منح الفنان المغربي حاييم بوطبول، مساء أمس الأربعاء، جمهور مهرجان "موازين.. إيقاعات العالم"، على منصة قاعة النهضة بالرباط، فرصة استعادة صفحات من عيون التراث الموسيقي المغربي اليهودي.
ففي أجواء من النوستالجيا الغامرة والتفاعل الوجداني، ردد حاييم مع جمهور عارف بالإيقاعات التراثية اليهودية والمتون الأساسية لهذا المكون الثقافي الفني، أشهر القطع التي رصعت مساره الخاص ومسار والده الرائد من قبله.
مرفوقا بفرقة من العازفين المهرة وبتألق مثير لشقيقه مارسيل في العزف المنفرد على الكمان، ثم بحضور الفنانة الشابة شهرزاد الإدريسي التي قاسمته أداء بعض أجمل أغانيه، تنقل حاييم بين عناوين أصبحت أيقونات خالدة في تقاليد الاحتفال المغربية والمحافل التراثية على غرار "تحت الياسمينة" و"أنا ولية" و"الجلسة دي فاس" و" علاش كلام العار"، وغيرها...
هي علامات من فن " الشكوري" التراثي الغنائي المغربي بمرجعيته اليهودية. وهو إرث إيقاعي وغنائي يعد نقطة التقاء وتقاطع تيارات متنوعة منها الأندلسية والغرناطية والإفريقية فضلا عن تأثيرات من فنون الملحون والعيطة.
حاييم بوطبول وهو يشارف على عقده الثامن، بدا أن العمر قد نال قليلا من حيويته على المنصة، لكنه يحافظ دائما على أناقته الكلاسيكية المميزة واستمتاعه بالفن الذي يقدمه، وانسجامه مع الإيقاعات الراقصة.
يذكر أن هذا الفنان استهل مسيرته عبر تأسيس أول فرقة له بفاس سنة 1952 وعمره لا يتجاوز 16 سنة. واستطاع ترسيخ اسمه في الموسيقى الشعبية المغربية. وقد قام سنة 2014 بجولة موسيقية عالمية، كما أحيى حفلا من إنتاج وإخراج موريس الباز، دام لمدة 90 دقيقة وأدى خلاله أروع أغانيه.
نشأ حاييم في كنف أب يعتبر رائدا من رواد الملحون بمدينة فاس، وعلى يديه تتلمذ إلى جانب أشقائه. ومع نهاية سنة 1950 انفصل عنهم وشكل مع سليم الهلالي (الملقب ب شلومو) ثنائيا مستقلا قبل أن يبدع في الستينات أغاني منفتحة على التيارات الموسيقية المختلفة مثل الملحون وكناوة والصالصا والريكي لتصل حصيلة أغانيه أكثر من ثمانين أغنية.