أكد مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية أن التحرك الإيراني في منطقة الساحل والصحراء يتم بغطاء ديني، حيث تسارع طهران، بعد تراجع النفوذ الفرنسي في غرب إفريقيا وشمالها، للتوغل في المنطقة وتحقيق مشروعها في الهيمنة والتنافس مع الوجود التركي والصيني والروسي والأمريكي ضمن سياسة تبادل المصالح والمنافع والأهداف الدولية.
ووأفاد المركز أن أولى ملامح هذا المخطط ابتدأت بتركيز النشاط الإيراني في مناطق عديدة في جمهورية الجزائر، منها العاصمة ومدن ( باتنة وتبسة وسيدي بلعباس وتيارت وخشلة)، وعملت على بناء علاقات اقتصادية ومدها باستثمارات مالية لتحويلها بعد ذلك إلى فصائل مسلحة وأذرع مذهبية لدعم المشروع الإيراني، كما حصل في أقطار المشرق العربي ( العراق وسوريا واليمن ولبنان).
وقالت وحدة الدراسات الإيرانية التابعة للمركز إن إيران سعت إلى تأسيس أولى خطوات حزب الله المغاربي، واعتبرت مدينة ( سيدي خالد) جنوب الجزائر مركزا روحيا للتشيع الجزائري، إذ أصبحت الشعائر المذهبية تمارس سنوياً في بعض البيوت والاماكن الخاصة. وذهب التقرير إلى أن العلاقة السياسية الوثيقة بين الجزائر وإيران تقوم على عملية الاختراق المذهبي، وبدأت بتشكيل الهياكل التنظيمية للمراحل الأولى لاختراق المجتمع الجزائري، والتأثير على حالة التماسك المجتمعي فيه، ووجهت أدوات الاختراق بشكل أساسي للعاملين في المؤسسات العلمية والثقافية والإعلامية، ومنهم المدريسين ورجال العلم والمعرفة في الجامعات والمعاهد الجزائرية والعاملين في المؤسسات الاعلامية والصحف والمجلات ومراكز البحوث.
وكشف المركز كيف شجع التحالف مع طهران النظام الجزائري على التغاضي عن تحركات الايرانيين وأهدافهم ومشاريعهم، إذ يتحركون بحرية تامة، ويعقدون الاجتماعات ،ويمارسون طقوسهم المذهبية، الا ان هناك أصواتا في الحكومة الجزائرية ومنها وزير الشؤون الدينية (عام 2016)، يقول التقرير، طالبت بوقف التغلل الإيراني وأوضحت أن البلاد تتعرض لهجمة خارجية تستهدف تقسيم الجزائر وان هناك مخططات طائفية لزرع الفتنة في المجتمع الجزائري.
وذهب تقرير المركز إلى أن إيران استغلت حالة الخلاف السياسي بين الجزائر والمغرب ، لتفتح مجالات واسعة لتقديم المساندة لعناصر البوليساريو عبر عمليات التدريب والاعداد العسكري في معسكرات فتحت لهم داخل الأراضي الجزائرية وتزويدهم بالأسلحة والمعدات، وبموافقة الحكومة وإشراف الحرس الثوري الإيراني، وهذا ما أتفق عليه الجانبان الإيراني والجزائري.
وأزاح التقرير الستار عن فشل إيران مع المغرب، حين سعت إلى محاولة إيجاد قواعد تنظيمية لحزب الله المغاربي في الرباط، والقيام بعمليات تستهدف حالة الأمن والاستقرار في المدن المغربية. غير أن الأجهزة الامنية المغربية قامت بمواجهة هذا المخطط عام 2009، ثم بعد ذلك تم قطع العلاقات الدبلوماسية، بسبب تمكن المغرب من كشف مؤامرة دعم طهران لمقاتلي جبهة البوليساريو وتدريبهم واعدادهم لقتال القوات المغربية.
وانتهى التقربر إلى أن من أهم الأسباب التي أدت إلى اتساع النفوذ الإيراني هو الغياب العربي لسد الفراغ السياسي في أفريقيا، وتفعيل العلاقات التي كانت قائمة بين الاقطار العربية والدول الأفريقية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، والغياب الأمني بين دول شمال أفريقيا، والخلافات السياسية بينهم. وأضاف أن "نجاح إيران في تعزيز علاقتها مع الجزائر وموريتانيا، واخيراً عودة العلاقات مع السودان، كان له الدور البارز في تدعيم المشروع الإيراني في أفريقيا ونجاحها في تهدئة الأوضاع في المشرق العربي بعد الإتفاق السعودي الإيراني وعودة العلاقات الخليجية الإيرانية وتهدئة التوتر في اليمن".