Tuesday 2 September 2025
اقتصاد

بعد إطلاق أول محطة بطنجة.. يوسف انعايمي يشرح مكاسب استغلال الطاقة الشمسية العائمة بسدود المغرب

 
 
بعد إطلاق أول محطة بطنجة.. يوسف انعايمي يشرح مكاسب استغلال الطاقة الشمسية العائمة بسدود المغرب الباحث يوسف انعايمي، وأول محطة شمسية عائمة بالمغرب، بطنجة
في مواجهة جفاف مستمر، المغرب يختبر الطاقة الشمسية العائمة كحل جديد لمزج إنتاج الكهرباء مع الحفاظ على الموارد المائية.
في شمال البلاد بسد واد الرمل طنجة المتوسط، إقليم الفحص أنجرة، دخل مشروع إنجاز أول محطة للطاقة الشمسية العائمة في المغرب مرحلة الاختبارات نهاية غشت 2025. 

"أنفاس بريس" حاورت يوسف انعايمي، أستاذ التعليم العالي، ومنسق ماجستير الطاقات المتجددة والمواد بكلية العلوم بن مسيك - جامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، حول فوائد وتوسيع استغلال المشروع بسدود المغرب (أكثر من 140 سد) ومزايا الطاقة الشمسية العائمة. 
 
 
بداية، ماهي المواصفات التقنية للمشروع؟
صممت محطة سد واد الرمل لتوفير الكهرباء الخضراء لمجمع ميناء طنجة المتوسط وتقليل التبخر من الخزان، إذ تم تركيب حوالي 22.000 وحدة شمسية على حوالي 400 منصة عائمة، تغطي حوالي 10 هكتارات من مساحة مائية تبلغ 123 هكتارًا. وذلك بهدف إنتاج حوالي 13 ميجاوات (مرحلة الاختبار 2025)، مع ميزة مائية إضافية تتمثل في تقليص معدل تبخر مياه السد بما يصل إلى 30%.

مشروع سد وادي الرمل هو من المشاريع الحالية في المغرب والمخطط لها. كمشروع سيدي رغار، وهو مشروع عائم يقع في جهة الدار البيضاء-سطات، إلى جانب العديد من المشاريع التجريبية وخطط التطوير لزيادة قدرة إنتاج الطاقة الشمسية العائمة في مختلف مناطق المغرب.

في عام 2023، أجرينا دراسة لتنفيذ مشروع تركيب الطاقة الشمسية الكهروضوئية العائمة بقدرة 200 كيلو وات في نيجيريا، كجزء من مشروع السنة النهائية للحصول على درجة الماجستير في الطاقات المتجددة والمواد.

تتكون محطة الطاقة الشمسية الكهروضوئية من عدة مكونات: الألواح الشمسية الكهروضوئية، العاكسات(onduleurs)، محطات تحويل الجهد العالي/المنخفض، محطة توزيع الجهد العالي، كابلات توصيل التيار المتردد (AC) والمستمر (DC) ذات الجهد المنخفض، بالإضافة إلى كابلات الجهد العالي، وشبكة الاتصالات المحلية.

الميزات الخاصة لأنظمة الطاقة الكهروضوئية العائمة: يشبه التصميم العام لنظام الطاقة الكهروضوئية العائمة تصميم نظام الطاقة الكهروضوئية الأرضي، باستثناء أن مولدات الطاقة الكهروضوئية، غالبًا ما تكون العاكسات، تُركّب على منصة عائمة. تُجمع كهرباء التيار المستمر (DC) المولدة من الوحدات الكهروضوئية بواسطة صناديق تجميع، وتُحوّل إلى تيار متردد (AC) بواسطة العاكسات. بالنسبة للمنشآت العائمة صغيرة الحجم بالقرب من الشاطئ، يُمكن وضع العاكسات على الأرض، أي على بُعد مسافة قصيرة من المولد. كبديل، تُستخدم عادةً عاكسات مركزية أو سلسلة مثبتة على عوامات مصممة خصيصًا. تُعد المنصة، مع نظام التثبيت والتثبيت الخاص بها، جزءًا لا يتجزأ من أي نظام طاقة كهروضوئية عائم.

