير اليسار رأيه لما تبنى الديمقراطية الكاملة في المغرب، وهذا هو المدخل الذي نؤكد عليه دائما وأبدا في الاجتماعات الرسمية. فالمدخل الأساس هو الديمقراطية واحترام الحقوق لأنك تتحدث مع مجتمع يؤمن بأن حل المشاكل لا يتم إلا بالقانون، والتعاون لا يحترم إلا الدولة التي تحترم نفسها وشعبها.

* لكن هل الجزائر تحترم نفسها، وهل البوليزاريو في تندوف تحترم نفسها؟ فهناك مفارقة لدى اليسار الأوربي كيف يعامل المغرب بجفاء بدعوى أن فيه «ملكية رجعية» ويتضامن مع الجزائر الغارقة في الديكتاتورية والتحكم؟

**الأمر الذي مازال لم يفهم لديهم هو أن الجزائر تجر خيوط هذا الصراع من أجل التغطية على مشاكلها الداخلية واستبداد نظامها الحاكم. فهم يقولون بأن الجزائر دولة المليون شهيد تساند شعبا مضطهدا، وأن المغرب بلد مستعمر لهذه الصحراء ويستغل خيراتها. والواقع هو أن هؤلاء الذين يؤمنون بالقانون يصلون حدا من السذاجة، لما يصدقون الجزائر وهي تخاطبهم بأنها الوحيدة التي تحمل هم شعب نريد نحن كمغرب أن نسلبه أرضه وننهب خيراته، وتذهب بهم إلى تندوف فيقفون على تلك الظروف اللاإنسانية كخطة مدروسة للتضليل.

*لكن كيف للإنسان أن يستسيغ هذه القناعة لدى السويديين، والحال أن السويد تقدم كدولة تتوفر على كبريات معاهد الدراسات الاستراتيجية؟ ما قيمة دراسات هذه المعاهد إن كان صانع القرار في السويد يجهل المعطيات؟

** لما زرنا السويد كوفد يساري التقينا مع رؤساء ثلاثة معاهد كبيرة، إذ قال دام سميت، مدير معهد استوكهولم الدولي للدراساتبأن قضية الصحراء غير مدرجة لديهم، من منطلق أن دولتهم دولة سيادة وتبحث في المواضيع التي تهم سيادتها وأمنها ومستقبلها ومصالحها. ومن جهة أخرى، أكد كل من مدير المركز السويدي للعلاقات الدولية «ماتسكا ألسون»، و«توربورن بجورلند»، رئيس لجنة القدس بالبرلمان، أن المعطيات الوحيدة التي لديهم مصدرها البوليزاريو والجزائر، مما يفيد أن المغرب لم يبذل مجهودا ويفتقد لاستراتيجية الدفاع. كما أننا أيضا نتعامل أحيانا بسذاجة. فمراكز البحث هاته تهمها مصالحها لأن غرضهم كما قلت هو الحصول على مقعد بمجلس الأمن، وفي نظرهم إن اعترفوا بهذه الجمهورية سيصوت عليهم أصدقاء الجزائر الأفارقة، وهنا تنتهي القضية. أما بلدنا فكل ما كان يفعله هو بعث أشخاص «ناعسين»، لا يعرفون الملف و«مضاربين» على ما يقولون وما لا يقولون، وكل واحد يريد أن «يتبند» في الأمام. وفي صلة بهذه الحيثية، سأحكي قصة من أيام دراستي بفرنسا من أجل التحضير للدكتوراه، إذ بلغنا يوما خبر مجيء وفد مغربي من البرلمان كي يدافع عن القضية الوطنية ويطرحها أمام البرلمان الفرنسي، فأفرحتنا المبادرة، إنما بعد يومين سمعنا بأن أحد البرلمانيين سرق ساعة ثمينة من متجر، فاختبأنا لشهر غير قادرين على القول بأننا مغاربة لما لحق كرامتنا من مس. فالحقيقة، هي أنه وكما في برلماننا شخصيات بارزة هناك مفسدون، وانتخاباتنا ليست حرة ونزيهة، فضلا على أن دستورنا ولو وقع به تعديل مازال به تحكم مفرط للسلطة. ومقابل ذلك، أظن أن الدولة تعاملت اليوم بذكاء، لأن هناك أحزابا ديمقراطية، وتؤمن بالشرعية الدولية وتحترم الناس المحترمين ذوي المصداقية. وعلى هذا الصعيد، كشفنا للسويديين بأن «مطلبنا هو ملكية برلمانية مثلكم»، وتحقيق الفصل الحقيقي للسلط، وحكومة تحكم لتكون في ظل هذا الوضع اختيارات جديدة حتى يمكننا العيش بكرامة. قالوا إذا قمتم بذلك فإننا سنطمئن عليكم وعلى الصحراويين الذين يريدون الانفصال. النقطة الثانية وهي أننا أخذنا وقتا كثيرا لنفسر لهم الخلط الذي لديهم بين القضية الفلسطينية وقضية الصحراء، وقلنا لهم إذا كانت تلك قضية شعب وأكبر قضية ظلم في العالم، مع تحيتهم على ما عملوه من أجل الاعتراف بدولة فلسطين لأنها خطوة ستدعم مسلسل السلم واسترجاع حق الشعب الفلسطيني وعودة اللاجئين. أما قضية الصحراء، كما أوضحنا، «لو اعترفتم بتلك الدويلة فإنكم ستضغطون على زر الانفجار لكونها قضية شعب مغربي يؤمن إيمانا راسخا بأنها أرضه، ولكن بما أن الملف أمام الأمم المتحدة فإنه خطا خطوة في اتجاه تقريب وجهات الرؤى، لأنهم ليسوا شعبا، وإنما مجموعة انفصالية. أما الشعب فهو المغربي الذي يضم الصحراوي والانفصاليين الذين نعتبرهم إخواننا، قد نختلف معهم في الرأي، إنما أبناء عمومتهم في العيون، وفي الرباط كبرلمانيين. فعلقوا بأن جميع هذه الحقائق كانت غائبة عنهم ولم يعلموا بها يوما.

