Thursday 17 July 2025
مجتمع

تاونات فـي قلب أزمة عطش.. وفرة مائية لا تروي ظمأ السكان

تاونات فـي قلب أزمة عطش.. وفرة مائية لا تروي ظمأ السكان أزمة العطش في تاونات ليست فقط قضية تقنيات توزيع أو محدودية بنية تحتية، بل إشكالية العدالة المائية
لا‭ ‬أحد‭ ‬يختلف‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أزمة‭ ‬ماء‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬العالم،‭ ‬نظرا‭ ‬للتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬وتوالي‭ ‬سنوات‭ ‬الجفاف،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬منسوب‭ ‬مياه‭ ‬الأودية‭ ‬والأنهار‭ ‬ينخفض،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الفرشة‭ ‬المائية‭ ‬تضررت‭ ‬كذلك‭..‬إقليم‭ ‬تاونات‭ ‬بجهة‭ ‬فاس‭ ‬مكناس،‭ ‬لايشذو‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬المناخية،‭ ‬فقد‭ ‬شملته‭ ‬سنوات‭ ‬الجفاف‭ ‬المتوالية،‭ ‬سنوات‭ ‬عجاف‭ ‬جعلت‭ ‬منسوب‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأنهار‭ ‬تنخفض،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الإقليم‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬سدود‭ ‬الإقليم‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬سد‭ ‬الوحدة،‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬ثاني‭ ‬سد‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬بعد‭ ‬سد‭ ‬أسوان‭ ‬في‭ ‬مصر،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المخزون‭ ‬الإقليمي‭ ‬للماء‭ ‬يشكل‭ ‬حوالي‭ ‬38‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬المخزون‭ ‬الوطني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬السؤال‭ ‬يطرح‭ ‬حول‭ ‬خلفيات‭ ‬أزمة‭ ‬عطش‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬يحتضن‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬المخزونات‭ ‬المائية‭ ‬بالمملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬مفارقة‭ ‬صارخة‭ ‬بين‭ ‬الوفرة‭ ‬الطبيعية‭ ‬والمعاناة‭ ‬اليومية‭ ‬للسكان‭.‬
جريدة‭ ‬«الوطن‭ ‬الآن»،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬ميدانية‭ ‬دامت‭ ‬يومين،‭ ‬وقفت‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة،‭ ‬والتي‭ ‬تختلف‭ ‬حدتها‭ ‬بين‭ ‬جماعة‭ ‬وأخرى،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬وفرة‭ ‬النافورات‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تزود‭ ‬الدواوير،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الصبيب‭ ‬وانقطاعه،‭ ‬وكذا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬جودة‭ ‬المياه‭ ‬الصالحة‭ ‬للشرب‭..‬
 
جماعة الرتبة..  عطش على أبواب السد
بداية‭ ‬وبسد‭ ‬الرتبة‭ ‬بجماعة‭ ‬غفساي،‭ ‬وقف‭ ‬نزار‭ ‬بركة،‭ ‬وزير‭ ‬التجهيز‭ ‬والماء،‭ ‬ومعه‭ ‬عامل‭ ‬إقليم‭ ‬تاونات‭ ‬والوفد‭ ‬المرافق‭ ‬لهما،‭ ‬على‭ ‬شرفة‭ ‬مطلة‭ ‬على‭ ‬السد‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬سدود‭ ‬إقليم‭ ‬تاونات،‭ ‬بسعة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬1‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب،‭ ‬وقد‭ ‬حقق‭ ‬تقدما‭ ‬ملحوظا‭ ‬في‭ ‬أشغال‭ ‬بنائه‭ ‬ببلوغ‭ ‬نسبة‭ ‬تفوق‭ ‬30‭ ‬في‭ ‬المائة‭.. ‬وفضلا‭ ‬عن‭ ‬تزويد‭ ‬هذا‭ ‬السد‭ ‬لساكنة‭ ‬الجهة‭ ‬بالماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب،‭ ‬سيروم‭ ‬أيضا‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهرومائية،‭ ‬وحماية‭ ‬سافلة‭ ‬السد‭ ‬من‭ ‬الفيضانات،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬الفيضانات‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬سهل‭ ‬الغرب،‭ ‬وتحسين‭ ‬عملية‭ ‬تنظيم‭ ‬مشروع‭ ‬تحويل‭ ‬مياه‭ ‬نهر‭ ‬سبو‭ ‬نحو‭ ‬وادي‭ ‬أبي‭ ‬رقراق‭.‬
وسيساهم‭ ‬هذا‭ ‬السد‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬1,5‭ ‬مليون‭ ‬يوم‭ ‬عمل‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الأشغال‭ ‬وتأهيل‭ ‬اليد‭ ‬العاملة‭ ‬المحلية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تحسين‭ ‬المستوى‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬للسكانة‭ ‬المجاورة،‭ ‬وتطوير‭ ‬السياحة‭ ‬البيئية‭ ‬باستغلال‭ ‬بحيرة‭ ‬السد‭.‬
