في الوقت الذي لم يبق سوى أسبوعين من موعد المهلة الأخيرة للمفاوضات النووية في يوم الأول من يوليو 2015، تتصاعد الصراعات الفئوية يوما بعد يوم بشأن كيفية التعامل مع المسألة النووية. ويتمحور الصراع حول تجرع كأس السم النووي والانصياع لتداعيات ناتجة عنه أو الامتناع عن التوقيع على الاتفاق النووي ومواجهة ما يتداعى عنه من أخطار يهدد النظام الإيراني.
وإن المسألة واضحة تماما وهي أن زمرة المهمومين للنظام الإيراني ترفض الاتفاق النووي مهما يكلفهم الثمن مؤكدين على الاحتفاظ بقابلية إنتاج القنبلة النووية لكن الجناح المنافس يؤكد على أن المسألة قد تجاوزت هذه الحدود. وصرح الملا روحاني في 7يونيو بأن «الاقتصاد أصبح في حالة الاحتضار ولا يمكننا أن نتحرك وإذا تواصل فرض العقوبات فإنه لا نتمتع حتى بالماء الصالح للشرب». (تلفزيون النظام الإيراني7يونيو 2015)
وكانت تصريحات الملا روحاني قد صبت الزيت على نار الصراعات الفئوية وخاصة أنه قد رد على تصريحات أطلقها الخامنئي قبل 3أيام من تصريحات روحاني، على قبر الخميني الدجال حينما خاطب بلهجة متهكمة رفسنجاني وروحاني بمثابة الذين يضعون نظريات لإزالة استقلال البلاد بذريعة رفع العقوبات. ولافت للنظر أن تلفزيون النظام الإيراني وأثناء تصريحات الخامنئي، قد بث فلما يظهر أن رفسنجاني وروحاني يجلسان جنبا إلى جنب. (4يونيو 2015)
ولو لم يكن كاميرا تلفزيون النظام يسجل فلما من رفسنجاني وروحاني وملامحهما العابسة المتهجمة لكان كل شخص واع بوضع متآزم يعيشه النظام الإيراني، يدرك أن الخامنئي يقصد رفسنجاني وروحاني. لذا وما لبث أن انتهت تصريحات روحاني التي جاءت ردا على الخامنئي، بدأت وسائل الإعلام التابعة لزمرة الخامنئي بهجوم إعلامي من العيار الثقيل على روحاني نفسه وحكومته، الأمر الذي بات مستمرا حتى الآن.
وأمطرت صحيفة «كيهان» التابعة للخامنئي في 10يونيو بوابل من الشتائم على الملا روحاني واصفة إياه بمن يطلق «تصريحات غير مدروسة ضعيفة مسيسة عارية من الخبرة وغير مدبرة تظهر عجز النظام في مواجهة الأعداء». كما خاطبت الصحيفة الملا روحاني في جانب آخر من مقالها قائلة: «إنه فقد ذكاءه وضعفت درايته ...».
ووصف المعربد المشهور شريعتمداري رئيس تحرير صحيفة كيهان التابعة للخامنئي ،الملا روحاني بـمن « يبيع المصالح الوطنية من منطلق العجز وجعل البلاد في حالة التخبط في الأزمة الاقتصادية لكي يتعامل مع مختار القرية العالمية».
ومتزامنا مع شريعتمداري، هجم كافة عناصر زمرة الخامنئي بينهم الملا آملي لاريجاني كبير الجلادين للسلطة القضائية للنظام والملا رئيسي المدعي العام للنظام الإيراني وكذلك الصحف التابعة للزمرة، على الملا روحاني.
وأكد الملا آملي لاريجاني قائلا: «من الخطأ الستراتيجي الفادح أن نربط كل مشاكل تعاني منها البلاد بالمفاوضات النووية والعقوبات. من المهم جدا أن نعرف أنه يمكننا أن نعمل في أجواء العقوبات. ألم نتجاوز فترة الحرب ؟ لا ينبغي أن نتكلم أمام العدو بشكل أن البلاد قد تخبط في المشاكل. الحقيقة ليست هكذا...» (تلفزيون النظام الإيراني-10يونيو 2015)
وأكد أيضا الملا رئيسي المدعي العام للنظام الإيراني أثناء صلاة الجمعة بمدينة طهران قائلا: «أعتقد أنه يعتبر من الخطأ الستراتيجي أن يطرحوا بأن الماء الصالح للشرب يتراهن بالمفاوضات النووية» (تلفزيون النظام الإيراني-10يونيو 2015)
وكلما نقترب إلى المهلة الأخيرة للمفاوضات النووية وكلما تتصاعد الصراعات الفئوية بين زمر النظام الإيراني لاسيما في رأس النظام. وأصبح واضحا بأن الصراع هو بين روحاني ورفسنجاني من جهة والخامنئي من جهة أخرى. كما إن الصراع لا يقتصر على تصريح أو لفظة واحدة بينما نشهد في هذه الأيام محاكمة نجل رفسنجاني وإصدار حكم عليه بالسجن لمدة 10سنوات. مما يذكرنا بمثل شهير يقول: «عش رجبًا تر عجبًا».