بعد أن تحفظ الكثير من النقاد والفنانين عن إبداء رأيهم، بخصوص القيمة الفنية والسينمائية لفيلم نبيل عيوش المثير للجدل "الزين لي فيك"، بحجة عدم مشاهدته للحكم عليه. شاع خبر انتشار الفيلم عبر الإنترنت وتمكن العديد من المهتمين وغيرهم من الاطلاع على هذا الفيلم، الذي لايزال يثير الكثير من الجدال، ما بين مؤيد له على أساس أنه يعكس الواقع وبين رافض له بنظرة أخلاقية. لكن ما يهُمُّ شريحة ثالثة خصوصا بعض "النقاد المتخصصين" هو القيمة الفنية والسينمائية لهذا الفيلم ومدى استجابته لمعايير الإبداع المصنف ضمن لائحة أفلام الفن السابع.
فيما يلي ندرج رأي الممثل والباحث أنس العاقل، الذي علق عليه (الرأي) الفنان "ياسين أحجام" بـ : (قراءة علمية أكاديمية رصينة من طرف متخصص في فيلم " الزين اللي فيك " تمثل رأي شخص متخصص ودكتور باحث في نظرية التلقي بالمسرح والتلفزيون والسينما، ممثل مسرحي وسينمائي محترف و لديه تكوين عال في فن التشخيص. باستبعاد تام للصراعات الأيدولوجية الرخيصة التي تريد أن تجعل من فيلم عيوش حصان طروادة وما هو بذلك.
نترككم مع رأي أنس العاقل في فيلم نبيل عيوش "الزين لي فيك".
شاهدت أخيرا فيلم Much loved لنبيل عيوش، وللأسف، خيب أفق توقعي. يفتقد لأهم خاصيتين تميزان العمل الإبداعي، الشعرية، والتكثيف. الفيلم يقول كل شيء، يشرح كل شيء، ويستهدف جمهورا يعتبره غبيا، لذلك يمعن في الشرح والإيضاح. مثلا، هناك مشهد يدور في فيلا معدة للدعارة يدوم أكثر من ثمانية عشر دقيقة كلها رقص يتضمن إيحاءات جنسية تتجاوز الرغبة في السرد إلى محاولة الإثارة الجنسية للمتلقي، كما أن هناك مشاهد تصور تفاصيل العلاقة الجنسية بين العاهرة وزبونها، وهنا يخرج الفيلم عن نطاق الفن ليدخل مجال البورنوغرافيا ويسقط عنه صفة العمل الفني الإبداعي . الكثير من الحشو يميز الفيلم، حيث بإمكانك أن تحذف أغلب مشاهده ولن تختل بنيته "الدرامية" وأضع الدرامية بين قوسين، لأن الدراما غير متحققة. لقد تعلمنا من صناع الدراما أن نرسم شخصيات إشكالية، لا يمكننا أن نحكم عليها بسهولة، شخصيات بقدر ما نود أن نكرهها فهي تدعونا إلى التعاطف معها، لكننا في فيلم Much loved يمكننا أن نعود إلى ذلك التصنيف الاختزالي البليد للشخصيات الإنسانية بين غبي، وحقير، خير، وشرير، مستغِل، ومستغَل...
إن فيلم "الزين الي فيك" يحتقر ضمنيا طبقة العاهرات، ويقدمها كشخصيات سطحية، بذيئة، طيلة الوقت... فحتى عاطفة الأمومة تغيب عنها، إذ نجد الشخصية الرئيسية تترك ابنها في عهدة أمها ، وعندما تعلم أنه قضى أسبوعا وهو مريض، تتصرف ببرودة وتعطيها مزيدا من المال من أجل رعايته، إنه يصورها في مرتبة أدنى من الحيوانات على مستوى عاطفة الأمومة. الفيلم مليء بالكليشيهات التي تمر بمخيلة أي مغربي حول عالم الدعارة، والحبكة غائبة وبالتالي يغيب التشويق. إنك لا يمكنك أن تتساءل طيلة الفيلم ماذا سيحدث، ولا يمكنه أن يفاجئك أو يخرق أفق توقعك. والفيلم لا يترك البياضات التي يكملها القارئ، مناطق اللاتحديد التي يملؤُها بمخيلته، ولا تحضر فيه أية ذرة من الشاعرية، فهو يشبه روبورتاجا مُمِلا عن عالم الدعارة، يُمكنك أن تقرأه على صفحات جريدة من جرائد الرصيف.