لا تزال عمليات هدم بعض المنازل في الدارالبيضاء تثير الكثير من الجدل، خاصة أن هذه العملية شملت مناطق أخرى ضواحي العاصمة الاقتصادية "الهراويين وبوسكورة مثلا" ولم يعد الأمر مقتصرا فقط على المدينة القديمة للدار البيضاء لشق مشروع المحج الملكي.
وهناك اختلاف في وجهات النظر حول تنزيل قرارات الهدم في العاصمة الاقتصادية: فهناك من يرى أن هذه القرارات جاءت في وقتها، سيما أن المدينة عاشت في السنوات الأخيرة على وقع انهيار الكثير من المنازل في المدينة القديمة والحي المحمدي والفداء واسباتة وبوركون ما خلف ضحايا كثيرون، وكان من اللازم التعامل بشكل جدي مع هذه القضية، سيما أن تحديات كثيرة في انتظار المدينة لتكون في الموعد خلال كأس افريقيا 2025 ومونديال 2030.
إذا كانت بعض الأصوات قد حاولت الاستئناس مع قرارات الهدم، خاصة في مشروع المحج الملكي، إلا أنها تؤكد أن الخلل يمكن في عدم احترام أجل عمليات التبيلغ، حيث لا يمنح وقت كافي للمواطنين من أجل الطعن في هذه القرارات.
سعد مصلح، رئيس، اتحاد كتلة العمل المدني الوطنية، أكد أنه لابد من الحرص على التطبيق الصارم للقوانين بخصوص عمليات هدم المنازل التي تعرفها العديد من المناطق في البيضاء، لأنه من المفروض أن تتوصل الأسر التي تقطن في هذه المنازل بالتبليغ في وقته المحدد، حتى يكون لهذه الأسر الوقت الكافي للقيام بعمليات الطعن في تلك القرارات المؤقتة.
وفي الوقت الذي ينتقد فيه البعض بشدة توقيت عمليات الهدم، التي كانت مفاجئة بالنسبة إلى العديد من المواطنين، كما هو الحال بالنسبة لبعض سكان "كوارة ولاد ملوك" بالهراويين، الذين يمكثون في هذا المكان مدة تزيد عن تسعين سنة، فإن عادل فاضل، رئيس منتدى شباب 2030. أكد أن مواعيد الاستحقاقات الرياضية ( كأس إفريقيا 2025 و كأس العالم 2030)، هي التي سرعت من عمليات هدم بعض المنازل في مجموعة من المناطق البيضاوية، علما أنه كان من المفروض، حسب رأيه، أن تكون هناك رؤية مستقبلية للمدينة بغض النظر عن هذه الاستحقاقات التي تتعلق بالمجال الكروي.
وأضاف أن عمليات الهدم في بعض المناطق، كما هو الحال بالنسبة إلى مشروع المحج الملكي، جاءت في وقتها، حيث كانت من اللازم اتخاذ القرارات بشأنها، خاصة أن هذا الملف يعد من أقدم الملفات المتعثرة والقديمة في العاصمة الاقتصادية وحان الوقت لإخراجه إلى حيز الوجود بناء على التصورات التي حددت لهذا المشروع.
وقال عادل فاضل: "لا يجب أن تكون الإصلاحات التي تعرفها المدينة استعدادا لكأس افريقيا 2025 و كأس العالم 2030 على أنقاض ضحايا "التراب"، لأن من الواجب وضع المواطن في صلب أي استراتيجية، وذلك بتوفير سكن له دون ترحيله إلى مكان بعيد عن مصدر رزقه يزيد من حدة متاعبه، كما أن تقديم مبلغ 10 مليون سنتيم للأسر التي هدمت منازلها غير كاف، بسبب ارتفاع أسعار العقار، وذلك عكس ما كان عليه الأمر خلال السنوات الماضية، حيث كان بإمكان المواطن تدبير أمره بهذا المبلغ في بعض الضواحي، ولقد وقع هناك هدر زمني في ملف المباني الآيلة للسقوط في العاصمة الاقتصادية".
لم يترك سعد مصلح، رئيس اتحاد كتلة العمل المدني الوطنية، الفرصة لتمر دون أن يؤكد من جديد أن ملف مشروع المحج الملكي له علاقة بنزع الملكية وهو معلق منذ 1989 والمسؤولية في هذا السياق لا يتحملها، حسب رأيه، المواطنون الذين يقطنون في تلك المنطقة، ولكن تتحملها الجهات التي عجزت على تنزيل هذا المشروع، إضافة إلى غياب خلال كل هذه المدة للتواصل مع الساكنة التي تؤمن بهذا المشروع والتغيرات التي تعرفها العاصمة الاقتصادية، إلا أن الخلل يكمن في طريقة تنزيل قرارات الهدم.
وقال مصلح: " لا يمكن إخبار المواطن بقرار الهدم، وفي الغد يتم تحريك الجرافات والقيام بعمليات الهدم، فالأمر يحتاج إلى التبليغ لمدة كافية".
الأحداث التي تعرفها الدارالبيضاء منذ قدوم الوالي امهيدية جعلت الكثير من البيضاويين يتذكرون ما وقع في عهد الوالي إدريس بنهيمة في بداية القرن 21 والذي حرك جرافته في كل الاتجاهات لتحرير الملك العمومي، لكن بمجرد أن غادر مقر الولاية، عادت حليمة إلى سابقة عهدها وعاد "احتلال الملك العمومي"، وهو الأمر الذي يجعل الكثير من المواطنين يؤكدون أنه لابد من استحضار البعد التشاركي في أي عملية للإصلاح من أجل ضمان نجاحها على المدى الطويل، وهو الأمر الذي ينطبق حاليا على قرارات هدم المنازل وتحرير الملك العمومي في الكثير من المناطق بالمدينة.
وتبقى السنوات القليلة المقبلة كفيلة بمدى الوقوف عن نجاعة القرارات التي تعرفها المدينة حاليا وتأثيرها على تحسين ظروف العيش وتحقيق تطور مستدام للدارالبيضاء.