الاثنين 31 مارس 2025
خارج الحدود

مولود عزّ الدّين: الرّبيع الأمازيغي كسّر حاجز الصّمت والربيع الأسود صدمة كبيرة وآلة القمع الجزائري ضد القبايليين تسارعت بشكل وحشي

مولود عزّ الدّين: الرّبيع الأمازيغي كسّر حاجز الصّمت والربيع الأسود صدمة كبيرة وآلة القمع الجزائري ضد القبايليين تسارعت بشكل وحشي مولود عزّ الدّين، النّاطق الرسمي باسم حكومة بلاد القبائل في المنفى
قال‭ ‬مولود‭ ‬عز‭ ‬الدين،‭ ‬الناطق‭ ‬الرسمي‭ ‬باسم‭ ‬حكومة‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬في‭ ‬المنفى،‭ ‬إن‭ ‬الربيع‭ ‬الأمازيغي‭ ‬لعام‭ ‬1980‭ ‬مكّن‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬كسر‭ ‬حاجز‭ ‬الصمت‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬القبائلية،‭ ‬فيما‭ ‬الربيع‭ ‬الأسود‭ ‬لعام‭ ‬2001،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬صدمة‭ ‬كبيرة،‭ ‬فبلاد‭ ‬القبائل‭ ‬تلقت‭ ‬ضربة‭ ‬قاسية‭ ‬بفقدان‭ ‬130‭ ‬متظاهرًا‭ ‬سلميًا‭ ‬قبائليًا‭ ‬تم‭ ‬اغتيالهم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجزائر‭ ‬الرّسمية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الجرحى‭ ‬الذين‭ ‬سيحملون‭ ‬إصاباتهم‭ ‬مدى‭ ‬الحياة”‭.‬

‬وسار‭ ‬مولود‭ ‬في‭ ‬حواره‭ ‬مع‭ ‬جريدة‭ ‬“أنفاس بريس”،‭ ‬إلى‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أنه”‭ ‬تسارعت‭ ‬الآلة‭ ‬القمعية‭ ‬مع‭ ‬عبد‭ ‬المجيد‭ ‬تبون،‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬الجزائري،‭ ‬الذي‭ ‬يتميّز‭ ‬بنهجه‭ ‬الوحشي‭ ‬الصّريح،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬أسلافه‭ ‬يتبعون‭ ‬استراتيجيات‭ ‬أكثر‭ ‬خبثًا‭. ‬وخير‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬عملية‭ ‬“صفر‭ ‬قبائلي”‭ ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكمه،‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬نموذجًا‭ ‬واضحًا‭ ‬لهذا‭ ‬النهج،‭ ‬وحتى‭ ‬بومدين‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬مثل‭ ‬ذلك”‭. ‬
 
كيف‭ ‬تقيّم‭ ‬تأثير‭ ‬الربيع‭ ‬الأمازيغي‭ ‬والربيع‭ ‬الأسود‭ ‬على‭ ‬الحركة‭ ‬السياسية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل؟
قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬اسمح‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أوضح‭ ‬نقطة‭ ‬أساسية،‭ ‬فبلاد‭ ‬القبائل‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬منطقة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬دولة‭ ‬قائمة‭ ‬بذاتها،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬معروفة‭ ‬عبر‭ ‬العصور‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬باسم‭ ‬«بلاد‭ ‬القبايل»‭. ‬إنها‭ ‬أيضًا‭ ‬أمة‭ ‬مكتملة،‭ ‬بتاريخها‭ ‬وقيمها‭ ‬ورموزها‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬ودولتها‭ ‬الخاصّة،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إعلان‭ ‬بعثها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رئيس‭ ‬«أنفاد»،‭ ‬فرحات‭ ‬مهني،‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬يونيو‭ ‬2024،‭ ‬بعد‭ ‬157‬عامًا‭ ‬من‭ ‬إخضاعها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجزائر‭ ‬الفرنسية‭.‬