أمام‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات‭ ‬التقنية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إعطاؤها‭ ‬كشروحات‭ ‬للوزير‭ ‬وعامل‭ ‬الإقليم،‭ ‬فإنه‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬وبالضبط‭ ‬بدوار‭ ‬المكمل‭ ‬بتراب‭ ‬جماعة‭ ‬غفساي،‭ ‬كانت‭ ‬فاطمة‭ ‬تقود‭ ‬حمارها‭ ‬المحمل‭ ‬ببرميلين‭ ‬بلاستيكيين‭ ‬بسعة‭ ‬30‭ ‬لترا‭ ‬لكل‭ ‬واحد‭ ‬منها،‭ ‬نحو‭ ‬نافورة،‭ ‬او‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬محليا‭ ‬بـ‭ ‬«سبالة»،‭ ‬ويسبقها‭ ‬ابنها‭ ‬ذو‭ ‬السبع‭ ‬سنوات‭ ‬يحمل‭ ‬"بيدو‭ ‬5‭ ‬لترات"‭..‬
يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬النافورات‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬غفساي،‭ ‬ما‭ ‬مجموعه‭ ‬360‭ ‬نافورة،‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬2225‭ ‬نافورة‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬تراب‭ ‬إقليم‭ ‬تاونات‭ ‬بدوائره‭ ‬الأربعة:‭ ‬تاونات،‭ ‬قرية‭ ‬بامحمد،‭ ‬تيسة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬غفساي‭.‬
تقع‭ ‬غفساي‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬جبال‭ ‬الريف،‭ ‬تتمركز‭ ‬بين‭ ‬تاونات‭ ‬وشفشاون،‭ ‬ومعناها‭ ‬بالعربية‭ ‬«مرجة‭ ‬الماء»،‭ ‬وتعتبر‭ ‬عاصمة‭ ‬لقبيلة‭ ‬بني‭ ‬زروال‭ ‬الجبلية،‭ ‬وهي‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬وأكبر‭ ‬قبائل‭ ‬جبالة‭. ‬ووفق‭ ‬الإحصاء‭ ‬السكاني‭ ‬الأخير‭ ‬لسنة‭ ‬2024‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬ساكنة‭ ‬دائرة‭ ‬غفساي،‭ ‬ما‭ ‬مجموعه‭ ‬140519‭ ‬نسمة،‭ ‬ينحدرون‭ ‬من‭ ‬36802‭ ‬أسرة‭. ‬وتضم‭ ‬هذه‭ ‬الدائرة‭ ‬12‭ ‬جماعة‭ ‬قروية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬جماعة‭ ‬الرتبة‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬الجماعات‭ ‬ساكنة،‭ ‬حيث‭ ‬يبلغ‭ ‬عددهم‭ ‬حوالي‭ ‬15‭ ‬ألف‭ ‬نسمة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬سؤال‭ ‬تخصيص‭ ‬360‭ ‬نافورة‭ ‬لساكنة‭ ‬الدائرة‭ ‬كافيا؟
مويلد‭ ‬أسماء،‭ ‬مستشارة‭ ‬بجماعة‭ ‬الرتبة،‭ ‬وهي‭ ‬ممثلة‭ ‬دوار‭ ‬المكمل،‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬قرابة‭ ‬ألف‭ ‬ساكن،‭ ‬قالت‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لجريدة‭ ‬«الوطن‭ ‬الآن»،‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬ينكر‭ ‬وجود‭ ‬أزمة‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬تاونات،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬دائرة‭ ‬غفساي‭ ‬المجاورة‭ ‬لسد‭ ‬الرتبة،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الصيف،‭ ‬وبأن‭ ‬عدد‭ ‬النافورات‭ ‬أو‭ ‬السقايات‭ ‬في‭ ‬الجماعة‭ ‬لاتكفي‭ ‬لعدد‭ ‬الساكنة‭ ‬ومتطلباتها‭ ‬الحياتية،‭ ‬وخصوصا‭ ‬دوار‭ ‬المكمل‭ ‬الذي‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬سقاية‭ ‬وحيدة،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الساكنة‭ ‬تتنقل‭ ‬لعيون‭ ‬مائية‭ ‬أخرى‭ ‬أو‭ ‬آبار‭ ‬أو‭ ‬وديان،‭ ‬لجلب‭ ‬الماء،‭ ‬مما‭ ‬يشكل‭ ‬إرهاقا‭ ‬ماديا‭ ‬كبيرا،‭ ‬مع‭ ‬نضوب‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الآبار‭ ‬وتقليص‭ ‬منسوب‭ ‬الأنهار‭ ‬الرئيسية،‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬كيلومترات‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬الدواب،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬السقايات‭ ‬بالجماعة،‭ ‬حسب‭ ‬المستشارة‭ ‬الجماعية،‭ ‬أسماء‭ ‬مويلد،‭ ‬تعرف‭ ‬انقطاعات‭ ‬متكررة‭ ‬لأيام،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الساكنة‭ ‬تئن‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬العطش،‭ ‬وتتقاسم‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬قنينات‭ ‬المياه،‭ ‬لتلبية‭ ‬حاجيات‭ ‬الشرب‭.‬‭.‬
