هي سفيرة سابقة بعدد من الدول في أمريكا اللاتينية وبعض الدول الاسكندنافية، كانت التقارير التي تصدرها المنظمات الدولية حول مؤشر التنمية وتصنيف المغرب المتأخر فيها، يثير استياء فريدة الجعيدي، ولما بحثت في الموضوع وجدت أن الصحة والتعليم هما ما يجعل المغرب متذيلا في الترتيب العالمي..
أمراض وأوبئة تصيب المواطنين في صحتهم خصوصا النساء والأطفال وعموم الفئات الهشة، وانقطاع عن التعليم للأطفال، ومن بين الأسباب المشتركة، عدم الاعتناء بالمراحيض وجعلها فضاء نظيفا خاليا من الجراثيم، كما أن توفيرها في البوادي والجبال، يساعد الأطفال على متابعة دراستهم خصوصا الإناث منهم..
من هنا أخذت الديبلوماسية فريدة الجعيدي على عاتقها الترافع من أجل مراحيض عمومية تحفظ للمواطنين كرامتهم.
في حوارها المصور مع قناة "أنفاس بريس"، بدت الجعيدي حاملة لهم كبير، رغم استصغار البعض لإشكالية المراحيض العمومية، وتحدثت متسلحة بغيرتها الوطنية، وتطلعها لأن يكون المغرب من بين دول العالم الرائدة في كل المجالات، "إذ لايعقل أن نضع الاستراتيجيات الكبرى والرؤى البعيدة، في كل القطاعات، اقتصاديا واجتماعيا ورياضيا.. في حين نجد المراحيض ضمن أساسيات البنية التحتية غائبة أو ضعيفة الحضور ضمن رادار السياسات العمومية"، تقول فريدة الجعيدي، رئيسة جمعية "إيوا"، بمعنى "وماذا بعد؟!".
لقاء فريدة الجعيدي مع قناة "أنفاس بريس"، كان بمناسبة اليوم العالمي للمراحيض، حيث خصصت الأمم المتحدة 19 نونبر من كل سنة، يوما أمميا لهذا المرفق المهم، سواء في استعمالاته العمومية أو الخاصة، إذ تم الاحتفال بهذا اليوم لأول مرة في عام 2001، ومنذ ذلك الحين أصبح حدثًا سنويًا يهدف إلى تحسين الوعي حول قضايا الصرف الصحي والمياه النظيفة على مستوى العالم، ودور المراحيض الحيوي في حياة البشر. وهو يوم أممي لتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها ملايين الأشخاص حول العالم بسبب نقص المرافق الصحية.
ومن بين الأهداف الأساسية، يهدف اليوم العالمي للمراحيض إلى التأكيد على حق كل فرد في الوصول إلى مرافق صحية آمنة ونظيفة، مما يسهم في تحسين الصحة العامة والبيئة.
وتشير التقارير إلى أن أكثر من 4 ملايير شخص يفتقرون إلى الوصول إلى مراحيض آمنة، مما يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل انتشار الأمراض المعدية.
ويُستخدم هذا اليوم كفرصة لتحفيز الحكومات والمجتمعات على اتخاذ إجراءات ملموسة لتحسين نظم الصرف الصحي وتوفير المراحيض العامة، مما يعزز من الكرامة الإنسانية ويحسن جودة الحياة.
ودعت فريدة الجعيدي إلى إمكانية فتح الاستثمار الخاص لتحسين المراحيض العمومية في المغرب من خلال مساهمة القطاع الخاص في تمويل بناء وصيانة المراحيض، مما يقلل العبء المالي على الحكومة ويزيد من عدد المنشآت المتاحة. كما يمكن للمستثمرين تطبيق معايير دولية في التصميم والصيانة، مما يضمن نظافة وكفاءة المرافق. ويوفر القطاع الخاص خبرات متخصصة، مما يساهم في تحسين التشغيل اليومي للمراحيض وضمان استمرارية الخدمات.
كما يمكن أن يقدم المستثمرون حلولاً مبتكرة مثل المراحيض الذكية أو المتنقلة، مما يزيد من توافر الخدمات في الأماكن المزدحمة، إلى جانب خلق فرص العمل المحلية، من خلال توظيف العاملين في الصيانة والإدارة.
وتشخيصا منها لوضعية المراحيض في المغرب، قالت فريدة الجعيدي أنها تواجه عدة تحديات رئيسية، إذ تعاني المدن من غياب رؤية واضحة لتوفير هذه المرافق، مما يؤدي إلى نقص حاد في عددها، وهناك ضعف في التخطيط لها ووضعها ضمن البرامج المحلية، مما يجعل الحاجة ملحة لشبكة وطنية للمراحيض العمومية، بالنظر للملتقيات الكبرى التي يعرفها المغرب، حاضرا ومستقبلا.
كما أن غياب المراحيض يؤدي إلى استخدام المواطنين لأماكن غير مناسبة، بجانب الأسوار التاريخية أو أسوار المؤسسات العمومية أو الخلاء، مما يهدد الصحة العامة ويؤثر سلباً على البيئة.
ودعت فريدة الجعيدي، إلى جعل المراحيض وبنائها وتجهيزها ضمن النقاش العمومي، ورفع كل حرج بشأن ذلك، عبر تطوير خطط واضحة من قبل المجالس المحلية لتحديد مواقع المراحيض العمومية بناءً على الكثافة السكانية والاحتياجات، وضع معايير صارمة للصيانة والنظافة، مع تخصيص فرق عمل دورية للتأكد من جاهزية المرافق.
وكذا زيادة الوعي بأهمية المراحيض العمومية وتأثيرها على الصحة العامة، مما يشجع المجتمع على المطالبة بتحسين هذه الخدمات، مع إنشاء مراحيض تتناسب مع احتياجات الفئات المختلفة، مثل النساء والأطفال والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.