وللإجابة‭ ‬على‭ ‬سؤالك،‭ ‬فإن‭ ‬هاتين‭ ‬الانتفاضتين‭ ‬السّلميتين‭ ‬الرئيسيتين‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬لبلاد‭ ‬القبائل،‭ ‬لم‭ ‬تتركا‭ ‬أثرًا‭ ‬على‭ ‬الشّعوب‭ ‬الجزائرية‭. ‬وعندما‭ ‬تم‭ ‬إدراكهما،‭ ‬كان‭  ‬ذلك‭ ‬غالبًا‭ ‬كأحداث‭ ‬ثانوية‭ ‬بعيدة،‭ ‬أو‭ ‬كمطالب‭ ‬هوياتية‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬الجزائريون‭ ‬في‭ ‬رؤيتها‭ ‬تطبق‭ ‬في‭ ‬بلدهم‭.‬
أما‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬لهذين‭ ‬الربيعين‭ ‬تأثير‭ ‬عميق‭ ‬على‭ ‬مسار‭ ‬القضية‭ ‬القبائلية‭. ‬فالربيع‭ ‬الأمازيغي‭ ‬لعام‭ ‬1980‭ ‬مكّن‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬كسر‭ ‬حاجز‭ ‬الصمت‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬الهوية‭ ‬القبائلية‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالأزمة‭ ‬البربرية‭ ‬عام‭ ‬1949‭. ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬يقظة‭ ‬ثقافية‭ ‬وهوياتية‭ ‬ثم‭ ‬سياسية،‭ ‬استمرّت‭ ‬في‭ ‬تحريك‭ ‬المجتمع‭ ‬القبائلي‭ ‬طوال‭ ‬العشرين‭ ‬سنة‭ ‬التالية‭.‬
أما‭ ‬الرّبيع‭ ‬الأسود‭ ‬لعام‭ ‬2001،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬صدمة‭ ‬كبيرة:‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬تلقت‭ ‬ضربة‭ ‬قاسية‭ ‬بفقدان‭ ‬130‭ ‬متظاهرًا‭ ‬سلميًا‭ ‬قبائليًا‭ ‬تم‭ ‬اغتيالهم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجزائر‭ ‬الرّسمية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الجرحى‭ ‬الذين‭ ‬سيحملون‭ ‬إصاباتهم‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭. ‬لقد‭ ‬استغرق‭ ‬الأمر‭ ‬وقتًا‭ ‬لاستيعاب‭ ‬الحقيقة:‭ ‬الشّعب‭ ‬القبائلي‭ ‬والشّعب‭ ‬الجزائري‭ ‬شعبان‭ ‬مختلفان،‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬ليست‭ ‬الجزائر،‭ ‬والأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬مستعمرة‭.‬
 
لكن،‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬المطالب‭ ‬الرّئيسة‭ ‬لشعب‭ ‬القبايل‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬معلقة‭ ‬منذ‭ ‬تلك‭ ‬الأحداث؟‭ ‬وهل‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬أيّ‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬تحقيقها‭ ‬والاستجابة‭ ‬لها؟
إن‭ ‬المطالب‭ ‬التي‭ ‬رفعت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1980 (ويمكن‭ ‬تلخيصها‭ ‬في‭ ‬الحرية‭ ‬والهوية)‭ ‬وكذلك‭ ‬مطالب‭ ‬عام‭ ‬2001 (المتجسدة‭ ‬في‭ ‬منصة‭ ‬مطالب)‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقها‭ ‬إلاّ‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬دولة‭ ‬قبائلية‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الدرس‭ ‬الأهم‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬استخلاصه‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المطالب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدركته‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬تدريجيًا‭ ‬بمرور‭ ‬الزمن‭.‬
