الجمعة 22 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: من اليد الممدودة إلى اليد الرّادعة لجنيرالات الجزائر

يوسف غريب: من اليد الممدودة إلى اليد الرّادعة لجنيرالات الجزائر يوسف غريب
(...لقد حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته)..

في نظري هي أهمّ فقرة في الخطاب الأخير لجلالة الملك بمناسبة عيد المسيرة الخضراء.. ويمكن ترجمتها بلغتنا العادية على شكل نداء حازم وجدّيّ بوقف هذا العبث والجنون الذي يرهن مستقبل المنطقة وشعوبها قاريّاً ودوليّاً..
بل كفى من هذا العبث الذي يتكرّر كل سنة من جماعة الحمّاق المنفصلين عن الواقع ومن مناوراتهم البئيسة والمعرقلة لمجهودات المجتمع الدولي لإنهاء أطول نزاع بالقارة الإفريقيّة..

فقد دقّت ساعة الحسم.. وجاءت مفردات الخطاب الملكي واضحة وضوح موقفنا الشرعي والتاريخ والواقعي باقالمينا الجنوبية.. وبجمل رادعة وقطعيّة للمتوهمبن بالإستفتاء الغير المأسوف على موته منذ زمان.. فكيف بنكتة تقسيم الصحراء..

هي الخطبة الرابعة لجلالته بعد أن مدّ يديه خلال ثلاث خطب سابقة مابين( 2018 -2023) ولم يكن عجزاً اوخوفاً كما ذهب إعلام الحمّاق بل خطاب العقل الذي يفرضه التاريخ والدماء المشتركة والتاريخ المشترك مذكرا بأن الملك وجه خلال خطابات داعيا الجميع لمناقشة جميع المواضيع بدون خطوط حمراء بين الدولتين..وكما جاء في إحدى الفقرات :

(نؤكد مجددا التزامنا الصادق، بنهج اليد الممدودة، تجاه أشقائنا في الجزائر، وفاء منا لروابط الأخوة والدين واللغة وحسن الجوار، التي تجمعنا..)

هي الملكية المغربية بعمقها الحضاري ومكانتها الدينية إذ لا يمكن للملك في المغرب إلا أن يكون في مستوى اللحظة ومستوى رمزيته والإرث التاريخي..

مع العقلاء ورؤساء دول في مستوى إلتقاط الرسائل بالكثير من النضج الفكري والوعي السياسي واحترام المشترك بين الشعوب خاصة على الحدود..

وهو المنعدم- للأسف - مع هذه العصابة الجوارية التي يصدق في حقها قول الشاعر :

لا يَحمِلُ الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَب
وَلا يَنالُ العُلا مَن طَبعُهُ الغَضَبُ
لكنّه يحمل الحزم في إيقاف عبث هؤلاء المجانين ليكون الخطاب الأخير لجلالته بداية تحول اليد الممدودة إلى اليد الرّادعة في قطع بلاء الشر بالمنطقة وإماطة الأذى عن الطريق كاصعف الإيمان..

ونحن على مسافة سنة من نصف قرن من هذا النزاع المفتعل بأقالمينا الجنوبية استنفذنا خلالها الكثير من المجهود الدبلوماسي.. وراهننا اقتصادنا باولرية إعمار المنطقة دون المجهود العسكري اليومي زيادة على أساليب الإبتزاز والإستغلال من طرف دول ومجموعات إقليمية.. هي مسيرة من التحمل من عهد لعهد ومن جيل لجيل.. فقد حان الوقت دون غيره من نهج سياسة أكثر صرامة مع هذا النظام الجزائري خاصة في هذه العهدة الشنقريحية صاحب جملة العدو الكلاسيكي والذي استطاع ان يحوّلها إلى عقيدة عسكرية وشعببة طيلة الست سنوات الأخيرة بإعلان الحرب عن كل ماهو مغربيّ من خريطة فوق قميص فريق رياضي إلى الزليج والكسكس وحتّى الثوابل كمان..
هي العقلية التي يُسَيِّر بها شنقريحة ومن معه الدولة، ووهم القوة عند جيش الذي لم يدخل أي حرب غير حرب الرمال سنة 1963 وانهزم فيها أمام الجيش المغربي وانت تنتظر الفرصة طوال 67 سنة على محاولة رد الدين للمملكة وتصريف حقدك الأعمى عبر استغلال مجموعة المحتجزين بتنيندوف..

وكما جاء في رواية المراهق للرائع “دوستويفسكي”: “انتم تعرفون كل شيء ، لكنكم لا تعرفون أي شيء نافع… ولا تدرون حقّاً لماذا عشتم "..

هم مراهقون رغم شيخوختهم وعلى رأسهم شنقريحة الذي أطلّ علينا عبر بوابته الرسمية الجزائر الآن بمقالين ردّاً على خطاب الحزم لجلالته الأخير :

( ظهر ملك المغرب محمد السادس، بحديثه عن الصحراء الغربية، موجها تهديدات مبطنة للجزائر، وذلك ربما لاعتقاده أنّ عودته ترامب إلى السلطة ستمنح له الصحراء الغربية على طبق من ذهب)..

