الأحد 19 مايو 2024
سياسة

مجلس الأمن وملف الصحراء.. المهمة الصعبة

 
 
مجلس الأمن وملف الصحراء.. المهمة الصعبة

يشرع مجلس الأمن الدولي قريبا في إعطاء الانطلاقة لجلساته الأربع المغلقة حول قضيتنا الوطنية الأولى. وهي اجتماعات ستتم فيها مناقشة ودراسة آخر التطورات والمستجدات الميدانية بناء على تقارير تم إعدادها من طرف كل من المبعوث الأممي إلى الصحراء كريستوفر روس، وكيم بولدوك الرئيسة الجديدة لبعثة "المينورسو" الأممية. وهي التقارير التي سيتم تقديمها أمام المجلس انطلاقا من الزيارات واللقاءات والمحادثات التي أجراها الشخصيتان الأمميتان مع أطراف النزاع في المنطقة، والنتائج  أو الملاحظات التي تم استخلاصها في هذه المرحلة.

ومعلوم أن روس عاد، على عجل، في الأيام الأخيرة إلى منطقة تندوف من أجل التوصّل برد "البوليساريو" على أسئلة دقيقة سبق أن طرحها عليها في زيارة سابقة للمنطقة.

الجلسات الأربع حول موضوع الصحراء ستنقسم إلى قسمين، حيث ستتم جلسات من يوم 9 إلى يوم 16، على أن تعقبها جلسات أخرى ما بين 22 و28 أبريل الجاري، سيكون التركيز خلالها على الوضع الراهن قبل إصدار بيان حول حصيلة تلك الجلسات، علما بأن التقرير السنوي حول الوضع في الصحراء سيصدره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.. مع الإشارة إلى أن مجلس الأمن سيخصص جلسة خاصة مع البلدان المساهمة بقوات عسكرية وبأفراد شرطة في بعثة الأمم المتحدة في الصحراء، المعروفة باسم "المينورسو"، حيث سيستمع خلالها إلى إفادة الممثلة الخاصة للأمين العام الأممي كيم بولدوك التي تم تعيينها في الشهور الأخيرة في هذه  المهمة. وكان من مهامها الأولى عقد لقاءات مع المسؤولين المغاربة المعنيين.

عادة ما يستغل خصوم المغرب هذه المناسبة لتسخير أذنابهم من أجل إشاعة أجواء من التشويش على مهام الممثلين الأمميين، مع استعمال مختلف الأساليب لتحريف وتأويل لقاءاتهما وإعطائها حمولات غير واردة، وذلك في إطار الدعاية المرسومة لتغليط الرأي العام الدولي، وفي نفس الوقت لإرباك الجهود والمبادرات المبذولة من أجل  الوصول إلى تسوية  لهذا النزاع. ولنا في  تحريك آلية الدعاية المناهضة للمغرب التي تتحمل دبلوماسية النظام الجزائري مسؤولية إدارتها والإشراف عليها، خير دليل على الحملة  المغرضة التي لا يجد النظام المذكور حرجا ولا تعبا من تكرارها في مثل هذه المناسبة من أجل انتزاع قرارات تخدم مصالحه وأطماعه التوسعية التي تتستّر وراء شعارات حقوق الإنسان وتقرير المصير وغيرها من الشعارات التي  يتم رفعها  عادة  في هذا الموعد.

في هذا الصدد، استبقت "البوليساريو" الموعد بإجراء "مناورات عسكرية" تزامنت مع الزيارة الأخيرة لروس إلى تندوف، كان الهدف منها استعراض العضلات والتهديد بإشعال الحرب، وفي نفس الوقت الضغط على مجلس الأمن طمعا في المصادقة على مطالبها. هذه المطالب "يتطوّع" النظام الجزائري للدفاع عنها في مختلف المحافل واستغلال علاقاته مع مختلف الدول وتَعَمُّدِ إحراجها بطلب الاعتراف بالانفصاليين في مقابل خدمات أو تسهيلات ذات طبيعة استثمارية أو غازية أو نفطية ومساعدات مالية. ويعتمد النظام الجزائري في عمله "التطوّعي" على بعض الأنظمة التي يشترك معها في سياسة القمع والقهر والاستبداد، وأيضا على خدمات لوبيات معروفة تشتغل في الخفاء من أجل تغيير المواقف، بل وشراء الذمم. وهي أساليب فضحت نفسها في أكثر من محطة وأكثر من عاصمة.

في هذا الوقت عمل المغرب على نهج سياسة التقارب والتعاون والبحث عن سبل التنمية في القارة الإفريقية من أجل تمكين دولها وشعوبها من التخلص من التبعيات العمياء وللإملاءات الخارجية التي تسير على طرف نقيض مع تطلعات شعوبها. إلى جانب هذا، لم يتردد المغرب في رعاية ودعم مسلسل الإصلاحات والتصالحات التي تبدي الدول الإفريقية رغبتها في خبرة المغرب وإمكانياته لتنفيذ مقتضيات هذا المسلسل، مع العمل على إعادة الثقة في نفوس الأفارقة والإيمان بقدراتهم وبإمكانياتهم في سبيل تحقيق الوحدة والتنمية المنشودة لبلدانهم.    

من المؤكد أن أمام مجلس الأمن الدولي مهمة كبيرة. ومن المؤكد أنه سيخرج بالقرارات الصائبة التي من شأنها أن تضع حدا  لعقود من التسيّب الذي عرفته المنطقة والذي تطور إلى  الأسوأ من خلال ظهور جماعات أكثر تطرفا تهدد بلدان القارة وبقية العالم بمزيد من سفك الدماء والتمثيل بالجثث، ومزيد من خلق الكيانات التي تضطلع بهذه المهمة القذرة. وخير دليل ما تعرفه أفريقيا في المقام الأول ومعها المناطق المغاربية والعربية والإسلامية من تفكيك أوصالها، وتفتيت وحدتها، والقضاء على دولها... والعمل على فصل  الصحراء عن مغربها  جزء من هذا المخطط الإرهابي الرهيب.

(عن "النهار المغربية" 7 أبريل الجاري)