الجمعة 18 أكتوبر 2024
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: هل دخل خيار الحرب مرحلة العد العكسي؟!

محمد عزيز الوكيلي: هل دخل خيار الحرب مرحلة العد العكسي؟! محمد عزيز الوكيلي
ماذا بقي أمامنا بعد أن خسرنا كل المعارك، السياسية، والدبلوماسية، والإعلامية الدعائية... السؤال هنا ليس سؤالَنا نحن، بل هو بلسان حال جيراننا الشرقيين؟!!
 
 سياسياً:
اقتنع العالم بأن النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية إنما هو نزاع "جزائري/مغربي" لا يوجد فيه أي طرف آخر إلاّ على سبيل التهريج والتمييع والمداوَرة... والمنتظم الدولي ليس "عبيطاً" بالدرجة التي تجعله غير متفطّن لهذه الحقيقة الخالصة، التي ينمّ عنها كلُّ ما يصدر عن عجزة الموراديا من سفاسف وهرطقات طوال أكثر من خمسين سنة، بل منذ أن قتل لصوص الثورة الجزائرية المفترَى عليها الرئيسَ فرحات عباس، وزادوا فألحقوا به الفقيد القبائلي آيت أحمد، الذي حاولوا التغطية على تصفيته بحرب الرمال الأولى بعد أقل من سنة على نيلهم "مرسوم تقرير المصير" (1963)... ومن ثَمّ فالمجتمع الدولي على بينة بما يدور في الرؤوس الفارغة لجنرالات الجزائر، الذين  يستحيل أن تحتضن نَواصِيُهُم أدمغةً مفكّرة وواعية كَنَواضي باقي البشر!!
 
المجتمع الدولي، أيضاً، بات يعرف، بل هو يدرك ذلك منذ البداية، بأن حكام الجزائر يحرّكهم دافِعان أساسيان بالذات: أحدهما يفضح ليل نهار طمعهم في منفذ إلى المحيط الأطلسي عبر أقاليمنا الصحراوية الجنوبية، ولكنه طمع مشوب برغبة دفينة في ضم أجزاء شاسعة من تلك الأقاليم لضرب عصفورين بذات الحجر: الوصول إلى المحيط الأطلنطي؛ وتطويق المغرب وفصله عن بُعده وامتداده الإفريقيَيْن... وربما يشجعهم على هذا الطمع الزائد أن المغرب لم يرسل حتى الآن جيوشه لاسترجاع صحرائه الشرقية المنهوبة من لدن فرنسا ولقيطتها، ولذلك نراهم يحاولون إضافة أجزاء مغربية أخرى بكل الوسائل، حتى بعد أن لم تعد لديهم أدنى وسيلة غير التي نَعرِضُ لها في هذا المقال!!
 
وأما الدافع الثاني فلا ريب أن الجميع صار على علمٍ به، رغم استتاره في مكان حميم من مؤخرة الفريق أول "غير السعيد شنقريحة"، والمتمثل في الوشم الناري الحارق والمرسوم عند قعدة هذا الأخير، والذي يخلّد لقطعة الريال المغربي المصنوع من الألومنيوم، المثبّت رسمه بعد إحمائه إلى درجة الاحمرار على مقربة من مخرجه... والعهدة على الرواة الذين أخرجوا هذه الواقعة إلى العلن، وهم من ضباط مصر الذين كانوا بالمناسبة أسرى رفقةَ شنقريحة على إثر انهزامهم في معركتَيْ أمغالة!!
 
 دبلوماسياً:
لم يحقق فتح حكام الجزائر لسفارات وقنصليات لجمهوريتهم الجنوبية الوهمية، وإنفاقهم عليها بسخاء بلغ حدّ السَّفَه من أموال الشعب الجزائري المسطول... أقول، لم يحقق لهم ذلك أي منفعة كيفما كان نوعها ووزنها، بل أدى ذلك إلى تحويل السفارات والقنصليات الجزائرية ذاتها، في كل بلدان العالم، إلى ملحقات لميليشيات البوليساريو، بل زاد جنرالات الجزائر على ذلك بجعل كل بعثاتهم الدبلوماسية ووفودهم المشاركة في كل المؤتمرات والمنتديات، إقليمياً وجهوياً وقارياً ودولياً، خادمةً، فقط لا غير، لصنيعتهم "الحية/الميّتة" (الزامبي)، دون أن يسفر ذلك كله عن أي تقدم يمكن القول إنه قد حقق قيد شعرة من أطماعهم سالفة الإشارة... وبالتالي، فقد صار المجتمع الدولي، برمّته، مدركاً تمام الإدراك، وإلى درجة اليقين، بأن الجزائر وحدها، بشمالها الرسمي وجنوبها اللقيط بتيندوف المغربية المحتلة، هي الطرف الوحيد في هذا النزاع، وبالتالي فما تسميه الجزائر جمهورية عربية صحراوية ليست سوى الوجه الثاني القبيح لنفس البيدق الفرنسي المُسَمّى "جزائر"!!
 
