قال مولود عز الدين، الناطق الرسمي باسم حكومة بلاد القبائل في المنفى، إن الربيع الأمازيغي لعام 1980 مكّن السكان من كسر حاجز الصمت المفروض على الهوية القبائلية، فيما الربيع الأسود لعام 2001، فقد كان صدمة كبيرة، فبلاد القبائل تلقت ضربة قاسية بفقدان 130 متظاهرًا سلميًا قبائليًا تم اغتيالهم من قبل الجزائر الرّسمية، ناهيك عن الآلاف من الجرحى الذين سيحملون إصاباتهم مدى الحياة”.
وسار مولود في حواره مع جريدة “أنفاس بريس”، إلى التأكيد على أنه” تسارعت الآلة القمعية مع عبد المجيد تبون، الرئيس الحالي الجزائري، الذي يتميّز بنهجه الوحشي الصّريح، حيث كان أسلافه يتبعون استراتيجيات أكثر خبثًا. وخير مثال على ذلك هو عملية “صفر قبائلي” التي أطلقت خلال فترة حكمه، والتي تعتبر نموذجًا واضحًا لهذا النهج، وحتى بومدين لم يفعل مثل ذلك”.
كيف تقيّم تأثير الربيع الأمازيغي والربيع الأسود على الحركة السياسية وحقوق الإنسان في الجزائر، وخاصة في منطقة القبائل؟
قبل كل شيء، اسمح لي أن أوضح نقطة أساسية، فبلاد القبائل ليست مجرد منطقة، بل هي دولة قائمة بذاتها، وقد كانت معروفة عبر العصور في شمال إفريقيا باسم «بلاد القبايل». إنها أيضًا أمة مكتملة، بتاريخها وقيمها ورموزها ومؤسساتها ودولتها الخاصّة، التي تم إعلان بعثها من قبل رئيس «أنفاد»، فرحات مهني، في 20 يونيو 2024، بعد 157عامًا من إخضاعها من قبل الجزائر الفرنسية.
وللإجابة على سؤالك، فإن هاتين الانتفاضتين السّلميتين الرئيسيتين في التاريخ الحديث لبلاد القبائل، لم تتركا أثرًا على الشّعوب الجزائرية. وعندما تم إدراكهما، كان ذلك غالبًا كأحداث ثانوية بعيدة، أو كمطالب هوياتية لا يرغب الجزائريون في رؤيتها تطبق في بلدهم.
أما في بلاد القبائل، فقد كان لهذين الربيعين تأثير عميق على مسار القضية القبائلية. فالربيع الأمازيغي لعام 1980 مكّن السكان من كسر حاجز الصمت المفروض على الهوية القبائلية منذ ما يسمى بالأزمة البربرية عام 1949. وقد أدى ذلك إلى يقظة ثقافية وهوياتية ثم سياسية، استمرّت في تحريك المجتمع القبائلي طوال العشرين سنة التالية.
أما الرّبيع الأسود لعام 2001، فقد كان صدمة كبيرة: بلاد القبائل تلقت ضربة قاسية بفقدان 130 متظاهرًا سلميًا قبائليًا تم اغتيالهم من قبل الجزائر الرّسمية، ناهيك عن الآلاف من الجرحى الذين سيحملون إصاباتهم مدى الحياة. لقد استغرق الأمر وقتًا لاستيعاب الحقيقة: الشّعب القبائلي والشّعب الجزائري شعبان مختلفان، بلاد القبائل ليست الجزائر، والأسوأ من ذلك، بلاد القبائل مستعمرة.
قبل كل شيء، اسمح لي أن أوضح نقطة أساسية، فبلاد القبائل ليست مجرد منطقة، بل هي دولة قائمة بذاتها، وقد كانت معروفة عبر العصور في شمال إفريقيا باسم «بلاد القبايل». إنها أيضًا أمة مكتملة، بتاريخها وقيمها ورموزها ومؤسساتها ودولتها الخاصّة، التي تم إعلان بعثها من قبل رئيس «أنفاد»، فرحات مهني، في 20 يونيو 2024، بعد 157عامًا من إخضاعها من قبل الجزائر الفرنسية.
وللإجابة على سؤالك، فإن هاتين الانتفاضتين السّلميتين الرئيسيتين في التاريخ الحديث لبلاد القبائل، لم تتركا أثرًا على الشّعوب الجزائرية. وعندما تم إدراكهما، كان ذلك غالبًا كأحداث ثانوية بعيدة، أو كمطالب هوياتية لا يرغب الجزائريون في رؤيتها تطبق في بلدهم.
