أكد عبد العالي بنلياس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط، أن توالي الانقلابات العسكرية في موريتانيا أثر على علاقتها بالمغرب، مشددا على أن التاريخ له ثقله في العلاقات بين البلدين، لأن التاريخ هو جزء لا يتجزأ من مسار تطور هذه العلاقات ومن ذاكرة شعوبها ونخبها وقاداتها.
كيف تقيم مستوى التعاون السياسي والدبلوماسي الحالي بين المغرب وموريتانيا، وماهي أبرز المحطات التي ساهمت في تعزيز هذا التعاون خلال السنوات الأخيرة؟
لا يمكن أن نفهم العلاقات المغربية الموريتانية ونقرأ مسار تطورها، إلا من خلال التاريخ والجغرافيا والخصوصية الثقافية لسكان المناطق الصحراوية، من جهة ومن خلال التطورات الجيوسياسية والإقليمية لمنطقة شمال وغرب إفريقيا. فهذه العناصر تجعل العلاقات بين البلدين تتسم بنوع من التعقيد والتركيب الذي يجعل هذه العلاقات تتسم أحيانا بالاستقرار والانفراج وأحيانا أخرى بالتوتر والجمود.
أكيد أن التاريخ له ثقله في العلاقات بين البلدين، لأن التاريخ هو جزء لا يتجزأ من مسار تطور هذه العلاقات ومن ذاكرة شعوبها ونخبها وقاداتها. ولا يمكن لأحد أن ينكر أن المغرب كان يعتبر أن حدوده تمتد حتى نهر السينغال، وأن هناك وزارة كانت تحمل إسم وزارة موريتانيا والصحراء، ولكن منذ سنة 1969 سوف تصبح هذه المرحلة جزء من الماضي، وستدخل العلاقات بين البلدين مرحلة جديدة باعتراف المغرب بدولة موريتانيا، ودعوة الرئيس ولد داداه لحضور الدورة الأولى للمؤتمر الإسلامي المنعقد بالمغرب.
هذه المرحلة شكلت نقطة مفصلية في مسار تطور العلاقات بين البلدين، حيث انتقلت العلاقة من مرحلة الصراع والنزاع إلى مرحلة التطبيع والتعاون، ومرحلة توقيع اتفاقية الصداقة وحسن الجوار بين البلدين سنة 1970، وتلا هذه المرحلة توقيع اتفاقية مدريد بين المغرب وموريتانيا وإسبانيا، وهي الاتفاقية التي أنهت الوجود الإسباني في الصحراء المغربية.
ما مرد هذه العلاقات غير المستقرة بين المغرب وموريتانيا، بين مد وجزر منذ استقلال البلدين إلى اليوم؟
أكيد أن العلاقات بين البلدين اتسمت في مسارها بعدم الاستقرار، أحيانا يغلب عليها طابع التعاون، وأحيانا أخرى طابع الأزمة، وهذا راجع بالأساس لعوامل داخلية لموريتانيا التي كانت تتميز بتوالي الانقلابات العسكرية، التي ترخي بظلالها على تطور العلاقات بين البلدين، خاصة أن موريتانيا بحكم تواجدها وسط قوتين إقليميتين تتنافسان على النفوذ على مستوى شمال إفريقيا وهما المغرب والجزائر، وفي محاولة استمالة موريتانيا إلى دائرة تأثيرهما وعمقهما الدبلوماسي والسياسي، واتهام موريتانيا لهاتان الدولتان بالتورط في هذه الانقلابات العسكرية.
أكيد أن العلاقات بين البلدين اتسمت في مسارها بعدم الاستقرار، أحيانا يغلب عليها طابع التعاون، وأحيانا أخرى طابع الأزمة، وهذا راجع بالأساس لعوامل داخلية لموريتانيا التي كانت تتميز بتوالي الانقلابات العسكرية، التي ترخي بظلالها على تطور العلاقات بين البلدين، خاصة أن موريتانيا بحكم تواجدها وسط قوتين إقليميتين تتنافسان على النفوذ على مستوى شمال إفريقيا وهما المغرب والجزائر، وفي محاولة استمالة موريتانيا إلى دائرة تأثيرهما وعمقهما الدبلوماسي والسياسي، واتهام موريتانيا لهاتان الدولتان بالتورط في هذه الانقلابات العسكرية.
ولكن مع تراجع ظاهرة الانقلابات العسكرية، وتوجه موريتانيا للحكم المدني، ووصول الملك محمد السادس إلى الحكم، أصبحت العلاقات بين البلدين تتجه نحو الاستقرار وتغليب عناصر التعاون والتنسيق والمصالح المشتركة والفرص التي يمنحها هذا التعاون على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدين.
ويبقى ملف الصحراء المغربية واعتراف موريتانيا بجبهة البوليساريو من النقط الشائكة، التي لازالت تشكل عائقا في التحول إلى مستوى أعمق وأوسع في العلاقات بين البلدين.
