السيد رئيس النيابة العامة والسيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية....
السيدان الرئيسان، ألا تلاحظان أن وزير العدل ومن خلال المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، يريد استئصال حق النيابة العامة في محاربة الفساد، وذلك من خلال حرمانها من حق المتابعة، إلا بناء على طلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، الذي أيضا لم تعد له أي صلاحية للأمر بالبحث وبالمتابعة إلا إذا توصل من بعض المؤسسات بتقرير يهم الجرائم المالية.. وقد تعددت التقارير وكثرت الأوراق ولا حسب ولا رقيب...
السيدان الرئيسان، ألا تلاحظان أن وزير العدل ومن خلال المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، يريد استئصال حق النيابة العامة في محاربة الفساد، وذلك من خلال حرمانها من حق المتابعة، إلا بناء على طلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، الذي أيضا لم تعد له أي صلاحية للأمر بالبحث وبالمتابعة إلا إذا توصل من بعض المؤسسات بتقرير يهم الجرائم المالية.. وقد تعددت التقارير وكثرت الأوراق ولا حسب ولا رقيب...
ألا تلاحظان السيدان الرئيسان، أن هذا الوزير بدأ أول ما بدأ به عندما تولى حقيبة وزارة العدل هو سَحْب قانون تجريم الإثراء غير المشروع، الذي خاض فيه الأستاذ المصطفى الرميد حربا مستعرة من أجل إيصاله للبرلمان وحاربوه في البرلمان حتى تنتهي ولاية الوزير الرميد.. ولما انتهت فعلوا فعلتهم الشنعاء بسحبه وتبرير ذلك بعذر أقبح من الزلة..
ألا تلاحظان السيدان الرئيسان أن هذه المادة 3 اللقيطة تتناقض مع المبدأ الدستوري الناص على إقران المسؤولية بالمحاسبة..؟
ألا تلاحظان السيدان الرئيسان أن المادة المذكورة مشجعة على الفساد بل ومحصنة له من سلطات النيابة العامة؟
السيد رئيس النيابة العامة، السيد الرئيس المنتدب، إن السبب الوحيد والأوحد الذي يبرر به وزير العدل المادة 3 في صيغتها الحالية، هو كون الجمعيات تبتز باسم محاربة الفساد، وهذا سبب واهٍ وصوري يذر به الرماد في العيون، ذلك انه إذا كانت نية الوزير القطع مع الابتزاز، فكان الأرجح والأجدر تفعيل الجزاءات الزجرية في مواجهة ممثلي الجمعيات الذين ثبتت في حقهم هذه الأفعال، وليس أن يقوم هذا الوزير بغسل الدم بالدم...
وحيث كذلك كان بيد الوزير أن يعطي للنيابة العامة صلاحية التثبت من جدية الشكاية، بل وترتيب الآثار القانونية والقضائية في حالة ثبوت كونها شكاية كيدية..
هذه البدائل، ليست غير مطروحة على الوزير، أبدا.. فأنا واثق أنه أذكى من ألا تخطر بباله.. لكنه تجاهلها حماية للمفسدين خاصة وأن العديد من أفراد حزبه وأحزاب أخرى متابعون بجرائم جنائية خطيرة أمام القضاء.. وأنا أحضر لجلسات العديد منهم رائجة أمام محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء ومحاكم أخرى...
السيدان الرئيسان، إن هذا الوزير، وقد أقسم أمام البرلمان على أنه لن يطال المادة 3 أي تعديل، فهو يكون قد حسم في المقتضى حتى قبل أن تحسم فيه الجهة المخولة لها دستوريا التشريع في المسطرة الجنائية.. إن هذا الوزير أضحى اليوم يملي التعليمات على البرلمان.. بل إنه، وبسبب قناعته بامتلاك الأغلبية، يلوي ذراع الدستور...
السيدان الرئيسان، إن جلالة الملك هو الضامن لاستقلال المؤسسات، وإن وزير العدل أصبح يهيمن على المؤسسة التشريعية ويفرض عليها آراءه وأهواءه أمام مرآى ومسمع الجميع.. وهو ما فعل في مقتضيات كثيرة في مشروع قانون المسطرة المدنية الذي عرف بدوره احتجاجات كثيرة...
السيدان الرئيسان، المادة 3 تنص على أن النيابة العامة سيبقى لها حق المتابعة في حالة التلبس.. لكن جرائم المال العام حالات نادرة جدا هي التي يكون فيها التلبس كالرشوة.. أما أغلبية الجرائم المالية فلا تلبس فيها.. وبالتالي فتلك العبارة الواردة بالمادة مجرد سراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا..
السيدان الرئيسان، إن المستهدف من خلال إقرار الوزير لهذه المادة، هو صلاحيات قضائكم الذي أنتم مؤتمنون عليه.. والملك فوقكم أول ضامن لاستقلاله..
إن المادة 3 من المشروع، ستجعل النيابة العامة بدون مخالب وبدون أنياب، وستجعل الفاسد ماليا عندما سيمر من أمام مقر رئاسة النيابة العامة وسيقول شكرا لك يا وزير العدل لقد أنقذتني..
لكن، يا وزير العدل، أقول لك ما قال علي بن ابي طالب:
إن هبت رياحك فاغتنمها.. فإن لكل عاصفة سكون..
عبد الرحمان الباقوري/ محامي بهيئة الدار البيضاء