في ذات الساحة التي تشهد تخليد كرنفال بيلماون (بوجلود)، أقامت شبيبة البيجيدي السوسية افاراك "خيمة" السيد عبد الإله بنكيران زعيم حزب المصباح ورئيس الحكومة القائم بالتوقيع عن الله فيما يخص نوازل المغرب السياسية .
هنا الدشيرة الجهادية. الحصن الذي اختطفه آل "المصباح" من آل "الوردة"، فصار مكانا لقراءة الفقه المقاصدي ومثيله الذرائعي .
تَحَوَّش بنكيران (رقص مع فرقة أحواش). كان ذلك إعلانا عن بداية "أسوس". والكلمة تفيد فاصلا من رقص بعد أن يكون أَنْعِيبارْ (محاورة شعرية بين شاعرين) قد أتى على الختم .
بعد فترة فرح.. تعاطى عبد الإله بنكيران لبكاء شديد.
منذ 7 مارس 2015 صار ملتحي البيجيدي الأول ينعت هنا بسوس بـ "بيمْطَّاوْنْ" أي صاحب الدموع.
فجأة انتشر الخبر في عموم مدينة الدشيرة.. السي بنكيران آرْ يَالاَّ. آرْيَالاَّ إِيكْلِّينْ Yiguelyne (السي بنكيران مسكين كايبكي.
وتولت نساء أسطح المنازل إيصال الخبر شمالا إلى مناطق: لاشالي، بَنْ سْرْكَاوْ، ثم إلى آكادير. وجنوبا إلى: انزكان، لقليعة، إيخُرْبَانْ، التْمَسِّيَة، بيوكرى.
وفتحت الأذرع كما طائرات ورقية يستمتع الصبية بهدهدتها في فضاء الله العالي لاستقبال "اكلين الوطن" (مسكين الوطن).
قالت امرأة لم تفهم من كلام بنكيران غير دموعه: آحْ آحْ آ سيدي ربي.. لْكُفَّارْ ؤُجَّانْ إيوِينَّحْ عبد لِيلاَهْ إيخْدَمْ (آه.. آه.. يا الله.. لقد منع الكفار ابننا عبد الإله من العمل).
في سوس تتأول الدموع بشكل جد حميمي. فالباكي هو إما مسكين (ايكلين) جار عليه الزمن، وإما يتيم ايكيكيل Yiguiguil فقد حنان الأمومة. وبكاء بنكيران في سوس يصل بالحميمية إلى منتهاها الدرامي. فهذا رجل "مسلم" يريد "الخير" لبسطاء الناس.. فيتموه كما صيروه مسكينا.
صفتان اكتسبهما بنكيران ببكائه في الدشيرة: ايكلين وايكليكيل.
هو الآن ليس برئيس الحكومة الذي يُمنع من طرف "الكفار" بإصلاح البلاد والعباد. وهو ليس بعد البكاء في الدشيرة بأمين عام حزب إسلامي يريد الخير للبلاد، غير أنه يُعاكس في مقاصده من طرف "مجرمين" و"مافيا". إنه ذالك المسكين الإيكلين والإيكيكيل اليتيم الذي يكابر يتمه وقلة حيلته في إيثار تام لنجدة وطن بأهله غريق.
رجل يتناسى "آلامه" من أجل آمال "شعبه". إن الصورة مُبَكْسَلَة (من البيكسيل) بشكل لا يحتاج إلى زوم إضافي، حتى بالنسبة لضعاف البصر، كيما يتبين مضمونها .
بنكيران نموذج مزدوج من هنري السابع ملك إنجلترا، ومن سادس ملوك روما القديمة لسربيوس توليوس. الأول رفع من قيمة العامة لإذلال النبلاء، والثاني زاد من صلاحيات المحفل الشعبي لتقويض نفوذ الشيوخ. فحينما يؤول بنكيران مبدأ المناصفة عن طريق استحضار نموذج تعاضد البطريق الإمبراطوري لاستحداث دفء في درجة برودة تقدر ب 51 درجة مئوية تحت الصفر؛ فلأنه يدرك أن "نسويات "المركز هن "نشويات" المطبخ السياسي؛ لذلك فأمر اجتناب "استعمالهن" في الأكل يقي الجهاز الهضمي المجتمعي في شكله المحافظ من فطريات "الكانديدا البيضاء" ويسمح بانتعاش "بكتيريا صديقة" مرافقة قوامها نساء ورجال قبيلة "آيت المضبرين على ريوسهم"، القائمين بأعباء الحياة ومضانها بالاستعانة الإلهية والمقدرة الذاتية من دون تدخل الدولة .
في اليوم الموالي (8 مارس 2015) قصدت مدينة الدشيرة، يوما كاملا أتنقل بين "محلباتها" ومطاعمها ومقاهيها ومخالطة أهلها بالكلام. كان القصد هو "البحث عما تبقى من بنكيران" بعد ذهاب بنكيران وذهاب محلته السلطانية.
كان بإمكاني أن أستعير عنوان كتاب ستيفن برغ الجميل "في الثناء على ما يبقى"، غير أني لم أجد "بقية"، ولكن "كلا" وجدت .
احتفظ الناس هنا بذكرى دموع بنكيران ونسوا خطابه. حكى أب لأبنائه أن جدتهم لم تبك في حياتها غير ثلاث مرات؛ يوم نفي محمد الخامس ويوم مات الحسن الثاني ويوم بكى بنكيران. وقال آخر ليحكم بنكيران المغرب يكفيه البكاء وتعلم الأمازيغية.
أنزلت الدشيرة بنكيران منزلة إيكليكيل وإكلين. ولئن كان اليتيم يُتكفل به والمسكين يُجار ويُؤوى، فإن الدشيرة الجهادية تعلنها مقدما بدون الحاجة لوزير الداخلية لإعلان نتائجها الانتخابية الجماعية لسنة 2015.
إنها بيت أوقفه أهله على بنكيران.
إيقاضى البارود (نفذت الذخيرة).. إيبي آوال (انتهى الكلام).
ذي – إند. وعلى باقي الأحزاب السلام.