 إعلامياُ:
أصبح العالم على بينة من الكذب الممنهَج، الذي صار دَيْدَن جارتنا الشرقية، ومذهباً في سلوكها وتعاملها مع كل مخاطَبيها، بما فيهم المجتمع الدولي ومؤسساته وهيئاته، التي أصبحت تضيق ذرعاً ببهتان ذلك الجار وافتراءاته الفاضحة حتى صار مضرب المثل في الكذب والتلفيق والخديعة... 
 
ولعل من أفظع الأكاذيب التي انفرد بها نظام العسكر بالجزائر، قوله عبر مراحيضه الإعلامية، وبواسطة مصالح وزارته الخارجية ووكالة أنبائه، باستدعائه لسفراء أوروبا على إثر تعبير حكومات بلدانهم عن تمسكها بشراكتها الإستراتيجية مع المملكة المغربية الشريفة،  ورفضها لقرار محكمة العدل الأوروبية وقضاتها المرتشين، وقولها، أي الجزائر، إن السفراء الأوروبيين حضروا جماعياً إلى مقر وزارة الخارجية الداعية، وعبّروا، وهذا هو الأخطر في هذه الكذبة الجديدة و"الطازجة"، عن استغرابهم واستنكارهم للتصريحات الرافضة، الصادرة عن حكوماتهم، وأنهم أبدوا التزامهم بقرار محكمة العدل ضداً على حكومات دولهم (!!!)... فبالله عليكم، هل هناك في هذا العالم عقل واحد يمكن ان يقبل بخبر كهذا، يفيد بتمرد سفير من السفراء على قرارات ومواقف حكومة بلاده، فبالأحرى أن يتعلق الأمر بجملة من سفراء أوروبا يتمردون جماعياً على حكومات بلدانهم... دفعةً واحدة؟! 
 
أي عقول وأيّ أدمغة هذه التي يمكن أن يتمتع بها حكام ذلك البلد الجار، مع شديد الاعتذار لواقع الجوار؟.. وأي أدمغة وعقول يحملها مواطنوهم حتى تنطلي عليهم مثل هذه العَبَثِيات غير المسبوقة والتي لن يجرؤ أحد على إيجاد نظير لها في الساحة الإعلامية العالمية؟!!
 
والحال أن الكذب الإعلامي، لدى حكام الجزائر المصابين بأعتى درجات الإدمان، لم يعد ينطلي على أحد، خاصة بعد أن تحوّل رئيسهم إلى أكبر كذاب في التاريخ الحديث، وكيف لا:
وهو الذي أخبرنا بأنّ الرئيس الأمريكي الأول جورج واشنطن قدّم مسدسين هدية لأميرهم عبد القادر رغم أن الرجلين لم يعيشا في ذات الفترة التاريخية. 
 
وهو الذي قال إن الجزائر تعمل حالياً على تحلية مليار وثلاثمائة ألف متر مكعب من مياه البحر يومياً، علما بأن أقدر الدول وأسرعها في تحقيق هذا الأنجاز، بهذا الرقم ذاتِه، لا تقدر على ذلك إلا مرة في السنة. 
 
وهو الذي قال إن الاقتصاد الجزائري يحتل "المرتبة الثالثة" عالمياً، متجاوزاً بذلك اقتصادات فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والبرازيل والهند ودول الخليج... بينما حقيقة الاقتصاد الجزائري تتحدث عنه وتفضحه قيمة الدينار الذي أصبح في أسفل مراتب العملات مغاربياً وعربياً وإفريقياً، وبالتالي متوسطياً وعالمياً، وهو الذي صار الأورو الواحد يعادل منه حوالَيْ 280 دينار بالتمام والكمال، وما زال في  هبوطٍ مستمر، خاصة مع بداية انحدار أثمنة الغاز والنفط...
 