* هل هذا راجع إلى احتكار الملف من طرف الدولة في السنوات الماضية؟

** بالفعل، احتكار، وعدم وضع استراتيجية تشاركية محكمة. وكنا قد التقينا بوزير الخارجية في إطار لقاء مع الأحزاب لما أتى كريستوفر روس بحضور مسؤولين حكوميين. وقلنا لهم يجب أن يبدؤوا هذه المقاربة التشاركية، فطلبو منا مسؤولا حزبيا، وكان وقتها الرفيق محمد الساسي هو المكلف بالنسبة للحزب الاشتراكي الموحد بهذا الملف. فعقدت بعض الاجتماعات القليلة ثم اختفى كل شيء.

* لكن هنا مفارقة. فالسويد عضو بالاتحاد الأوروبي، والمغرب لديه وضع متقدم معه، والبرلمان الأوروبي اختار المغرب من بين دول المنطقة كشريك من أجل بناء الديمقراطية. فكيف لهذه الدولة التي هي عضو في الاتحاد الأوروبي وتترأسه دوريا تغيب عنها هذه المعطيات؟

**لا تغيب عنها إطلاقا، إنما في قضية الصحراء هناك ضعف مهول للمعطيات، ثم لديهم صورة سلبية جدا عن المغرب وعن نظامه كنظام قمعي لا يحترم حقوق الإنسان ولا يريد الانتقال إلى الديمقراطية.

* وما مرد ذلك في نظرك، على الرغم من خلق هيأة الإنصاف والمصالحة وطي سنوات الرصاص والمصادقة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية. فهل العيب في أن المغرب لا يعرف كيف يسوق صورته أم هناك خلفيات أخرى؟

**المغرب قام فعلا بخطوات، لكنها غير كافية بالنسبة لهم. لكونهم لا ينظرون إلا إلى الديمقراطية الكاملة. هذا مع عدم إغفال التعامل التقليدي للمغرب. فمثلا عند وصولنا مساء يوم الأحد 4 أكتوبر2015 قبل بداية اللقاءات والتشاورات في اليوم الموالي، بلغنا بأن المغرب ينظم مسيرة يندى لها الجبين. ومن جهة أخرى، التقينا المغاربة الذين أرادوا تنظيم مسيرة في استوكهولم بإيعاز من السفارة المغربية، وقلنا لهم كفى من رفع الأصوات، فأجابوا بـ «مابغيناش نغوتو لأننا نحب السويد كبلد. نحن نريد فقط الاشتغال في المجتمع المدني وإيصال صوت المغرب، والحصول على المعطيات والمعلومات لنجد ما نقنعهم به للدفاع عن بلادنا ووحدتنا الترابية». وحتى نكون واقعيين، فإننا نعلم بأن للدبلوماسية المغربية باعا وتاريخا في التجسس على الجالية وقمعها، ولا تعتبرها حتى مجرد إنسان. في حين أن لديها وطنية لا تتصور وحماسا، لكن تفهم الدولة التي يقولون عنها «هاد العين هي المغرب وهاد العين هي السويد التي أعطتنا الكرامة والشغل، ونحن نريد تقريب العلاقات والتعاون ولكن سبقنا البوليزاريو عشرات السنين للتغلغل باكية شاكية».

* وما الذي يمنعه هذه الجالية من التحرك في المجتمع المدني؟

** لديهم جمعيات، ولكن المشكل القائم هو عدم وجود تعاون من لدن السفارة المغربية بالسويد، ولو أنهم قدموا الشكر للسفير السابق الذي كان حسب قولهم يتعاون معهم، أما اليوم فليس للمغرب سفير في ستوكهولم.

* ألم تطرحوا على رئيس الحكومة كزعماء أحزاب مسألة اقتراح سفير جديد بالسويد علما أن رئيس الحكومة هو الذي يقترح التعيين في المناصب السامية؟

** لما التقيت السيد رئيس الحكومة قلت له على الأقل هاتف رئيس حكومة السويد وطمئنه، موضحا له أننا دولة عريقة ونعمل رغم كل الصعوبات.

