العدوان الإسرائيلي الغاشم على الفلسطينيين لم يترك أي مجال من المجالات للاعتداء على هذا الشعب الصامد، منذ عقود من المذابح والتنكيل والتهجير، على مرأى من العالم أجمع، تشمل كل المجالات والأجيال، دمارا وتنكيلا دون أي استثناء سواء مهنيي الإعلام والصحافيين والعاملين بالقطاعات الطبية بكل طواقمها والتعليمية، وتدمير سيارات الإسعاف، علاوة على التجويع والحصار الغذائي وقطع الكهرباء بشكل منهجي مع سبق الإصرار والترصد( وكلها تندرج ضمن الإبادة الجماعية المعاقب عليها في القانون الدولي الإنساني).
وهكذا تم تسجيل اعتداء إسرائيليين ومستوطنين وأفراد جيش الاحتلال الصهيوني، نهاية شهر مارس 2025 ، على المخرج الفلسطيني حمدان بلال الحائز على جائزة “أوسكار” . وللتذكير فقد شارك حمدان بلال في إخراج فيلم “لا أرض أخرى” No other land" الحائز على “أوسكار” أفضل فيلم وثائقي هذا العام، وقد تم تصوير الفيلم الوثائقي في منطقة مسافر يطا، القريبة من سوسيا في الضفة الغربية ( مقر السلطة الوطنية الفلسطينية، التي هي هيئة الحكم الذاتي المؤقتة التي تم تأسيسها في عام 1994 ،عقب اتفاق لحكم قطاع غزة والمناطق A و B في الضفة الغربية، كنتيجة لاتفاق أوسلو لعام 1993).
وللتذكير مرة أخرى فقد تم اعتبارالفيلم الفلسطيني No Other Land" لا أرض أخرى" أفضل فيلم وثائقي، وشهدت السجادة الحمراء لحفل توزيع جوائز الأوسكار، حضور صناع الفيلم الوثائقى، وارتدى الصناع الشال الفلسطيني وأعلام فلسطين، وهو من إخراج 4 مخرجين، هم: باسل عدرا، وحمدان بلال، وراشيل سزور ويوفال أبراهام، ويدور الفيلم حول محاولات الاحتلال الإسرائيلي طرد الفلسطينيين في قرية مسافر يطا، بالضفة الغربية المحتلة، حيث تعرض الفلسطيني حمدان بلال لاعتداء “وحشي” نفذه مستوطنون قبل أن يعتقله الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة . وعلى عكس العديد من المؤسسات السينمائية البارزة على الصعيد العالمي، لم تصدر الأكاديمية الأمريكية بيانا في البداية. وبعد أيام من ذلك بعثت برسالة إلى أعضائها أدانت فيها “إيذاء الفنانين أو قمعهم بسبب أعمالهم أو وجهات نظرهم”، من دون ذكر اسم بلال.
وبحلول أيام معدودة، كان أكثر من 600 عضو من الأكاديمية قد وقعوا على بيان خاص بهم ردا على التعرض لحمدان بلال والتنكيل به، لا لشيء إلا الانتقام من فوزه بهذا التتويج الفني طبقا للاعتبارات فنية ومهنية صرفة.
وللتذكير مجددا فإن فيلم "لا أرض أخرى" هو فيلم وثائقي من إنتاج مشترك بين دولة فلسطين والنرويج، وإخراج الثنائي الفلـسطيني باسل عدرا وبلال حمدان، والثنائي الإســرائيلي يوفال أبراهام وراحيل تسور، المعروفين بنشاطاتهم الداعمة للقضية الفلـسطينية وداعمون للقضية الفلسطينية. يأتي الفيلم في محاولةٍ من الرباعي في طريق البحث عن العدالة أثناء ما يعانيه الشعب الفلسطيني الصامد في مواجهة اعتداءات تساهم فيها الولايات المتحدة الأمريكية بأجهزة دمار عسكري شامل.
وإن أضعف تأييد لشعب فلسطين في هذه الظرفية العصيبة، أن تنخرط الشعوب الداعمة لفلسطين ومن ضمنها أعضاء جامعة الدول العربية ( وذلك أضعف الإيمان) في عملية تعميم هذا الفيلم لتطلع عليه الشعوب العربية التي تتقاسم مع الشعب الفلسطيني الكثير من القيم الإنسانية والمعاناة والاضطهاد والخيبات.
وللتذكير أيضا فإن اثنين من المساهمين في هذا الإبداع السينمائي، الذي تحاربه الآن إسرائيل بعنف وهمجية، هما من مواليد ما بعد اتفاق غزة أريحة الذي تم التوقيع عليه مطلع التسعينات والذي يتنكرر له الإسرائيليون المتطرفون، وهما الفلسطيني باسل عدرا، المولود عام 1996، والصحافي الاسرائيلي يوفال أبراهام، المولود في إسرائيل عام 1995).