Tuesday 12 August 2025
منوعات

سوزان وطه حسين.. الحب الذي أضاء ظلام عميد الأدب العربي رغم اختلاف الدين والثقافة

 
 
سوزان وطه حسين.. الحب الذي أضاء ظلام عميد الأدب العربي رغم اختلاف الدين والثقافة سوزان وطه حسين

قال عنها يومًا: "هي المرأة التي أبصرتُ بعينيها"، فيما همست هي بعد رحيله بكلمات ترتجف وجعًا: "كنتَ صلابتي، كنتَ تحميني، وها أنا ذي بلا دفاع!".

في زمن كان الحب فيه محاطًا بأسوار العادات الصارمة، مكبلًا بقيود الشرق وتقاليد الغرب، وُلدت حكاية عشق استثنائية لا تُشبه ما سبقها، ولا تُشبه ما أتى بعدها. حكاية كتبها القدر بأنامل من نور، بين شاب مصري مسلم، فقد نور بصره، لكنه أبصر بنور الفكر، وبين شابة فرنسية مسيحية، رأت بقلبها ما لم تره العيون.

هي قصة طه حسين، عميد الأدب العربي، وسوزان بريسو، المرأة التي لم تكن فقط عينه التي رأى بها، بل كانت قلبه الذي خفق، وصوته حين صمت العالم، وسنده في لحظات الانكسار والانتصار.

حين التقت سوزان، المثقفة المرهفة، بطه حسين خلال دراسته في فرنسا، لم ترَ عماه، بل أبصرت روحه، عشقت عقله، وآمنت بحلمه. أحبت فيه الإنسان قبل الكاتب، والطالب قبل الأستاذ، واحتضنت مشروعه لا كزوجة فقط، بل كرفيقة درب، ومُلهمة، وعينٍ ترى، ويدٍ تكتب، وقلبٍ لا يكلّ.

سنوات طوال قضتها سوزان إلى جانبه، قارئة أمينة، وكاتبة مُتفانية، وراعية بصدق نادر، حتى غدت جزءًا من تاريخه الإنساني والأدبي، لا يمكن فصله عنه. ومن بين سطور حياتهما، تتوهج قصة حبّ فريدة، نبتت في أرضٍ لا تفرّق بين دينٍ أو جنسٍ أو وطن، بل تؤمن بأن الحب الأصيل يولد من الأعماق، وينمو على صدق التضحية.

وفي مقدمة الطبعة الجديدة من مذكرات سوزان، "معك: من فرنسا إلى مصر (قصة حب خارقة)"، تنقل أمينة مؤنس طه حسين، حفيدة العميد، عن والدها، من مذكراته غير المنشورة "ذكرياتي"، وصفًا بالغ التأثير لحبّ والدَيه:

"كانت الرفيقة الرائعة لأكثر من ستين عامًا، لمصريٍّ كفيف صار أعظم كاتب عربي في القرن العشرين. لم تفارقه، لا في الشدائد ولا في المجد. كانت ملاذه وسنده، شجعته حين عاندته الدنيا، واحتفلت معه حين احتفى به العالم. لولاها، كما قال هو، لما كان ما كانه".

هكذا، لم تكن سوزان مجرد فصلٍ في كتاب حياته، بل كانت هي الكتاب كلّه، وهي العنوان الذي لا يُنسى.

 

 وائل جمال
عن: بي بي سي نيوز عربي