أكد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة على أن الوقاية من المنازعات وتدبيرها بفعالية لا يمثل إجراءً تقنيا فحسب، بل يـــَتَجَسَّدُ كفلسفة شاملة تهدف إلى بناء جسور الثقة بين الأطراف المعنية وتعزيز الحلول التوافقية، هذه الحلول التي ينبغي أن تضمن حقوق جميع الأطراف وتوفر بيئة استثمارية مستقرة وآمنة، باعتبار الاستثمار أحد ركائز الاقتصاد الوطني، والذي يساهم بشكل مباشر في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل، ومن هنا تبرز أهمية إيجاد آليات مُبْتَكَرَة تساهم في صون المشروعية وتحقيق الاستقرار وتفادي المنازعات التي تؤثر سلبًا على تحقيق التنمية.
وأضاف بمناسبة حضور المناظرة الوطنية الأولى المنظمة بالرباط يومي 15 و16 أبريل 2025 حول موضوع" تدبير منازعات الدولة والوقاية منها: مدخل لصون المشروعية واستقرار الاستثمار وترشيد النفقات العمومية"، أن ترشيد النفقات العمومية يشكل تحديًا كبيرًا يتطلب منا جميعًا العمل سوياً لضمان الاستخدام الأمثل للموارد الوطنية، وتطوير آليات فعالة لحل منازعات الدولة، والوقاية منها بشكل يسَاهِم في تقليل التكاليف التي قد تنشأ جَرَّاءَ مباشرة الإجراءات، والمساطر القانونية والقضائية المرتبطة بهذا الموضوع.
وزاد قائلا:"لقد تضمن دستور المملكة مجموعة من المبادئ والأحكام التي تشكل أرضية صلبة لصون المشروعية وسيادة حكم القانون، على رأسها ربط المسؤولية بالمحاسبة والحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة وخلق مناخ أعمال سليم وتنافسي، فضلا عن إجراءات قوية لزجر كل أشكال الانحراف في تدبير النفقات العمومية.
وفي هذا الإطار، لا يمكننا إلا أن نستحضر الرسالة الملكية السامية إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة، بتاريخ 21 أكتوبر 2019،حيث قال جلالته: " ومن هنا تبرز أهمية توحيد آليات ومساطر تسوية منازعات الاستثمار، على الصعيد الوطني والجهوي والدولي، وتجاوز إشكاليات الاختصاص القضائي الوطني في هذا المجال، عبر إقامة نظام قانوني ملائم، يتوخى تفادي المشاكل والحد من المنازعات، وكذلك إنشاء هيئات متخصصة في فض هذا النوع من النزاعات، داخل الآجال المعقولة، وتراعي خصوصيات المنازعات المالية والتجارية، وتتسم بالسرعة والفعالية والمرونة".انتهى النطق الملكي السامي".
رئيس النيابة العامة، أبرز أيضا أهمية تدبير منازعات الدولة والوقاية منها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وترشيد النفقات العمومية، مشيرا إلى أن المؤسسة بادرت بمعية شركائها لاسيما الوكالة القضائية للمملكة إلى بدل جهود متميزة في مسار التدبير الجيد والفعال لمنازعاتها.
وفي هذا الإطار، فقد سبق لرئاسة النيابة العامة أن نظمت بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية والوكالة القضائية للمملكة بتاريخ 12 ديسمبر 2019 ندوة علمية وطنية بمراكش خصصت لتدارس موضوع " الخطأ القضائي في مجال الاعتقال الاحتياطي.
وإيمانا منها بأهمية تجويد العمل والرفع من نجاعته والارتقاء به، وتبسيط المساطر وتوظيف التكنولوجيا الحديثة خدمة لحسن تدبير منازعات الدولة، فقد انخرطت رئاسة النيابة العامة، حسب المتحدث ذاته، بكل جدية من أجل تكريس التبادل الالكتروني للوثائق والمذكرات مع النيابات العامة لدى محاكم المملكة وكذا مع الوكالة القضائية للمملكة، وهو ما كان له الأثر الإيجابي في تسهيل تبادل المعلومات والمستندات ذات الصلة بقضايا المنازعات، مما مكَّن من تجويد الدفاع عن مصالح رئاسة النيابة العامة، وضمان تحقيق النجاعة من خلال ضبط الآجال القانونية واحترام الآجال المحددة من طرف المحاكم ، وهو ما انعكس إيجابا على مستوى مؤشر تدبير قضايا التعويض التي يتم رفعها في مواجهة النيابةالعامة بسبب بعض القرارات التي قد تتخذها في إطار تدبيرها للدعوى العمومية حيثحققت نسبة نجاح قاربت100 في المائة .