وتساءلت‭ ‬أسماء‭ ‬مويلد،‭ ‬عن‭ ‬التناقض‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬مخزون‭ ‬مائي‭ ‬بإقليم‭ ‬تاونات،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعيش‭ ‬فيه‭ ‬الساكنة‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬بشكل‭ ‬متكرر،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الصيف،‭ ‬مضيفة‭ ‬بأن‭ ‬النداءات‭ ‬التي‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬ساكنة‭ ‬الإقليم‭ ‬وممثليهم‭ ‬إقليميا‭ ‬وجهويا‭ ‬ووطنيا،‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬لها‭ ‬صدى‭ ‬لدى‭ ‬المسؤولين،‭ ‬مما‭ ‬يطرح‭ ‬سؤالا‭ ‬عن‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬مياه‭ ‬المخزون‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬تصدر‭ ‬لخارج‭ ‬التراب‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وتستفيد‭ ‬منه‭ ‬ضيعات‭ ‬فلاحية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الغرب،‭ ‬وكان‭ ‬الأولى‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬لصالح‭ ‬الساكنة‭ ‬المحلية،‭ ‬متسائلة‭ ‬عن‭ ‬العدالة‭ ‬المائية‭..‬
ودعت‭ ‬المستشارة‭ ‬الجماعية‭ ‬إلى‭ ‬تنزيل‭ ‬مضامين‭ ‬الخطاب‭ ‬الملكي‭ ‬لمحمد‭ ‬السادس‭ ‬خلال‭ ‬تدشينه‭ ‬لمحطة‭ ‬المعالجة‭ ‬بجماعة‭ ‬اوردزاغ‭ ‬سنة‭ ‬2010،‭ ‬عندما‭ ‬أعطى‭ ‬توجيهاته‭ ‬لتعميم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬مياه‭ ‬سد‭ ‬الوحدة،‭ ‬وتزويد‭ ‬غفساي‭ ‬وباقي‭ ‬الجماعات‭ ‬القروية‭ ‬بالماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭..‬
وطالبت‭ ‬المستشارة‭ ‬الجماعية‭ ‬بضرورة‭ ‬الربط‭ ‬الفردي‭ ‬لقنوات‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الكفيل‭ ‬بحفظ‭ ‬كرامة‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬الوقوف‭ ‬لساعات‭ ‬طويلة‭ ‬أمام‭ ‬السقايات‭ ‬ومناظر‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬البراميل‭ ‬المصطفة‭ ‬لأخذ‭ ‬دورها،‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬تنظيم‭ ‬مشاريع‭ ‬استراتيجية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬المغربـ‭ ‬تقول‭ ‬أسماء‭ ‬مويلد‭.‬
مصطفى‭ ‬المنصوري،‭ ‬مواطن‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬الدوار،‭ ‬المكمل،‭ ‬صرح‭ ‬لجريدة‭ ‬"الوطن‭ ‬الآن"،‭ ‬أن‭ ‬الصبيب‭ ‬المائي‭ ‬ضعيف‭ ‬في‭ ‬الدوار،‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬رحلة‭ ‬ملء‭ ‬البراميل،‭ ‬رحلة‭ ‬شاقة‭ ‬طوال‭ ‬النهار،‭ ‬يتم‭ ‬الاستعانة‭ ‬فيها‭ ‬بكل‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة،‭ ‬كبيرها‭ ‬وصغيرها،‭ ‬مما‭ ‬يتحول‭ ‬معه‭ ‬الماء‭ ‬إلى‭ ‬هم‭ ‬كبير،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الصيف،‭ ‬وهذا‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬التمدرس‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأطفال،‭ ‬حيث‭ ‬تضطر‭ ‬بعض‭ ‬الأسر،‭ ‬للاستعانة‭ ‬بأطفالها‭ ‬وفتياتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬اقتناء‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬الحيوية،‭ ‬عندما‭ ‬يغيب‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭.. ‬ويقطع‭ ‬بعضهم‭ ‬5‭ ‬كيلومترات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬لهذه‭ ‬النافورة‭ ‬أو‭ ‬تلك،‭ ‬أما‭ ‬«توريد»‭ ‬المواشي‭ ‬فيحتاج‭ ‬لعناء‭ ‬أكبر،‭ ‬وجلب‭ ‬مياه‭ ‬الأنهار‭ ‬والآبار،‭ ‬مادام‭ ‬أن‭ ‬مياه‭ ‬هذه‭ ‬السقايات‭ ‬مخصصة‭ ‬للاستعمال‭ ‬البشري‭..‬
لايبعد‭ ‬منزل‭ ‬خالد‭ ‬الهاشمي،‭ ‬عن‭ ‬السقاية‭ ‬الوحيدة‭ ‬بدوار‭ ‬المكمل‭ ‬سوى‭ ‬بأمتار‭ ‬قليلة،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬يناشد‭ ‬المسؤولين‭ ‬بإنشاء‭ ‬سقايات‭ ‬أخرى،‭ ‬لتلبية‭ ‬الحاجيات‭ ‬المتزايدة،‭ ‬فعدد‭ ‬سكان‭ ‬الدوار‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬هذه‭ ‬السقاية‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬اليوم‭ ‬سنة‭ ‬2025‬.