أما‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الجزائري،‭ ‬فلم‭ ‬تؤدِّ‭ ‬أيّ‭ ‬من‭ ‬هاتين‭ ‬الانتفاضتين‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬السّلطة‭ ‬العسكرية‭ ‬عن‭ ‬مشروعها‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬التدريجي‭ ‬على‭ ‬الشّعب‭ ‬القبائلي‭. ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس،‭ ‬فقد‭ ‬تسارعت‭ ‬الآلة‭ ‬القمعية‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي،‭ ‬الذي‭ ‬يتميز‭ ‬بنهجه‭ ‬الوحشي‭ ‬الصريح،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬أسلافه‭ ‬يتبعون‭ ‬استراتيجيات‭ ‬أكثر‭ ‬خبثًا‭. ‬خير‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬عملية‭ ‬«صفر‭ ‬قبائلي»‭ ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكمه،‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬نموذجًا‭ ‬واضحًا‭ ‬لهذا‭ ‬النهج‭. ‬حتى‭ ‬بومدين‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬مثل‭ ‬ذلك،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتصريح‭ ‬رئيس‭ ‬رابطة‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬القبائلية‭.‬
في‭ ‬النّهاية،‭ ‬لقد‭ ‬سمحت‭ ‬هاتان‭ ‬المحنتان،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أحداث‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬الحديث،‭ ‬للفاعلين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬القبائلية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬السيد‭ ‬فرحات‭ ‬مهني،‭ ‬بإعادة‭ ‬تجميع‭ ‬شتات‭ ‬تاريخ‭ ‬مجزأ،‭ ‬ممّا‭ ‬أتاح‭ ‬لبلاد‭ ‬القبائل‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مسار‭ ‬سيادتها‭ ‬المفقودة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1857‭. ‬اليوم،‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تنتظر‭ ‬شيئًا‭ ‬من‭ ‬الجزائر،‭ ‬سوى‭ ‬التفاوض‭ ‬حول‭ ‬شروط‭ ‬استقلالها‭.‬

اخترت‭ ‬المنفى‭ ‬للدّفاع‭ ‬عن‭ ‬رؤيتك‭ ‬ومطالبك‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬العسكر‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬تحقّق‭ ‬حتى‭ ‬اليوم؟
المنفى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يومًا‭ ‬خيارًا،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬قسرًا‭ ‬فرضته‭ ‬المادة‭ ‬87‭ ‬مكرر‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬الجزائري،‭ ‬التي‭ ‬تجرّم‭ ‬ظلمًا‭ ‬التزامنا‭ ‬السّياسي‭ ‬السّلمي‭. ‬القضية‭ ‬القبائلية‭ ‬هي‭ ‬قضية‭ ‬سياسية‭ ‬بحتة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُعالج‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مؤسسات‭ ‬عسكرية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنّنا‭ ‬نرفض‭ ‬بشكل‭ ‬قاطع‭ ‬الاستجابة‭ ‬للاستفزاز‭ ‬أو‭ ‬الانزلاق‭ ‬نحو‭ ‬العنف‭. ‬نحن‭ ‬نؤكد‭ ‬مجددًا‭ ‬التزامنا‭ ‬بالطرق‭ ‬السلمية،‭ ‬وندعو‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬القمعية،‭ ‬التي‭ ‬تضرّ‭ ‬أيضًا‭ ‬بصورة‭ ‬الجزائر‭ ‬على‭ ‬السّاحة‭ ‬الدولية‭.‬
أما‭ ‬فيما‭ ‬يخصّ‭ ‬ما‭ ‬تحقّق‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬فهو‭ ‬ثمرة‭ ‬مختلف‭ ‬المراحل‭ ‬التي‭ ‬أعلن‭ ‬عنها‭ ‬الرئيس‭ ‬فرحات‭ ‬مهني‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمره‭ ‬في‭ ‬مونتريال‭ ‬يوم‭ ‬16‭ ‬يناير‭ ‬2010،‭ ‬والتي‭ ‬حرصت‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬على‭ ‬تجسيدها‭ ‬بإخلاص:‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬الوعي‭ ‬الوطني‭ ‬القبائلي،‭ ‬وضع‭ ‬رموز‭ ‬السّيادة‭ ‬(العلم،‭ ‬النّشيد‭ ‬الوطني،‭ ‬بطاقة‭ ‬الهوية …)،‭ ‬تدويل‭ ‬القضية‭ ‬القبائلية،‭ ‬وأخيرًا،‭ ‬هيكلة‭ ‬الدولة‭ ‬(مشروع‭ ‬الدستور،‭ ‬البرلمان،‭ ‬الحكومة …)‭.‬
باختصار،‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬أصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬مستعدة‭ ‬لأخذ‭ ‬مصيرها‭ ‬بيدها‭ ‬والانضمام‭ ‬إلى‭ ‬ركب‭ ‬الأمم‭.‬
 
في‭ ‬سياق‭ ‬هاته‭ ‬التطورات‭ ‬الإقليمية‭ ‬ونظيرتها‭ ‬الدولية،‭ ‬هل‭ ‬تعتقدون‭ ‬أن‭ ‬قضيتكم‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحقّق‭ ‬مكاسب‭ ‬جديدة؟
بالنسبة‭ ‬لنا،‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬السّاحة‭ ‬الدولية‭ ‬يعني‭ ‬قبل‭ ‬كلّ‭ ‬شيء‭ ‬كسب‭ ‬حلفاء‭ ‬أقوياء‭ ‬يدعمون‭ ‬فعليًا‭ ‬حق‭ ‬الشّعب‭ ‬القبائلي‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭. ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬عمل‭ ‬طويل‭ ‬الأمد،‭ ‬وقد‭ ‬بدأنا‭ ‬فيه‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬مع‭ ‬إنشاء‭ ‬الحكومة‭ ‬القبائلية‭ ‬في‭ ‬المنفى‭. ‬إن‭ ‬شرعية‭ ‬قضيتنا،‭ ‬ونضج‭ ‬حججنا،‭ ‬وثبات‭ ‬عزمنا،‭ ‬والدّعم‭ ‬الشّعبي‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل،‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬تؤتي‭ ‬ثمارها‭.‬
ماّزلنا‭ ‬نستمتع‭ ‬بالمشهد‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬لنا‭ ‬البرلمان‭ ‬البريطاني‭ ‬قبل‭ ‬عشرة‭ ‬أيام‭ ‬فقط،‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬النائب‭ ‬«جيم‭ ‬شانون»‭ ‬بإثارة‭ ‬مسألة‭ ‬تقرير‭ ‬مصير‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬القاعة،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يُنطق‭ ‬اسم‭ ‬«بلاد‭ ‬القبائل»‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1902!
لقد‭ ‬تحقق‭ ‬ذلك‭ ‬بفضل‭ ‬الرأي‭ ‬القانوني‭ ‬الذي‭ ‬حصلنا‭ ‬عليه‭ ‬من‮ ‬Brick Court Chambers في‭ ‬شتنبر‭ ‬2024،‭ ‬والذي‭ ‬أكد،‭ ‬استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬أن‭ ‬الشّعب‭ ‬القبائلي‭ ‬هو‭ ‬شعب‭ ‬قائم‭ ‬بذاته‭ ‬وله‭ ‬الحقّ‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره‭.‬
