السبت 23 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: تأسيس "دولة" السّفراء بالجزائر

يوسف غريب: تأسيس "دولة" السّفراء بالجزائر يوسف غريب
1- معظم السفراء أكّدوا أن البيانات الصادرة عن بلدانهم لا تعني البعثة معارضتهم للقرارات التي تبنّنتها المحكمة أو رغبتهم عدم مراعاتها مستقبلاً مثلما بروّج المخزن المغربي 
2- سفراء الدول الأوروبية شدّدوا على أنّ دولهم ستلتزم بقرارات المحكمة باعتبارها دول قانون 
3- من بين هؤلاء السفراء من استغرب مضمون البيان المنشور من قبل المفوضية الأوروبية الذي غلّب ( شريعة المتعاقدين) على الأحكام التي نطقت بها أعلى هيئة قضائية أوروبية ) 
هي خلاصة الأجوبة التي خرج بها لقاء وزير خارجية الجزائر مع سفراء الدول الأوروبية بعد أن طالبهم بتوضيحات على بيانات بلدانهم الراغبة في الحفاظ على شراكاتها مع المملكة المغربية.. 
ولكون مصدر الخبر له من الحصانة الرسمية ما يجعله صحيحا وموثوقاً فإن الطريقة التي نشرت بها وكالة الأنباء الجزائرية هذه القصاصة الإخبارية جاءت بصيغة المجهول المسند إلى عبارة ( حسب مصادر حضرت اللقاء) في غياب اي تصريح لمسؤول وزاري أوأحد السفراء كما تقتضي المهنية والوثوقية وحتى الاعراف الدبلوماسية في مثل هذه اللقاءات الرّسمية.. 
في غياب كل هذه المعطيات الشكليّة وانطلاقا من مضامين  ودلالات تلك الأجوبة أعلاه نخلص إلى أن سفراء الدول الأوربية يعلنون تمرّدهم السّافر ضد دولهم ويعارضون بشكل مطلق كل جاء في بيانات وزارات الخارجية الأوروبية.. 
ولأن هذا العصيان الدبلوماسي كأوّل سابقة في العالم جاء بتنسيق مع النظام الجزائري حسب وكالة أنبائها الرّسمية فالطّريق معبّدة لتأسيس "دولة السّفراء" انسجاماً مع تاريخها في مثل هذه المشاريع التأسيسيّة.. نظير جمهورية تيندوف.. جمهورية الريف.. الازواد.. ج مالي ووو
لسنا في مشهد عبثيّ فحسب  تجاوزناه  إلى ما بعد العبث يكون فيها العقل البشري عاجز كليّاً عن إيجاد أجوبة طبيّة لهذا السعار الذي بلغ مداه في مفاصل هذا الكيان العسكري هناك.. والجميع حائر في فكّ لغز هذه المعادلة : 
إذاكان المقرر القضائي الأوروبي لا يضرّ المغرب ولن يضرّه
فإنّه في نفس الوقت لا ينفع الجزائر ولن ينفعها 
هو الوسخ بين اللحم والظفر كمافي أجوبة العامّة في مثل هذه الوضعيات 
ولنفرض جدلاً أن ما جاء في تلك الأجوبة أعلاه 
فتصريح  الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمني، جوزيب بوريل، أمس الإثنين،  يجيب  فيه على تلك الأجوبة وخاصة رقم  بحيث يؤكد من جديد "القيمة الكبيرة" للشراكة الاستراتيجية التي تربطه بالمغرب، وأن لديه رغبة في تعزيزها والرفع من مستواها خلال الشهور المقبلة. 
أمام هذا التصريح  يتساءل المراقبون عن مستقبل هؤلاء السفراء بعد العودة إلى بلدانهم وما ينتظرهم من قرارات تأديبية جراء تمردهم على القرار المركزي لدولهم
 أم أن النظام الجزائري على أهبة الإستعداد لاحتضانهم وتحمل أعباء إقامتهم وفاءً لمعارضتهم للمخزن المغربي 
أم أن هذا المشهد جزء من سوريالية هذا النظام وعبثيّته التي تزداد يوماً عن يوم بعد كل صفعة من صفعات الدبلوماسية المغربية والمؤلمة جدّاً خاصة بعد  إحالة الهيئة المسؤولة عن الحكم إلى التقاعد بعد مرور 48 ساعة فقط عن صدور الحكم، و ذلك بقرار إداري و لا يتعلق الأمر بانتهاء خدمتهم، بل هي عملية عزل جراء شكوك ستكشف تفاصيلها في القادم من الايام حسب بعض المصادر الإعلامية ذات الاختصاص في الشأن الأوروبي بل رجّحت فتح ملف من جديد لتصحيح الحكم بعد تغيير القضاة.. 