 
جماعة كلاز.. اكتفاء ذاتي من الماء
من‭ ‬دوار‭ ‬المكمل‭ ‬بجماعة‭ ‬الرتبة‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬كلاز،‭ ‬التي‭ ‬يعادل‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬نظيرتها‭ ‬الرتبة،‭ ‬15200‭ ‬نسمة،‭ ‬و4132 أسرة،‭ ‬وبالضبط‭ ‬بدوار‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬غدوسة،‭ ‬ضمن‭ ‬النفوذ‭ ‬الترابي‭ ‬لنفس‭ ‬الدائرة،‭ ‬غفساي،‭ ‬استغرقت‭ ‬الرحلة‭ ‬ساعة‭ ‬ونصف‭ ‬تقريبا،‭ ‬ضمن‭ ‬مسار‭ ‬طرقي‭ ‬ممتد‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬50‭ ‬كيلومترا،‭ ‬بين‭ ‬صعود‭ ‬وهبوط‭ ‬ومنعرجات‭ ‬بعضها‭ ‬خطير‭.. ‬بهذا‭ ‬الدوار‭ ‬التقينا‭ ‬عبد‭ ‬المجيد،‭ ‬وهو‭ ‬المكلف‭ ‬بحراسة‭ ‬سقاية‭ ‬دوار‭ ‬غدوسة،‭ ‬أكد‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لجريدة‭ ‬«الوطن‭ ‬الآن»،‭ ‬أن‭ ‬السقاية‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬صبيب‭ ‬مقبول،‭ ‬ورغم‭ ‬أنها‭ ‬ضمن‭ ‬نفوذ‭ ‬تراب‭ ‬الدوار،‭ ‬فإن‭ ‬وجودها‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬يجعلها‭ ‬مفتوحة‭ ‬للجميع،‭ ‬مسترجعا‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الماء‭ ‬منذ‭ ‬8‭ ‬سنوات‭ ‬خلت‭ ‬كان‭ ‬يشكل‭ ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬العذاب،‭ ‬حامدا‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬الحالية،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬الماء‭ ‬أضحى‭ ‬قريبا‭ ‬من‭ ‬ساكنة‭ ‬الدوار،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬تقطع‭ ‬كيلومترات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬نقطة‭ ‬ماء،‭ ‬حيث‭ ‬لايتعدى‭ ‬ثمنه‭ ‬درهما‭ ‬لبرميل‭ ‬من‭ ‬سعة‭ ‬60‭ ‬لترا،‭ ‬مبديا‭ ‬أسفه‭ ‬من‭ ‬استعمال‭ ‬الماء‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬محله،‭ ‬من‭ ‬«توريد»‭ ‬المواشي‭ ‬إلى‭ ‬سقي‭ ‬بعض‭ ‬المزروعات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشكل‭ ‬ضغطا‭ ‬على‭ ‬الطلب‭..‬
مواطنة‭ ‬كانت‭ ‬بصدد‭ ‬ملء‭ ‬براميلها،‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الماء‭ ‬المتوفر‭ ‬في‭ ‬السقاية،‭ ‬جيد‭ ‬و«طياب»‭ ‬بتعبيرها،‭ ‬شاكرة‭ ‬المسؤولين‭ ‬على‭ ‬تقريب‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬الحيوية‭ ‬للمواطنين،‭ ‬داعية‭ ‬إياهم‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه‭ ‬وعدم‭ ‬تدبيره‭..‬
 
جماعة‭ ‬مولاي‭ ‬بوشتى‭.. ‬ عزلة‭ ‬طرقية‭ ‬وماء‭ ‬متقطع
من‭ ‬جماعة‭ ‬كلاز‭ ‬بغفساي،‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬مولاي‭ ‬بوشتى‭ ‬(12554‭ ‬نسمة،‭ ‬3133‭ ‬أسرة)،‭ ‬بدائرة‭ ‬قرية‭ ‬بامحمد،‭ ‬ساعة‭ ‬وعشر‭ ‬دقائق،‭ ‬كانت‭ ‬كافية‭ ‬لقطع‭ ‬مسافة‭ ‬53‭ ‬كيلومترا،‭ ‬وبمحاذاة‭ ‬الطريق‭ ‬التي‭ ‬تحتاج‭ ‬لتقوية‭ ‬أكثر،‭ ‬كان‭ ‬منظر‭ ‬نهر‭ ‬أوريغة‭ ‬يحز‭ ‬في‭ ‬النفس‭ ‬بعد‭ ‬انخفاض‭ ‬كبير‭ ‬لمنسوبه،‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬أراضي‭ ‬فلاحية‭ ‬كبيرة،‭ ‬ولولا‭ ‬سد‭ ‬الوحدة‭ ‬الذي‭ ‬يمد‭ ‬هذه‭ ‬الأراضي‭ ‬بمياه‭ ‬السقي‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬محطات‭ ‬المعالجة‭ ‬لمد‭ ‬الساكنة‭ ‬بالماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب،‭ ‬لتحولت‭ ‬هذه‭ ‬الأراضي‭ ‬لخراب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أكدته‭ ‬زيارة‭ ‬«الوطن‭ ‬الآن»‭ ‬لجماعة‭ ‬مولاي‭ ‬بوشتى،‭ ‬حيث‭ ‬تصادف‭ ‬وجودنا‭ ‬مع‭ ‬تحضيرات‭ ‬موسم‭ ‬مولاي‭ ‬بوشتى‭ ‬الخمار‭ ‬المقرر‭ ‬عقده‭ ‬بين‭ ‬15‭ ‬و17 يوليوز‭ ‬2025،‭ ‬وهو‭ ‬موسم‭ ‬ديني‭ ‬وروحي،‭ ‬يحج‭ ‬إليه‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الزوار‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬المغرب‭ ‬وخارجه،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الماء‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬يزداد،‭ ‬ليس‭ ‬فقط،‭ ‬للاستعمال‭ ‬البشري،‭ ‬بل‭ ‬الحيواني‭ ‬أيضا،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬وجود‭ ‬عشرات‭ ‬السربات‭ ‬والخيالة‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬جولات‭ ‬التبوريدة‭.‬
حميد،‭ ‬من‭ ‬ساكنة‭ ‬دوار‭ ‬القلعة‭ ‬بجماعة‭ ‬مولاي‭ ‬بوشتى،‭ ‬أفاد‭ ‬بأن‭ ‬سقاية‭ ‬الدوار،‭ ‬تم‭ ‬إنشاؤها‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬حيث‭ ‬تغيرت‭ ‬الحياة،‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬المضني‭ ‬عن‭ ‬الماء‭ ‬إلى‭ ‬تقريبه‭ ‬لساكنة‭ ‬الدوار،‭ ‬«كنا‭ ‬نقطع‭ ‬مسافة‭ ‬زمنية‭ ‬تقدر‭ ‬بثلاث‭ ‬ساعات،‭ ‬ذهابا‭ ‬وإيابا،‭ ‬حتى‭ ‬نجد‭ ‬نقطة‭ ‬ماء‭ ‬بواد‭ ‬اوريغة،‭ ‬وهذا‭ ‬الحمل‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ليكفي‭ ‬ليوم‭ ‬واحد،‭ ‬وكنا‭ ‬نضطر‭ ‬لقطع‭ ‬رحلتين‭ ‬إلى‭ ‬اليوم،‭ ‬لنحقق‭ ‬اكتفاء‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬لنا‭ ‬ولمواشينا،‭ ‬والكل‭ ‬كان‭ ‬يتجرع‭ ‬العذاب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرحلات،‭ ‬من‭ ‬الكبير‭ ‬إلى‭ ‬الصغير،‭ ‬إلى‭ ‬الدواب‭ ‬التي‭ ‬نستعملها‭..‬»،‭ ‬وبخصوص‭ ‬وفرة‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السقاية،‭ ‬أكد‭ ‬حميد‭ ‬أن‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬متوفر،‭ ‬وبأن‭ ‬الانقطاعات‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬الماء،‭ ‬مردها‭ ‬بعض‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الت‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬المكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للماء،‭ ‬وبسبب‭ ‬عمليات‭ ‬التخريب‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬بعض‭ ‬القنوات،‭ ‬موجها‭ ‬نداءه‭ ‬للساكنة‭ ‬بضرورة‭ ‬حفظ‭ ‬تجهيزات‭ ‬المكتب،‭ ‬وبأن‭ ‬كل‭ ‬تخريب‭ ‬له‭ ‬أو‭ ‬استعمال‭ ‬لغير‭ ‬الشرب،‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬المنفعة‭ ‬العامة‭..‬"