كيف يمكن تفسير التزام موريتانيا بالحياد الإيجابي في نزاع الصحراء المغربية، وما انعكاس ذلك على العلاقات مع المغرب؟
إن موريتانيا توجد في موقف حساس ودقيق إزاء قضية الصحراء المغربية، فهي توجد في منطقة حدودية مع كل من المغرب والجزائر، وتتعرض لضغوطات مختلفة لثني موريتانيا على عدم سحب اعترافها بجبهة البوليساريو، وفي نفس الوقت تدرك الأهمية الاستراتيجية التي يمثلها المغرب في منطقة شمال وغرب إفريقيا، ومن ثمة تحاول جاهدة على خلق نوع من التوازن في علاقاتها مع كل من المغرب والجزائر من خلالها تبنيها للحياد الإيجابي الذي يعترف بالواقع القائم وينخرط بشكل إيجابي في كل المبادرات التي يمكن أن تساهم في حل قضية الصحراء المغربية.
إن موريتانيا توجد في موقف حساس ودقيق إزاء قضية الصحراء المغربية، فهي توجد في منطقة حدودية مع كل من المغرب والجزائر، وتتعرض لضغوطات مختلفة لثني موريتانيا على عدم سحب اعترافها بجبهة البوليساريو، وفي نفس الوقت تدرك الأهمية الاستراتيجية التي يمثلها المغرب في منطقة شمال وغرب إفريقيا، ومن ثمة تحاول جاهدة على خلق نوع من التوازن في علاقاتها مع كل من المغرب والجزائر من خلالها تبنيها للحياد الإيجابي الذي يعترف بالواقع القائم وينخرط بشكل إيجابي في كل المبادرات التي يمكن أن تساهم في حل قضية الصحراء المغربية.
كيف تساهم المشاريع الكبرى مثل أنبوب الغاز الذي يربط نيجيريا بالمغرب عبر موريتانيا في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين؟
من الواضح أن موقع موريتانيا الجغرافي كمنطقة حدودية على مستوى موريتانيا مع جنوب المغرب على مستوى معبر الكركرات وعلى طول الحدود الغربية للصحراء المغربية، يجعل الجغرافيا السياسية محددا أساسيا في رسم مستقبل العلاقات بين البلدين، ويدفعها إلى الانخراط في المبادرات التي يمكن أن تساهم في الاندماج الاقتصادي لموريتانيا مع دول غرب إفريقيا. لهذا نجد موريتانيا تنخرط في مبادرة أنبوب الغاز نيجريا المغرب لما يشكله من فرص للتكامل الاقتصادي وللتنمية الاجتماعية لبلدان المنطقة، ويعزز في نفس الوقت فرص تشبيك العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وموريتانيا.
من الواضح أن موقع موريتانيا الجغرافي كمنطقة حدودية على مستوى موريتانيا مع جنوب المغرب على مستوى معبر الكركرات وعلى طول الحدود الغربية للصحراء المغربية، يجعل الجغرافيا السياسية محددا أساسيا في رسم مستقبل العلاقات بين البلدين، ويدفعها إلى الانخراط في المبادرات التي يمكن أن تساهم في الاندماج الاقتصادي لموريتانيا مع دول غرب إفريقيا. لهذا نجد موريتانيا تنخرط في مبادرة أنبوب الغاز نيجريا المغرب لما يشكله من فرص للتكامل الاقتصادي وللتنمية الاجتماعية لبلدان المنطقة، ويعزز في نفس الوقت فرص تشبيك العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المغرب وموريتانيا.
ما هو دور التنسيق الأمني بين المغرب وموريتانيا في الحفاظ على أمن الحدود المشتركة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية؟
لا يمكن الاستفادة من عائدات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن تحقيقها من خلال المشاريع الإقليمية والمشتركة بين البلدين، إلا من خلال مواجهة ومحاربة التهديدات الأمنية التي تعرفها المنطقة على مستوى الحدود بين البلدين، سواء تعلق بالمجموعات والحركات الإرهابية التي تنشط في منطقة الصحراء والساحل، والعصابات الإجرامية التي تنشط في تهريب الأسلحة والمخدرات والاتجار في البشر، فهذه التهديدات تفرض على البلدين التعاون الأمني والاستخباراتي والعسكري لتأمين المنطقة من هكذا تهديدات.
لا يمكن الاستفادة من عائدات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن تحقيقها من خلال المشاريع الإقليمية والمشتركة بين البلدين، إلا من خلال مواجهة ومحاربة التهديدات الأمنية التي تعرفها المنطقة على مستوى الحدود بين البلدين، سواء تعلق بالمجموعات والحركات الإرهابية التي تنشط في منطقة الصحراء والساحل، والعصابات الإجرامية التي تنشط في تهريب الأسلحة والمخدرات والاتجار في البشر، فهذه التهديدات تفرض على البلدين التعاون الأمني والاستخباراتي والعسكري لتأمين المنطقة من هكذا تهديدات.
