الثلاثاء 11 فبراير 2025
كتاب الرأي

فهد المصري: أيها السوريون.. احذروا المؤتمرات المشبوهة وهيثم مناع لا يقل خطورة عن بشار الأسد

فهد المصري: أيها السوريون.. احذروا المؤتمرات المشبوهة وهيثم مناع لا يقل خطورة عن بشار الأسد فهد المصري
بكل شفافية وموضوعية، ولأن الوضع دقيق وخطير وحساس، ونحتاج أن نمتلك في هذه المرحلة، هامشاً واسعاً من التعقل والحكمة، للحفاظ على السلم الأهلي و تعزيزه، وضرورة إنجاح المرحلة الانتقالية وما بعدها، ومساعدة أهلنا في الداخل السوري، في تعزيز وتقوية الأمن والاستقرار، وتوفير المناخ الملائم لعودة دوران الحياة الاقتصادية، لتوفير المقومات الأساسية للحياة،وتحقيق العدالة الانتقالية، وكذلك للدفع نحو إنطلاق قطار عملية إعادة البناء والإعمار، وتحقيق الشراكة الوطنية المتوازنة في العملية السياسية القادمة، فإننا نستحلفكم بالله، وإكراماً لدماء كل سوري وسورية، والتضحيات الجسيمة التي قدمها شعبنا المكلوم، نرجوكم وقبل أن تصدروا الحكم على أي مسألة منذ سقوط الأسد، وقبل توجيه سهام النقد والانتقاد والاحتجاج، على تفصيل هنا وحدث هناك، وقبل التفكير في الصراع على السلطة، والتهافت على المناصب والمكاسب، نرجوكم أن تضعوا في الحسبان، أن قيادة المرحلة الانتقالية، ورغم كل ملاحظاتنا عليها (حتى ولو لم نتفق معها عقائدياً وفكرياً) ومنذ فرار الأسد أمسكت السلطة بعد الحقائق التالية:   

أولاً: إن عملية التغيير التي حصلت، وبكل ما لها وما عليها، فإنها دون شك أنقذت سورية من حرب أهلية، ومذابح طائفية مقيتة، وربما كنا لن نتخلص من أوزارها لعشرين سنة قادمة، كما أنقذت سورية من مخاطر التقسيم، وتمزيق وطننا إلى دويلات ضعيفة متناحرة.

من واجبنا الوطني والأخلاقي، أن ندرك أن السلطة الانتقالية أحببناها أم كرهناها، قد ورثت تركة ثقيلة للغاية، ليس من السهولة بالمطلق إدارتها والخروج منها، إلا بالتكاثف والتعاضد الوطني، فالسلطة الانتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع  في وضع لا تحسد عليه أبداً، فقد أمسكت السلطة بعد نصف قرن من حكم نظام استبدادي فاسد قاتل ومجرم، 14 سنة من الحرب والدم والدمار،دولة فاشلة مفلسة واقتصاد مدمر، دمار شامل أو جزئي لأغلب المدن والبلدات والقرى، ولنحو نصف المؤسسات التعليمية والصحية، مجتمع مفكك ممزق لا يثق ببعضه البعض، أكثر من نصف الشعب السوري بين نازح ولاجئ ومشرد، وعشرات الآلاف مازالوا ينامون في المخيمات، انعدام شبه كامل للمقومات الأساسية للحياة، نسبة فقر تتجاوز 90 % من السوريين، انتشار الدعارة وتجارة وصناعة المخدرات، ملايين الأيتام والأرامل والمعاقين جسدياً، ملايين من الأطفال دون تعليم منذ عدة سنوات، عشرات الميليشيات المحلية، عشرات الميليشيات الأجنبية، تدخلات خارجية من كل صنف ونوع ولون، تصحر سياسي منذ أكثر من نصف قرن.   