هو المقال الأول وبهذا الربط الغبّيّ بين عودة ترامب وجيارة لغة الخطاب الملكي ناسياً ان المغرب وهو في صحرائه أخرج " العين الحمرا" في وجه الرذيس الأمريكي أوباما وهي صاحبة القلم بمجلس الأمن يوم قرر زصافة مراقبة حقوق الإنسان لمهمة المينورسو بالصحراء المغربية..

العين الحمرا المغربية ايها البليد لم تدم سوى 48 ساعة حتى تراجع أوباما مدحوراً..مقابل ذلك أدعوك إلى إعادة قراءة برقية تهنئة رئيسك تبون التي بعثها إلى ترامب كلها تغزل واستعطاف ورهن الإشارة ووو علمآ انه عاد ليفتح القنصلية الأمريكية بمدينة الداخلة المغربية..

لكن المقال الثاني وهو الأخطر لا على مستوى صاحبه وهو مستشار سابق للمقبور هواري بومدين ووزير سابق في عهد بوتفليقة بما يعني عاصر كل مراحل الصراع واحد مهندسيه السيد محيي الدين عميمور :

( للعلم، ولمن يهمّه الأمر، الممر نحو إلى الأطلسي نكتة بائخة ومملة لم تكن يوما من أهداف الجزائر، التي ترتبط بالبحر الأبيض حضاريا واقتصاديا وسياسيا، والحديث عنه اليوم تضليل مؤسف، خصوصا إذا نُسِب لمراجع عليا… والجزائر درست التاريخ وتعرف حكاية ممر “دانزيغ”).

بكل صدق هذه الفقرة الخامسة داخل المقال لا علاقة لها بالموضوع العام الذي عنونه وقفات سريعة في الزمن الرديء..

هي فقرة نشاز كنشاز هذا النظام وسط محيطه والعالم أجمع حتّى انه وصف الممر نحو المحيط الأطلسي بالنكتة ناسيا ان بومدين هو من طالب بذلك سنة 1974 في اجتماع مع المرحوم الحسن الثاني بحضور المرحوم الرئيس الموريتاني ولد دادا بفندق الأطلس بأكادير على هامش تدشين سد يوسف بن تاشفين ماسة تزنيت..
لكن ان تربط هذا الممر الأطلسي المغربي بحكاية ممر "دانزيغ" فالرسالة واضحة من زاوية التشبيه.

فكما انتزع هذا الممر من ألمانيا واعطي لبولندا بعد هزبمتها من الحرب العالمية الأولى.. حتى هذا الممر الأطلسي انتزع من جمهوريتكم واعطي للمغرب..

لكن هذا الممر الألماني البولندي كان سببا في أن لاع الحرب الثانية العالمية.. هل يعني ان الجزائر ستدخل في حرب من أجل الولوج إلى الأطلسي كبديل عن المبادرة الاطلسية..

علينا أخذ الأمر بالكثير من الجدية من خلال وزن ومكانة هذا المسؤول داخل صناع القرار هناك في دولة المجانين خاصة وأن الأمر متزامن بشكل غريب مع صرح به السيد بوريطة خلال حديثه..

يومه الجمعة، أمام لجنة الخارجية والدفاع الوطني بمجلس النواب :

( هناك اشارات تصعيد و رغبة في نقل الصراع من التصعيد الى المواجهة العسكرية من طرف الجزائر)
كعادة الحماق والمنفصلون عن الواقع واليائسون المنهزمون حين يحاصرون ينتحرون بغيضهم لا غير.. أمّا الحرب على المغرب فلاشك ان السيد العاقل المجنون محيي الدين عميمور لن يطلع على التقرير الذي سلّم للجنيرال شنقريحة لحظة زيارته لفرنسا قبل ثلاث سنوات على هامش الرد على ما يسمى العدوان على الشاحنات الجزائرية.. إذ نبهتت فرنسا بخطورة المغامرة في حرب مع المغرب.. فلا أحد يعرف حجم قوته ونوعية عتادته العسكري وحرفية جيشه ومستوى تطويره..

نحن شعب وأمة وعبر تاريخنا من دعاة السلام
لكننا لا نهاب الحرب..
ولا نقاتل المستضعفين والحمّاق..

وإذا اضطررنا لإماطة الشّر عن طريق شعوب المنطقة ومستقبلها كما فعلنا بمعبر الگرگرات فذالك واجب أخلاقي وشرعي.. ولن نكون اقل من شجاعة أجدادنا او أطهر من دماء آبائنا الذين روت بدمائها طريق تزنيت الداخلة..
لذلك لا نهتمّ كأسود برأي الضّباع..
ولا نسقط إلاّ عند موتنا..