عبد‭ ‬الرزاق،‭ ‬مواطن‭ ‬بنفس‭ ‬دوار‭ ‬القلعة،‭ ‬قال‭ ‬أن‭ ‬توفير‭ ‬السقايات،‭ ‬هو‭ ‬مجهود‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬بعض‭ ‬المنتخبين‭ ‬والسلطات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والمكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب،‭ ‬وبفضل‭ ‬هذا‭ ‬المجهود‭ ‬المشترك‭ ‬أصبح‭ ‬الماء‭ ‬متوفرا‭ ‬وقريبا‭ ‬من‭ ‬الساكنة،‭ ‬مع‭ ‬أمله‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تتوسع‭ ‬دائرة‭ ‬السقايات‭ ‬لتشمل‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الدوار‭ ‬ودواوير‭ ‬أخرى‭ ‬بإقليم‭ ‬تاونات،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الصيف،‭ ‬وعبر‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬عن‭ ‬أمله‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬ربط‭ ‬المنازل‭ ‬بقنوات‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الأمل‭ ‬يصطدم‭ ‬بإشكالية‭ ‬عدم‭ ‬تجمع‭ ‬الساكنة‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد،‭ ‬مما‭ ‬يصعب‭ ‬عمليات‭ ‬الربط‭ ‬الفردي‭..‬
 
جماعة‭ ‬الغوازي‭.. ‬ نضال‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الماء
لم‭ ‬تكن‭ ‬الطريق‭ ‬معبدة‭ ‬بالشكل‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬مولاي‭ ‬بوشتة‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬الغوازي،‭ ‬(16405‭ ‬نسمة،‭ ‬3669‭ ‬أسرة)‭ ‬فرغم‭ ‬أن‭ ‬موسم‭ ‬مولاي‭ ‬بشوتى‭ ‬الخمار‭ ‬أضحى‭ ‬موعدا‭ ‬سنويا،‭ ‬يحج‭ ‬إليه‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الزوار‭ ‬عبر‭ ‬مركباتهم،‭ ‬فإن‭ ‬حوالي‭ ‬8‭ ‬كيلومترات،‭ ‬كانت‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬حفر،‭ ‬تتهالك‭ ‬فيها‭ ‬السيارات‭ ‬وباقي‭ ‬المركبات،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬إصلاحها‭ ‬مسألة‭ ‬ذات‭ ‬ملحاحية،‭ ‬ضمن‭ ‬برنامج‭ ‬فك‭ ‬العزلة‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬القروي،‭ ‬وتقليص‭ ‬المسافة‭ ‬الزمنية‭ ‬لأقل‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬دقيقة‭ ‬بين‭ ‬الجماعتين،‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬24‭ ‬كيلومترا‭..‬
ولعل‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬طريق‭ ‬معبدة‭ ‬بجزء‭ ‬من‭ ‬تراب‭ ‬جماعة‭ ‬الغوازي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬ساكنتها‭ ‬تنتفض،‭ ‬وتنظم‭ ‬مسيرة‭ ‬احتجاجية‭ ‬على‭ ‬الحمير،‭ ‬نحو‭ ‬مركز‭ ‬دائرة‭ ‬قرية‭ ‬با‭ ‬محمد،‭ ‬كان‭ ‬مطلبها‭ ‬الرئيسي‭ ‬هم‭ ‬إصلاح‭ ‬الطرق‭ ‬وتوفير‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب،‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬شهر‭ ‬غشت‭ ‬2023،‭ ‬والتحقت‭ ‬بالمسيرة‭ ‬ساكنة‭ ‬جماعة‭ ‬المكانسة‭..‬
بالقرب‭ ‬من‭ ‬سقاية‭ ‬دوار‭ ‬بني‭ ‬بوغزال،‭ ‬التقت‭ ‬جريدة‭ ‬«الوطن‭ ‬الآن»،‭ ‬بالمواطن‭ ‬مصطفى‭ ‬مول‭ ‬الظهرة،‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬قياديي‭ ‬المسيرة‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬التي‭ ‬عرفتها‭ ‬الجماعة‭ ‬سنة 2023،‭ ‬"كان‭ ‬خروجنا‭ ‬في‭ ‬ذاك‭ ‬الصيف،‭ ‬أمرا‭ ‬محتوما،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بلغ‭ ‬منا‭ ‬العطش‭ ‬مبلغه،‭ ‬ولم‭ ‬نعد‭ ‬نقوى‭ ‬على‭ ‬الصبر،‭ ‬فكنا‭ ‬نرى‭ ‬الموت‭ ‬عطشا‭ ‬أمامنا‭ ‬في‭ ‬وجوه‭ ‬الصغار‭ ‬والكبار،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬تدبير‭ ‬سيء‭ ‬للمشكل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أحد‭ ‬المسؤولين‭ ‬الترابيين،‭ ‬اليوم‭ ‬بعد‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬سلسلة‭ ‬الاحتجاجات،‭ ‬تغير‭ ‬الوضع،‭ ‬وعادت‭ ‬السلطة‭ ‬لرشدها،‭ ‬واستمعت‭ ‬لمطالبنا‭ ‬المشروعة،‭ ‬وبتنسيق‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية،‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬سقاية‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬الدوار،‭ ‬لتكفينا‭ ‬عناء‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الماء،‭ ‬بل‭ ‬وخصاما‭ ‬مع‭ ‬ساكنة‭ ‬دوار‭ ‬آخر،‭ ‬يبعد‭ ‬عنا‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬كيلومترات،‭ ‬كان‭ ‬يتوفر‭ ‬لوحده‭ ‬على‭ ‬سقاية‭.. ‬وحتى‭ ‬الشاحنات‭ ‬الصهريجية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تفي‭ ‬بغرض‭ ‬تزويد‭ ‬الساكنة‭ ‬بالماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب،‭ ‬للضغط‭ ‬الكثيف‭ ‬عليها،‭ ‬وعدم‭ ‬كفايتها،‭ ‬وعدم‭ ‬انتظامها،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬السقايات،‭ ‬وسيلة‭ ‬نعتبرها‭ ‬مؤقتة،‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬الربط‭ ‬الفردي‭ ‬للماء‭.. ‬يقول‭ ‬مصطفى‭ ‬مول‭ ‬الظهرة‭.‬
وبالعودة‭ ‬للطرق‭ ‬السيئة‭ ‬بجماعة‭ ‬الغوازي،‭ ‬أكد‭ ‬أحد‭ ‬الفلاحين‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬تثمين‭ ‬المنتجات‭ ‬الفلاحية،‭ ‬غير‭ ‬مطروح‭ ‬بهذه‭ ‬الجماعة،‭ ‬مادام‭ ‬أن‭ ‬التثمين‭ ‬يتطلب‭ ‬ولوجا‭ ‬طرقيا‭ ‬لها،‭ ‬والحال‭ ‬أن‭ ‬تصريف‭ ‬المنتجات‭ ‬لايتم‭ ‬بالشكل‭ ‬المطلوب‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عزلة‭ ‬قرى‭ ‬الجماعة،‭ ‬ضاربا‭ ‬لذلك‭ ‬مثلا،‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬الزيتون،‭ ‬«نضطر‭ ‬لبيعه‭ ‬بأثمنة‭ ‬منخفضة،‭ ‬لأن‭ ‬المشتري‭ ‬يتشبث‭ ‬بكون‭ ‬الطريق‭ ‬غير‭ ‬سالكة،‭ ‬وبأن‭ ‬الشاحنة‭ ‬لها‭ ‬مصاريف،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يبيع‭ ‬فيه‭ ‬باقي‭ ‬الفلاحين‭ ‬في‭ ‬جماعات‭ ‬مجاورة،‭ ‬منتوجاتهم‭ ‬بأثمنة‭ ‬معقولة»‭.‬
 
تثمين‭ ‬المنتجات‭ ‬الفلاحية‭.. ‬شعار‭ ‬فارغ
ولأن‭ ‬طريق‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬تاونات،‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬المرور‭ ‬عبر‭ ‬قرية‭ ‬با‭ ‬محمد‭ ‬فإن‭ ‬وضعها‭ ‬المائ‭ ‬متغلب‭ ‬عليه،‭ ‬حيث‭ ‬يغطي‭ ‬المكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭ ‬ساكنتها‭ ‬بالربط‭ ‬الفردي،‭ ‬مستعينا‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬الخزانات‭ ‬المائية‭ ‬التي‭ ‬تمد‭ ‬مركز‭ ‬الدائرة‭ ‬وباقي‭ ‬الجماعات‭ ‬القريبة‭..‬
