Friday 28 November 2025
سياسة

إدريس الفينة : كلفة وجدوى الانتخابات في المغرب

إدريس الفينة : كلفة وجدوى الانتخابات في المغرب كلفة الإنتخابات بين الشرعية والعائد الديمقراطي
كلفة آخر انتخابات في المغرب (8 شتنبر 2021) بلغت حوالي 1,5 مليار درهم كمصاريف مباشرة من ميزانية الدولة لتدبير ثلاث عمليات انتخابية في يوم واحد: البرلمانية، الجماعية، والجهوية. هذا المبلغ يشمل اللوجستيك، تجهيز مكاتب التصويت، التعويضات، الأنظمة المعلوماتية، والموارد البشرية. إلى جانب ذلك، قدّمت الدولة للأحزاب دعماً إضافياً يخص الحملات الانتخابية بلغ حوالي 336,94 مليون درهم موزعة على 28 حزباً. وبذلك تصل الكلفة العمومية الإجمالية لانتخابات 2021 إلى ما يقارب 1,8 مليار درهم، دون احتساب ما صرّحه المجلس الأعلى للحسابات بشأن نفقات الأحزاب من مواردها الذاتية، والتي رفعت إجمالي المصاريف الانتخابية (العمومية + الذاتية) إلى ما يفوق 500 مليون درهم. إذا وضعنا هذا الرقم في سياقه، نجد أنه يمثل تقريباً 0,5% من نفقات الميزانية العامة التي قاربت 331 مليار درهم في السنة نفسها، أي ما يعادل تقريباً 40–50 درهماً للفرد. من الناحية التقنية، هذا المستوى من الإنفاق لا يُعتبر مرتفعاً مقارنة بالتجارب الدولية أو بحجم الدولة المغربية، لأن تنظيم انتخابات نزيهة وواسعة النطاق يتطلب كلفة معتبرة لضمان الشفافية واللوجستيك والأمن وتحيين اللوائح. لكن من زاوية المردودية السياسية، يظل السؤال مشروعاً: هل هذه الكلفة تُترجم فعلاً إلى تمثيلية سياسية قوية ونتائج تدبيرية ملموسة؟ نسبة المشاركة في 2021 لم تتجاوز 50,18% رغم التعبئة الاستثنائية، ما يعني أن نصف الجسم الانتخابي خارج العملية. كما أن الأداء المتفاوت لعدد كبير من المجالس المنتخبة يجعل المواطن يشك في “العائد الديمقراطي” لهذا الاستثمار المالي. بناءً عليه، يمكن القول إن المغرب يحتاج فعلاً إلى انتخابات منتظمة بهذا المستوى من التنظيم، لأن شرعية المؤسسات واستقرار المسار السياسي لهما كلفة. غير أن الاستحقاق الحقيقي هو رفع جودة التمثيلية والأداء حتى يشعر المواطن بأن هذه المليارات ليست مجرد نفقات دورية، بل استثمار في التنمية، الحكامة، وتجديد النخب.