السبت 23 نوفمبر 2024
فن وثقافة

من تأليف فايدنر وترجمة لشهب.. صدور الطبعة العربية لكتاب" ماوراء الغرب"

من تأليف فايدنر وترجمة لشهب.. صدور الطبعة العربية لكتاب" ماوراء الغرب" المترجم والباحث الدكتور حميد لشهب
ترجمة وتقديم: د.حميد لشهب
عن دار النشر والتوزيع "مؤمنون بلا حدود" صدرت الترجمة العربية لكتاب "ما وراء الغرب"، للألماني شتيفان فايدنر Stefan Weidner، وتكلف د. حميد لشهب بترجمته. أهم شيء في الكتاب هو أن مؤلفه تحرر إلى حدود بعيدة من إرثه الغربي، بعدما وعى أنه لا يصلح لكل الفضاءات الثقافية في العالم، بل هو إرث له ظروف نشأته وميولات هيمنة. وبهذا فإنه يدخل في تقليد غربي، بقي باهثا، لأسباب لا حصر لها، نجده حاليا مثلا عند الراحل شومسكي وهانس كوكلر وإيريك فروم، ويوسف سايفرت وآخرون، انتبهوا إلى نتائج الغطرسة الغربية، ووعوا أنها نابعة أيضا من تنظيرات فكرية وفلسفية معينة، حتى عند من يُعتبرون كبار الفلاسفة والمفكرين الغربيين.
 
اهتم فايدنر بالكوني في هذا الكتاب، بعدما استوعب ثقافته الوطنية والغربية عموما. ودون هذا الاستيعاب، لا يمكن لاقتراح ما هو كوني أن ينجح؛ وكأن لسان حال الكاتب يقول: لابد أن تندمج الثقافة الغربية في الثقافة العالمية، وليس العكس. "ما وراء الغرب"، لا يعني تجاوز الغرب جملة وتفصيلا، بل إنه فتح آفاق واسعة لهذا الغرب ليدخل في حوار مسؤول وبناء مع الحضارات والثقافات الأخرى، بُغية بناء سلم عالمي دائم، على أسس التضامن والتآزر بين الأمم، وليس بإشعال الفتن والحروب، باستعمال القوة العسكرية، والإبقاء على زوبعة الحروب مشتغلة.
 
موضوع "صراع الحضارات" حاضر بقوة في الكتاب، وهو نابع من "نشوة" انتصار ما يسمى بالديمقراطية الليبرالية. والنتيجة المهمة، التي يقدمها فايدنر في هذا الموضوع، هو تأكيده على أن هذا النموذج، ينخر نفسه بنفسه من الداخل، وبالخصوص بـ "استحواذ" اليمين المتطرف عليه واستغلاله لتحقيق أهدافه السياسية والأيديولوجية، المتمثلة أساسا في اختيارات إقصائية لكل ما يعتبر غير غربي (تقوية المركزية الغربية)K وتقوية النزعة الاستعمارية والرغبة في طحن الآخرين. وهناك مسرب من الأهمية بمكان عرى عنه فايدنر، وهو المسرب الذي قاد فوكوياما لأطروحته السالفة الذكر، معتمدا أساسا على ألكسندر كوجيف Alexandre Kojève (1902-1968)، وبالخصوص على تأويله لهيجل، وهو تأويل أثر سلبا في أسماء فلسفية وفكرية غربية وازنة: سارتر، ليفيناس، دريدا، فوكو، لاكان، ريموند آرون، هانا أرينت، جادامير، كارل لويث، ليو شتراوس، كارل شميت وغيرهم كثير.
 
بعد الحرب العالمية الثانية، استطاع الغرب الوصول إلى حد أدنى من الاتفاق، الذي سمح له ببسط نفوذه على العالم، برئاسة الولايات المتحدة. طورت الدول الغربية أيديولوجية هيمنتها بفوهات المدفعية (حلف الناتو)، وليس بالإقناع؛ وعززتها بفرض ما يسمى عبثا مؤسسات عالمية كمنظمة الأمم المتحدة، التي تعتبر بشهادة الكثير من المنظرين الغربيين أنفسهم أداة طيعة في يد الغرب، والبنك الدولي، والمحكمة الدولية بلاهاي وغيرها كثير. كما غذَّت هذه الإيديولوجية سيطرتها بخرافات دفاعها على تحقيق الديمقراطية في دول خارج حدودها، وتطبيق مبدأ العدل لحل النزاعات بين الدول إلخ. ونرى حاليا الطريق المسدود الذي قادت هذه الأيديولوجية الغرب له، ومدى الكراهية والرفض المُعلن عنهما من طرف شعوب المعمورة لهذه الأيديولوجية.
 
من بين أهم مؤلفات فايدنر الأخرى هناك: "الإغراءات المحمدية"، زيوريخ 2004 وفرانكفورت، 2008. "رحلة عبر الإسلام"، فرانكفورت 2006. "المغادرة إلى العقل. المناظرات الإسلامية والعالم الإسلامي بين أحداث 11 سبتمبر والثورات العربية" بون، 2011. "غراوند زيرو: 11 سبتمبر وميلاد الحاضر" ميونيخ، 2021.