من الممارسات المشينة التي يلجأ إليها بعض رجال الدرك، هي تصيد السائقين في محطات الآداء بالأوطوروت، وبمخارج الطريق السيار وغيرها. إذ يتم استغلال تتبيث علامة تحديد السرعة في 40 أو 60، لضبط سائق يسير بسرعة 45 أو 66 في كلم، لكي يتم حلبه بغرامة 150 درهما.علما أن هذا التجاوز الضئيل للسرعة ليس بالمشكل الخطير الذي يزلزل الأرض أو يمثل خطرا على سلامة السائق، بالنظر الى أن هناك نسبة 10% من حجم السرعة المحددة، مسموح به ويدخل في إطار المقبول بمختلف دول العالم.
وإذا كان بعض رجال الدرك الملكي بهذه الجهة أو تلك يتبنون مفهوما خاصا لقرصنة المواطنين بسبب تجاوزات تافهة، فلابأس من تذكير المسؤولين العموميين ببعض البديهيات المتمثلة في أن واجبات الدولة لا تتجلى فقط في زرع رجال الدرك بالمحاور الطرقية وبالأوطوروت، بل هناك واجبات ملقاة على عاتق الدولة أيضا لتأمين حقوق السائق بالشبكة الطرقية الوطنية.
ومن أهم هاته الحقوق نذكر:
أولا: على الدولة زرع المهندسين لمعاينة الوضع الكارثي للطرق المتآكلة، ولمعاينة جنبات الطرق المهدمة، ومعاينة حواشي القناطر المتلاشية، ومعاينة الأخاديد والحفر الموجودة في معظم الطرقات الرابطة بين المدن.
ثانيا: على الدولة زرع البياطرة لمعاينة محلات السناك والمطاعم الموجودة بالمحاور الطرقية، التي تقدم العديد منها وجبات مشكوك في جودتها ومشكوك في سلامة المواد المستعملة في تحضيرها.
ثالثا: على الدولة زرع أطباء حفظ الصحة بمحطات الوقوف وبالمقاهي والمطاعم الموجودة بالمحاور الطرقية لمعاينة نثانة مراحيض العديد منها، وغياب معايير الحد الأدنى في ظروف استقبال العموم.
رابعا: على الدولة زرع الوقاية المدنية في المحاور الطرقية لمعاينة كيف "يتجرجر" المواطن إذا وقعت له حادثة سير، حيث يظل"منشورا" في الطريق لساعات قبل أن تصل سيارة إسعاف الوقاية المدنية لنقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.
خامسا: على الدولة زرع المهندسين المنظريين لمعاينة مشاهد القبح والتلوث البصري بمداخل المراكز الحضرية و"الفيلاجات" التي يعبرها السائقون، وهي مداخل حقيرة وكئيبة توحي للسائق وكأنه يعبر تراب اليمن في عهد الجاهلية!
سادسا: على الدولة زرع التقنيين بمقالع الرخام والأحجار والرمال، الموجودة على جنبات المحاور الطرقية بمختلف مناطق المغرب، لمعاينة الجرائم البيئية التي يرتكبها "تجار الهمزة" الذين تم تمتيعهم ب"كريمات المقالع" ، ومعاينة الجراح ( les cicatrices ) المرتكبة في حق المجالات الترابية المعنية، حيث يتم استخراج الرخام والأحجار والرمال دون الحرص على رد الحالة إلى ماكانت عليه أو غرس موقع المقلع بالأشجار والنباتات.
حين تقوم الدولة بهاته المهام وتنفذ كل واجباتها نحو المواطن، آنذاك يمكنها أن تغض الطرف على زرع رجال الدرك خلف شجرة أو خلف عمود قنطرة لاصطياد سائق ضبط وهو يسير بسرعة 46 كلم عند دخوله أو خروجه من محطة الآداء بالأوطوروت !
إن المواطن ليس بزولة لمص الضرائب والغرامات من جيبه، بل كائن له حقوق على الدولة تلبيتها. والدولة ( كل دولة) لا تحيى فقط برجال الدرك، بل تحيى بالمهندس والطبيب والتقني والأستاذ والفلاح والمقاول والصيدلي والمرشد السياحي وغيرهم.