ما هي الأفاق المستقبلية للعلاقات المغربية الموريتانية في ظل ولاية ثانية للرئيس الغزواني، وهل من توقعات بتطورات نوعية جديدة؟
العلاقات بين البلدين تمر من مرحلة جديدة، خاصة أمام وعي القيادة السياسية الموريتانية بأهمية الاستمرار في الزخم الذي تعرفها هذه العلاقات إن على المستوى السياسي والدبلوماسي والتي كان عنوانها البارز استقبال الملك محمد السادس للرئيس الموريتاني الغزواني، وتكثيف الزيارات المتبادلة بين وفود البلدين، بغاية الرفع من وتيرة التعاون الاقتصادي والتجاري والتنسيق السياسي.
العلاقات بين البلدين تمر من مرحلة جديدة، خاصة أمام وعي القيادة السياسية الموريتانية بأهمية الاستمرار في الزخم الذي تعرفها هذه العلاقات إن على المستوى السياسي والدبلوماسي والتي كان عنوانها البارز استقبال الملك محمد السادس للرئيس الموريتاني الغزواني، وتكثيف الزيارات المتبادلة بين وفود البلدين، بغاية الرفع من وتيرة التعاون الاقتصادي والتجاري والتنسيق السياسي.
إن مستوى هذه العلاقات أصبح أكثر نضجا بالنظر للتحولات الجيوسياسية التي تعرفها منطقة شمال وغرب إفريقيا، بحيث أصبحنا أمام منطق الدولة والمؤسسات التي يرسي دعائمها رئيس الجمهورية الموريتانية، هذا المنطق الذ ي يفرض الدخول في علاقات استراتيجية تقوم على المصالح المتبادلة والابتعاد عن لعبة الاستقطاب التي هيمنت عقود من الزمن على مواقف موريتانيا.
كيف تؤثر العلاقات الاقتصادية بين البلدين في الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل والصحراء؟
أكيد أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ومؤشرات هذه العلاقات هي التي تشهد بالملموس على تطور العلاقات بين موريتانيا والمغرب، حيث ناهزت المبادلات التجارية بين البلدين خلال سنة 2022 حوالي 300 مليون دولار، بعدما لم تتجاوز 1.9 مليار دولار خلال الفترة من 2009-2019، (أي بمعدل سنوي أقل من 173 مليون دولار)، فضلا على الحركة التجارية والتنقل البشري الذي يعرفه معبر الكركرات والاستثمارات المتصاعد للمغرب في موريتانيا والتي تهم القطاع البنكي والاتصال والبناء، هذه كلها مؤشرات تبين على أن مستقبل الشراكة والتعاون بين البلدين هي عامل أساسي في توسيع دائرة التعاون ليشمل منطقة الساحل والصحراء، خاصة أن الأمر يتعلق بمجال جغرافي متواصل وبخصائص اقتصادية وتجارية وثقافية متشابهة بين بلدان المنطقة.
أكيد أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ومؤشرات هذه العلاقات هي التي تشهد بالملموس على تطور العلاقات بين موريتانيا والمغرب، حيث ناهزت المبادلات التجارية بين البلدين خلال سنة 2022 حوالي 300 مليون دولار، بعدما لم تتجاوز 1.9 مليار دولار خلال الفترة من 2009-2019، (أي بمعدل سنوي أقل من 173 مليون دولار)، فضلا على الحركة التجارية والتنقل البشري الذي يعرفه معبر الكركرات والاستثمارات المتصاعد للمغرب في موريتانيا والتي تهم القطاع البنكي والاتصال والبناء، هذه كلها مؤشرات تبين على أن مستقبل الشراكة والتعاون بين البلدين هي عامل أساسي في توسيع دائرة التعاون ليشمل منطقة الساحل والصحراء، خاصة أن الأمر يتعلق بمجال جغرافي متواصل وبخصائص اقتصادية وتجارية وثقافية متشابهة بين بلدان المنطقة.
ما هي الخطوات العملية التي يمكن اتخاذها لتعزيز الاستغلال المشترك للحدود الإقليمية بين المغرب وموريتاني؟
أولا: لابد من الحفاظ على مستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية التي تربط البلدين، من خلال تكثيف الزيارات المتبادلة وتفعيل اللجان المشتركة.
وثانيا أن تتسلح القيادات السياسية للبلدين بروح التعاون والتنسيق لمواجهة التحديات المشتركة.
وثالثا أن يتم التفكير في جعل المنطقة الحدودية بين البلدين، حاضنة منطقة للرواج الاقتصادي والتجاري، حتى تتحول هذه المنطقة الحدودية إلى للمشاريع والاستثمارات المشتركة وللتنمية الاجتماعية.
أولا: لابد من الحفاظ على مستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية التي تربط البلدين، من خلال تكثيف الزيارات المتبادلة وتفعيل اللجان المشتركة.
وثانيا أن تتسلح القيادات السياسية للبلدين بروح التعاون والتنسيق لمواجهة التحديات المشتركة.
وثالثا أن يتم التفكير في جعل المنطقة الحدودية بين البلدين، حاضنة منطقة للرواج الاقتصادي والتجاري، حتى تتحول هذه المنطقة الحدودية إلى للمشاريع والاستثمارات المشتركة وللتنمية الاجتماعية.