Friday 18 July 2025
كتاب الرأي

بنسعيد الركيبي: القانون يمنحك العطلة... ولكن لا يضمن لك الاستجمام

بنسعيد الركيبي: القانون يمنحك العطلة... ولكن لا يضمن لك الاستجمام بنسعيد الركيبي
هل يكفي أن ينص القانون على حقك في العطلة لتنال قسطا من الراحة؟ وهل تكفي أيام العطلة المنصوص عليها في مدونة الشغل لتضمن لك فرصة للاستجمام؟ المفارقة أن النص القانوني كريم، لكن الواقع الاقتصادي بخيل. يمكنك أن تتغيب عن عملك أسبوعا أو أسبوعين، لكن لا أحد يضمن أن تخرج من بيتك أو تضع قدميك في مصطاف، أو تنعم بلحظة صفاء بعيدا عن ضجيج الحياة اليومية.
فالعطلة من حيث هي حق اجتماعي، وجدت لتعيد للإنسان توازنه النفسي، ولتمنحه فسحة من الحياة خارج دوامة العمل. غير أن هذا الحق يختزل في الكثير من الأحيان إلى فراغ زمني بلا مضمون. فحين تكون القدرة الشرائية متدنية، والأسعار ملتهبة والعروض السياحية مفصلة على مقاس الميسورين، تتحول العطلة إلى عطالة أخرى وإلى إقامة جبرية في حي ضيق. أو إلى عبء نفسي يذكرك بأنك لا تملك حتى حق الراحة.
في المدن المصنفة سياحية تتضاعف الأسعار كما لو أن القانون الاقتصادي يعفي الجميع من الضمير في فصل الصيف. الشقق المفروشة تؤجّر بمبالغ خيالية، المطاعم تسعر كأنها تطعم ميسوري الخليج، وسائل النقل ترفع تسعيرتها بلا حسيب ولا رقيب. والغائب الأكبر هو مراقبة السلطات المحلية وضمان الحق في السياحة والاستجمام للجميع.
تتحدث الجهات الرسمية عن "السياحة الاجتماعية"، وتضع في التقارير مشاريع تعطى انطلاقتها كل سنة على الورق. لكن هل يعرف المواطن البسيط طريقا فعليا إليها؟ هل سبق له أن استفاد من رحلة منظمة أو إقامة مدعمة أو تخفيض حقيقي؟ أم أن هذه البرامج تمنح بمنطق العلاقات لا بمنطق الحاجة؟ إن المواطن يجب أن يكون له نصيبا من الدعم الحكومي لقطاع السياحة.
والنتيجة واضحة، من يملك المال يختار وجهته، ومن لا يملك يختار الصمت. ومن يفترض أن يستجم ويسافر ويتمتع بعطلته يظل محاصرا بين واجب الإنفاق ومسؤوليات الحياة اليومية. أما الأطفال فكل ما يحلمون به في عطلتهم هو قنينة مشروب بارد، أو نزهة قصيرة إلى حديقة عمومية لا تتطلب أداء تذكرة. أما المخيمات الصيفية فهي امتياز، يكون من نصيب القادرين على الدفع أو بالمجان لأبناء من يمنحون أصواتهم في الانتخابات ...
إن العطلة والاستجمام ليستا من الكماليات وإنما هي حاجة إنسانية وضرورة. وإذا لم تفهم الحكومة هذا أو تغاضت عنه، فإنها تساهم في توسيع الفوارق الاجتماعية حتى في أبسط مظاهر الحياة..في حق الإنسان في أن يرتاح.