Sunday 15 June 2025
سياسة

البلعمشي: ما يجمع المغرب وموريتانيا أكثر مما يفرقهما

البلعمشي: ما يجمع المغرب وموريتانيا أكثر مما يفرقهما عبد الفتاح البلعمشي
قال عبد الفتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الموريتانية‭ ‬موضوعيا‭ ‬هي‭ ‬امتداد‭ ‬طبيعي‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬عمق‭ ‬متبادل‭ ‬لكليهما،‭ ‬والبلدين‭ ‬يعرفان‭ ‬إصلاحات‭ ‬وتحولات‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬بلورة‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬منفتحة‭ ‬وهادفة‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬بعدها‭ ‬الإفريقي،‭ ‬وفي‭ ‬التطلع‭ ‬نحو‭ ‬التفاعل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المنتج‭ ‬مع‭ ‬أوروبا،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأمثل‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الأزرق‭.
 
‭ ‬كيف‭ ‬تقيم‭ ‬مستوى‭ ‬التعاون‭ ‬السياسي‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬الحالي‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وموريتانيا،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬أبرز‭ ‬المحطات‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة؟
العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الموريتانية‭ ‬موضوعيا‭ ‬هي‭ ‬امتداد‭ ‬طبيعي‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬عمق‭ ‬متبادل‭ ‬لكليهما،‭ ‬والبلدين‭ ‬يعرفان‭ ‬إصلاحات‭ ‬وتحولات‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬بلورة‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬منفتحة‭ ‬وهادفة‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬بعدها‭ ‬الإفريقي،‭ ‬وفي‭ ‬التطلع‭ ‬نحو‭ ‬التفاعل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المنتج‭ ‬مع‭ ‬أوروبا،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأمثل‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الأزرق‭.‬
هي‭ ‬علاقات‭ ‬ثنائية‭ ‬راكمت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬سبل‭ ‬التعاون‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬التجاري‭ ‬والفلاحي‭ ‬والتبادل‭ ‬العلمي‭ ‬وكذا‭ ‬تبادل‭ ‬الخبرة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الطاقي‭ ‬والفلاحي‭ ‬وغيرها،‭ ‬فعلا‭ ‬من‭ ‬موقعنا‭ ‬نطمح‭ ‬للمزيد،‭ ‬لكن‭ ‬المؤشرات‭ ‬المتاحة‭ ‬تبشر‭ ‬بعلاقات‭ ‬ثنائية‭ ‬مثالية‭ ‬بين‭ ‬هاذين‭ ‬البلدين‭ ‬الشقيقين‭ ‬الذين‭ ‬يضمنان‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬متوترة،‭ ‬ويمتلكان‭  ‬مقومات‭ ‬ومؤهلات‭ ‬بشرية‭ ‬وطبيعة‭ ‬كفيلة‭ ‬بتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المتوخاة‭ ‬خدمة‭ ‬للمصلحة‭ ‬الوطنية‭ ‬المتبادلة‭.‬
ما‭ ‬مرد‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬غير‭ ‬المستقرة‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وموريتانيا،‭ ‬بين‭ ‬مد‭ ‬وجزر‭ ‬منذ‭ ‬استقلال‭ ‬البلدين‭ ‬إلى‭ ‬اليوم؟
طبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الموريتانية‭ ‬تجعل‭ ‬منها‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الدقة،‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬المؤثرات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬التي‭ ‬تطفو‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬وتؤدي‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الارتباك‭ ‬أو‭ ‬الركود،‭ ‬ولعل‭ ‬بعض‭ ‬الملفات‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬الأمنية‭ ‬شكلت‭ ‬مظهرا‭ ‬لهذا‭ ‬الارتباك،‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬تاريخية‭ ‬معينة‭. ‬لكن‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جهودا‭ ‬معتبرة‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬للملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬والرئيس‭ ‬ولد‭ ‬الغزواني،‭ ‬ظهر‭ ‬ذلك‭ ‬جليا‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬المواقف‭ ‬سواء‭ ‬تعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بالعلاقة‭ ‬الثنائية،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬التطابق‭ ‬في‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬القارية‭ ‬والدولية‭ ‬المختلفة‭.‬
ومن‭ ‬المهم‭ ‬الاستثمار‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬المتميزة‭ ‬جدا‭ ‬بين‭ ‬الشعبين،‭ ‬والامتداد‭ ‬المتبادل‭ ‬اجتماعيا‭ ‬وروحيا‭ ‬لتزكية‭ ‬تطوير‭ ‬وتنمية‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭.‬
‮ ‬

‮ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬تفسير‭ ‬التزام‭ ‬موريتانيا‭ ‬بالحياد‭ ‬الإيجابي‭ ‬في‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية،‭ ‬وما‭ ‬انعكاس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬المغرب؟
مواقف‭ ‬موريتانيا‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬تظل‭ ‬مواقف‭ ‬سيادية،‭ ‬وتقديرها‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬الحياد‭ ‬الإيجابي‭ ‬كما‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬يظل‭ ‬ورقة‭ ‬ممكنة‭ ‬للمساهمة‭ ‬في‭ ‬الحل،‭ ‬وليس‭ ‬لتأجيج‭ ‬الصراع،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬نزاع‭ ‬الصحراء‭ ‬أصبح‭ ‬يدبر‭ ‬في‭ ‬مستويات‭ ‬“جيواستراتيجية”‭ ‬معقدة‭ ‬ومتداخلة،‭ ‬والطرح‭ ‬الوطني‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬تسوية‭ ‬هذا‭ ‬النزاع‭ ‬يعرف‭ ‬تطورات‭ ‬هائلة‭ ‬نحو‭ ‬الحسم،‭ ‬والأهم‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تسوية‭ ‬لهذا‭ ‬النزاع‭ ‬سيمكن‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬المغاربية‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬طموحات‭ ‬الاندماج،‭ ‬والتركيز‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬الملفات‭ ‬التنموية‭ ‬والحضارية‭ ‬والثقافية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الموقع‭ ‬التفاوضي‭ ‬الجماعي‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬المختلفة‭.‬
‮ ‬