أما في بلاد القبائل، فقد كان لهذين الربيعين تأثير عميق على مسار القضية القبائلية. فالربيع الأمازيغي لعام 1980 مكّن السكان من كسر حاجز الصمت المفروض على الهوية القبائلية منذ ما يسمى بالأزمة البربرية عام 1949. وقد أدى ذلك إلى يقظة ثقافية وهوياتية ثم سياسية، استمرّت في تحريك المجتمع القبائلي طوال العشرين سنة التالية.
أما الرّبيع الأسود لعام 2001، فقد كان صدمة كبيرة: بلاد القبائل تلقت ضربة قاسية بفقدان 130 متظاهرًا سلميًا قبائليًا تم اغتيالهم من قبل الجزائر الرّسمية، ناهيك عن الآلاف من الجرحى الذين سيحملون إصاباتهم مدى الحياة. لقد استغرق الأمر وقتًا لاستيعاب الحقيقة: الشّعب القبائلي والشّعب الجزائري شعبان مختلفان، بلاد القبائل ليست الجزائر، والأسوأ من ذلك، بلاد القبائل مستعمرة.
لكن، ما هي المطالب الرّئيسة لشعب القبايل التي ما تزال معلقة منذ تلك الأحداث؟ وهل كانت هناك أيّ تقدم في تحقيقها والاستجابة لها؟
إن المطالب التي رفعت في عام 1980 (ويمكن تلخيصها في الحرية والهوية) وكذلك مطالب عام 2001 (المتجسدة في منصة مطالب) لا يمكن تحقيقها إلاّ في إطار دولة قبائلية. هذا هو الدرس الأهم الذي يمكن استخلاصه من تلك المطالب، وهو ما أدركته بلاد القبائل تدريجيًا بمرور الزمن.
أما من الجانب الجزائري، فلم تؤدِّ أيّ من هاتين الانتفاضتين إلى تراجع السّلطة العسكرية عن مشروعها في القضاء التدريجي على الشّعب القبائلي. بل على العكس، فقد تسارعت الآلة القمعية مع الرئيس الحالي، الذي يتميز بنهجه الوحشي الصريح، حيث كان أسلافه يتبعون استراتيجيات أكثر خبثًا. خير مثال على ذلك هو عملية «صفر قبائلي» التي أطلقت خلال فترة حكمه، والتي تعتبر نموذجًا واضحًا لهذا النهج. حتى بومدين لم يفعل مثل ذلك، وفقًا لتصريح رئيس رابطة حقوق الإنسان القبائلية.
في النّهاية، لقد سمحت هاتان المحنتان، إلى جانب أحداث أخرى من تاريخ بلاد القبائل الحديث، للفاعلين الرئيسيين في القضية القبائلية، وعلى رأسهم السيد فرحات مهني، بإعادة تجميع شتات تاريخ مجزأ، ممّا أتاح لبلاد القبائل العودة إلى مسار سيادتها المفقودة منذ عام 1857. اليوم، بلاد القبائل لم تعد تنتظر شيئًا من الجزائر، سوى التفاوض حول شروط استقلالها.
إن المطالب التي رفعت في عام 1980 (ويمكن تلخيصها في الحرية والهوية) وكذلك مطالب عام 2001 (المتجسدة في منصة مطالب) لا يمكن تحقيقها إلاّ في إطار دولة قبائلية. هذا هو الدرس الأهم الذي يمكن استخلاصه من تلك المطالب، وهو ما أدركته بلاد القبائل تدريجيًا بمرور الزمن.
أما من الجانب الجزائري، فلم تؤدِّ أيّ من هاتين الانتفاضتين إلى تراجع السّلطة العسكرية عن مشروعها في القضاء التدريجي على الشّعب القبائلي. بل على العكس، فقد تسارعت الآلة القمعية مع الرئيس الحالي، الذي يتميز بنهجه الوحشي الصريح، حيث كان أسلافه يتبعون استراتيجيات أكثر خبثًا. خير مثال على ذلك هو عملية «صفر قبائلي» التي أطلقت خلال فترة حكمه، والتي تعتبر نموذجًا واضحًا لهذا النهج. حتى بومدين لم يفعل مثل ذلك، وفقًا لتصريح رئيس رابطة حقوق الإنسان القبائلية.
في النّهاية، لقد سمحت هاتان المحنتان، إلى جانب أحداث أخرى من تاريخ بلاد القبائل الحديث، للفاعلين الرئيسيين في القضية القبائلية، وعلى رأسهم السيد فرحات مهني، بإعادة تجميع شتات تاريخ مجزأ، ممّا أتاح لبلاد القبائل العودة إلى مسار سيادتها المفقودة منذ عام 1857. اليوم، بلاد القبائل لم تعد تنتظر شيئًا من الجزائر، سوى التفاوض حول شروط استقلالها.