*وبماذا أجاب؟

**لم يرد علي.

* من اتصل بكم بخصوص الترتيب لزيارة للسويد؟

** اتصلت بي وزارة الداخلية، إذ قال لي الوزير حصاد بأن هناك معطيات خطيرة في الموضوع، وأن هناك اجتماعا مبرمجا مع الأحزاب الثمانية الممثلة في البرلمان والحكومة، بالإضافة إلى الحزب الاشتراكي الموحد. كان ذلك يوم الأحد، وهو اليوم الذي اتصلت خلاله أنا أيضا بالرفاق في المكتب السياسي. وفي يوم الاثنين أثناء ذهابي للاجتماع اتصلت بالرفيق بنعمر، الكاتب العام لحزب الطليعة، والأخ العزيز عن المؤتمر الوطني الديمقراطي، وسألتهما هل سنلتقي هناك، فأجابا بالنفي على أساس أنهما لم يتلقيا اتصالا بهذا الشأن. في حين أكد لي بنعمر بأنه لو طلب منه الحضور لحضر. ولما وصلت وجدت الأحزاب الثمانية ورئيس الحكومة والكاتب العام لوزارة الخارجية وبعض الوزراء، فكان المقترح أن يذهب وفد، فقلت لهم لا يمكن أن نبقى دائما نلعب دور الإطفائي، وأضفت أننا كنا دائما نطالب بالتشارك، لكن للأخير أيضا منهجية وضوابط، فلا بد أن يكون الانسجام أولا والمصداقية، فكان تشاور. بعدها، اتصلت بمؤسسة بنسعيد التي تهيئ لندوة دولية كبيرة حول الصحراء لفتح نقاش والتقرب إلى حل سلمي يضمن سيادة البلاد ويخرجنا من هذا المأزق الذي عرفه الملف منذ عشرات السنين. فأمدوني بالمعطيات لتكوين ملف متكامل. وعقب أن اجتمعت بالرفيق عبد الرحمن بنعمر، اتصلت بي وزارة الداخلية من جديد، لتخبرني بأنه تقرر إرسال وفد سنترأسه، ولما سألت عن المكونين له، قالوا لي حزب التقدم والاشتراكية ثم الاتحاد الإشتراكي، فسألت عن سبب عدم استدعاء أحزاب فيدرالية اليسار، ليجيبوا بأن ذلك حدث تحت ضغط الاستعجال، مطالبين إياي كرئيسة للوفد بالاتصال بهم، فقلت بأن ذلك أمر سهل ولكن لا يمنع بأن تتصلوا بهم أنتم أيضا بصفة رسمية. وفور عودتي للبيت اتصلت بالأخ بنعمر، وكان في نيتي الاتصال بالأخ العزيز إنما لم يحدث الاتصال وقتها. ومن جهة أخرى، سبق واتصل بنعمر بالأخ العزيز ليتشاورا في الأمر، إلا أن العزيز قال بأنه غير معني طالما أنني لم أتصل به، وهذا ما خلق بعض الحزازات التي سنتجاوزها حتما في الفيدرالية.

* ألن تكون هذه الزيارة للسويد مقدمة لتفجير فيدرالية اليسار؟

**ولماذا ستتفجر، فالفيدرالية مشروع للنهوض بالبلاد، وهي غير مرتبطة لا بمنيب ولا ببنعمر ولا بالعزيز. فالقضية ندرجها في البرمجة للاشتغال عليها جميعا، ولكن لم نفتح بعد ملف القضية الوطنية كفيدرالية لأننا منذ الإعلان عن الفيدرالية ونحن نعمل في الهيكلة، ثم جاءت المرحلة الانتخابية التي أخذت منا وقتا طويلا.

* كيف ترين ما بعد استوكهولم؟

** أحسست فعلا بالخطر المحدق بالقضية الوطنية وعدم الدراية بصعوبتها، مع تجاهل حق المغربي وكيسار كيف من الممكن أن يؤدي ذلك إلى نتائج وخيمة. ونحن كيساريين مؤمنين بالقضية الوطنية ولدينا مخطط، نقر بترحيبنا بأي تخطيط تقدمه الدولة، وإن لم تفعل هي ذلك سنمضي في برنامجنا. وللتذكير، ففي نيتنا كيسار الذهاب إلى إفريقيا الجنوبية التي تلعب دورا مهما في هذا الموضوع، وأيضا الذهاب للدول الاسكندنافية الأخرى ثم بعد ذلك دول أمريكا اللاتينية.

* من المؤاخذات الموجهة للأحزاب المغربية بكل أطيافها كونها لا تستغل تواجدها في أمميات إما ليبرالية أو اشتراكية للدفاع على صورة المغرب. ما تعليقك؟

**أبدا، هم مهووسون بالدفاع، لكن كل من موقعه. المشكل اليوم هو فساد المشهد السياسي المغربي، وغياب الديمقراطية. فهم (أي الخارج) يعرفون من نحن ولا يمكن الكذب عليهم. فحتى لو قلنا بأننا ندافع عن طرح التدرج ونتقدم، فإن ذلك لا يقنعهم، ولا يثقون إلا في النتيجة النهائية. بل يعيبون علينا كون مرت 60 سنة على الاستقلال ولم نبن بعد نظاما ديمقراطيا، مع أننا نقر بأننا ننعم بالاستقرار. وبالتالي فأين هي المؤسسات التمثيلية، وأين هو الكف عن التدخل في الانتخابات، لأن المشروع الآن موجود ولا يتطلب سوى تنزيله ألا وهو مشروع الملكية البرلمانية.

