الأربعاء 19 مارس 2025
سياسة

ينظمها مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية.. ندوة فكرية بالرباط حول صعوبات تنزيل المبادرة الأطلسية

ينظمها مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية.. ندوة فكرية بالرباط حول صعوبات تنزيل المبادرة الأطلسية محمد الكيحل، رئيس مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية
سينظم مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية، ندوة فكرية  يوم الجمعة  21 مارس2025، برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس الرباط حول المبادرة الأطلسية.
 
ويأتي تنظيم هذه الندوة،  بمبادرة مشتركة من مراكز بحثية تضم مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والمنتدى الإفريقي للتنمية والأبحاث الجغرافية والاستراتيجية ومركز ابن بطوطة للدراسات والأبحاث العلمية والاستراتيجية، بهدف تسليط الضوء على الفرص الاقتصادية والاجتماعية التي تتيحها المبادرة الأطلسية مع إبراز حجم التحديات والعوائق التي تحول دون التنزيل الفعلي لهذه المبادرة، لا سيما في ظل التحولات التي يعرفها المشهد الإقليمي والمتغيرات الحاصلة بالمنطقة، كما هو الحال بالنسبة لانسحاب دول اتحاد الساحل ( مالي والنيجر وبوركينا فاسو) من الاتحاد الاقتصادي لدول غرب أفريقيا ( الايكواس) وإنشاء اتحال فيما بينها يسمى كونفدرالية دول الساحل. 
   
وأكد مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية، أن الحقائق الجغرافية والخبرة التاريخية ظلت تؤكد أن منطقة الساحل والصحراء الكبرى ظلت تواجه أزمات اقتصادية وأمنية وإنسانية مستمرة منذ حصول دولها على الاستقلال في الستينيات من القرن المنصرم.

وأضاف مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية، في بلاغ توصلت "أنفاس بريس " بنسخة منه، أنه قد أدت عوامل مثل ضعف بنية الدولة ومؤسسات الحكم والتدهور الاقتصادي وتأثيرات تغير المناخ والتدخل الدولي في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.. إلى تقويض فرص التنمية وتفقير المجتمعات وتغذية العنف والتطرف في جميع أنحاء المنطقة. وقد أسهمت العوامل الاقتصادية وهشاشة أنظمة الحكم وانعدام الأمن والمظالم التاريخية في تزايد انعدام الثقة في التدخلات الأجنبية وخاصة من قبل الدول الاستعمارية السابقة للمنطقة.
 
وأبرز أن التقارير الدولية ظلت على مدار العقود الماضية، تصنف منطقة الساحل بكونها من أكثر المناطق فقرا في العالم وعرضة لعدم الاستقرار السياسي والأمني. وقد زاد من تعقيد هذه الوضعية المتأزمة الطبيعة الجغرافية القاسية والمخاطر الأمنية المحدقة نتيجة توالي الانقلابات العسكرية وانتشار الحركات الإرهابية والجهادية والانفصالية. وتضيف جهود الدول الغربية لمواجهة النفوذ الروسي الذي بدأ يتغلغل بالمنطقة مزيدا من التعقيد في المشهد الجيوسياسي قيد التشكل بالمنطقة، فالاستغلال المحتمل للتحديات الاقتصادية والمشاعر المعادية للقوى الاستعمارية السابقة من قبل شعوب المنطقة أدت إلى مزيد تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. 
 
وقال المركز ذاته :"منطقة الساحل أضحت  تشكل هاجسا أمنيا وسياسيا لدول بلدان المغرب العربي ودول الحوض المتوسطي بشكل عام، وقد ازدادت هذه المخاطر الأمنية خلال الأعوام الأخيرة نتيجة المتغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة التي ألقت بضلالها على بلدان المنطقة وخاصة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتزايد الصراعات العسكرية في المنطقة العربية والشرق الأوسطية واحتدام الصراع  والتنافس الجيوسياسي بين الدول الفاعلة والمؤثرة في المجتمع الدولي لإعادة تقسيم مناطق النفوذ فيما بينها وبسط هيمننها العسكرية والاقتصادية على باقي شعوب العالم وخاصة منطقة الساحل  التي تزخر بثروات  طبيعية ومعدنية نفيسة .
 
