Wednesday 29 October 2025
Advertisement
سياسة

يخلف: التحليل الدستوري لمبدأ عدم الجمع بين العضوية البرلمانية ورئاسة المجالس المنتخبة (2)

يخلف: التحليل الدستوري لمبدأ عدم الجمع بين العضوية البرلمانية ورئاسة المجالس المنتخبة (2) الأستاذ مصطفى يخلف، المحامي بهيئة أكادير
لم تعد الانتخابات مجرّد موعد سياسي يتكرر كل بضع سنوات، بل غدت مختبرا لقياس ثقة المواطنين في مؤسساتهم، ومؤشرا على نضج الدولة في تدبير الاختلاف السياسي وفق قواعد الشفافية والمحاسبة.
وفي هذا السياق، جاء مشروع القانون التنظيمي رقم 11.22 ليعيد صياغة المشهد الانتخابي المغربي في ضوء التحولات الدستورية والتكنولوجية والاجتماعية، محاول التوفيق بين متطلبات النزاهة وحتميات العصر الرقمي، وبين تشبيب النخب وإرساء ثقافة المسؤولية القانونية.
لذلك، ستكون هذه السلسلة التي يعدها الأستاذ مصطفى يخلف، المحامي بهيئة أكادير، محاولة لقراءة هذا النص في ضوء فلسفته الإصلاحية، واستجلاء مكامن قوته ومواطن نقاشه، عبر حلقات متتابعة تلامس الجوانب السياسية والحقوقية والأخلاقية والتنظيمية التي تضمنها المشروع.
 

 
طرح  مقترح الجمع بين عضوية البرلمان ورئاسة احدى المجالس المنتخبة نقاشا عموميا من حيث أساسه الدستوري من عدمه  فالمنع المنصوص عليه في المادة 83 من مشروع القانون التنظيمي رقم 11.22 يجسد  التطبيق الروحي  لدستور المغربي لسنة 2011، الذي أرسى مبادئ الحكامة الجيدة والفصل بين السلط وتكافؤ الفرص.

فهدا المقتضى لا يُعدّ مجرد إجراء إداري أو تنظيمي، بل هو ترجمة عملية لمجموعة من المبادئ الدستورية الجوهرية،  أبرزها ما يلي:
أولا: مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليه بالفصلين 1 و154 من الدستور.
تانيا: مبدأ منع تضارب المصالح وحماية المال العام  المنصوص عليه بالفصل 36 من الدستور .
ثاثا: مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة السياسية  المنصوص عليه بالفصل 30 من الدستور .
رابعا: مبدأ النجاعة والتفرغ في أداء المهام الانتدابية.

وتبقى غاية المشرّع، من خلال المنع، هي تحقيق فعالية العمل البرلماني والمحلي على السواء، لأن الجمع بينهما يؤدي إلى تشتيت الجهد والاهتمام، بينما يضمن الفصل بينهما تفرغ المنتخب الوطني للتشريع والرقابة، وتفرغ المنتخب المحلي لتدبير الشأن الترابي والحضور الذهني والفعلي .

والخلاصة التي يمكن استنتاجها من مشروع القانون التنظيمي 11.22، هو أن منع الجمع بين عضوية البرلمان ورئاسة المجالس المنتخبة، ليس تقييداً للحريات السياسية، بل هو ضمانة مؤسساتية للنزاهة والديمقراطية التشاركية، ومقدمة لتجديد النخب وتعزيز حضور الشباب في المشهد السياسي، في انسجام تام مع التوجهات الملكية التي تدعو إلى إشراك الكفاءات الشابة في تدبير الشأن العام، مع منع احتكار المناصب القيادية المرتبطة بالترشح.