كشفت المقاومة الإيرانية أساليب الزحف الناعم للنظام الإيراني على اليمن الذي بدأ منذ ربع قرن أو أكثر، والذي ما لبث أن تحول باشتداد عود القواعد التي جندها النظام ودربها ومولها حتى خاضت معارك عسكرية مع القوات التابعة لحكومة صالح وتدخلت فيها دول الخليج لتعقد اتفاقات هدنة كان الرابح الأول فيها هي تلك القواعد التي لم تكن غير الحوثيين الذين حملوا أسماء مختلفة تغيرت بتغير الظروف والمتغيرات اليمنية السياسية والعسكرية.
ويقول تقرير للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بهذا الخصوص إن نظام الملالي، وعقب فشله في تصدير الفوضى التي كان يسميها تصدير الثورة إلى العراق وخسارته حرب الثماني سنوات ضد العراقيين وباستخدام خبرته والاستفادة من تجاربه في تشكيل حزب الله اللبناني، بدأ يفكر منذ ربع القرن الماضي في تنظيم مجموعة عميلة له في اليمن حتى تكون نقطة انطلاق له للتطاول على اليمن وشبه الجزيرة العربية، وذلك باحتساب النسيج الديني والمذهبي في هذا البلد. وقد شخص نظام الملالي الطائفة الحوثية مرشحة مناسبة لتنظيم تيار يسير في جدول السياسة والأجندة الإيرانية وقد استغلها منذ ذلك الحين:
1- استخدم النظام الإيراني حسين الحوثي الشقيق الأكبر لعبد الملك الحوثي الزعيم الحالي هذا التيار من عام 1991. وأسس حسين الحوثي وبمساعدة النظام «حزب الحق» في اليمن وشارك في الانتخابات التي جرت عام 1993 وأصبح عضوا في البرلمان اليمني. وبحسب خطة النظام الإيراني كان من المقرر أن يرفض هذا التيار مواجهة الحكومة اليمنية قبل تشكيله واقتداره حيث كان يوحي وكأنه يواكب الحكومة.
2- وحسب أوامر صادرة عن النظام الإيراني انشق حسين الحوثي عن حزب الحق عام 1997 وشكل مجموعة تحت عنوان «تنظيم الشباب المؤمن»، وذلك على غرار حزب الله اللبناني، وحول اسمها لاحقا إلى أنصار الله الذي ما زال قائما. وتحتل هذه المجموعة حاليا أجزاء كبيرة من اليمن بما فيها العاصمة صنعاء وتقوم بقمع وقتل الشعب اليمني بمثابة عميلة لقوات الحرس الإيراني وفيلق القدس.
3- وبعد أحداث 11 شتنبر 2001 وجه النظام الإيراني بوصلة «تنظيم الشباب المؤمن» باتجاه الأفكار المضادة لأمريكا، كما قام التنظيم في الوقت نفسه بمعارضة الحكومة اليمنية. واعتقل عدد من أعضاء «تنظيم الشباب المؤمن» عام 2003 حيث قام بمواجهة الحكومة عسكريا. وقتل حسين الحوثي خلال اشتباكات مع الحكومة اليمنية في عام 2004.
4- خضع حسين الحوثي وشقيقه عبد الملك الحوثي ووالدهما بدر الدين الحوثي لدورات تدريبية في مجالات دينية وسياسية وأمنية وإرهابية لمدة أكثر من سنة بمدينة قم الإيرانية في بداية الثمانيات من القرن الماضي، وبعد ذلك كانوا يترددون على إيران بشكل مستمر. وحسب التقارير الداخلية من قوة القدس فإن عبد الملك الحوثي اعتنق الفكر الشيعي الإمامي الممثل بالشيعة الإثني عشرية، إلا أنه، وبتوصية من النظام الإيراني، يمتنع عن إعلان ذلك حتى لا يصبح معزولا في صفوف الشيعة الزيدية.
5- كانت إحدى خطط فيلق القدس خلال السنوات الماضية لفتح الطريق لدخوله إلى اليمن، تنشيط الهلال الأحمر الإيراني لكي يتمكن من فتح الطريق لدخول النظام إلى هذا البلد تحت يافطة إرسال المساعدات الإنسانية وإنشاء مستشفيات وكذلك إيصال المعونات الدوائية. وحاول النظام تجنيد أفراد له بهدف استخدامهم في شبكاته الإرهابية.
6- وفي الوقت الحاضر تمسك قوة القدس التابعة لقوات الحرس الإيراني باعتباره الطرف الرئيسي الملف اليمني داخل نظام الملالي، وتم تشكيل هيئة أركان رئيسية للقيادة والإسناد بشأن الحرب في اليمن في فيلق القدس.
