السبت 29 مارس 2025
خارج الحدود

بعد‭ ‬ارتفاع‭ ‬القمع‭ ‬الجزائري‭ ‬ضد‭ ‬نشطائه.. شعب القبايل يحج إلى كندا للمطالبة بتقرير مصيره

بعد‭ ‬ارتفاع‭ ‬القمع‭ ‬الجزائري‭ ‬ضد‭ ‬نشطائه.. شعب القبايل يحج إلى كندا للمطالبة بتقرير مصيره فرحات مهني، رئيس جمهورية القبايل، ومشهد من الربيع الأسود الذي تم فيه قمع شعب القبايل من طرف الجزائر
من‭ ‬المنتظر‭ ‬في‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬2025‭ ‬أن‭ ‬يتسلّح‭ ‬القبايليون،‭ ‬الذين‭ ‬سيحجون‭ ‬بكثرة‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬مونتريال‭ ‬الكندية،‭ ‬بأوجاعهم‭ ‬التي‭ ‬تراكمت‭ ‬عليهم‭ ‬بفعل‭ ‬القمع‭ ‬الوحشي‭ ‬للطغمة‭ ‬العسكرية‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬والتي‭ ‬سيحملونها‭ ‬بين‭ ‬أذرعهم‭ ‬المتشابكة،‭  ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬احتجاجية‭ ‬عارمة‭ ‬تضيء‭ ‬جانبا‭ ‬الوقائع‭ ‬المؤلمة‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬لها‭ ‬الشعب‭ ‬القبايلي،‭ ‬منذ‭ ‬الستينيات (1963)،‭ ‬وبلغت‭ ‬ذروتها‭ ‬في‭ ‬الثمانينيات (1980)‭. ‬وسيفتح‭ ‬المحتجون،‭ ‬بكل‭ ‬الصراخ‭ ‬الممكن،‭ ‬أبواب‭ ‬محنتهم،‭ ‬ليرى‭ ‬العالم‭ ‬"الغسيل‭ ‬الوسخ"‭ ‬الذي‭ ‬يحجبه‭ ‬سادة‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭ ‬عن‭ ‬الأنظار‭. ‬

يوم‭ ‬20‭ ‬أبريل‭ ‬2025،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬سيعترض‭ ‬مسيرة‭ ‬نشطاء‭ ‬حركة‭ ‬«ماك»‭ ‬«حركة‭ ‬تقرير‭ ‬مصير‭ ‬منطقة‭ ‬القبايل»،‭ ‬ووقوفهم‭ ‬أمام‭ ‬مقر‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬بشارع‭ ‬سانت‭ ‬كاترين‭ ‬بمونتريال‭. ‬لن‭ ‬يوهنهم‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬أحذية‭ ‬العسكر،‭  ‬ولن‭ ‬ترتجف‭ ‬عظامهم،‭ ‬ولن‭ ‬تتضور‭ ‬حناجرهم‭ ‬جوعا‭ ‬للكلام،‭ ‬ولن‭ ‬يلبسهم‭ ‬أحد‭ ‬أردية‭ ‬الهلاك،‭ ‬ولن‭ ‬تنزل‭ ‬على‭ ‬رؤوسهم‭ ‬أبغض‭ ‬اللعنات‭ ‬ليلا‭ ‬ونهارا،‭  ‬لأنهم‭ ‬تجرأوا‭  ‬علنا‭ ‬على‭ ‬كشف‭ ‬حقيقة‭ ‬وجود‭ ‬شعب‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬يتم‭ ‬إخفاؤه‭ ‬بالحديد‭ ‬والنار‭. ‬إنه‭ ‬شعب‭ ‬القبايل‭ ‬الذي‭ ‬قاطع‭ ‬الانتخابات‭ ‬الجزائرية‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬شتنبر‭ ‬2024‭ ‬بنسبة (99.20%)،‭ ‬وأثبت‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬مرة‭ ‬أن‭ ‬شنقريحة‭ ‬وتابعَه‭ ‬تبون،‭ ‬فَشَلا‭ ‬فَشَلاً‭ ‬ذريعا‭ ‬في‭ ‬ربط‭ ‬منطقة‭ ‬القبايل‭ ‬بسلطة‭ ‬العسكر،‭ ‬إذ‭ ‬«ظلت‭ ‬مكاتب‭ ‬الاقتراع‭ ‬فارغة،‭ ‬رغم‭ ‬الإغراءات‭ ‬المالية،‭ ‬ورغم‭ ‬التهديدات‭ ‬وأعمال‭ ‬الترهيب‭ ‬لإجبارهم‭ ‬على‭ ‬التصويت»،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬أكده‭ ‬فرحات‭ ‬مهني،‭ ‬رئيس‭ ‬حركة‭ ‬«ماك»‭. ‬وتعتبر‭ ‬المقاطعة،‭ ‬لهذا‭ ‬السبب،‭ ‬استفتاء‭ ‬شعبيا‭ ‬ضد‭ ‬الضم‭ ‬القسري‭ ‬لبلاد‭ ‬القبائل‭ ‬إلى‭ ‬سلطة‭ ‬العسكر‭ ‬الجزائري‭.‬
 
