بعد ما يناهز أربعة أشهر من جلسات الاستماع، أصدرت المحكمة الجنائية في أفينيون حكمها على 51 متهمًا في قضية "بيليكو" (أو مازان) التي اهتز لها الرأي العام الفرنسي، وامتد ذلك إلى باقي دول العالم، ويتعلق الأمر بإقدام رجل فرنسي (يبلغ من العمر الآن 72 سنة)، على تنظيم عمليات اغتصاب لزوجته السابقة، رفقة 83 رجلا آخرين تم التعرف على 51 منهم فقط، وكانوا يغتصبونها وهي مخدرة تماما بواسطة عقاقير طبية.
وأدانت المحكمة كل المتهمين في القضية من دون استثناء، مع الحكم على الزوج، دومينيك بيليكو، بالسجن 20 عاما. فيما تراوحت الأحكام ضد الباقين بين ثلاث و15 سنة، مما فجر موجة من السخص في المجتمع الفرنسي ضد القضاء بسبب هاته الأحكام المخففة.
المدانون يمثلون بشكل عام صورة مصغرة عن المجتمع الفرنسي الذي يتميز بالعنف ضد النساء، فالمدانون51 متهما، بينهم شباب وشيوخ، أقوياء وضعفاء، سود وبيض، كما أن مهنهم تتراوح بين رجال إطفاء، سائقي شاحنات، عسكريين، رجال أمن، صحفيين، وموسيقيين (دي جي). ومن هنا "الصدمة" التي عاشها الفرنسيون الذين أظهرت لهم واقعة الاغتصاب، بعد تخلي الضحية (الزوجة) عن حقها في السرية، أن الاعتداء الجنسي والعنف ضد المرأة بمختلف أنواعه أصبح "واقعا فرنسيا"، مما فتح النقاش، ليس فقط حول الاغتصاب بمفهومه التقليدي، بل الاغتصاب في العلاقات الزوجية، وطرقه، ومستويات الهوس الجنسي التي تتغلغل الآن في أركان فرنسا. إذ تثبت الأرقام أن العديد من ضحايا الاغتصاب هم رجال ونساء مسنون أو أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة. كما أن المعتدين قد يكونون لطفاء وكرماء وطبيعيين في مواقف أخرى، بل قد يكونون من أقرب الأقرباء أو من الشركاء الجنسيين.
وبحسب الأرقام المسجلة في فرنسا من قبل أجهزة الأمن في عام 2023، فقد تم تسجيل 114,000 حالة عنف جنسي. ومن بين الضحايا، تعرض 74% منهم للعنف الجنسي خارج إطار الأسرة أو العلاقات الزوجية، أي ما يقرب من 84,000 ضحية، مما يمثل زيادة سنوية أقل وضوحًا مقارنة بالسنوات السابقة (+6% في 2023 مقارنة بـ+11% في 2022 ولفترة 2016-2021 في المتوسط).
وقد تعرضت أغلبية الضحايا لعنف جنسي جسدي (اغتصاب أو محاولة اغتصاب، اعتداء أو انتهاك جنسي)، سواء أكانوا قاصرين أو بالغين، كما أن النساء يمثلن النسبة الأكبر من الضحايا لهذا النوع من العنف (85%)، على عكس المتورطين الذين هم في الغالب رجال (96%).
ووفقًا لمسح "التجربة والإحساس بالأمان" (VRS) لعام 2022، فإن 2% فقط من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و74 عامًا ممن تعرضوا لعنف جنسي خارج إطار الأسرة يقدمون شكاوى إلى قوات الأمن.
وتصل هذه النسبة إلى 6% في حالات العنف الجنسي الجسدي (اغتصاب، محاولة اغتصاب، اعتداء جنسي) مقارنة بـ 2% فقط في حالات العنف الجنسي غير الجسدي (تحرش جنسي، عرض جنسي فاضح).
للإشارة، فقد استفاق الفرنسيون على بشاعة "قضية مازان" بعدما عثرت الشرطة الفرنسية صدفة على ملايين الصور ومقاطع الفيديو التي التقطها الزوج دومينيك بيليكو (71 عاما) لاغتصاب زوجته، وهي فاقدة الوعي. وما كان للقضية أن تُكشف لولا تلقي الشرطة شكاوى من سيدات صرحن أن دومينيك كان يستخدم هاتفه النقال لتصوير ما تحت تنانيرهن في المراكز التجارية، فباشرت الشرطة التحقيق معه لتكتشف ما كان بالكاد أن يصدق... زوج يقوم بتخدير زوجته ويدعو عشرات الرجال الغرباء لاغتصابها في المنزل الزوجي وهي فاقدة للوعي!