وأكد محمد الكيحل، رئيس مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية، أنه في ظل هذا السياق الجيوسياسي الإقليمي المضطرب، تجد المملكة المغربية نفسها أمام مواجهة مجموعة من التحديات أضحت تهدد الأمن القومي المغربي ما يستلزم من المملكة الأخذ بعين الاعتبار كل هذه التهديدات مأخذ الجد وانتهاج سياسة خارجية استباقية تنبني على رؤى وأهداف استراتيجية متوسطة وبعيدة للتأقلم مع الأوضاع المتسارعة التي تفرضها البيئة الدولية والإقليمية. وتعد المبادرة الأطلسية الرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي امتدادا للجهود المتواصلة التي تبذلها بلادنا من أجل المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي ظلت تجمعها روابط الدين والعقيدة والثقافة والانتماء الافريقي والمصير المشترك.  
 
وإذا كانت الأهداف الجيوسياسية المتوخاة من هذه المبادرة الجريئة ذات الطموحات والامتدادات الإقليمية والقارية، يضيف الباحث الاستراتيجي محمد الكيحل، تنبني على رؤية استباقية وأهداف محددة وغايات متوسطة وبعيدة المدى تتداخل فيها الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الأبعاد الجيوسياسية والاستراتيجية، فإن ذلك يستلزم من المملكة رسم معالم سياسة خارجية مع دول الساحل تنبني على قراءة واقعية براغماتية للمشهد الساحلي والفضاء الأطلسي، مع ضرورة تحليل اتجاهات الأحداث المتسارعة واستشراف التحالفات الدولية الناشئة بالمنطقة بهدف تأمين علاقات استراتيجية متينة تطال مختلف المجالات والميادين العامة مع حكومات دول المنطقة.
 
وأضاف محمد الكيحل، أن ربط دول المنطقة بالساحل الاطلسي سيساهم بلا شك في بلورة وتنفيذ عدد من المشاريع الكبرى التي أجهضت لعدم الجدوى الاقتصادية ارتباطا بانعدام الربط مع الموانئ. كما أن الربط سيسمح من بناء تكتل اقتصادي وسياسي مهم يجمع بين الدول الداخلية للساحل والصحراء ودول الغرب الإفريقي الأطلسية مقابل جمود أو ضعف أداء عدد من الاتحادات الاقتصادية والسياسية. لكن الصعوبات التي تطرح هنا تتمثل في حجم التحديات الأمنية المتنامية وعدم الاستقرار السياسي ينضاف إليه تعقيدات وضبابية المشهد الجيوسياسي قيد التشكل بالمنطقة.
 
وبالإضافة إلى الصعوبات السالفة الذكر، يؤكد الباحث الاستراتيجي، أن هناك صعوبات أخرى مرتبطة أساسا بالطرق والآليات المؤسساتية والقانونية والمالية المناسبة الكفيلة بتفعيل هذه المبادرة على أرض الواقع، خاصة في ظل ضعف التشبيك بين مختلف القوى المؤسساتية الرسمية والفعاليات السياسية والحزبية والمدنية والمؤسسات الجامعية ومراكز الدراسات البحوث العلمية بالمغرب ونظرائها ببلدان منطقة الساحل الفضاء الأفريقي الأطلسي. ينضاف إلى ذلك صعوبة استشراف التحالفات التي ستنسجها حكومات المنطقة في ظل التجاذب الجيوسياسي التي تشهده المنطقة والتنافس الحاد بين أجندات قوى دولية وإقليمية لفرض رؤاها وتوجهاتها الاستراتيجية المتضاربة على دول المنطقة لضمان مصالحها الحيوية، وكل هذه العوامل يمكن أن تشكل تحديات قد تحول دون تنفيذ المبادرة الأطلسية على النحو الأمثل وتحقيق الغايات والأهداف الطموحة النبيلة المتوخاة منها.