ومن‭ ‬المنتظر،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬حمله‭ ‬بيان‭ ‬التنسيقية‭ ‬الكندية‭ ‬لحركة‭ ‬«الماك»‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تظاهرة‭ ‬20‭ ‬أبريل‭ ‬بمونتريال‭ ‬مناسبة‭ ‬لإحياء‭ ‬الذكرى‭ ‬الـ‭ ‬45‭ ‬للربيع‭ ‬الأمازيغي‭ ‬لعام‭ ‬1980،‭ ‬والذكرى‭ ‬الـ‭ ‬24‭ ‬للربيع‭ ‬الأسود‭ ‬لعام‭ ‬2001،‭ ‬حيث‭ ‬سيتم‭ ‬تنظيم‭ ‬تجمع‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬20‭ ‬أبريل‭ ‬2025‭ ‬على‭ ‬الساعة‭ ‬الواحدة‭ ‬بعد‭ ‬الزوال‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬إميلي‭ ‬جاميلان،‭ ‬الكائنة‭ ‬في‭ ‬1500‭ ‬شارع‭ ‬بيري،‭ ‬مونتريال، QC H2L 2C4،‭ ‬ستعقبه‭ ‬مسيرة‭ ‬ستنتهي‭ ‬بإلقاء‭ ‬كلمات‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬زعماء‭ ‬الحركة‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬انتظارات‭ ‬القبايليين‭ ‬بعد‭ ‬قيام‭ ‬جمهورية‭ ‬القبائل‭ ‬الديمقراطية‭ ‬«عاصمتها‭ ‬تيزي‭ ‬وزو»‭ ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬عنه،‭  ‬في‭ ‬العشرين‭ ‬من‭ ‬أبريل‭ ‬2024،‭ ‬أمام‭ ‬مقر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وبعد‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬تشكيل‭ ‬أول‭ ‬حكومة‭ ‬قبايلية‭. ‬كما‭ ‬ستركز‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬المأساوي‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬شعب‭ ‬القبائل‭ ‬جراء‭ ‬الاضطهاد‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬اللذين‭ ‬يتعرض‭ ‬لهما‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الجيش‭ ‬والاستخبارات‭ ‬بتعليمات‭ ‬من‭ ‬القيادات‭ ‬العسكرية‭ ‬المتحكمة‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭..‬
 
ويراهن‭ ‬القبايليون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المشاركة‭ ‬الكثيفة‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬بكندا‭ ‬بالذكرى‭ ‬الأولى‭ ‬لقيام‭ ‬جمهورية‭ ‬القبايل‭ ‬على‭ ‬بناء‭ ‬الجسور‭ ‬مع‭  ‬حلفاء‭ ‬دوليين‭ ‬بوسعهم‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬الفعلي‭ ‬لحق‭ ‬الشّعب‭ ‬القبائلي‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصيره،‭ ‬والدفع‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬انضمام‭ ‬الجمهورية،‭ ‬بوصفها‭ ‬«أمة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬كاملة»‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬في‭ ‬استقلال‭ ‬تام‭ ‬عن‭ ‬الجزائر،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬زعماء‭ ‬الجمهورية‭ ‬القبايلية‭ ‬يبذلون‭ ‬جهودا‭ ‬واسعة‭ ‬وحثيثة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬الوعي‭ ‬الوطني‭ ‬القبائلي،‭ ‬وتدويل‭ ‬القضية‭ ‬القبائلية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬هيكلة‭ ‬الدولة‭ ‬«مشروع‭ ‬الدستور،‭ ‬البرلمان،‭ ‬الحكومة‭.. ‬إلخ»،‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬ذلك‭ ‬مولود‭ ‬عزّ‭ ‬الدّين،‭ ‬النّاطق‭ ‬الرسمي‭ ‬باسم‭ ‬حكومة‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬في‭ ‬المنفى‭.‬
 
