Tuesday 28 October 2025
Advertisement
كتاب الرأي

فؤاد زويريق: في الحاجة إلى أعمال سينمائية جديدة بعيدا عن تدوير الأفكار القديمة

فؤاد زويريق: في الحاجة إلى أعمال سينمائية جديدة بعيدا عن تدوير الأفكار القديمة فؤاد زويريق
حين نجلس أمام شاشة السينما لنشاهد فيلما مدّته ساعتان لمخرج مخضرم يحسب على الرواد، فنحن في حقيقة الأمر لا نتابع الفيلم كعمل إبداعي وكفى، بل نجلس أمام عصارة مركّزة لمسيرة طويلة من تجارب هذا المخرج، فالمفروض أن يفكر ألف مرة قبل أن يخوض مغامرة سينمائية جديدة، وألا ينسى أن تاريخه كله يوضع على المحك، والجمهور يكون أكثر تركيزا أمام فيلمه، وأكثر فضولا و تساؤلا:
هل سيضيف لبنة جديدة إلى مشروعه الفني؟ أم سيكتفي بالتكرار ويعيد تدوير أفكاره القديمة؟ وهنا يتحول فيلمه إلى اختبار إبداعي حقيقي، لا لتاريخ المخرج فحسب، بل حتى لقدرته على البقاء حيّا داخل زمن، قد لا يكون زمنه.
 
فالفن لا يرحم، والجمهور لا يرحم أيضا، لذلك يصبح الفيلم بالنسبة للمخرج المخضرم ساحة مواجهة ناعمة، إما أن ينتصر فيها إبداعيا ويرسخ مكانته، أو ينسحب منها ويخسر هيبته وتاريخه كله بجرة كاميرا.
 
أتكلم هنا عن المخرج القدير الجلالي فرحاتي وفيلمه "حرب الستة أشهر" الذي شارك به في الدورة الأخيرة من المهرجان الوطني، فخرج خالي الوفاض دون جائزة تذكر، ودون قلم نقدي يكتب عنه لا بالسلب ولا بالإيجاب، لم يشر إليه أحد، ولم يتكلم عنه أحد، اللهم بعض التغطيات الصحفية الروتنية المعروفة في مثل هذه المناسبات، دخل المهرجان في صمت وخرج في صمت، فبدأ كأنه فيلما شبحا، أو فيلما يواجه زمنا يركض بسرعة أكبر من تاريخ وتجارب صاحبه، ونفس الشيء أيضا حصل الدورة الماضية مع المخرج المخضرم عبد الحي العراقي وفيلمه "خمسة وخمسين"، وحصل أيضا مع آخرين من نفس الجيل.
 
المشكل عند هؤلاء المخرجين أنهم أوقفوا الزمن في مرحلة معينة، ولم يطوروا من أنفسهم، نفس اللغة، نفس طريقة التصوير، نفس تقنية الكتابة والسرد، نفس البناء، نفس الإيقاع، نفس الرؤية الإخراجية، كل شيء لديهم مازال كلاسيكيا ونمطيا، لم يدركوا بعد أن أسلوبهم تجاوزه الزمن، والأجيال الجديدة من المخرجين والمشاهدين، انفتحوا على أساليب أخرى حديثة ومدارس جديدة تساير عصرهم، وخلفيتهم الفكرية، وثقافتهم الفرجوية...يمكن أن يتشبتوا بكلاسيكيتهم، لا مشكل في ذلك، لكن مع تشكيلها بأدوات ورؤى حية ومتجددة تنتمي إلى هذا الوقت، تجاربهم القديمة مع ضعف بعضها أو أغلبها يمكن تقبلها في زمنها وظروفها، لكن تجاربهم الجديدة أثبتت أنهم لن يضيفوا شيئا للفيلموغرافيا المغربية، وأن أعمالهم الأخيرة مجرد إثبات حضور والتشبث بالتواجد والاستمرارية الفارغة، حتى لا أقول شيئا آخر.
 
فؤاد زويريق، ناقد