Thursday 18 December 2025
سياسة

مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية يستعرض ثلاثة سيناريوهات في مسار بناء الحكم الذاتي

مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية يستعرض ثلاثة سيناريوهات في مسار بناء الحكم الذاتي احتفال المغاربة في العيون بالقرار الأممي لصالح قضية الوحدة الترابية
أكد مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية على أهمية تركيز النقاش العمومي على ثلاثة محاور يعتبرها جوهرية مرتبطة بالنقاش الدائر حاليا حول  التفصيل في مقترح الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية للمملكة في أفق تفعيله.
ويتعلق الأمر بالنقاش الوطني الداخلي بين النخب الأكاديمية المتعلق بمقترح الحكم الذاتي، والجوانب المرتبطة بالشروط الإقليمية لتنزيل الحكم الذاتي، وعلى مستوى النقاش الدائر حاليا بين النخب الصحراوية حول تصورات ورهانات تفعيل الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية.
وأوضح المركز في بلاغ له عقب انعقاد المنتدى العلمي الثالث يومي 28 و29 نونبر بمدينة الداخلة، أن دسترة الحكم الذاتي ليست هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لتحديث البنية الدستورية المغربية وتوطيد الديمقراطية المحلية. إدماج الحكم الذاتي في الدستور يسمح بتحويل الدولة المغربية من منطق التركيز المفرط إلى منطق المشاركة في السلطة، ما يعزز الديمقراطية المحلية ويكرس مبدأ القرب في تدبير الشأن العام. كما يضع المغرب ضمن تجارب دولية متقدمة، مثل إسبانيا (دولة المناطق الذاتية الحكم)، وإيطاليا (المناطق المستقلة في إطار الجمهورية)، وفرنسا (المناطق ذات الوضع المتميز).
واستعرض مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية ثلاثة سيناريوهات ممكنة لبناء الحكم الذاتي: الأول تعديل دستوري محدود يخص الأنظمة الترابية ذات الوضع الخاص؛ الثاني إصدار قانون تنظيمي مفصل يحدد مؤسسات وصلاحيات الحكم الذاتي وآليات التنسيق مع الحكومة المركزية؛ الثالث إنشاء هيئة دستورية جديدة لضمان احترام وحدة الدولة وتطبيق مقتضيات الحكم الذاتي، كصمام أمان ضد أي انحراف محتمل.
على صعيد الشروط الإقليمية لتنزيل الحكم الذاتي، يشير البلاغ  إلى التحديات المرتبطة بموقف الجزائر من المسار الجديد للتفاوض وفق القرار الأممي رقم 2797 المتعلق بالصحراء. ويلاحظ نفس المصدر أن الخطاب الجزائري يميل إلى التأويل اللغوي للقرار الأممي لإعطاء تفسيرات مغلوطة أو تقليل أهمية مقترح المغرب، مع محاولة تقديم نفسها كطرف وسيط بدلًا من كونها طرفًا أصليًا في النزاع. كما يسعى النظام الجزائري إلى محاصرة المغرب من خلال مساعيه للتأثير على الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي أو التوجه نحو دول أفريقية لإعادة إحياء خطاب الاستعمار.
ويشير البلاغ إلى أن الجزائر، بالنظر إلى محدودية قدراتها على التكيف مع المعطيات الجديدة، لا يمكن أن تكون طرفًا فاعلًا في الحل، وإنما هو نظام اعتاد على إدارة الأزمات وليس الحلول.
وأشار نفس المصدر إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب توحيد النقاش الوطني حول مسألة تفعيل الحكم الذاتي، من خلال تعزيز الروابط بين المركز ومكونات الجهات الجنوبية، وإرساء إجماع وطني يترجم في دسترة الحكم الذاتي. ويبرز البلاغ أن هذا المسار سيجمع بين توسيع الديمقراطية الترابية وحماية وحدة وسيادة الدولة، ويتيح تحويل الحكم الذاتي من حل ظرفي إلى نموذج وطني يحتذى به لإدارة التعدد الجهوي والثقافي، بما يتوافق مع المبادئ الدستورية الحديثة.
وشدد البلاغ على أن نجاح هذا المسار يستلزم نقاشًا وطنيًا هادئًا بمشاركة الفاعلين السياسيين، الدستوريين، الأكاديميين، المحليين، والمجتمع المدني لضمان أن يصبح الحكم الذاتي أداة لتعميق الديمقراطية والاندماج الوطني، وليس مجرد تكييف ظرفي مع سياقات إقليمية أو دولية. 
وأبرز أن الأقاليم الجنوبية ليست مجرد مساحة جغرافية، بل نموذج حي للتنمية تحت السيادة المغربية، ودليل على صدق الرؤية الملكية في جعل هذه الأقاليم ورشًا مفتوحًا للاستثمار والبنية التحتية والمشاريع الكبرى، وتجسيدًا لدورها التاريخي كواجهة استراتيجية للمغرب نحو إفريقيا.
واختتم البلاغ بالتأكيد أن الدفاع عن القضية الوطنية ليس فقط مهمة دبلوماسية رسمية، بل هو مشروع تنموي شامل وأمانة ثقافية وأكاديمية تقع على عاتق الجامعات ومراكز الدراسات والبحث العلمي، لدعم الدبلوماسية العلمية والموازية في الدفاع عن الوحدة الترابية، انسجامًا مع التوجهات الاستراتيجية والسياسات الخارجية للمملكة تحت قيادة الملك محمد السادس، بما يعكس استمرارية المسار التاريخي المغربي في حماية الأرض وصون الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء للوطن.