يُعدّ اختيار الموقع المناسب لمشاريع الطاقة الكهروضوئية العائمة شرطًا أساسيًا لنجاح تطوير المشاريع. يجب تحديد الموقع خلال المراحل الأولى من تطوير الفكرة وقبل إجراء دراسات الجدوى. يتيح جمع البيانات المبكر لمطوري المشاريع إجراء تقييمات مدروسة لجدوى المشروع.

يجب أن يتمتع الموقع المثالي بإشعاع شمسي كافٍ، ومناخ محلي ملائم، وعمق ضحل للخزان، وسطح مائي لا يستخدم لأغراض متنافسة، ونقطة اتصال بالشبكة يمكن الوصول إليها، وإطار قانوني وتنظيمي مستقر لتطوير الطاقة الكهروضوئية العائمة.
 
ماهي مزايا الطاقة الشمسية العائمة؟
من مزايا أنظمة الألواح الكهروضوئية مقارنةً بالأنظمة الأرضية أن أسطح المياه مُسطّحة وبعيدة عن الهياكل، مثل الأشجار أو المباني، التي تُلقي بظلالها على الأنظمة الأرضية أو السطحية. بالإضافة إلى ذلك، فإن زاوية الميل الضحلة للوحدات تعني الحد الأدنى من التظليل بين الصفوف. ومع ذلك، يمكن أن يحدث تظليل من آفاق بعيدة أو مجاورة، وخاصة في المناطق الجبلية، لذلك يجب إجراء تحليل التظليل دائمًا.
لا يتنافس على الأراضي مع المشاريع الزراعية أو الصناعية أو السكنية. غالبًا ما يكون من الأسهل العثور على مواقع بالقرب من المناطق المكتظة بالسكان.
−إمكانية التكامل مع تربية الأحياء المائية.
- سطح مفتوح ومستوٍ
- ضوء منتشر منخفض ينعكس من سطح الماء 
- وجود حركة ديناميكية
- كفاءة أعلى: انخفاض درجات حرارة الوحدة (يعتمد التأثير على المناخ)
- انعدام تام للظلال المحيطة بالأشياء
- تلوث أقل بالغبار
- تقليل التبخر: حماية من فقدان المياه في الخزانات.
- تأثير بيئي أقل: بصمة بيئية أقل على الأراضي الطبيعية.
 
إلى أي حد قد تساهم هذه الحلول في تعزيز الأمن الطاقي والمائي للمغرب؟
الطاقة الشمسية العائمة هي خيار استراتيجي لضمان أمن الطاقة والمياه لبلدنا الذي يعاني من نقص المياه وارتفاع الطلب على الطاقة. وبذلك يمكن أن تكون حلًا تكامليًا.

المغرب يمتلك أكثر من 140 سدًا. إذا تم استغلال نسبة صغيرة فقط من مساحاتها المائية لتركيب محطات الطاقة الشمسية العائمة، يمكن الحصول على كميات كبيرة من الطاقة النظيفة. وهكذا، يمكن الجمع بين الطاقة الشمسية العائمة والسدود لتوفير كهرباء خضراء تعزز الاستقلال الطاقي وحفظ الموارد المائية:
- كفاءة أعلى: مردودية الألواح ترتفع بفضل التبريد الطبيعي بالماء.
- استغلال أمثل للبنى التحتية: القرب من محطات الضخ أو التوزيع يقلل كلفة الشبكات.
- تغطية سطح الماء تقلص من التبخر بنسبة تصل إلى 30–40% في بعض الحالات.
- الحفاظ على جودة المياه: الحد من نمو الطحالب بفضل تقليل أشعة الشمس على سطح الماء.
 
