الجمعة 22 نوفمبر 2024
سياسة

ليمام بوسيف: استمرار تناول ملف الصحراء فـي اللجنة الرابعة يعتبر تجاوزا

ليمام بوسيف: استمرار تناول ملف الصحراء فـي اللجنة الرابعة يعتبر تجاوزا ليمام بوسيف(يسارا) رفقة عمر هلال، سفير المغرب لدى الأمم المتحدة

يفكك ليمام بوسيف، وهو باحث في سلك الدكتوراه وشؤون الصحراء، تمظهرات السيادة المغربية على صحرائه، وتمظهرات ذلك، رغم كل المحاولات من أجل تسييس ملفه في اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويعلّل بوسيف في حوار مع أسبوعية «الوطن الآن» و" أنفاس بريس"، (الذي قدّم إفاداته وتم الاستماع إليه في اللجنة الرابعة لسنتين متتاليتين(، الدواعي والأسباب التي تجعل المغرب في موقع قوة تفاوض سياسي لتنزيل مقترح الحكم الذاتي وتجاوز ما يجر إليه خصوم الوحدة الترابية على قلتهم واندثارهم يوما بعد يوم، والحاجة لإخراج ملف الصحراء من اللجنة الرابعة الأاممية.

 

سياق ملف الصحراء المغربية واللجنة الرابعة للأمم المتحدة

السياق الحالي للمطالبة بإخراج ملف الصحراء المغربية من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة يرتبط بالتغيرات الجوهرية التي طرأت على معالجة هذا النزاع في الأمم المتحدة منذ عام 2004، حيث تبنى مجلس الأمن مقاربة سياسية لقضية الصحراء، وأكد أن الحل الأمثل هو حلّ سياسي متوافق عليه يضمن الاستقرار الإقليمي.

 

وفي هذا الإطار، بات من الضروري إخراج الملف من اللجنة الرابعة، لأن الأخيرة تعنى بقضايا تصفية الاستعمار التقليدية، بينما قضية الصحراء هي نزاع سيّاسي مفتعل تجاوز مرحلة تصفية الاستعمار.

 

إضافة إلى ذلك، المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي طرحت في 2007 تعتبر نقطة تحوّل مهمة، حيث وصفها مجلس الأمن بالجدّية وذات المصداقية. هذه المبادرة تعزّز الطّابع السّياسي للقضية وتُخرجها من نطاق قضايا الاستعمار التقليدية، خاصة أن المغرب استرجع أقاليمه الجنوبية بطريقة سلمية وسيادية عبر المسيرة الخضراء في 1975.

 

كما أن استمرار إدراج الملف في اللجنة الرابعة يعكس محاولة من بعض الأطراف لعرقلة العملية السّياسية التي تقودها الأمم المتحدة. هذه الأطراف تستغلّ هذه اللجنة كمنبر لمهاجمة سيادة المغرب بدل دعم الحلول الواقعية التي يقترحها مجلس الأمن.

 

العلاقة بين اللجنة الرابعة ومجلس الأمن: ازدواجية المهام والقوة المؤسسية

اللجنة الرابعة للأمم المتحدة مختصّة بالنظر في قضايا تصفية الاستعمار وفق السياق التاريخي، بينما مجلس الأمن هو الهيئة المسؤولة عن حفظ السّلم والأمن الدوليين. ازدواجية المهامّ تظهر عندما تتناول اللجنة الرابعة قضية مثل الصّحراء المغربية، في حين أنها أصبحت منذ عقود قضية سيّاسية تعالج تحت إشراف مجلس الأمن. هذا التّعارض يعطّل الجهود الدولية لحل النزاع ويخلق ازدواجية غير مبررة.

 

مجلس الأمن يتمتّع بالصّلاحيات الأوسع في الأمم المتحدة بموجب الفصل السّابع من الميثاق، وله الحقّ في تعليق أو تجاوز قرارات صادرة عن اللّجنة الرابعة إذا تعارضت مع القرارات السّياسية. مجلس الأمن هو الذي يرعى العملية السّياسية في الصّحراء منذ سنوات، وهو الذي يشرف على المفاوضات بين الأطراف بناءً على قرارات دولية تدعو إلى حلّ سياسي متوافق عليه.

 

وبالتالي، فإن استمرار اللجنة الرابعة في تناول القضية، رغم أنها خارجة عن نطاق اختصاصها، يعتبر تجاوزًا، خاصّة أن المغرب يشارك بفعالية في العملية السّياسية التي يدعّمها مجلس الأمن. هذا الأخير يظل أقوى وأعلى سلطة في الأمم المتحدة فيما يخصّ قضايا السّلم والأمن.

 

تركيز اللجنة الرابعة على قضية الصحراء المغربية دون غيرها

التّركيز المبالغ فيه من قبل اللجنة الرابعة على قضية الصّحراء المغربية يعكس ازدواجية في التّعامل مع القضايا المطروحة أمامها. معظم القضايا التي تناقشها اللجنة ترتبط بمناطق نائية عن الدول المطالبة بها، بينما الصّحراء المغربية هي جزء لا يتجزأ من التّراب المغربي، ما يجعل هذه القضية مختلفة من حيث الجوهر.

