يشهد المشهد الصحي المغربي تحوّلًا عميقًا. تحوّلًا صامتًا لكنه متسارع، يعيد رسم موازين القوى، ويقلب المعادلات الاقتصادية، ويفرض معايير جديدة في التنظيم والتدبير.
من جهة، مجموعات صحية كبرى، مهيكلة وقوية، تعتمد حكامة حديثة، وأدوات مالية متينة، ولها قدرة واضحة على التوسع الوطني.
ومن جهة أخرى، شبكة واسعة من العيادات الفردية والمصحات الصغيرة، التي شكّلت تاريخيًا عماد طب القرب، لكنها تجد نفسها اليوم في وضع هش.
لم تعد المسألة إيديولوجية.
لقد أصبحت مسألة وجود.
لقد أصبحت مسألة وجود.
اختلال بنيوي يتعمّق
أدركت المجموعات الاستشفائية الكبرى، في وقت مبكر، أهمية العمل المشترك: موارد بشرية متخصصة، أنظمة معلومات مدمجة، مشتريات موحّدة، تواصل مؤسساتي منظم، وقدرة عالية على التفاوض مع الممولين والسلطات العمومية.
قوتها لا تكمن فقط في رأس المال المالي، بل في تنظيم جماعي محكم وفعّال.
في المقابل، لا تزال العديد من الهياكل الصحية الليبرالية الصغيرة تشتغل وفق نماذج فردية أو شبه تقليدية.
وهي، رغم ما تقدمه من طب قرب ذي جودة إنسانية وسريرية عالية، تجد صعوبة في مواكبة المتطلبات المتزايدة للمنظومة الصحية: الرقمنة، المعايير، التتبع، الضغط الاقتصادي، آجال الأداء، وتنامي المنافسة.
في هذا السياق، يتحول العزل والفردانية إلى نقطة ضعف حقيقية.
وهي، رغم ما تقدمه من طب قرب ذي جودة إنسانية وسريرية عالية، تجد صعوبة في مواكبة المتطلبات المتزايدة للمنظومة الصحية: الرقمنة، المعايير، التتبع، الضغط الاقتصادي، آجال الأداء، وتنامي المنافسة.
في هذا السياق، يتحول العزل والفردانية إلى نقطة ضعف حقيقية.
الاتحاد دون ذوبان: ضرورة استراتيجية
فكرة توحيد العيادات والمصحات الصغيرة ليست جديدة، لكنها تعود اليوم بإلحاح، مدفوعة بعدة أصوات مهنية.
ليس من منطلق المواجهة، بل في إطار مقاربة عقلانية: خلق كتلة وازنة دون التفريط في الهويات المهنية.
نظريًا، يبرز خياران: إما دمج كل المكونات في نقابة واحدة،
ليس من منطلق المواجهة، بل في إطار مقاربة عقلانية: خلق كتلة وازنة دون التفريط في الهويات المهنية.
نظريًا، يبرز خياران: إما دمج كل المكونات في نقابة واحدة،
أو إنشاء إطار جماعي فدرالي يجمع النقابات القائمة حول أهداف مشتركة.
الخيار الأول، رغم جاذبيته النظرية، يصطدم بواقع الميدان: مسارات مختلفة، حساسيات متباينة، وثقافات نقابية متعددة. لذلك، يبدو التوحيد الكامل صعب التحقيق في الظرف الراهن.
الإطار الجماعي: خيار واقعي
يبدو الخيار الثاني أكثر واقعية ونضجًا. ويتمثل في توحيد النقابات التمثيلية داخل بنية مشتركة، دون المساس بهوياتها الخاصة.
إطار جماعي قوي، قادر على التحدث بصوت واحد في القضايا الكبرى: التعرفة، الاتفاقيات، حكامة النظام الصحي، ومكانة القطاع الليبرالي في الإصلاحات الجارية.
الهدف ليس محو الاختلافات، بل بناء أرضية مشتركة.
ففي التفاوض مع صناع القرار، لم يعد الوزن يُقاس بعدد الهياكل المتفرقة، بل بقدرة التنسيق وانسجام الخطاب.
من الخطأ اختزال هذا النقاش في بعده النقابي فقط.
يبدو الخيار الثاني أكثر واقعية ونضجًا. ويتمثل في توحيد النقابات التمثيلية داخل بنية مشتركة، دون المساس بهوياتها الخاصة.
إطار جماعي قوي، قادر على التحدث بصوت واحد في القضايا الكبرى: التعرفة، الاتفاقيات، حكامة النظام الصحي، ومكانة القطاع الليبرالي في الإصلاحات الجارية.
الهدف ليس محو الاختلافات، بل بناء أرضية مشتركة.
ففي التفاوض مع صناع القرار، لم يعد الوزن يُقاس بعدد الهياكل المتفرقة، بل بقدرة التنسيق وانسجام الخطاب.
من الخطأ اختزال هذا النقاش في بعده النقابي فقط.
الرهان صحي ومجتمعي بالدرجة الأولى
فالاختفاء التدريجي للهياكل الليبرالية الصغيرة ستكون له انعكاسات مباشرة على: ولوج المواطنين إلى طب القرب، استمرارية الرعاية، التوازن المجالي، والعلاقة بين الطبيب والمريض.
الحفاظ على هذا النسيج لا يعني رفض الحداثة أو صعود المجموعات الكبرى.
بل يعني إعادة التوازن، عبر تمكين الفاعلين الصغار من أدوات تنظيم جماعي فعّالة.
في مغرب الصحة الذي يتشكل اليوم، لم يعد العمل الفردي خيارًا قابلًا للاستمرار.
أما الاتحاد، بصيغ مرنة وذكية تحترم الخصوصيات، فيبدو شرطًا للبقاء، وفرصة حقيقية للتجديد.
وكما يختصر ذلك الدكتور صلاح الدين ااوافي، فإن الجهد يجب أن يكون جماعيًا، ومن دون استثناء، لبلوغ هدف واضح: إما الوجود الجماعي أمام صناع القرار، أو التلاشي الفردي أمام منطق السوق.
أما الاتحاد، بصيغ مرنة وذكية تحترم الخصوصيات، فيبدو شرطًا للبقاء، وفرصة حقيقية للتجديد.
وكما يختصر ذلك الدكتور صلاح الدين ااوافي، فإن الجهد يجب أن يكون جماعيًا، ومن دون استثناء، لبلوغ هدف واضح: إما الوجود الجماعي أمام صناع القرار، أو التلاشي الفردي أمام منطق السوق.