أحدثت إدانة مارين لوبان بالسجن ومنعها من الترشح للانتخابات لمدة خمس سنوات صدمة تجاوزت الحدود الفرنسية. من بودابست إلى واشنطن وموسكو، تباينت ردود الأفعال بين الغضب والدعم. ولكن، بعيدا عن هذه الانقسامات، يبرز سؤال جوهري: هل هذا حكم القدر، أم انتصار للعدالة، أم مجرد خطوة سياسية محسوبة؟
في فرنسا، جاء الحكم كصدمة سياسية مدوية. وزلزال سياسي. مارين لوبان، التي وصلت إلى الجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية لعامي 2017 و2022، تجد نفسها الآن مستبعدة من سباق 2027. أنصارها يرون في ذلك استهدافا سياسيا، بينما يعتبره خصومها تطبيقا صارما للقانون ضد الفساد. لكن هل نحن أمام تحول نحو تسييس القضاء في فرنسا؟ وكما يقول المثل "تقلان الفار مساعد المش"، فالأحداث الجارية قد تكون مقدمة لما هو أعظم.
ما إن صدر الحكم حتى تلاحقت ردود الأفعال الدولية. فيكتور أوربان، ماتيو سالفيني، خيرت فيلدرز وغيرهم من قادة اليمين الأوروبي انتقدوا القرار بشدة. أوربان اكتفى بتغريدة قصيرة "أنا مارين"، فيما وصف سالفيني الحكم بأنه "فيلم سيئ".
أما في روسيا، فقد اعتبر الكرملين الحكم "انتهاكًا للمعايير الديمقراطية".
ومن المثير للسخرية أن موسكو، المعروفة بقمع معارضيها، تدين الآن "الانحراف" الديمقراطي في الغرب. وكما يقول المثل "من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة"، يبدو أن الكرملين يرى في هذه القضية فرصة للضغط السياسي أكثر من كونها مبدأ ديمقراطيا.
ومن المثير للسخرية أن موسكو، المعروفة بقمع معارضيها، تدين الآن "الانحراف" الديمقراطي في الغرب. وكما يقول المثل "من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة"، يبدو أن الكرملين يرى في هذه القضية فرصة للضغط السياسي أكثر من كونها مبدأ ديمقراطيا.
في الولايات المتحدة، حظيت القضية بتغطية إعلامية واسعة. الصحافة الأمريكية اعتبرت الحكم تطورا قد يؤثر على الانتخابات الرئاسية الفرنسية، فيما رأى البعض أنه درس مهم لأمريكا حول كيفية محاسبة القادة السياسيين.
على الجانب الآخر، نددت شخصيات محافظة مثل إيلون ماسك ودونالد ترامب بالحكم، واعتبر ماسك أن "اليسار المتطرف عندما لا يستطيع الفوز عبر الانتخابات، فإنه يستخدم النظام القضائي لسجن خصومه". وكما يقال "إذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي؟"، يرى البعض أن هذه القضية مثال على استخدام القضاء كأداة سياسية.
أما ترامب، الذي يواجه عدة قضايا قانونية، فقد علّق متسائلا: "فرنسا تسجن لوبان وتمنعها من الترشح؟ هل يحاولون فقط إثبات صحة ما قاله جي دي فانس عن أوروبا؟".
يبقى السؤال الجوهري: هل هذا الحكم تجسيد لنزاهة القضاء، أم أنه سلاح سياسي يستخدم ضد الخصوم؟
يرى البعض أن القانون يجب أن يطبق على الجميع، بينما يحذر آخرون من انزلاق فرنسا إلى "حروب قانونية" تهدف إلى تحييد المنافسين السياسيين. في ظل التشكيك المتزايد في المؤسسات، هل لا تزال العدالة قادرة على الحفاظ على استقلاليتها؟ وكما يقول المثل "إذا طاح الجمل كثرو اجناوا"، يبدو أن لوبان تواجه حملة سياسية أكثر من مجرد قضية قضائية. فهل ستعود لوبان أقوى؟
بدلا من أن تكون هذه نهاية لوبان، قد تصبح هذه الإدانة نقطة انطلاق جديدة لها. فهي تنضم إلى قائمة طويلة من القادة السياسيين الذين خرجوا أقوى بعد محاكمتهم. وإذا كسبت الاستئناف، فقد يتحول هذا الحكم إلى سلاح ضد خصومها. فكما يقال "الضربة التي لا تقتل تحيي ولا تقوي"، ربما تجد لوبان في هذه الأزمة فرصة لإعادة بناء شعبيتها.
لكن ما تأثير هذا فعلا على انتخابات 2027؟
لكن ما تأثير هذا فعلا على انتخابات 2027؟
مع استبعاد لوبان، يطرح التساؤل حول مستقبل اليمين القومي في فرنسا. هل سيكون هذا الفراغ فرصة لصعود جوردان بارديلا، الطًّموح الذي ينظر إليه كخليفة طبيعية للوبان؟ بارديلا، الذي يتمتع بشعبية متزايدة داخل حزب التجمع الوطني، قد يجد نفسه الآن في موقع مثالي لقيادة الحملة الرئاسية المقبلة.
لكن هل يستطيع بارديلا استقطاب الناخبين بنفس القوة التي فعلتها لوبان؟ وهل سيتمكن من مواجهة الضغوط السياسية والإعلامية التي ستنهال عليه باعتباره المرشح الأبرز لليمين القومي؟ في المقابل، قد يؤدي غياب لوبان إلى انقسام داخل التيار اليميني، مما قد يعزز فرص شخصيات أخرى سواء داخل الحزب أو في معسكرات سياسية أخرى. وكما يقول المثل "غياب القط يجعل الفئران ترقص"، فقد يكون خروج لوبان فرصة لظهور وجوه جديدة على الساحة.
هذه القضية ليست مجرد حكم قضائي، بل مؤشر على الانقسام الديمقراطي الذي تشهده فرنسا والغرب عموما. مصير مارين لوبان لم يُحسم بعد، لكن المعركة السياسية قد بدأت بالفعل..سياسة لا. اخلاق ولا رحمة فيها...