Thursday 1 May 2025
كتاب الرأي

ياسيــن كحلـي: جولة أبريل 2025 من الحوار الاجتماعي محطة حاسمة في تعزيز المكاسب الاجتماعية وبناء رؤية مشتركة

ياسيــن كحلـي: جولة أبريل 2025 من الحوار الاجتماعي محطة حاسمة في تعزيز المكاسب الاجتماعية وبناء رؤية مشتركة ياسيــن كحلـي

في سياق المساعي الوطنية الرامية إلى ترسيخ دعائم الحوار الاجتماعي كآلية استراتيجية لتحقيق التوازن المجتمعي، وتجسيدا للتوجيهات الملكية السامية التي جعلت من الحوار الاجتماعي ركيزة أساسية في النموذج التنموي الجديد، تأتي جولة أبريل 2025 للحوار الاجتماعي المركزي لتمثل منعطفا تاريخيا في مسار الإصلاحات الاجتماعية ببلادنا.

 

وقد ترأسها رئيس الحكومة بمشاركة النقابات الأكثر تمثيلية والاتحاد العام لمقاولات المغرب والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية بهدف تقييم المنجزات المحققة في إطار الحوار الاجتماعي، ومتابعة تنفيذ الالتزامات المتبادلة بين الأطراف المعنية، ووضع خطط للمرحلة المقبلة، مع التركيز على استكمال تنفيذ الاتفاقين الاجتماعيين الموقعين في 30 أبريل 2022 و29 أبريل من السنة الماضية.

 

حيث حققت هذه الجولة حصيلة متميزة بفضل التعاون البناء بين الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين، مما أسفر عن تحسينات ملموسة في الدخل والقدرة الشرائية للشغيلة، وتعزيز الحماية الاجتماعية. فعلى مستوى القطاع العام، تم في يوليوز 2024 صرف الدفعة الأولى من الزيادة العامة في الأجور بقيمة 1000 درهم شهريا صافية، موزعة على مرحلتين، استفاد منها جميع موظفي الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العامة. كما شملت الإجراءات قطاعات حيوية مثل التربية الوطنية بتكلفة تجاوزت 17 مليار درهم، والتعليم العالي بغلاف مالي قدره ملياران درهم، وقطاع الصحة بتكلفة بلغت 3.5 مليار درهم. ومن المتوقع أن يرتفع المتوسط الشهري الصافي للأجور في القطاع العام إلى 10,100 درهم بحلول 2026، مقارنة بـ 8,237 درهم في 2021، بينما ارتفع الحد الأدنى للأجور من 3000 درهم إلى 4500 درهم، بزيادة نسبتها %50، بتكلفة إجمالية تقدر بِـ 45.7 مليار درهم.

 

أما في القطاع الخاص، فقد شهد الحد الأدنى القانوني للأجر في النشاطات غير الفلاحية (SMIG) زيادة بنسبة %15، ليرتفع من 2638.05 درهم إلى 3046.77 درهم شهريا، بزيادة قدرها 408.72 درهم. وفي النشاطات الفلاحية (SMAG)، ارتفع الحد الأدنى للأجر بنسبة %20، من 1859.79 درهم إلى 2255.27 درهم، بزيادة شهرية تقدر بـ 395.48 درهم. كما تم تخفيض شرط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3240 يوم اشتراك إلى 1320 يوما، مع تطبيق الأثر الرجعي على المتقاعدين منذ يناير 2023، مما وسع نطاق الحماية الاجتماعية ليشمل فئات جديدة.

 

وفي إطار تحسين النظام الضريبي، أدت مراجعة الضريبة على الدخل بدءا من يناير 2025 إلى توفير ست مليارات درهم، ساهمت في زيادة دخل الشغيلة بأكثر من 400 درهم شهريا. كما التزمت الحكومة بمواصلة تحسين الدخل في القطاع العام عبر صرف دفعة ثانية من الزيادة بقيمة 500 درهم في يوليوز من هذه السنة، وفي القطاع الخاص عبر رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة %5 في يناير وأبريل 2026، والعمل على توحيده تدريجيا بحلول سنة 2028.

 

إلى جانب ذلك، تم الاتفاق على مواصلة النقاش حول النظام الأساسي لموظفي الجماعات الترابية، الذي يهم أكثر من 84,000 موظفا، مع عقد اجتماع جديد في 13 ماي 2025. كما التزمت الحكومة بمراجعة الأنظمة الأساسية لهيئات مهنية مثل المهندسين والمتصرفين والتقنيين ومفتشي الشغل، وإحداث لجان مختصة لإصلاح تشريعات العمل وتعديل مدونة الشغل بما يتوافق مع تطلعات الشركاء.

 

وفي مجال إصلاح أنظمة التقاعد، تم تشكيل لجنة وطنية لوضع تصور توافقي للإصلاح، بناء على المبادئ المتفق عليها في الاتفاق الاجتماعي لأبريل 2024. كما أكدت الحكومة على أهمية الحوار القطاعي المنتظم، وأعلنت عن إصدار منشور لتعميمه على القطاعات المعنية، مع متابعة نتائج هذه الحوارات من قبل رئيس الحكومة.

 

بهذه الخطوات، يؤكد المغرب التزامه الراسخ بترسيخ الحوار الاجتماعي كأداة فعالة لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، مع التركيز على تحسين ظروف العيش والعمل لكافة فئات الشغيلة، وتعزيز الثقة بين الأطراف الاجتماعية والاقتصادية.

ياسيــن كحلـي، مستشار قانوني وباحث في العلوم القانونية