كيف‭ ‬تساهم‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬الذي‭ ‬يربط‭ ‬نيجيريا‭ ‬بالمغرب‭ ‬عبر‭ ‬موريتانيا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬البلدين؟
بعد‭ ‬لقاء‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬بالرئيس‭ ‬ولد‭ ‬الغزواني‭ ‬قبل‭ ‬أسابيع،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬زيارة‭ ‬خاصة،‭ ‬لكنها‭ ‬تركت‭ ‬انطباعا‭ ‬مبشرا‭ ‬بمستقبل‭ ‬العمل‭ ‬سويا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التشاركية‭ ‬في‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬مشروعا‭ ‬قاريا‭ ‬مثل‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬نيجيريا‭ ‬-‭ ‬المغرب،‭ ‬يحظى‭ ‬بقبول‭ ‬الشركاء‭ ‬المعنيين‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬يشكل‭ ‬طموحا‭ ‬للاستثمارات‭ ‬الدولية‭ ‬المعبر‭ ‬عنها‭. ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬يظل‭ ‬مشروعا‭ ‬استثماريا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬وطموحا،‭ ‬يخدم‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭ ‬للدول‭ ‬المعنية‭ ‬به‭ ‬ويخلق‭ ‬هوامش‭ ‬جديدة‭ ‬لمنظومة‭ ‬تدفق‭ ‬المحروقات‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬مشروع‭ ‬يخدم‭ ‬مصلحة‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الإفريقية‭ ‬الأوروبية‭.‬‮ ‬
‮ ‬
ما‭ ‬هي‭ ‬الآفاق‭ ‬المستقبلية‭ ‬للعلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الموريتانية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ولاية‭ ‬ثانية‭ ‬للرئيس‭ ‬الغزواني،‭ ‬وهل‭ ‬من‭ ‬توقعات‭ ‬بتطورات‭ ‬نوعية‭ ‬جديدة؟
يعول‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬تعاون‭ ‬اقتصادي‭ ‬فعال‭ ‬ومنتج‭ ‬ومربح‭ ‬للبلدين،‭ ‬خصوصا‭ ‬أمام‭ ‬الإصلاحات‭ ‬والطموحات‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬موريتانيا،‭ ‬والتي‭ ‬تنهج‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬منفتحة‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬واتجاه‭ ‬الشركاء‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬الدوليين،‭ ‬والمغرب‭ ‬أمام‭ ‬أولوياته‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬لإفريقيا‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬او‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المبادرات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المطروحة،‭ ‬يتضح‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬التقائية‭ ‬في‭ ‬الطموح‭ ‬التنموي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاستراتيجي‭ ‬للبلدين‭.‬
‮ ‬
ما‭ ‬هي‭ ‬الخطوات‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬اتخاذها‭ ‬لتعزيز‭ ‬الاستغلال‭ ‬المشترك‭ ‬للحدود‭ ‬الإقليمية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وموريتانيا؟
أعتقد‭ ‬أن‭ ‬مسؤولي‭ ‬البلدين‭ ‬يقدرون‭ ‬ويدركون‭ ‬أهمية‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬خصوصا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تربطها‭ ‬حدود‭ ‬مشتركة،‭ ‬وآفاق‭ ‬التعاون‭ ‬هي‭ ‬موجودة،‭ ‬لكن‭ ‬الطموح‭ ‬يفوق‭ ‬الواقع‭ ‬خصوصا‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬الفرص‭ ‬المتاحة‭ ‬ورغبة‭ ‬المقاولات‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬آفاق‭ ‬واعدة‭ ‬خصوصا‭ ‬أمام‭ ‬التطور‭ ‬الهائل‭ ‬في‭ ‬المعادلات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بموريتانيا‭ ‬وبداية‭ ‬الاستغلال‭ ‬المشترك‭ ‬للغاز‭ ‬مع‭ ‬السينغال،‭ ‬وأيضا‭ ‬أمام‭ ‬فرص‭ ‬الاستثمار‭ ‬التي‭ ‬تتيحها‭ ‬الأرضية‭ ‬الصناعية‭ ‬بالمغرب‭ ‬وأيضا‭ ‬الاستحقاقات‭ ‬القارية‭ ‬والدولية‭ ‬المرتقبة‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬مساعدة‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الثروات‭ ‬البحرية‭ ‬بالبلدين،‭ ‬وكلها‭ ‬معطيات‭ ‬تفتح‭ ‬آفاقا‭ ‬واعدة‭ ‬للعمل‭ ‬المشترك‭ ‬والتعاون‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬لاستثمار‭ ‬كونهما‭ ‬نقطة‭ ‬تماس‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية‭ ‬بين‭ ‬قارتين‭.‬