اخترت المنفى للدّفاع عن رؤيتك ومطالبك في مواجهة العسكر في قصر المرادية. ما الذي تحقّق حتى اليوم؟
المنفى لم يكن يومًا خيارًا، بل كان قسرًا فرضته المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، التي تجرّم ظلمًا التزامنا السّياسي السّلمي. القضية القبائلية هي قضية سياسية بحتة، وبالتالي لا يمكن أن تُعالج من قبل مؤسسات عسكرية. ومع ذلك، فإنّنا نرفض بشكل قاطع الاستجابة للاستفزاز أو الانزلاق نحو العنف. نحن نؤكد مجددًا التزامنا بالطرق السلمية، وندعو إلى إلغاء هذه المادة القمعية، التي تضرّ أيضًا بصورة الجزائر على السّاحة الدولية.
أما فيما يخصّ ما تحقّق حتى الآن، فهو ثمرة مختلف المراحل التي أعلن عنها الرئيس فرحات مهني خلال مؤتمره في مونتريال يوم 16 يناير 2010، والتي حرصت الحكومات المتعاقبة على تجسيدها بإخلاص: إعادة بناء الوعي الوطني القبائلي، وضع رموز السّيادة (العلم، النّشيد الوطني، بطاقة الهوية …)، تدويل القضية القبائلية، وأخيرًا، هيكلة الدولة (مشروع الدستور، البرلمان، الحكومة …).
باختصار، بلاد القبائل أصبحت اليوم مستعدة لأخذ مصيرها بيدها والانضمام إلى ركب الأمم.
في سياق هاته التطورات الإقليمية ونظيرتها الدولية، هل تعتقدون أن قضيتكم يمكن أن تحقّق مكاسب جديدة؟
بالنسبة لنا، تحقيق مكاسب جديدة على السّاحة الدولية يعني قبل كلّ شيء كسب حلفاء أقوياء يدعمون فعليًا حق الشّعب القبائلي في تقرير مصيره. بلاد القبائل تدرك أن هذا عمل طويل الأمد، وقد بدأنا فيه منذ عام 2010 مع إنشاء الحكومة القبائلية في المنفى. إن شرعية قضيتنا، ونضج حججنا، وثبات عزمنا، والدّعم الشّعبي في بلاد القبائل، قد بدأت تؤتي ثمارها.
ماّزلنا نستمتع بالمشهد الذي قدمه لنا البرلمان البريطاني قبل عشرة أيام فقط، عندما قام النائب «جيم شانون» بإثارة مسألة تقرير مصير بلاد القبائل داخل هذه القاعة، حيث لم يُنطق اسم «بلاد القبائل» منذ عام 1902!
لقد تحقق ذلك بفضل الرأي القانوني الذي حصلنا عليه من Brick Court Chambers في شتنبر 2024، والذي أكد، استنادًا إلى القانون الدولي، أن الشّعب القبائلي هو شعب قائم بذاته وله الحقّ في تقرير مصيره.
من جهة أخرى، نحن ندرك تمامًا أن ميزان القوى الديبلوماسي بعيد كلّ البعد عن كونه متكافئًا أمام الجزائر، وهذا وضع لا يمكن اعتباره عادلا. هذا يذكّرني بالانتخابات الرّئاسية الجزائرية المغلقة، حيث يحتكر الرئيس المنتهية ولايته جميع الوسائل، بينما يُترك للمرشحين الآخرين هامش مناورة ضيّق.
وبنفس الطريقة، بلاد القبائل تتقدّم اليوم كمرشّحة للانضمام إلى المجتمع الدولي كأمّة ذات سيادة. وفي هذا المجال، نحن مستعدون لمواجهة الجزائر. ولهذا السّبب، ندعو المغرب، الذي تتزايد قوّته ومصداقيته الديبلوماسية، إلى اتخاذ خطوة إضافية، على الأقلّ لتحقيق التّوازن في السّاحة الديبلوماسية، وإتاحة الفرصة لصوت بلاد القبائل ليُسمع بقيمته الحقيقية، وافتتاح تمثيلية دبلوماسية قبائلية على الأراضي المغربية سيكون خطوة أولى ذات أهمية كبيرة في هذا الاتجاه.
بالنسبة لنا، تحقيق مكاسب جديدة على السّاحة الدولية يعني قبل كلّ شيء كسب حلفاء أقوياء يدعمون فعليًا حق الشّعب القبائلي في تقرير مصيره. بلاد القبائل تدرك أن هذا عمل طويل الأمد، وقد بدأنا فيه منذ عام 2010 مع إنشاء الحكومة القبائلية في المنفى. إن شرعية قضيتنا، ونضج حججنا، وثبات عزمنا، والدّعم الشّعبي في بلاد القبائل، قد بدأت تؤتي ثمارها.
ماّزلنا نستمتع بالمشهد الذي قدمه لنا البرلمان البريطاني قبل عشرة أيام فقط، عندما قام النائب «جيم شانون» بإثارة مسألة تقرير مصير بلاد القبائل داخل هذه القاعة، حيث لم يُنطق اسم «بلاد القبائل» منذ عام 1902!