ورغم‭ ‬العراقيل‭ ‬التي‭ ‬توضع‭ ‬أمامهم‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬قوى‭ ‬خفية‭ ‬ومعلنة،‭ ‬يستمر‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬القبايلية‭ ‬في‭ ‬حشد‭ ‬الدعم‭ ‬الدولي،‭  ‬إذ‭ ‬نظموا‭ ‬زيارات‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭ ‬للتعريف‭ ‬بالجمهورية‭ ‬القبايلية‭ ‬وحكومتها‭ ‬وقضيتها‭ ‬وتاريخها‭ ‬وفضح‭ ‬جرائم‭ ‬العسكر‭ ‬الجزائري‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬القبايلي‭ ‬منذ‭ ‬الاستقلال‭. ‬كما‭ ‬راسل‭ ‬رئيس‭ ‬«جمهورية‭ ‬القبايل‭ ‬المستقلة»‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬رؤساء‭ ‬الدول،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬وإيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬«فرنسا»‭ ‬وبيدرو‭ ‬سانشيز‭ ‬«إسبانيا»،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مسؤولي‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭  ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬والإنسانية‭ ‬الدولية،‭ ‬بصفته‭ ‬الرئاسية‭.‬
 
فلم‭ ‬يثنهم‭ ‬رضوخ‭ ‬فرنسا‭ ‬«البلد‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬أكبر‭ ‬جالية‭ ‬قبايلية»‭ ‬لرغبات‭ ‬الجنرال‭ ‬شنقريحة‭ ‬«الحاكم‭ ‬الفعلي‭ ‬للجزائر»،‭ ‬ولا‭ ‬تغافلها‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬القمع‭ ‬والإرهاب‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬النّظام‭ ‬الجزائري‭ ‬على‭ ‬القبايليين‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬التضييق‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬يطوق‭ ‬قيادة‭ ‬حركة‭ ‬«ماك»‭ ‬أو‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬القبايلية‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬باريس،‭ ‬لم‭ ‬ينل‭ ‬من‭ ‬عزيمتهم‭ ‬التي‭ ‬ازدادت‭ ‬صلابة،‭ ‬إذ‭ ‬دفعتهم‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬آفاق‭ ‬أرحب‭ ‬للقضية،‭ ‬وإخراجها‭ ‬من‭ ‬الفضاء‭ ‬الفرنسي‭ ‬إلى‭ ‬فضاءات‭ ‬دولية‭ ‬أخرى‭. ‬وليس‭ ‬أدل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬احتضان‭ ‬مونتريال‭ ‬لتظاهرة‭ ‬الاحتفال‭ ‬الذكرى‭ ‬الأولى‭ ‬لإعلان‭ ‬قيام‭ ‬«جمهورية‭ ‬القبايل‭ ‬المستقلة»،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬الكندية‭ ‬إلى‭ ‬منارة‭ ‬يهتدي‭ ‬بها‭ ‬وإليها‭ ‬آلاف‭ ‬القبايليين‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬بالمنفى‭.‬
 
لقد‭ ‬مر‭ ‬على‭  ‬تأسيس‭ ‬«حركة‭ ‬تقرير‭ ‬مصير‭ ‬منطقة‭ ‬القبايل»‭ ‬«ماك»‭ ‬بباريس‭ ‬حوالي‭ ‬ربع‭ ‬قرن،‭ ‬وعملت‭ ‬منذ‭ ‬2001‭ ‬على‭ ‬المطالبة‭ ‬باستقلال‭ ‬منطقة‭ ‬القبايل‭ ‬عن‭ ‬الجزائر؛‭ ‬وكانت‭ ‬أقوى‭ ‬خطوة‭ ‬قامت‭ ‬بها،‭ ‬قبل‭ ‬إعلان‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬2024،‭ ‬هي‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬تشكيل‭ ‬«حكومة‭ ‬قبائلية‭ ‬مؤقتة»‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2010،‭ ‬وذلك‭ ‬لإنهاء‭ ‬«ظلم‭ ‬واحتقار‭ ‬وهيمنة»‭ ‬الحكومة‭ ‬الجزائرية،‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬فرحات‭ ‬مهني‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬آنذاك:‭ ‬«نعلن‭ ‬اليوم‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومتنا‭ ‬المؤقتة،‭ ‬وذلك‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يستمر‭ ‬تحملنا‭ ‬للظلم‭ ‬والاحتقار‭ ‬والهيمنة‭ ‬والترهيب‭ ‬والتمييز‭ ‬المتواصل‭ ‬منذ‭ ‬1962،‭ ‬تاريخ‭ ‬استقلال‭ ‬الجزائر‭ ‬عن‭ ‬فرنسا»‭.‬
 