ثانياً: على الجميع أن يدرك، أن ضرب المشروع الإيراني في سورية ولبنان، وإسقاط نظام الأسد معجزة سياسية تحققت بفضل العدالة الإلهية، التي هيأت لها الأسباب، ولم يكن لهذا التغيير في سورية أن يحدث وبأقل الخسائر الممكنة، إلا بهذه الطريقة، وكانت وإلى جانب النجاح في المسار العسكري والتقدم الميداني، كان التغيير نتيجة قرار لاتفاق يشمل سورية ولبنان بين عدة قوى عربية وإقليمية ودولية، وكان قرارها هو التغيير وعدم السماح بالفوضى، ولم يكن هناك قوة ميدانية يمكنها ان تحقق ذلك الانضباط والالتزام، سوى هيئة تحرير الشام والفصائل التي انضوت تحت قيادتها، وكل ذلك بإشراف ومراقبة ومتابعة اقليمية ودولية، ولم يكن الوضع السوري ومنذ يومه الأول متروكاً للفوضى أو الارتجال، رغم بعض الإرباك في الأسابيع الأولى، وهذا أمر طبيعي، والحكومة القادمة لا شك ستمثل كل أطياف الشعب السوري، والعملية السياسية والدستورية، ستكون منضبطة وخاضعة لرقابة عربية ودولية.

بالتأكيد حالتنا ليست حالة مثالية، لكنها أفضل ما هو متاح في هذه المرحلة الخطيرة.   
ثالثاً: على الجميع أن يضع في الحسبان، الانجازات التي تحققت منذ اليوم الأول للتغيير وفي زمن قياسي: توقف المذابح والقصف التي كانت تستهدف السوريين، تحرير المعتقلين وإغلاق المعتقلات، وتوقف عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري وغيرها، من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي كانت ترتكب يومياً وعلى نطاق واسع في سورية، وجود هامش غير مسبوق للحريات العامة، رغم بعض التجاوزات الفردية، لم يكن هناك عمليات تدمير ومذابح مع التغيير، الكشف عن العشرات من المقابر الجماعية، تمكن الكثير من المهجرين السوريين من العودة الطوعية الآمنة، لمدنهم وقراهم أو زيارة وطنهم لأول مرة منذ نصف قرن، وشعر السوريون أخيراً أن لديهم وطناً يحميهم. 
 
أيها السوري، أيتها السورية  
منذ أيام  خرج المدعو هيثم العودات والمعروف باسم هيثم مناع، والذي يمتلك علاقة وطيدة مع إيران وحزب الله والنظام البائد، وأول من أثار الشك في سلمية  ثورة السوريين، ليستخدم  مخاوف بعض الألوان المجتمعية للاتجار السياسي بها، وتسخيرها لخدمة مطامحه الشخصية، عبر الدعوة لمؤتمر مشبوه، وهو في تقديرنا لا يقل خطورة عن بشار الأسد، و يتساوى بانتهازيته السياسية المعروفة، مع جل الذين تصدروا المشهد السياسي، في الائتلاف وهيئة التفاوض، واللجنة الدستورية، وبعض المنصات. 

ولكل ماسبق، ندعو كل السوريين إلى الحذر، وعدم الانزلاق بالمشاركة في هذه المؤتمرات، التي لاهدف منها سوى التشويش، وهي لن تكون بكل الأحوال، سوى محاولات فاشلة، لتقويض السلم الأهلي، ونشر الفوضى وتفجير الأوضاع.

ومع ذلك ندعو السيد مناع، إلى إحكام صوت العقل، وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية، والأجندات غير الوطنية. 

أخيرا نؤكد للجميع، أن كل ماسبق ليس مجاملة أو تقرباً من السلطة الحالية، ولن ندخر جهداً في دعمها رغم اختلافنا الأيديولوجي معها، بل إكراماً لتضحيات السوريين، وحرصا على سورية، كما لن ندخر جهداً في الإشارة والنقد الإيجابي البناء إلى الأخطاء لتجاوزها، ولا نرتجي سوى تعزيز السلم الأهلي، وإنقاذ سورية، والدفع بها نحو مرحلة البناء والتنمية.

ومن أجل كل ما سبق وللمساهمة في إنجاح المرحلة الانتقالية، سنقدم  للقيادة السورية الحالية، خلال الأيام القادمة وبالتدريج، ودون أن ننتظر أي مقابل، سنقدم عشرات الملفات، التي قمنا في جبهة الإنقاذ الوطني في سورية بإعدادها لمرحلة ما بعد الأسد، والتي بذلنا جهوداً مضنية في تحضيرها منذ العام 2009 وكل ذلك بهدف وحيد، وهو إنجاح المرحلة الانتقالية، وتحقيق الشراكة الوطنية والعبور بسورية نحو ضفة الأمان.

إخلاصنا خلاصنا 
 
 
فهد المصري/ رئيس جبهة الإنقاذ الوطني في سورية