ثم إن رئيسهم هذا، هو الذي قال إن قطاع الصحة في وطنه هو الأفضل إفريقياً ويستقر في قائمة الريادة عالميا، بينما يتوجّه هو ووزراؤه وجنرالاته وأبناؤهم وأسَرُهم إلى المستشفيات الأوروبية للتداوي من أبسط العلل والأمراض كالزكام، فضلا عن الحالة المزرية لمستشفيات الجزائر ومستوصفاتها المتسخة والمهجورة والمفتقِرة إلى أبسط الوسائل والأدوات الطبية والعلاجية!!!
 
أعتقد أن هذا يكفينا، لأن لائحة أكاذيب هذا الرئيس لا حصر لها، فما بالُنا بوزراء وباقي مسؤولي دولته، الذين منهم مَن ادّعى السبق في الاعتراف بالولايات المتحدة الأمريكية، في زمن كانت الجزائر فيه مجرّدَ إيالات تركية عثمانية؛ أو ادعاء انتماء مدينة وجدة المغربية إلى دولة الجزائر، علما بأن وجدة قد أنشِئت على يد "زيري بن عطية" قبل أكثر من ألف وعِقْدَيْن من السنين، في حين أن عُمُرَ دولة الجزائر لا يتخطى اثنتين وستين سنة!!!
 
نهايته، نحن هنا أمام حكام لم يبق أمامهم سوى أحد خيارَيْن اثنين:
1- إما الرجوع إلى جادة الصواب، والمسارعة إل  نزع سلاح ميليشيات الجزائر الجنوبية، الحاملة اعتباطاً لإسم الجمهورية الصحراوية، وتسريح عناصرها من المرتزقة المنتمين إلى دول الجوار الإفريقي بإعادتهم إلى أوطانهم، وفتح المجال للصحراويين الأصيلين المحتجزين للعودة إلى وطنهم المغرب، معزَّزين مكرَّمين كأخواتهم وإخوتهم المساهمين في إعمار أقاليمنا الجنوبية وتبويئها أحسن المراتب إنمائيا وحضارياً... ثم إتْباع ذلك بالجلوس إلى طاولة الحوار الهادئ بغية حل كل المشكلات الحدودية العالقة بين البلدين الشقيقين الجارين في أفق إعادة بعث مشروع الاتحاد المغاربي؛
 
2- وإمّا الدخول في حرب مفتوحة مع المغرب لن تكون نتيجتها الحتمية سوى ذهاب نظام العسكر إلى غير رجعة، وتحوّل "الجزائر/القارة" إلى ثلاث أو أربع دويلات منفصلة لن تزيد طين المنطقة المغاربية إلاّ بَلّةً وتعفُّناً... أمّا المغرب، فمن البداهة أنه مستعد كامل الاستعداد لهذا الخيار الأخير، علماً بأنه لن يسمح بشن نظام الجزائر لحرب خاطفة قصيرة الأمد يُلهي بها مواطنيه ويستبقيهم بها ملتفين حوله كما هي عادته، بل لن يقبل المغرب عند نشوب أي نزاع مباشر إلا بالتقدم بكل قواه وبكامل تجهيزاته الحربية، الأكثر تطوراً من خردة الجزائر.  
 
لاسترداد كل أجزائه الشرقية المحتلة، وربما في هذه الكرّة، لن يقف تلك الوقفة القسرية التي أجبر فيها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني قائد قواته الجنرال إدريس بنعمر عن العدول عن أخذ مدينة وهران بالقوة... ولو كان قد تركه يستكمل تقدمه إلى ذلك المدى، لكنّا الآن نفاوض حكام الجزائر حول شروط إعادة وهران إليهم، بدلاً من تركهم يستسلمون لحلمهم في تطويقنا ونيل أجزاء أخرى من ترابنا الوطني!!! 
 
تُرى ما الذي سيستقر عليه معربدو الموراديا بعد أن يلعب الكحول و"الغبرة البيضاء" بعقولهم كالعادة؟!! 
ذاك هو السؤال الذي أعتقد يقيناً بأن المغرب مستعد كامل الاستعداد لمواجهة كافة إجاباته واحتمالاته!!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي