الثلاثاء 18 مارس 2025
كتاب الرأي

عبد الهادي بريويك: اختلالات الحكومة المغربية وشعرة معاوية

عبد الهادي بريويك: اختلالات الحكومة المغربية وشعرة معاوية عبد الهادي بريويك

إختلالات الحكومة المغربية وشعرة معاوية

تُعد السياسة في المغرب مزيجًا معقدًا من التوازنات الحساسة، حيث تتداخل المصالح الحزبية مع المطالب الشعبية، مما يجعل الأداء الحكومي في مواجهة مستمرة بين الإصلاح والتأجيل، وبين الحزم والمهادنة. وفي هذا السياق، تبدو الحكومة المغربية وكأنها تسير على "شعرة معاوية"، تلك الحكمة السياسية التي تعني الحفاظ على الحد الأدنى من التوازن دون الانزلاق نحو القطيعة الكاملة.

اختلالات هيكلية وأداء باهت

تعاني الحكومة المغربية من اختلالات بنيوية تتمثل في غياب رؤية استراتيجية متماسكة، وضعف التنسيق بين الوزارات، ما يؤدي إلى تضارب القرارات وتفاوت تنفيذ السياسات العامة. كما أن البيروقراطية المفرطة والتأخر في تنزيل الإصلاحات الضرورية، مثل التعليم والصحة والقضاء، يزيدان من فقدان الثقة في المؤسسات الحكومية.

أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة

يواجه الاقتصاد المغربي تحديات كبيرة، أبرزها ارتفاع معدلات البطالة، وضعف النمو الاقتصادي، والتضخم الذي يؤثر بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين. وعلى الرغم من الجهود الحكومية لإصلاح بعض القطاعات، إلا أن سياسات الدعم وتوزيع الثروات ما تزال غير متوازنة، ما يخلق هوة متزايدة بين الفئات الاجتماعية.

ملف الحريات وحقوق الإنسان

ما تزال قضايا الحريات العامة وحقوق الإنسان تُطرح بقوة في المشهد السياسي المغربي، حيث تتزايد الانتقادات بسبب تقييد الحريات الإعلامية، والاعتقالات ذات الطابع السياسي، ما يضعف صورة المغرب في الساحة الدولية، ويؤثر على جذب الاستثمارات الأجنبية.

شعرة معاوية: بين المرونة والتردد

يبدو أن الحكومة المغربية تحاول التمسك بـ"شعرة معاوية"، من خلال تبني مواقف مرنة تجاه بعض القضايا الحساسة، مثل الحوار الاجتماعي مع النقابات، والتكيف مع الضغط الشعبي عبر تقديم وعود بالإصلاحات. لكن هذا النهج، وإن كان يحقق استقرارًا مرحليًا، فإنه يزيد من حالة الاحتقان عندما تتراكم المشاكل دون حلول جذرية.

نحو إصلاح حقيقي أم تأجيل مستمر؟

يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن الحكومة المغربية من تجاوز هذه الاختلالات عبر إصلاحات حقيقية، أم أنها ستستمر في سياسة الترقيع وتأجيل الحلول؟ إن تجاوز هذه المرحلة يتطلب شجاعة سياسية، وإرادة حقيقية لتفعيل مبادئ الحكامة الرشيدة، والاستجابة الفعلية لمطالب الشعب المغربي.

 

في نهاية المطاف، يبدو أن الحكومة المغربية مطالبة بالتخلي عن سياسة التوازن الهش، واعتماد منهجية أكثر شفافية وفعالية، وإلا فإن الشعرة التي تتشبث بها قد تنقطع في أي لحظة.