قالت حركة تقرير مصير بلاد القبائل إنه تُطرح كثيرًا هذه التساؤلات: لماذا يطالب القبايليون باستقلال بلاد القبائل بدلاً من خوض نضال شامل يشمل كل الأمازيغ في شمال إفريقيا، من المغرب إلى ليبيا؟ الجواب بسيط وجوهري في آنٍ واحد: منطقة القبائل لا تتخلى عن القضية الأمازيغية، بل هي عمودها الأقوى، والأوضح، والأكثر حرية.
وأوضحت حركة "الماك"، في تقرير لها نشرته باللغة الفرنسية على فصحتها الرسمية، اطلعت عليه "أنفاس بريس"، أن بلاد القبائل هي أرض أمازيغية، يسكنها شعب أصيل يمتد تاريخه لآلاف السنين: القبايل، الذين يتشبثون بلغتهم، وثقافتهم، وحريتهم بشراسة. قبل الاحتلال الاستعماري الفرنسي، وبفترة طويلة قبل اختراع "الجزائر الحديثة"، كانت بلاد القبائل بلدًا حرًا، منظمًا، ومستقلًا.
وسارت الحركة إلى أنه منذ استقلال الجزائر سنة 1962، قدّم القبايل كل شيء في سبيل الأمازيغية: من نضالات ثقافية، وانتفاضات سلمية، إلى شهداء ضحّوا بأرواحهم. فماذا قدّم لهم النظام الجزائري في المقابل؟ مذابح، واعتقالات، وإهانات، وسياسة تعريب وحشية. بل الأسوأ من ذلك، تلاعب ممنهج بباقي الشعوب الأمازيغية حتى صار كثير منهم يعتقدون أنهم عرب، رغم أنهم بالكاد يتحدثون العربية المفروضة عليهم.
أمام هذا الغدر التاريخي،تضوح حركة "الماك"، أدرك الشعب القبايلي حقيقة مُرّة: لا يمكن إنقاذ قارة بأكملها إذا كنا نحن أنفسنا نغرق. لذا اختارت منطقة القبائل طريقًا آخر: طريق الاستقلال، ليس بدافع الأنانية، بل بدافع الرؤية. فاليوم، منطقة القبائل هي الجهة الأمازيغية الوحيدة التي أرست أسس دولة حديثة ملموسة: دستور فيدرالي، علماني، ديمقراطي. نموذج فريد في كل شمال إفريقيا.
وشددت حركة "الماك"، على أن هذا بالتحديد هو النموذج الذي يسعى النظام الجزائري لسحقه بأي ثمن. لأنه في حال نجاح القبائل، فإنها ستُصبح مرآة خطيرة لبقية الشعوب الأمازيغية التي لا تزال خاضعة للتعريب القسري. مرآة تُريهم أن طريقًا آخر ممكن: طريق الكرامة، والهوية المتصالحة مع ذاتها، والسيادة.
ولم يفت حركة "الماك" التأكيد على أن بلاد القبائل لا تدير ظهرها للأمازيغية. بل ترسم لها طريقًا. طريقًا حرًا. وربما، غدًا، ستسير الشعوب الأخرى على هذا الطريق.