تطرقت الأستاذة سهام بلغيتي علوي في ندوة "حقوق المرأة الأجيرة بين القانون والواقع" التي نظمها المنتدى المغربي للتنمية الاجتماعية يوم 23 مارس 2025 بالمندوبية الجهوية للثقافة بفاس، لموضوع تمكين المرأة العاملة في المغرب، واعتبرت سهام بلغيتي علوي، في مداخلتها التي نورد ملخصا منها أن تمكين المرأة العاملة في المغرب ليس مجرد مطلب حقوقي، بل هو شرط أساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ورغم الإصلاحات القانونية التي تهدف إلى تعزيز مشاركة النساء في سوق العمل، لا تزال هناك تحديات هيكلية تحول دون تحقيق المساواة الفعلية في الفرص، الأجور، وظروف العمل.
إن المرأة العاملة في المغرب تواجه عقبات متعددة، أبرزها الفجوة في الأجور، هشاشة التشغيل، ضعف التمثيلية في المناصب القيادية، وصعوبة التوفيق بين الحياة المهنية والأسرية. وتتناول هذه المداخلة التحديات التي تعيق تمكين المرأة العاملة، مع أمثلة حية من الواقع المغربي، وتقديم توصيات عملية مدعومة بحالات نجاح يمكن أن تشكل نموذجًا يُحتذى به.
دور تمكين المرأة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية
يسهم إدماج المرأة العاملة في الرفع من الناتج الداخلي الخام وتحقيق التماسك الاجتماعي من خلال:
تحسين الظروف المعيشية للأسر عبر زيادة الدخل الفردي.
الحد من الفقر والهشاشة، خاصة في المناطق القروية حيث تشتغل العديد من النساء في القطاع غير المهيكل.
تعزيز الابتكار والإنتاجية في قطاعات مثل التكنولوجيا وريادة الأعمال.
أمثلة ناجحة:
إطلاق برامج لدعم المقاولات النسائية، مثل "برنامج دعم وتمويل" الذي ساعد سيدات أعمال على تأسيس مشاريع ناجحة.
التحديات التي تواجه المرأة العاملة في المغرب
رغم الإصلاحات، تواجه المرأة تحديات مثل:
الفجوة في الأجور بين النساء والرجال، رغم تساوي الكفاءة والخبرة.
قلة المناصب القيادية التي تشغلها النساء في القطاعين العام والخاص.
ضعف الولوج إلى الحماية الاجتماعية، خاصة في القطاعات غير المهيكلة.
أمثلة:
استمرار وجود حواجز ثقافية تفرض أدوارًا نمطية على المرأة، مما يحد من خياراتها المهنية.
التمييز غير المباشر في الترقية المهنية، حيث تفضل بعض المؤسسات الرجال في المناصب الإدارية العليا.
تعزيز تمثيلية المرأة في المجالس الإدارية للشركات والمؤسسات العمومية، كما هو الحال في بعض القطاعات البنكية والتأمينية.
توصيات لتعزيز تمكين المرأة العاملة في المغرب
التفعيل الصارم للقوانين والتشريعات
مراقبة تنفيذ مدونة الشغل لضمان المساواة الفعلية في الأجور بين الجنسين.
تشديد الرقابة على تطبيق قانون مكافحة التحرش الجنسي في أماكن العمل، وتوفير آليات آمنة للإبلاغ عن الانتهاكات.
ضمان استفادة النساء في القطاع غير المهيكل من الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية.
تعزيز مشاركة المرأة في القطاعات الحديثة والمناصب القيادية
تحفيز توظيف النساء في القطاعات التكنولوجية، والصناعات المتقدمة، وريادة الأعمال.
اعتماد سياسات تحفيزية لرفع نسبة النساء في المناصب الإدارية العليا داخل الشركات والمؤسسات الحكومية.
دعم التوازن بين الحياة المهنية والحياة الأسرية
إلزام الشركات الكبرى والإدارات بتوفير دور حضانة داخل أماكن العمل.
اعتماد نظام العمل المرن للنساء، خاصة للأمهات، دون التأثير على فرص ترقيتهن المهنية.
تعزيز إجازة الأمومة والأبوة بشكل متوازن، لتشجيع توزيع الأدوار الأسرية بين الجنسين.
تمكين المرأة القروية والعاملة في القطاع غير المهيكل
إدماج النساء القرويات في برامج التكوين المهني والمقاولة الذاتية.
دعم التعاونيات النسائية في القرى والمناطق النائية عبر منح تحفيزية وقروض ميسرة.
تحسين ظروف عمل النساء في الضيعات الزراعية عبر فرض الحد الأدنى للأجور والتغطية الصحية.
تعزيز دور النقابات والمجتمع المدني في الدفاع عن حقوق المرأة العاملة
تحفيز النقابات العمالية على تخصيص لجان خاصة بالدفاع عن حقوق النساء في سوق الشغل.
دعم الجمعيات النسائية التي تعمل على تمكين النساء اقتصادياً وتوعيتهن بحقوقهن المهنية.
تشجيع الحملات التوعوية حول أهمية تمكين المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات الاقتصادية
إدراج سياسات خاصة بتمكين المرأة في الاستراتيجيات الاقتصادية الوطنية.
تخصيص دعم حكومي للشركات التي تعتمد سياسات منصفة بين الجنسين في التوظيف والترقية.
متابعة الأثر الاقتصادي لمشاركة المرأة في سوق العمل عبر دراسات دورية لتقييم التقدم المحرز.
خلاصات وتوصيات
تعزيز السياسات العمومية الداعمة لتمكين المرأة، عبر إدماج بُعد النوع الاجتماعي في كافة الاستراتيجيات الوطنية.
تفعيل آليات المراقبة والتقييم لضمان تطبيق القوانين الداعمة للمساواة في العمل.
تشجيع الاستثمار في التكوين المهني الموجه للنساء لتسهيل اندماجهن في القطاعات التكنولوجية والرقمية.
تحفيز الشركات على تبني سياسات شاملة تضمن حقوق المرأة وتوفر بيئة عمل آمنة وعادلة.
تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية مشاركة المرأة في التنمية من خلال الإعلام والتربية والتشريع.
خاتمة:
إن تحقيق تمكين المرأة العاملة في المغرب ليس مجرد قضية حقوقية، بل هو رهان استراتيجي لتنمية البلاد. ويتطلب هذا الأمر مقاربة شاملة تشمل إصلاحات قانونية، وتدابير اقتصادية، وتغييرًا ثقافيًا يرسخ قيم المساواة والعدالة الاجتماعية.
إن تحقيق تمكين المرأة العاملة في المغرب ليس مجرد قضية حقوقية، بل هو رهان استراتيجي لتنمية البلاد. ويتطلب هذا الأمر مقاربة شاملة تشمل إصلاحات قانونية، وتدابير اقتصادية، وتغييرًا ثقافيًا يرسخ قيم المساواة والعدالة الاجتماعية.