وتغطي‭ ‬الدولة‭ ‬القبائلية‭ ‬عدة‭ ‬ولايات:‭ ‬شرق‭ ‬ولاية‭ ‬بومرداس،‭ ‬ولاية‭ ‬تيزي‭ ‬وزو،‭ ‬ولاية‭ ‬بجاية،‭ ‬شمال‭ ‬ولاية‭ ‬البويرة،‭ ‬ولاية‭ ‬المدية،‭ ‬شمال‭ ‬ولاية‭ ‬برج‭ ‬بوعريريج،‭ ‬شمال‭ ‬ولاية‭ ‬سطيف،‭ ‬ولاية‭ ‬جيجل،‭ ‬شمال‭ ‬ولاية‭ ‬ميلة،‭ ‬غرب‭ ‬ولاية‭ ‬سكيكدة‭. ‬كما‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬شعب‭ ‬يفوق‭ ‬تعداد‭ ‬سكانه‭ ‬14‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬«ما‭ ‬بين‭ ‬25‭ ‬و30 % من‭ ‬مجموع‭ ‬سكان‭ ‬الجزائر»،‭ ‬يتحدث‭ ‬باللغة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬ولا‭ ‬تتوقف‭ ‬احتجاجاته‭ ‬على‭ ‬الإدارة‭ ‬الجزائرية،‭ ‬وله‭ ‬راية‭ ‬وطنية‭ ‬وبطاقة‭ ‬تعريف‭ ‬وجواز‭ ‬سفر‭ ‬ومنتخب‭ ‬رياضي‭ ‬للكرة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬رياضيين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الرياضات‭ ‬يشاركون‭ ‬تحت‭ ‬الراية‭ ‬القبائلية‭ ‬وممثلين‭ ‬للجمهورية‭ ‬القبائلية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬وملف‭ ‬ثقيل‭ ‬بهيئة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬إذ‭ ‬سبق‭ ‬لرئيس‭ ‬حكومة‭ ‬القبائل‭ ‬المؤقتة،‭ ‬أن‭ ‬طالب‭ ‬بإدراج‭ ‬«منطقة‭ ‬القبايل‭ ‬باللجنة‭ ‬الأممية‭ ‬الرابعة‭ ‬لتصفية‭ ‬الاستعمار»،‭ ‬وتسجيل‭ ‬«حكومة‭ ‬القبايل‭ ‬المؤقتة»‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬بحق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭. ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬رفع‭ ‬العلم‭ ‬الوطني‭ ‬الرسمي‭ ‬لبلاده‭ ‬«جمهورية‭ ‬القبايل‭ ‬المستقلة» في‭ ‬الـ‭ ‬11‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2015،‭ ‬أمام‭ ‬مقر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬رغبة‭ ‬«شعب‭ ‬القبايل»‭ ‬في‭ ‬الاستقلال‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬الكابرانات‭ ‬الجزائري‭.  ‬
 