* لماذا هذا الرفض لإقرار ملكية برلمانية في نظرك؟

** لأن هناك لوبيات مستفيدة من الفساد السياسي والاقتصادي، ولا تريد دولة ديمقرطية ذات شفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة. ويبدؤون بـ«التقطير» للتقدم خطوة واحدة للأمام. نحن لا ننكر الإنجازات التي تحققت بالمغرب، ونقول بأن الطرح الذي قدم هو طرح مهم، وكنا كحزب اشتراكي موحد سباقين، ونؤكد على أن الحكم الذاتي واقعي، كما كنا على الدوام نبحث وننظر لإيجاد الحل. ولكن عندما يتم إبعادك وتهميشك كيف يمكن أن تكون. اليوم ربما توصلت الدولة إلى أنها لا يجب أن تبعث سوى الكفاءات القادرة على إسماع صوت المغرب. إنما وفي نفس الآن «فهمات ما فهمات»، لأنه لما تجد تظاهرات متخلفة فإنك تعود لتقول بأن ليس هذا هو الصواب. فأنا أشدد على أن المخرج الأساس لحل نهائي عادل وسلمي هو الديمقراطية بدون تأخر. ولو أنه يقال بأن التغيير الديمقراطي على مستوى الدولة والمجتمع هو عبارة عن صيرورة. فإننا نقول بالفعل صيرورة، ولكن ما المانع من تسريع وتيرتها؟ وما المانع من إيقاف مسلسل التزوير وإفساد العديد من المجالات. فلا يجب أن نردد «مابقيناش بحال البارح»، ولكن يجب القطع مع «البارح» إن رغبنا في التقدم والدفاع عن وحدتنا، لأن العالم يتغير ومنطقتنا مهددة بالإنفجار. فإذا أراد المغرب الاستمرار في استقراره عليه استغلال هذا الظرف من أجل الإرساء الديمقراطي حتى يمكننا الحلم غدا باستقرار مجتمعي، تكون له اختيارات أخرى في المجال الاقتصادي والاجتماعي والتوزيع العادل للثروة والعدالة الاجتماعية. فجميعنا يلاحظ الغليان الذي يصيب المنطقة من حولنا، وبعض أبنائنا يلتحقون بالتنظيمات الجهادية. فهذا يخيف، والرد هو الجواب عن الأزمة السياسية والاجتماعية. فالمغاربة لا يثقون بعد في المؤسسات ولم يتصالحوا مع السياسة، ولو أنه تم الإعلان خلال الانتخابات الأخيرة على أكثر من 50 في المائة كنسبة مشاركة، فإننا نعلم كيف تمر الأمور. وكما كنا نقول بالأمس، فكي تكون لدينا سياسة خارجية قوية، يلزم أن تكون لدينا سياسة داخلية قوية كذلك.

 مصطفى بوعزيز مؤرخ وعضو الحزب الاشتراكي الموحد

لوكنت أفكر بمنطق البوليزاريو لأعلنت ميلاد «الجمهورية الديمقراطية الفكيكية»

* في الساعة 12 إلا ربع لم تكن الدولة تعرف قوة اسمها اليسار، وفي الساعة 12 انتبهت نفس الدولة أن المغرب يضم يسارا يقظا وحيا. ماذا وقع في ربع ساعة حتى دب الوعي للدولة واستدعت اليسار في مهمة ديبلوماسية بالسويد لشرح ملف الصحراء؟

**بخصوص مساهمة اليسار في الصحراء لا شك في أن الحساسية السياسية اليسارية كانت لها دائما أطروحة متميزة في قضية الصحراء المغربية، معتبرة مرور الوطن المغربي بثلاث مراحل أساسية على هذا المستوى، وتتمثل أولا في «الوطن الروحي»، الذي هو أرض الإسلام بحدود متحركة، أي أينما وجد المسلمون فتلك أرض الإسلام، وأينما بويع أمير المؤمنين فتلك أراضي أمير المؤمنين. بعد ذلك، تم الانتقال مع بداية 1830، وهو تاريخ احتلال الجزائر، إلى «الوطن الترابي»، حيث وضع المغرب حينها حدوده الرسمية. ولحسن حظنا أن إرساء هذه الحدود كان قبل دخول الاستعمارين الفرنسي والإسباني. وفي مرحلة ثالثة تحولنا مع سنة 1975 إلى «الوطن المواطن»، وهي المرحلة التي مازالت مفتوحة، وتتميز بكون ما فوق التراب يجب أن يكون بمفهوم المواطنة، أي وطن به مشترك أسمى من الخلافات السياسية، وهو المشترك الذي لا يضم التراب فقط، وإنما أيضا ما نقول عنه بالدارجة «تمغربيت»، بما يحمله ذلك من قراءة لتملك تاريخنا وماضينا الجماعي، فضلا عن إعادة إنتاج هويتنا حتى تنسجم مع روح العصر، سواء في ما يخص إنتاج اللغة أو الثقافة بقيم تتوافق مع القيم الكونية. كل هذا من أجل أن يدخل المغرب للعالم والعولمة من موقع الشريك لا التابع. وللإشارة، فإن هذا البرنامج الذي بدأ في سنة 1975 لم يكتمل بعد، وتطوره ليس خطا مستقيما، به مد وجزر، كما فيه القمع والإنفراج. وانطلاقا من هذا التصور، كانت لدينا أطروحة وممارسة خاصة في قضية الصحراء المغربية، مع التذكير بأن منظمة 23 مارس كانت ممنوعة وسرية، ومع ذلك خلقت في حراكها، سواء الخفي أو العلني، مجلة «23 مارس» بالخارج، تتطرق لمواقف من أجل الصحراء المغربية بنفَس ثوري. ومن جهة أخرى، فنحن من قام بالعمل الدبلوماسي الأساسي تجاه الشرق العربي، وخصوصا تجاه المقاومة الفلسطينية، حيث تمكنا من إقناع كل من «فتح»، و«الجبهة الشعبية»، و«الجبهة الديمقراطية»، و«المنظمة الشيوعية اللبنانية»، و«الحزب الشيوعي اللبناني»، و«الحركة القومية اللبنانية». كما حاصرنا البوليزاريو في كل تلك المناطق، بالإضافة إلى إصدارنا سنة 1976 كتابا كبيرا بعنوان «الموقف الوطني الثوري من قضية الصحراء»، والذي أعيد طبعه مؤخرا بالمغرب بعد أن كان ممنوعا في وقت سابق. وليس هذا فحسب، وإنما قام مجموعة من المقاومين المنفيين ومنهم من كان محكوما بالإعدام، كالفقيه البصري ومحمد بنسعيد وسكيرج والحسين زغلول، بإصدار ومن قلب الجزائر بيانا سنة 1975 يؤكدون فيه مغربية الصحراء، على الرغم مما كان قد يعرضهم ذلك من اغتيالات. إذن، هو عمل ممتد، ويستمر الآن بمناقشات وتطور. والنظام بالمغرب يعرف هذه الأمور. أما إذا أردنا الحديث عن المستجد، فإنه موجود منذ 6 أشهر بعد أن دشنا لحملة تجاه الأحزاب اليسارية الأوروبية التي لم تكن غائبة منها سوى أحزاب أوروبا الشمالية، من «ميلونشو» بفرنسا إلى «سيريزا» باليونان، ولعل ما ساعدنا في استمالة سمعهم لنا هو صدور تقرير من البرلمان الأوروبي يقول بأن المساعدات التي ترسلها أوروبا لمخيمات تندوف لا تصل بكاملها ويتم تحويلها نحو وجهات أخرى. فكان من جانبنا أن قدمنا معطيات إضافية من موقع المستقل، باعتبارنا حزبا يساريا تعرض للقمع ومازال يواجه المضايقات والتجاهل، ومع ذلك لا يساوم في الوطن. فتبلورت لدينا فكرة تنظيم مناظرة دولية كبيرة، بعلم السلطة، يحضرها الجميع بما فيهم البوليزاريو والجزائر والأمم المتحدة ليدافع الكل عن نفسه.