 

هذا التّركيز يرجع إلى استغلال بعض الأطراف للّجنة كوسيلة للتّرويج لأجندات سيّاسية معادية للمغرب. في الوقت الذي حسم فيه المغرب ملف السّيادة على أقاليمه الجنوبية باسترجاعها سلمياً. يتمّ تصوير القضية على أنها تصفية استعمار لإبقاء الوضع مفتوحاً وتعطيل العملية السّياسية.

 

كما أنّ معظم القضايا التي تناقشها اللّجنة الرّابعة تتعلّق بمناطق ما زالت تحت الإدارة الاستعمارية المباشرة. في حالة الصّحراء المغربية، المغرب استعاد سيادته على هذه الأقاليم منذ عقود وأطلق مشاريع تنموية كبرى فيها، ممّا يعزّز واقعها كمناطق مغربية. واستمرار التّركيز على هذه القضية هو محاولة لتسييس عمل اللجنة بما يخدم أطرافًا محددة.

 

الصّحراء المغربية امتداد ترابي مقابل قضايا أخرى

الصّحراء المغربية تتميز بكونها امتدادًا طبيعيًا وجغرافيًا للمغرب، وهو ما يختلف جذريًا عن القضايا الأخرى التي تعرض على اللّجنة الرابعة. القضايا الأخرى غالبًا ما تخص مناطق جزرية أو مستعمرات بعيدة جغرافيًا عن الدول التي تطالب بها. هذه الاختلافات تبرز الطّبيعة الاستثنائية لقضية الصّحراء المغربية.

 

المغرب يمتلك روابط تاريخية وثقافية وقانونية وثيقة مع أقاليمه الجنوبية كبيرة شيوخ القبائل الصحراوية. هذه الرّوابط تثبت أن الصّحراء لم تكن يومًا كيانًا منفصلًا، بل جزءًا من التّراب الوطني المغربي. بينما القضايا الأخرى التي تناقشها اللّجنة الرابعة غالبًا ما تكون عبارة عن جزر أو مناطق بعيدة ولا تربطها صلة ببعضها البعض.

 

وعلاوة على ذلك، المغرب استثمر بشكل كبير في تنمية أقاليمه الجنوبية، ممّا يؤكّد سيادته على المنطقة. هذه الجهود تشمل مشاريع تنموية وبنية تحتية متقدمة، ما يعزّز ارتباط الأقاليم بالمغرب كجزء من وحدته الترابية.

 

إدراج المغرب لقضية الصّحراء في اللجنة الرابعة عام 1963. هل كان خطأ؟

إدراج المغرب لقضية الصّحراء في اللجنة الرابعة عام 1963 لم يكن خطأ، بل خطوة استراتيجية تتماشى مع الظّروف الدولية في ذلك الوقت. المغرب كان يسعى لتصفية الاستعمار من كامل أراضيه بعد استقلاله في 1956. إدراج القضية في اللّجنة كان يهدف إلى مواجهة الاستعمار الإسبّاني الذي كان يسيطر على أقاليم الصّحراء وعلى سيدي إفني.

 

هذه الخطوة مكنت المغرب من استرجاع سيدي إفني في 1969 عبر المفاوضات، وكانت تمهيدًا للمسيرة الخضراء التي حققت استرجاع الأقاليم الجنوبية في 1975. السّياق آنذاك كان يستدعي استغلال جميع الآليات الدولية لتحرير الأراضي المغربية، وهو ما قام به المغرب بنجاح.

 

اليوم، تغيرت المعطيات الدولية، وأصبح من الضّروري إخراج القضيّة من اللّجنة الرّابعة لأن الوضع الحالي لم يعد يتعلّق بتصفية استعمار، بل بإيجاد حلّ سياسي لنزاع مفتعل. هذا التّغيير يعكس مرونة الدّيبلوماسية المغربية وتكيّفها مع المتغيّرات الدّولية بما يخدم قضيتنا الوطنية.

 

ما تبقى من جيوب المقاومة في العالم

ما تبقى من جيوب المقاومة في العالم التي تناصر خصوم الوحدة التّرابية للمغرب بشأن قضية الصّحراء المغربية يتضاءل بشكل ملحوظ مع مرور الوقت. معظم الدّول أصبحت تدرك الطابع المفتعل لهذا النّزاع الذي يخدم أجندات سيّاسية ضيّقة أكثر ممّا يعكس قضية عادلة.

المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي وُصفت بالجدّية والمصداقية من قبل مجلس الأمن، حازت على دعم متزايد من القوى الدولية الكبرى كفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، وإسبانيا، وألمانيا، فضلا عن دول عربية وأفريقية عديدة.

 

بعض الجهات التي ما زالت تناصر خصوم الوحدة الترابية تتواجد في مناطق جغرافية محدودة وتعمل بدوافع إيديولوجية تعود إلى سياقات الحرب الباردة أو لمصالح إقليمية معينة. علاوة على ذلك، فالدّعم الذي تقدّمه هذه الجهات يواجه انتقادات متزايدة داخل دولها، حيث ينظر إليه كإهدار للموارد وإصرار على مسار غير واقعي يتجاهل التّطورات على الأرض والاعترافات الدولية المتزايدة بمغربية الصّحراء.

 

الموقف المغربي يعتمد على وضوح الرّؤية وثبات المبادئ. والمملكة المغربية تواصل تعزيز وجودها في المنتديات الدولية مثل الأمم المتّحدة، وتسعى لإقناع الأطراف المتردّدة بالانخراط في مسار واقعي يضمن الاستقرار الإقليمي والتّنمية المشتركة.