(نشر موقع ديبكا الإسرائيلي قبل أيام، وبعد انطلاق عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية، تأكيدا على أن الملف اليمني بيد فيلق القدس الإرهابي، تواجد قائد الفيلق قاسم سليماني في اليمن وبمعيته خمسة آلاف من مقاتلي الفيلق ومقاتلين من حزب الله والميلشيات الإيرانية في العراق وهم بمعية الحوثيين يطرقون أبواب عدن في محاولة للوصول إلى مضيق باب المندب لإفشال حملة عاصفة الحزم وبالتعاون مع قوات علي عبد الله صالح ومنشقين من قوات الرئيس عبد ربه انضموا لصالح والحوثيين، وما يؤيد وجود سليماني في اليمن هو عدم ظهوره في إيران بعد انسحابه من معارك تكريت ).
وإضافة إلى ذلك فإن المجمع العالمي لأهل البيت وكذلك مجمع تقريب المذاهب الإسلامية وجامعة المصطفى (وكلها واجهات للمخابرات الإيرانية ودوائر التدخل التابعة للملالي) لهم علاقات وطيدة مع الحوثيين ويساعدونهم.
7- عدد كبير من الحوثيين يتدربون في جامعة المصطفى بمدينة قم الإيرانية منذ سنين. ويتولى ملا يمني اسمه عصام العماد مسؤولية الحوثيين في مدينة قم. واعتنق عصام العماد مذهب الشيعة ونأى عن مذهب السنة تحت ضغط النظام الإيراني!! وهو يكرر إملاءات منظمة الثقافة والاتصالات الإسلامية والمجمع العالمي لأهل البيت وأخرى من أجهزة النظام لتصدير التطرف من خلال القنوات الفضائية العربية الموالية للنظام.
8- اشتغل نظام الملالي بإقامة اتصالات وطيدة بين «تنظيم الشباب المؤمن» وحزب الله اللبناني، ويحاول النظام أن يقدم عبد الملك الحوثي على أنه نسخة من حسن نصر الله في اليمن. كما يتلقى بعض عناصر الحوثيين تدريبات في وادي البقاع بلبنان والعراق من قبل فيلق القدس.
9- مع انطلاق ثورة الشعب اليمني، قام نظام الملالي بقوة بتعزيز الحوثيين في اليمن وتسليحهم وتقويتهم وتدريبهم. ويتم تدريب قوات الحوثيين في الأراضي اليمنية نفسها.
10- وكان حسين وعبد الملك الحوثي يذكران الخميني والخامنئي بمثابة زعيم وإمام داخل أنصار الله، ويوزعان رسالات وكلمات الخميني والخامنئي وكذلك حسن نصر الله في اليمن.
11- تزامنا مع تنظيم الحوثيين، قام نظام الملالي بإبرام صفقة ثقافية بين إيران واليمن في 5 يوليوز 1995 حيث كانت توفر لهم المجالات العملية لبسط مد التطرف والإرهاب. كما تنص وثيقة مسربة من داخل منظمة الثقافة والاتصالات الإسلامية بتاريخ 11 مارس 1996 على أنه: "نظرا إلى الأوضاع والظروف الجديدة السائدة في اليمن، ورغبة مسؤولي هذا البلد ببسط وتوسيع علاقات شاملة مع جمهورية إيران الإسلامية وحضور الشيعة الزيدية وتوقيع اتفاق ثقافي بين طهران وصنعاء، من المهم جدا أن يكون للجمهورية الإسلامية حضور فاعل في اليمن...".
12- وفي شتنبر 2014 أماط الحرسي علي رضا زاكاني عضو برلمان نظام الملالي ورئيس سابق للتعبئة الطلابية ومن المقربين للخامنئي اللثام عن دور نظام الملالي في أحداث اليمن وخطة النظام لتصدير التطرف والإرهاب إلى كل أرجاء المنطقة تحت عنوان « منهج توحيد المسلمين من قبل الثورة الاسلامية» قائلا: "في اليمن هناك حدث أهم وأكبر من لبنان في حال التكوين بحيث يسيطر الثوار على 14 محافظة من أصل 20 محافظة يمنية وكذلك 90 بالمائة من مدينة صنعاء... وبذلك فإنهم قلبوا كل موازين القوى وبعد الانتصار في اليمن بالتأكيد سيأتي دور السعودية لأن هذين البلدين لديهما ألفي كيلومتر حدودا مشتركا من جهة، وهناك اليوم مليونا مسلح منظم في اليمن... اليوم الثورة الإسلامية تسيطر على 3 عواصم عربية، وبعد فترة سوف تسيطر على صنعاء أيضا، وسوف تنفذ منهج توحيد المسلمين".
هذه هي حقيقة الوجود الإيراني في اليمن، وهو أنموذج يمكن تكراره في بلدان عربية أخرى، ما لم يتم الاحتراس والتعامل مع النظام الإيراني على أنه نظام تبشيري طائفي في وجه، وفي الوجه الآخر كيان سياسي استعماري استحواذي كل الذي يهمه مصالحه حتى لو سالت دماء الشعوب أنهارا.