من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬نحن‭ ‬ندرك‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬الديبلوماسي‭ ‬بعيد‭ ‬كلّ‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬كونه‭ ‬متكافئًا‭ ‬أمام‭ ‬الجزائر،‭ ‬وهذا‭ ‬وضع‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اعتباره‭ ‬عادلا‭. ‬هذا‭ ‬يذكّرني‭ ‬بالانتخابات‭ ‬الرّئاسية‭ ‬الجزائرية‭ ‬المغلقة،‭ ‬حيث‭ ‬يحتكر‭ ‬الرئيس‭ ‬المنتهية‭ ‬ولايته‭ ‬جميع‭ ‬الوسائل،‭ ‬بينما‭ ‬يُترك‭ ‬للمرشحين‭ ‬الآخرين‭ ‬هامش‭ ‬مناورة‭ ‬ضيّق‭.‬
وبنفس‭ ‬الطريقة،‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬تتقدّم‭ ‬اليوم‭ ‬كمرشّحة‭ ‬للانضمام‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬كأمّة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬نحن‭ ‬مستعدون‭ ‬لمواجهة‭ ‬الجزائر‭. ‬ولهذا‭ ‬السّبب،‭ ‬ندعو‭ ‬المغرب،‭ ‬الذي‭ ‬تتزايد‭ ‬قوّته‭ ‬ومصداقيته‭ ‬الديبلوماسية،‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬خطوة‭ ‬إضافية،‭ ‬على‭ ‬الأقلّ‭ ‬لتحقيق‭ ‬التّوازن‭ ‬في‭ ‬السّاحة‭ ‬الديبلوماسية،‭ ‬وإتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬لصوت‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬ليُسمع‭ ‬بقيمته‭ ‬الحقيقية،‭ ‬وافتتاح‭ ‬تمثيلية‭ ‬دبلوماسية‭ ‬قبائلية‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬المغربية‭ ‬سيكون‭ ‬خطوة‭ ‬أولى‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭.‬
 
وبم‭ ‬تردّون‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يعتبرون‭ ‬أن‭ ‬مطالبكم‭ ‬مُسيّسة‭ ‬وتُستخدم‭ ‬لأغراض‭ ‬مختلفة؟
الاستغلال‭ ‬السّياسي‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬تعرضت‭ ‬له‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل،‭ ‬والذي‭ ‬يستحقّ‭ ‬الذّكر‭ ‬هنا،‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬تجنيد‭ ‬طاقاتها‭ ‬الحية‭ ‬لخدمة‭ ‬الجزائر،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تقدم‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬سوى‭ ‬النّار‭ ‬والقبر‭.‬
أما‭ ‬اليوم،‭ ‬فإن‭ ‬المحاولات‭ ‬القليلة‭ ‬للالتفاف‭ ‬على‭ ‬القضية‭ ‬القبائلية‭ ‬تفشل‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي،‭ ‬وأكبر‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬المقاطعة‭ ‬الواسعة‭ ‬للانتخابات‭ ‬الجزائرية‭ ‬الأربع‭ ‬الأخيرة،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬معدل‭ ‬المشاركة‭ ‬0.5%.
إنّها‭ ‬حقيقة‭ ‬لا‭ ‬جدال‭ ‬فيها،‭ ‬فبلاد‭ ‬القبائل‭ ‬بفضل‭ ‬التزامها‭ ‬المتماسك‭ ‬والحاسم‭ ‬الذي‭ ‬تحمله‭ ‬حركة‭ ‬تقرير‭ ‬مصير‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل (MAK)،‭ ‬قد‭ ‬أعادت‭ ‬إحياء‭ ‬شعلة‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬دائمًا:‭ ‬أمة‭ ‬قائمة‭ ‬بذاتها،‭ ‬مصممة‭ ‬على‭ ‬استعادة‭ ‬مصيرها‭ ‬بيدها‭.‬
الجزائري،‮ ‬شكّل الحدث لحظة فارقة في‮ ‬تاريخ النّضال الأمازيغي،‮ ‬حيث أدى إلى بروز‮ ‬«الحركة الثقافية‮ ‬الأمازيغية»‮ ‬التي‮ ‬واصلت النّضال من أجل الاعتراف بالأمازيغية‭.‬‮ ‬كما‮ ‬دفع الربيع الأمازيغي‮ ‬إلى طرح قضية الهوية الأمازيغية بقوة على‮ ‬السّاحة السّياسية‭ ‬الجزائرية،‮ ‬ما مهد لاحقًا للاعتراف‮ ‬الدستوري‮ ‬باللغة الأمازيغية عام‮ ‬2002،‮ ‬ثم ترسيمها لغة وطنية ورسمية عام‮ .‬2016‭‬