لقد تحقق ذلك بفضل الرأي القانوني الذي حصلنا عليه من Brick Court Chambers في شتنبر 2024، والذي أكد، استنادًا إلى القانون الدولي، أن الشّعب القبائلي هو شعب قائم بذاته وله الحقّ في تقرير مصيره.
من جهة أخرى، نحن ندرك تمامًا أن ميزان القوى الديبلوماسي بعيد كلّ البعد عن كونه متكافئًا أمام الجزائر، وهذا وضع لا يمكن اعتباره عادلا. هذا يذكّرني بالانتخابات الرّئاسية الجزائرية المغلقة، حيث يحتكر الرئيس المنتهية ولايته جميع الوسائل، بينما يُترك للمرشحين الآخرين هامش مناورة ضيّق.
وبنفس الطريقة، بلاد القبائل تتقدّم اليوم كمرشّحة للانضمام إلى المجتمع الدولي كأمّة ذات سيادة. وفي هذا المجال، نحن مستعدون لمواجهة الجزائر. ولهذا السّبب، ندعو المغرب، الذي تتزايد قوّته ومصداقيته الديبلوماسية، إلى اتخاذ خطوة إضافية، على الأقلّ لتحقيق التّوازن في السّاحة الديبلوماسية، وإتاحة الفرصة لصوت بلاد القبائل ليُسمع بقيمته الحقيقية، وافتتاح تمثيلية دبلوماسية قبائلية على الأراضي المغربية سيكون خطوة أولى ذات أهمية كبيرة في هذا الاتجاه.
وبم تردّون على من يعتبرون أن مطالبكم مُسيّسة وتُستخدم لأغراض مختلفة؟
الاستغلال السّياسي الوحيد الذي تعرضت له بلاد القبائل، والذي يستحقّ الذّكر هنا، هو ذلك الذي تمثل في تجنيد طاقاتها الحية لخدمة الجزائر، التي لم تقدم لها في المقابل سوى النّار والقبر.
أما اليوم، فإن المحاولات القليلة للالتفاف على القضية القبائلية تفشل بشكل منهجي، وأكبر دليل على ذلك هو المقاطعة الواسعة للانتخابات الجزائرية الأربع الأخيرة، حيث لم يتجاوز معدل المشاركة 0.5%.
إنّها حقيقة لا جدال فيها، فبلاد القبائل بفضل التزامها المتماسك والحاسم الذي تحمله حركة تقرير مصير بلاد القبائل (MAK)، قد أعادت إحياء شعلة ما كانت عليه دائمًا: أمة قائمة بذاتها، مصممة على استعادة مصيرها بيدها.
الجزائري، شكّل الحدث لحظة فارقة في تاريخ النّضال الأمازيغي، حيث أدى إلى بروز «الحركة الثقافية الأمازيغية» التي واصلت النّضال من أجل الاعتراف بالأمازيغية. كما دفع الربيع الأمازيغي إلى طرح قضية الهوية الأمازيغية بقوة على السّاحة السّياسية الجزائرية، ما مهد لاحقًا للاعتراف الدستوري باللغة الأمازيغية عام 2002، ثم ترسيمها لغة وطنية ورسمية عام .2016
الاستغلال السّياسي الوحيد الذي تعرضت له بلاد القبائل، والذي يستحقّ الذّكر هنا، هو ذلك الذي تمثل في تجنيد طاقاتها الحية لخدمة الجزائر، التي لم تقدم لها في المقابل سوى النّار والقبر.
أما اليوم، فإن المحاولات القليلة للالتفاف على القضية القبائلية تفشل بشكل منهجي، وأكبر دليل على ذلك هو المقاطعة الواسعة للانتخابات الجزائرية الأربع الأخيرة، حيث لم يتجاوز معدل المشاركة 0.5%.
إنّها حقيقة لا جدال فيها، فبلاد القبائل بفضل التزامها المتماسك والحاسم الذي تحمله حركة تقرير مصير بلاد القبائل (MAK)، قد أعادت إحياء شعلة ما كانت عليه دائمًا: أمة قائمة بذاتها، مصممة على استعادة مصيرها بيدها.
الجزائري، شكّل الحدث لحظة فارقة في تاريخ النّضال الأمازيغي، حيث أدى إلى بروز «الحركة الثقافية الأمازيغية» التي واصلت النّضال من أجل الاعتراف بالأمازيغية. كما دفع الربيع الأمازيغي إلى طرح قضية الهوية الأمازيغية بقوة على السّاحة السّياسية الجزائرية، ما مهد لاحقًا للاعتراف الدستوري باللغة الأمازيغية عام 2002، ثم ترسيمها لغة وطنية ورسمية عام .2016