وتبقى‭ ‬الحالة‭ ‬الطرقية‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المطالب‭ ‬الأساسية‭ ‬للمواطنين،‭ ‬لأن‭ ‬90‭ ‬كيلومترا‭ ‬الفاصلة‭ ‬بين‭ ‬مركز‭ ‬قرية‭ ‬بامحمد‭ ‬وتاونات،‭ ‬ليست‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬جيدة،‭ ‬وعوض‭ ‬ساعة‭ ‬ونصف،‭ ‬وهي‭ ‬المدة‭ ‬الزمنية‭ ‬الفاصلة‭ ‬بينهما،‭ ‬يمكن‭ ‬تقليصها‭ ‬لأقل،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تحفيز‭ ‬المستثمرين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وضع‭ ‬مشاريعهم‭ ‬الفلاحية‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصناعات‭ ‬الغذائية‭ ‬التي‭ ‬يعد‭ ‬إقليم‭ ‬تاونات‭ ‬غنيا‭ ‬بها،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العزلة‭ ‬الطرقية،‭ ‬يبقى‭ ‬من‭ ‬المستبعد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تثمين‭ ‬المنتجات‭ ‬الفلاحية‭.‬
 
القنب‭ ‬الهندي‭.. ‬تخريب‭ ‬لقنوات‭ ‬الماء
لايكاد‭ ‬يخلو‭ ‬أسبوع‭ ‬من‭ ‬مراسلتين‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬بين‭ ‬المصالح‭ ‬الإقليمية‭ ‬بتاونات،‭ ‬حول‭ ‬وجود‭ ‬تخريب‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجماعة‭ ‬لقناة‭ ‬من‭ ‬قنوات‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب،‭ ‬والسبب‭ ‬هو‭ ‬قيام‭ ‬بعض‭ ‬المزارعين،‭ ‬بسرقة‭ ‬الماء‭ ‬عبر‭ ‬قنوات‭ ‬أخرى‭ ‬لسقي‭ ‬منتجاتهم‭ ‬من‭ ‬القنب‭ ‬الهندي،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬التخريب‭ ‬أحيانا‭ ‬بدون‭ ‬سبب‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬تم‭ ‬تقديم‭ ‬عدد‭ ‬منهم‭ ‬للقضاء،‭ ‬ومتابعتهم‭ ‬بتعييب‭ ‬منشآت‭ ‬عمومية،‭ ‬ويتسبب‭ ‬النشاط‭ ‬الزراعي‭ ‬غير‭ ‬المنظم‭ ‬للقنب‭ ‬الهندي‭ ‬في‮ ‬استنزاف‭ ‬كبير‭ ‬للموارد‭ ‬المائية بالمنطقة‭. ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬مزارعو‭ ‬القنب‭ ‬الهندي‭ ‬يعتمدون‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف‭ ‬على‭ ‬حفر‭ ‬آبار‭ ‬عميقة‭ ‬وري‭ ‬حقولهم،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬ذلك‭ ‬متاحا‭ ‬بفعل‭ ‬تضرر‭ ‬الفرشة‭ ‬المائية،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬بعضهم‭ ‬يلجأ‭ ‬ألى‭ ‬أساليب‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬لري‭ ‬حقولهم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تغيير‭ ‬اتجاه‭ ‬قنوات‭ ‬المياه‭ ‬الصالحة‭ ‬للشرب،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تهديد‭ ‬مياه‭ ‬الشرب‭ ‬للسكان‭ ‬المحليين‭ ‬واشتداد‭ ‬أزمة‭ ‬العطش‭.‬
وأمام‭ ‬ما‭ ‬يعتبره‭ ‬بعض‭ ‬مزارعي‭ ‬القنب‭ ‬الهندي،‭ ‬غياب‭ ‬استراتيجية‭ ‬مائية‭ ‬واضحة‭ ‬لمواجهة‭ ‬الجفاف‭ ‬في‭ ‬مناطقهم‭.. ‬مما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬الإجهاد‭ ‬المائي،‭ ‬مع‭ ‬انتشار‭ ‬البناء‭ ‬العشوائي‭ ‬للآبار‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مئات‭ ‬الأمتار،‭ ‬مما‭ ‬يهدد‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية،‭ ‬فإن‭ ‬مطالب‭ ‬المزارعين‭ ‬لهذه‭ ‬النبتة‭ ‬يطالبون‭ ‬ببناء‭ ‬سدود‭ ‬تلية‭ ‬لحفظ‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار‭ ‬ومواجهة‭ ‬ضياع‭ ‬المياه،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬الأزمة‭ ‬المائية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تهدد‭ ‬استمرارية‭ ‬زراعتهم‭ ‬وكذلك‭ ‬حياة‭ ‬السكان‭.‬