وتستخدم‭ ‬«حكومة‭ ‬القبايل»‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها،‭ ‬كل‭ ‬الإمكانات‭ ‬المتاحة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تدويل‭ ‬قضية‭ ‬القبايل،‭ ‬حيث‭ ‬سبق‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬دجنبر‭ ‬2013،‭ ‬أن‭ ‬طالبت‭ ‬بتدخل‭ ‬أوروبي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حلّ‭ ‬الأزمة‭ ‬الإثنية‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬غرداية‭ ‬بين‭ ‬بني‭ ‬ميزاب‭ ‬«أمازيغ»‭ ‬والشعانبة‭ ‬«عرب»‭. ‬كما‭ ‬دعت‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تمّ‭ ‬إبرامها‭ ‬مع‭ ‬الجزائر‭ ‬كإجراء‭ ‬عقابي‭ ‬لها‭. ‬بينما‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬نظام‭ ‬العسكر‭ ‬يعمل‭ ‬بكل‭ ‬قوته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬عزل‭ ‬منطقة‭ ‬القبايل‭ ‬عن‭ ‬حكومتها‭ ‬بالمنفى‭ ‬ومحو‭ ‬جذورها‭ ‬وإتلاف‭ ‬تماسكها‭ ‬اللغوي‭ ‬الثفافي‭ ‬والسياسي‭ ‬الرافض‭ ‬لكل‭ ‬أشكال‭ ‬الهيمنة‭ ‬العسكرية،‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬محاولة‭ ‬إرشاء‭ ‬النخبة‭ ‬المحلية‭ ‬أحيانا،‭ ‬والتهميش‭ ‬أحيانا‭ ‬أخرى،‭ ‬لكن‭ ‬دائما‭ ‬بالتنكيل‭ ‬بالنشطاء‭ ‬والمعارضين‭ ‬والحقوقيين‭ ‬والأساتذة‭ ‬والطلبة‭ ‬والزج‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬وإثارة‭ ‬القلاقل‭ ‬والأزمات‭ ‬والمواجهات‭ ‬بالمنطقة،‭ ‬وقمع‭ ‬تطلعات‭ ‬القبايليين‭ ‬إلى‭ ‬الاستقلال‭. ‬مما‭ ‬دفع‭ ‬بالآلاف‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬الهرب‭ ‬نحو‭ ‬الخارج،‭ ‬وتحديدا‭ ‬نحو‭ ‬فرنسا‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬800‭ ‬ألف‭ ‬قبايلي،‭ ‬وكندا‭ ‬(300‭ ‬ألف‭ ‬قبايلي)،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية (200‭ ‬ألف‭ ‬قبايلي)،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الوجهات‭ ‬الأوروبية‭ ‬الأخرى،‭ ‬مثل‭ ‬ألمانيا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وبلجيكا‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وهي‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬أعداد‭ ‬متفاوتة‭ ‬من‭ ‬القبايليين‭. ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬هؤلاء‭ ‬الممنوعون‭ ‬من‭ ‬مغادرة‭ ‬الجزائر‭ ‬الذين‭ ‬يصل‭ ‬عددهم‭ ‬إلى‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬قبايلي،‭ ‬والمعتقلون‭ ‬«أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬معتقل‭ ‬قبايلي،‭ ‬منهم‭ ‬أساتذة‭ ‬وباحثون‭ ‬ونشطاء‭ ‬وطلاب،‭ ‬كلهم‭ ‬خضعوا‭ ‬لحصص‭ ‬تعذيب‭ ‬ومحاولة‭ ‬الاستزلام»،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬آلاف‭ ‬المنتسبين‭ ‬إلى‭ ‬الحركة‭ ‬الذين‭ ‬يتحركون‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬بحذر‭ ‬شديد‭ ‬ويتجنبون‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬المحتوى‭ ‬الحقيقي‭ ‬لأفكارهم،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬عليهم‭ ‬ملاحقات‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭.‬
 
لقد‭ ‬ذاق‭ ‬القبايلين‭ ‬كل‭ ‬صنوف‭ ‬التعذيب‭ ‬طيلة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬«حوالي‭ ‬62‭ ‬سنة»،‭ ‬وسجلوا‭ ‬انتفاضاتهم‭ ‬المتكررة‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬حصيلة‭ ‬ضحاياها،‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1963،‭ ‬مروراً‭ ‬بـ‭ ‬«الربيع‭ ‬الأمازيغي»‭ ‬عام‭ ‬1980،‭  ‬والربيع‭ ‬الأسود‭ ‬عام‭ ‬2001،‭ ‬وحتى‭ ‬حراك‭ ‬2019،‭ ‬إلى‭  ‬126‭ ‬قتيل،‭ ‬و5000 جريح،‭ ‬و200 مصاب‭ ‬بإعاقة‭ ‬دائمة‭. ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الآلام،‭ ‬فهم‭ ‬يؤمنون‭ ‬أن‭ ‬استقلال‭ ‬بلادهم‭ ‬عن‭ ‬الجزائر‭ ‬مجرد‭ ‬مسألة‭ ‬وقت،‭ ‬وأن‭ ‬الملاحقات‭ ‬البوليسية‭ ‬والقضايا‭ ‬المطبوخة‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬ضد‭ ‬أعضائها،‭ ‬لن‭ ‬تؤدي‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الإصرار‭ ‬سينتهي‭ ‬بشل‭ ‬القبضة‭ ‬الباطشة‭ ‬للعسكر،‭ ‬وأن‭ ‬الأرض‭ ‬لن‭ ‬تخسف‭ ‬بشعب‭ ‬القبايل‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬أبناؤه‭ ‬ينتشرون‭ ‬بالآلاف‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الانتصار‭ ‬لقضيته‭ ‬العادلة‭  ‬«استقلال‭ ‬الدولة‭ ‬القبايلية»،‭ ‬وطالما‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬الدولي‭ ‬دائم‭ ‬التمدد‭ ‬والاتساع‭.‬

تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"