هل يمكن توسيع هذه التجربة (محطة شمسية عائمة) لتشمل سدوداً أخرى في المغرب؟
نعم، من منظور صحي وبيئي، يمكن نقل تجربة محطات الطاقة الشمسية العائمة إلى سدود أخرى في المغرب. يمتلك المغرب شبكة واسعة من السدود. ومع ذلك، يتطلب نجاح أي مشروع دراسة جدوى أولية لكل موقع، مع مراعاة المتطلبات البيئية والمجتمعية. ويشمل ذلك:
- دراسة مساحة السطح، والعمق، وحركة الأمواج والرياح، وتصميم السد.
- الدراسات الاقتصادية: النفقات الرأسمالية، وتكاليف التشغيل مع أنظمة الشبكة أو التخزين، ونماذج التمويل (الشركات الخاصة، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والتمويل الدولي).
- وضع الإطار القانوني والتنظيمي.
- خطة التشغيل والصيانة: التآكل والصدأ، والتأثير على موائل الأسماك والطيور، والتأثير على عمليات إدارة السدود (التدفقات المفاجئة، وتغيرات منسوب المياه).
 
هل يمكن للمغرب أن يصبح رائدًا إقليميًا في مجال الطاقة الشمسية العائمة؟
نعم، يمتلك المغرب إمكانات هائلة ليصبح رائدًا إقليميًا في مجال الطاقة الشمسية العائمة إذا استُغلت بحكمة. في الواقع، يمتلك المغرب موارد استثنائية تُمكّنه من ذلك. يُعدّ المغرب من أغنى دول المنطقة من حيث الإشعاع الشمسي (أكثر من 2500 كيلوواط/ساعة/متر مربع/سنة في عدة مناطق)، ويمتلك شبكة واسعة من السدود: أكثر من 140 سدًا كبيرًا. كما اكتسب المغرب خبرةً تراكميةً في مجال الطاقة المتجددة، بفضل وفرة الطاقة الشمسية وبنية تحتية غنية للطاقة الكهرومائية. علاوةً على ذلك، يُتيح له موقعه الجغرافي الاستراتيجي من الاستفادة من تجارةٍ هامة مع الدول الأوروبية والأفريقية، مما يُتيح له فرصًا لتعزيز مكانته كقائدٍ أفريقي في هذا المجال. ويمكنه الاستفادة من برامج التمويل الدولية التي تُدمج قضايا المياه والمناخ، والتي يُمكن بسهولة الحصول على دعم من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والصناديق الخضراء. وبالتالي، يُمكن للمغرب تصدير خبراته ومعرفته إلى دول الساحل وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث تتشابه الاحتياجات. وهكذا، إذا ما وُسِّعت التجارب الحالية وأُسِّسَ إطار عمل وطني مُواتٍ، فقد يصبح المغرب رائدًا أفريقيًا وعربيًا في هذا المجال خلال العقد المقبل.
 
كيف يمكن أن يستفيد المغرب من تجارب دول أخرى سبقت في هذا المجال (كالصين أو اليابان)؟
بالفعل، كانت اليابان والصين من بين الدول الأولى في تطوير الطاقة الشمسية العائمة، ويمكن أن تشكل تجربتهما مرجعا مهما للمغرب. ظهرت أولى محطات الطاقة الشمسية العائمة في اليابان بعد كارثة فوكوشيما عام 2011، في الوقت الذي كان فيه البحث عن بدائل نظيفة للطاقة النووية جاريًا. تم بناء محطات صغيرة ومتوسطة الحجم على أحواض الأنهار وسدود الري (بسبب نقص الأراضي). بنت الصين أكبر محطة طاقة شمسية عائمة في العالم (أكثر من 150 ميجاوات). يمكن للمغرب الاستفادة من تجربة اليابان في المحطات الصغيرة التي تتراوح قدرتها بين 1 و2 ميجاوات، ثم من تجربة الصين في المشاريع واسعة النطاق. في الوقت نفسه، يجب على المغرب أيضًا التكيف مع ظروفه المناخية الخاصة من خلال تصميم منشآت قادرة على تحمل درجات الحرارة العالية والتبخر الشديد والغبار. كما يجب تشجيع البحث العلمي التطبيقي في هذا المجال. يجب إنشاء مشاريع تعاونية بين الجامعات المغربية والجامعات اليابانية والصينية لدراسة الآثار البيئية للأنظمة الهيدروليكية المغربية (لأن البيئة المغربية تختلف عن بيئة آسيا).