هذه خلفية هذا السعار لهذا النظام العبيط وهو استثنائي خلال العشرة الأيام الأخيرة وهذا الهجوم الذي بلغ مداه على بلدنا وعلى رموزه السيادية بشكل رهيب حد ان أحد الايام استيقظ الجزائريون على سبعة عناوين بجرائد  مختلفة بموضوع واحد هو المغرب وثالوث ( الملك.. المخزن المغربي الشعب المقهور) دون إغفال القنوات الرسمية التي يصبح المغرب عنوانا رئيسيّاً للقفص والتشهير.. 
الأبلد من ذلك وحتى يكون هذا المغرب حاضرا بشكل يومي يتم تدوال موضوعا واحد بين ثلاث جرائد بعناوين وأسماء مختلفة والمحتوى واحد لا يتغير 
أمّا خطاب النصر لجلالة الملك محمد السادس نصره الله حول قضيتنا فقد عنونوه بخطاب الصّدمة 
والحقيقة أن العنوان ملائم جدّاً لنفسية شنقريحة وعصابته وهم يتابعون فقرات الخطاب تنزل فوق رؤوسهم (  كحجارة من سجّيل فجعلتهم كعصف مأكول) الآية
ومن نتائج هذه الصدمة وتأثيرها المباشر على الرئيس تبون هو تصريحه اول امس - ولأوّل مرّة- خلال استقباله رئيسة الهند قائلاً :
( لقد تم الاتفاق مع نظيرته الهندية على “متابعة مخرجات مجلس الأمن فيما يخص قضية الصحراء الغربية”،
لأوّل مرّة يعترف الرئيس تبون بأن قضية الصحراء المغربية مهمّة حصرية لمجلس الأمن 
لأول مرّة يستبعد الأمم المتحدة ولجنة تصفية الإستعمار كما في الأسطوانة المرشوخة 
وهل يعرف هذا الرئيس أن المخرجات / القرارات السابقة لهذا المجلس تدعوه إلى مائدة المفاوضات مع المغرب لأجرأة المقترح المغربي الوحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل باقاليمنا الجنوبية 
هي الفرصة الأخيرة والوحيدة لفك عزلة هذا النظام وإعادة إدماجه في المجتمع الدولي بشكل تدريجي وطبيعي.. خاصّة وأن كل المؤشرات تسير في اتجاه طيّ هذا الملف بشكل نهائي بالاعتماد على خطاب جلالته الأخير مخاطبا تماطل الأمم المتحدة في عملية حسم هذا النزاع في اانتظار  أن تقدم فرنسا بشكل رسمي، نهاية أكتوبر الجاري، إحاطة رسمية كعضو دائم بمجلس الأمن حول إعتراف الدولة الفرنسية بسيادة المغرب على الصحراء
هو الإرتباك العام السائد وسط العصابة هناك وسط سفينة معزولة في محيطها الإقليمي والدولي تحاول استغلال أي حدث يعيدها إلى الواجهة نظير هذه الهالة الإعلامية التي حضيت بها رئيسة الهند دروباد مورمو بالرغم من أن الزيارة شكلية  إذ يحاول النظام  تصويرها على أنها إنجاز دبلوماسي ونجاح في بناء العلاقات الدولية من خلال عرض اتفاقيات في مجال الاستثمار والتبادلات التجارية، والتلويح باتفاقيات عسكرية، وهو أمر غير مسبوق في التعامل الدبلوماسي مع الشخصيات البروتوكولية… 
هو نفس النظام الذي تخيفه الثوابل المغربية التي دفعت السفير الجزائري بالإمارات إلى الاتصال بالمؤثر الأردني للاحتجاج على ما سمّاه بمغربية الثوابل الموجودة بالجزائر.. 
في الحقيقة جزء من انتصاراتنا تعود إلى حماقة وسفاهة هذا النظام العبيط..