* لماذا لم تشارك أحزاب اليسار كلها في رحلة السويد؟

** أنا أتأسف لعدم حضور الأحزاب الأخرى بفيدرالية اليسار بالرغم من أن الاشتراكي الموحد قال بعدم ذهابه دونها.

* هنا سأقاطعك، لو سمحت، لأسأل عن سبب إقصاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان من هذه التمثيلية في الوفد على أساس أن الشق الحقوقي يشكل أحد الأجندات الجوهرية في ملف الصحراء؟

** يجب أن نعلم بأن في توجه السلطة تدرج. إذ كان رد الفعل الأول هو جمع الأحزاب الممثلة في البرلمان. ومما شد الانتباه في هذا الأمر هو أن هناك أحزابا ولو أنها صغيرة غير أنها تعمل ما يمكن أن تعمله الدولة. لذلك كان من المقرر أن يذهب كافة الأمناء العامين وعضوان عن كل حزب (الأمين العام وعضو). فقالت نبيلة منيب بأننا لا نشارك في مثل هذا النوع من الأعمال، ونريد الذهاب بشكل منسجم. ولما تقرر سفر أحزاب اليسار، تقرر بالموازاة مع ذلك رئاسة منيب للوفد. حينها استنكف الأمناء العامون للحزبين الآخرين، وقدموا ممثلين لهم، وهو تعامل إيجابي. وهذا لا يمنع ذلك بعد ذهاب الأحزاب اليمينية، ومجيء الدور على المجلس الوطني لحقوق الإنسان. لأننا، كما ذكرت، نحن فتحنا ثغرة في المنظومة الفكرية والسياسية والنفسية لدى السويديين، والتي وجدناها صعبة نظرا لتشبعها بالتعاطف الكامل مع البوليزاريو وصحراويي تندوف. فهؤلاء بالنسبة لهم شعب مقموع ومضطهد. ولابد هنا أن نعترف بتحملنا مسؤولية ذلك، نتيجة تركنا الساحة فارغة لهم ليوطدوا أكثر الترابط العضوي في ما بينهم. وعلى صعيد ثان، أشير إلى أن هذه الأحزاب حققت نوعا من التوافق الإجتماعي صارت معه مرجعيتهم الإشتراكية مرجعية إنسانية يبلورونها بهذه المواقف التضامنية مع المضطهدين في العالم. وحتى نفتح عيونهم أكثر على واقع الحال، بيَّنا لهم بأن المغرب يمر من عنق الزجاجة في مسألة حقوق الإنسان، وليس الصحراويين من يتعرضون للقمع فقط، لكن الفرق بيننا وبين البوليزاريو الذين نعتبرهم مواطنين مغاربة، هو كوننا لم نتعرض للقمع بل لجرم وخطأ سياسي للدولة، كان جوابنا عنه هو «لنبني دولة». وذهبت أبعد من ذلك لما سألت السويديين: «هل تعرفون الصحراء الشرقية»، فأجابوا باستفسار: «لماذ؟»، قلت لأني أنحدر من الصحراء الشرقية ومن قدموا عندكم من الصحراء الغربية. وأضفت بأنني من أهل فكَيكَ، والصحراء الشرقية مغربية، غير أن الملك الراحل الحسن الثاني منحها للجزائريين كمقايضة ليتركوا له الصحراء الغربية. إلا أنه وبحكم اصطفافنا في المعارضة تعرضنا للاضطهاد سواء من طرف نظام الحسن الثاني أو الجزائر لنجد أنفسنا وسط كماشة. وعليه، حسب ما قلت لهم كذلك، أستطيع أن أقدم ألف مرة ما يفوق الاضطهاد الذي كان لدى الصحراويين. وكما أقول دائما يجب مقاومة الانفصال بالديمقراطية، ومقاومة الفكرة الإنفصالية بالفكرة الوحدوية، ومقاومة الفكر القبلي بفكر المواطنة. ولكن مثل ما تبدو معادلة الوحدة والتعدد سهلة في التعبير فإنها صعبة في الإنجاز وتتطلب وقتا. وقلت لهم أيضا موضحا بأنني إذا أخذت منطق البوليزاريو سأجد نفسي مؤهلا ألف مرة لأن أعلن غدا الجمهورية الديمقراطية الفيكَيكَية، ولكن مع ذلك أختار الطريق الصعب الذي هو طريق إرساء التعددية والديمقراطية والمواطنة. وهذا ما نعيبه على البوليزاريو التي لن نتأخر عن مساندتها لو قمعت، إنما لا ولن نساندها في الانفصال.

* هل استثناؤكم دول أوربا الشمالية كان عن جهل أم مسألة إمكانيات؟

** لا لا.. أبدا، هي مسألة إمكانيات فقط، فنحن للعلم ليس لدينا أي تمويل من الدولة، ونسافر باشتراكات مناضلينا.

* من الملاحظ أن المغرب لديه مشكل وتشويش مع اليسار الأوروبي بشكل عام، وهذا اليسار يتمثل المغرب كبلد فيه الملكية. الطاعنة في التخلف والتكلس والمتحكمة في القرار السياسي والمالي، وبالتالي يربط اليسار الأوربي مواقفه تجاه قضايا المغرب بتمثله لنظامه السياسي. لماذا؟

** وحتى مراكز البحث التي زرناها قالت بأنه من ضمن العوائق التي خلصت إليها هناك الصورة السلبية المروجة عن المغرب كبلد قامع ولا يتحرك فيه إلا الموالي، في حين أن الصوت المعارض مقموع. وبطبيعة الحال، كان لابد من تصحيح هذه الرؤية والتأكيد على اجتنابها للصواب. فنحن لا نخفي رفضنا المقاربة الأمنية للسلطة وننتقدها يوميا، غير أنه وبالمقابل يلزم الإعتراف بأن القمع الموجود في المغرب أقل بكثير من حجم القمع بالجزائر، وحرية التعبير المتاحة في بلدنا مثلها في الكثير من الدول بالمنطقة. وكان من حسن الحظ أنني مستشار علمي لمجلة «زمان» لأني اصطحبت معي بعض الأعداد التي بها انتقاد للملكية وبنية الدولة ككل، ولكن في نفس الوقت تتضمن أملا لمشترك مغربي يبنى، فقدمتها لهم قبل أن أسألهم: «هل لديكم مجلة من هذا النوع تصدر في الجزائر؟». فنحن نطمح لملكية برلمانية كما هي موجودة في السويد، لكن بخطى متأنية لأن ثقافتنا محافظة وتتطور ببطء. لهذا صارحتهم «لن نستنسخ حداثتكم وانظروا ما أنتجنا. فأن تكون لنا امرأة مثل منيب تقول رأيها بالحرية الكاملة، وتكون لدينا مجلة مستقلة مثل «زمان» تعطي للحقيقة الأكاديمية مجالا ولو كانت حقيقة مزعجة لأي طرف. فهذه هي مؤشرات مجتمع الحداثة الذي هو مجتمع تفصل فيه الحقول نسبيا عن بعضها البعض، حيث لا تتحكم في الحقل الثقافي إلا الثقافة، والحقل العلمي لا يتحكم فيه إلا العقل الأكاديمي، والحقل السياسي صراع بين الفاعلين وتتحكم فيه الديمقراطية، فيما تتحكم في الحقل الاقتصادي الجودة والمنافسة الحرة. ولهذه الغاية نناضل، بعد أن حققنا بعض الاختراقات، لكن لم نعبر كليا للمنشود. ومن هنا نعتبر منذ ما قبل 1975 و1975 أن الصحراء والديمقراطية مرتبطتين، فاستطعنا أن نحول بشكل بطيء النظام المطلق المغربي إلى نظام بهامش ديمقراطي محدود، ونعمل الآن على نوع من الشراكة، ولو أنها مراقبة أيضا، بين الشرعية الشعبية والتاريخية ونستقدم ليكون الأفق الملكية البرلمانية بالشكل المغربي. علما أن ذلك ليس فقط عملا على الصعيد المغربي، وإنما ينعكس على المغرب الكبير لأن انتظارات الشعوب المغاربية موحدة وهي الديمقراطية والمساواة والعدالة والكرامة . وبالتالي، إذا بني المغرب الكبير فإنه سيكون لصالح أوروبا لكونه فضاء واسعا وقابلا للتفاعل الإنساني، كما سيكون همزة وصل مع إفريقيا ما وراء الصحراء. هذا فضلا على محاربته لمجموعة من المخاطر التي تهدد أبواب أوروبا، ومنها الهجرة غير الشرعية والراديكالية التي تصل حد الإرهاب. وفي هذا الصدد، قلت للسويديين بأنهم لو ذهبوا في اتجاه الاعتراف بدولة البوليزاريو، فإنهم سينجرفون وراء تفضيل زمرة تدعي أنها مضطهدة على 40 مليون مغربي. ومن ثمة، الدفع بكل شروط التوتر والحرب على حساب السلم والاستقرار. فسألوا لماذا؟ لأجيب: نحن نربط بين الديمقراطية والصحراء، وإذا حدث بعملكم وعمل دول أوروبية أخرى أن انتزعت من المغرب صحراؤه وخلقت دويلة، آنذاك سيكون رد فعل المغرب ردا هوياتيا، حيث ستصبح الهوية المغاربية المجروحة والمظلومة في مواجهة الهويات الأخرى، بما فيها الهوية الصحراوية الجديدة التي ستخلقونها أنتم والهوية الجزائرية. علما أن بالمنطقة غليانا مسبقا. فليبيا نقف جميعا على وضعها، والجزائر قريبة من الانفجار، ولما تنفجر فإننا لا نضمن لكم بعد 3 أشهر عدم اندلاع مشاكل في المغرب، لتصير الساحة برمتها ملتهبة. حينها ماذا ستربحون؟

* لكن، أيعقل أن تجهل مراكز البحث السويدي كل هذه المعطيات الجيوستراتيجية؟

** أبدا، تعرفها بدليل أنهم قالوا لنا بأن هناك عاملين معيقين، وهما الصورة السلبية عن المغرب، ثم ضغط الجزائر.

* ها نحن نعود إلى أن الصورة السلبية للمغرب لدى اليسار الأوربي وهي صورة ليست مسنودة بالموضوعية بل بتمثل سلبي وجفاء للملكية؟

**لا، فالتوصية التي صدرت عن البرلمان السويدي كانت سنة 2012، وليس الآن. فكان بلجنة الخارجية وقتها 15، واليساريين لديهم 7، بمعنى أنهم دون أغلبية، لذلك ساندهم برلمانيو اليمين المتطرف بعد أن أكد لهم على أنه لا يتفق معهم سياسيا، إنما بالنسبة للشعب الصحراوي «المسكين» والمضطهد سأوقع معكم. وهذا يفسر أن هناك جمهوراً واسعاً في السويد لديه هذه الفكرة المتمحورة حول أن الصحراويين مضطهدين والمغرب بلد محتل. لذلك، إن كان من عمل يجب القيام به فهو هذا العمل التنويري.

* هذه المراكز تساهم في إنتاج الرأي العام. لماذا لم توجهوا لها دعوة لزيارة المغرب؟

**استدعيناها للعمل، وطلبنا منها المساهمة في الأشغال التي نقوم بها. كما منحنها الكتب والوثائق، وعلى رأسها كتابي بنسعيد حول محاكمة جيش التحرير في الجنوب، ووثائق مهمة للغاية تخص جيش التحرير. وقدمنا لهم أيضا صور أجداد أولاد البوليزاريو الذين يعيشون بالمغرب. والمطلوب اللحظة هو أن يستمر هذا العمل بعمق ودون تسرع، والأكثر بدون استفزاز لصالح الحوار وإعطاء المعلومة والاهتمام بالباحثين الأكفاء. وسأعطي مثالا بباحث لدينا من درجة عليا اسمه محمد الشرقاوي، وهو الأخ الأكبر لمولاي الطيب الشرقاوي وزير الداخلية السابق، ألف كتابا بقيمة علمية رفيعة، وهو موجود باللغة الفرنسية والإنجليزية والإسبانية، لكن لا يعرفه المغاربة بمن فيهم البرلمانيون. وأذكر بأنه بث مرة واحدة على شاشة القناة الثانية مع الصحفي برادة، ومع ذلك لم يكن النقاش واضحا، مما يجب معه تبسيط الكتاب وترويجه مع إخراج هذا الباحث إلى الضوء. وأقول لو استدعي هذا الرجل إلى مركز الباحثين لغير المعطيات، إنما لا أدري لماذا، سواء الإعلام أو الإدارة الدبلوماسية، تفتح المجال لأناس ليسوا من مستوى محمد الشرقاوي، أو الباحثين الموجودين في مؤسسة بوعبيد وبنسعيد وبلحسن الوزاني. فحقيقة لدينا كفاءات ويجب استثمارها.

* في عهد الراحل الحسن الثاني كان ملف الصحراء محتكرا لكن وبعد وفاته هل بقي الملف محتكرا من طرف الدولة؟

** لم يبق محتكرا بالطريقة السابقة، وأصبح مفتوحا نسبيا. وللأمانة فداخل الدولة هناك وطنيين فعلا، مقتدرين. وسأعطي نموذج أحد مفارقينا إلى دار البقاء حتى لا أذكر بعض الأحياء وأنسى البعض الآخر. إنه المرحوم محمد مصطفى الغربي الذي اكتشفه بوستة لما كان وزيرا للخارجية كـ «دينامو» العلاقات الدولية، وشغل منصب مدير قسم الشؤون القانونية، وهو من هيأ القانون البحري، كما كان العقل المدبر في الوفود المرسلة إلى الأمم المتحدة.

* لنبقى في المنطقة الشمالية التي تخلق مشاكل أكثر للمغرب. هاهي ستوكهولم ليس فيها سفير مغربي منذ مدة، لماذا؟

**هذا هو النقص الذي نعانيه، لذلك فالرد السياسي ينطوي على أمرين في نظري، الأول يتعلق بتعيين سفير مقتدر، وتعطى له الإمكانيات من أطر وفرق إعلامية ومفكرين حتى ينجلي هذا الخصاص الموجود لدينا في التواصل، والذي يستغله البوليزاريو. ثم اجتناب الاستفزاز بعمل تراكمي.

* هل أحسست بتفاؤل وأمل اتجاه انتباه صانعي القرار بالمغرب لهذه المشاكل المطروحة بعد زيارتكم لاستوكهولم ؟

** صراحة غير مطمئن، لأن الدهاء السياسي كان يتطلب ألا تكون مظاهرة احتجاجية في استوكهولم، فوسيلة الضغط والسب لا يجب أن توظف. والنقطة الثانية هي أن الوفد الحزبي المنتظر زيارته كان من الفطنة أن تؤجل طالما أن المخاطبين يستمعون. ولما تتحرك المسطرة البرلمانية في هذا الاتجاه مرة أخرى، آنذاك... لها هذا الوفد. أما الوفود الأخرى المدنية والجامعية، فهي للتنوير الذي يستهدف الرأي العام.

* لماذا لا يستغل المغرب، في نظرك، حضور الأحزاب سواء في الأمميات الإشتراكية أو الليبرالية أو التكتلات الدينية المحافظة للإسهام في تقوية الموقف المغربي، وإقناع الأحزاب الأخرى؟

** يجب أن تمنح لها الإمكانيات للقيام بذلك. وسأعطي مثالا بسيطا، فنحن في الحزب الاشتراكي الموحد ومنظمة العمل سابقا لدينا امتدادات داخل الجالية المغربية التي منها جزء كبير بجنسية سويدية، ولديهم جمعيات. ولما علموا بتواجدنا زارونا بالفندق، فاجتمعنا بهم وفهموا الوضع. لكن الأهم هو أنهم قالوا لنا بالحرف «عندنا هاد العين مغربية، وهاد العين سويدية. وبالتالي مايمكنش يضاربو»، وأضافوا «هنا أخذنا الحرية والشغل، واكتشفتا طاقاتنا، لكن يظل المغرب بلدنا وتربطنا به علاقة وطيدة. لهذا لا نتصور أن يكون بين هذين البلدين خلاف». فهؤلاء الشباب اقتنعوا بتأجيل المظاهرة ولكن «الميكانيزم» المسيطر عليها يفوق السفارة ووزارة الخارجية لصلته بأمور أخرى. وقالوا بأنهم سيعملون على تحويل الوقفة إلى وقفة للمطالبة بدعم الصداقة المغربية السويدية، مع محاولة طمأنة السويديين بأننا نحن أيضا سويديين، ولا نريد لذاتنا المزدوجة أن تتصارع فيما بينها.

* ذلك يبين بأن تشدد الموقف المغربي في هذا الباب ليس مرده فقط إلى هذه التوصية التي قد تحرك للاعتراف بالبوليزاريو، بل يعود كذلك لتغلغل السويد عن طريق صناديقها السيادية ومجموعة من الشركات التي تسحب اعتماداتها من الشركات كلما كانت لها علاقة بالصحراء، إما بالفوسفاط أو الصيد البحري. وبالتالي، كأنها مست الأسس الاقتصادية للمملكة المغربية

**هذا المعطى موجود، وطرحناه على وزيرة الخارجية السويدية، فأجابت بأن هذه المسألة تدخل في المنظومة الاقتصادية، إنما هامشية.

* وكيف تلقوا قرار تعليق إطلاق متجر «إيكيا» بالبيضاء؟

**اعتبروه اعتداء، ليس على «إيكييا» فحسب، ولكن المظاهرة الاحتجاجية أيضا، حيث نفوا فعلهم لأي شيء وأن الأمر مجرد إشاعات ضد السويد، بل ربما هناك بلد آخر دخل في هذا الخط.

*ما مدى مساهمة المراكز البحثية الثلاث التي اخترتم اللقاء معها خلال نقاشاتكم في اتخاذ القرار بالسويد، ولماذا هي تحديدا دون غيرها؟

** مساهمتها أساسية جدا، وأقول بأن المؤسسة الأولى تعمل في شأن التسلح والسلم بالعالم، وهي الثانية بعد تلك الموجود مقرها ببريطانيا. فكان سؤالنا لها عن رأيها في وضع المنطقة، وهل تعتبره مستقرا، فردت بالنفي. لذلك قلنا بأن الاعتراف بالجمهورية الصحراوية لن يؤدى سوى لتسريع المواجهة والتشنج والتفجير. ثم ناقشنا أيضا مسألة دوافع الجزائر للتخوف من المغرب الكبير، وقدمنا رأينا في هذا الموضوع الذي يشاركنا فيه الباحثون الجزائريون المستقلون، والمتمثل في أن الجزائر التي كان لديها نظام الاقتصاد الموجه المنتهي في العالم تتحول الآن وببطء إلى اقتصاد السوق، إلا أنها لازالت في البداية مقارنة بالمغرب وتونس اللذان لهما سبق كبير عليها، ومن ثمة إذا تحقق المغرب الكبير في هذه المرحلة، فإنه وبحسب اعتقاد الجزائريين، ستهمش بفعل أن نسيجهم الاقتصادي غير قادر على المنافسة. فما كان من المؤسسة إلا وتوافقت معنا في الرأي، ولو أنها أكدت على خطأ الجارة الشرقية لعدم علمها بما يمكن أن يوفره لها هذا المغرب الكبير من فرص أوضح نظرا لإمكانياتها النفطية والبشرية. والمعطى الثالث كان مع المؤسسة السويدية للعلاقات الدولية، التي طلبنا من مسؤوليها أن يشرحوا لنا كيف يمكن للسويد التي تعتبر بلد القانون الدولي ألا تنتبه إلى أنه وبانزلاقها للاعتراف بدولة بالبوليزاريو ستخرج من المنتظم الدولي الذي يعد المخرج يكمن في الحل السياسي، وأن قضية الاستفتاء غير قابلة للتنفيذ، ناهيك على كون مجلس الأمن اعتبر المقترح المغربي مقترحا سياسيا قابلا للنقاش. فاتفقوا معنا أيضا في هذه النقطة، غير أنهم قالوا لنا «إذا فتحتم معهم النقاش ماتدفعهومش للحيط». أما في ما يخص المؤسسة الثالثة وهي مؤسسة التنمية الديمقراطية في العالم ومراقبة الأنظمة الانتخابية، والتي بها 27 دولة، لم يدخلها المغرب بعد للأسف، والتي يترأسها الوزير الأول البلجيكي السابق «مارتنز»، فقد أشارت بأنها وعلى الرغم من إلمامها بالملف وتوفرها على معطيات مهمة، فإنها لا تتدخل وتكتفي بالتوجيه وتقديم الدراسات. أشير هنا فقط إلى أن هذه المؤسسة هي التي أشرفت على مراقبة الانتخابات الأخيرة بمدينة الداخلة.

* ولكن لماذا لا تؤثر هذه المراكز البحثية على صانعي القرار بالسويد بما أنهم يتوفرون على المعطيات الكافية وبنوك معلومات؟

** لأن صانع القرار لا يقتصر على المعطى العلمي، ولكن الشعبي أيضا. ومعركتنا اليوم نخسرها على ساحة الرأي العام السويدي. لهذا، إن كان من ضغط يجب إنزاله، فالأحرى أن يستهدف تغيير تلك البنية، وهنا كان ذكاء البوليزاريو والجزائر.