في بلدة "تامري"، الواقعة شمال أكادير على الساحل الأطلسي، يبرز "الموز البلدي" (لْبَنَانْ أَبلْدي كما يسمى لدى أهالي المنطقة بالأمازيغية)، كأحد أشهر المنتجات الزراعية التي تعكس الطابع الفريد للمنطقة. وهو موز يختلف بشكل ملحوظ عن الأصناف المستوردة؛ إذ يتميّز بحجمه الصّغير نسبيًا، وقشرته الرفيعة التي تتدرّج بين الأصفر الفاتح والأخضر حين يكون في مراحل النضج الأولى.
يُعدّ "الموز البلدي" في تامري، أحد أرقى أنواع الموز على الإطلاق، بفضل نكهته المتميّزة التي تتفوّق على معظم الأنواع المتداولة في الأسواق. إذ يجمع بين حلاوة متوازنة ونكهة عطريّة مميّزة،مما يجعله محطّ إعجاب وتفضيل العديد من محبي الفاكهة. كما يتمتع هذا الموز أيضًا بقوامه الكثيف الذي يغلب عليه الطراوة دون أن يكون رخوًا، ممّا يعزّز من تجربة تناوله سواء كان طازجًا أو في وصفات محلية مثل العصائر والسّلطات.
تستفيد منطقة تامري من مَناخها الفريد، الذي يتأرجح بين اعتدال درجات الحرارة وتأثيرات الرّياح المحيطية التي تلطّف الأجواء طوال السّنة. هذه الظّروف المناخية، إلى جانب التّربة الخصبة والغنيّة بالمعادن، توفّر بيئة مثالية لزراعة الموز البلدي بشكل طبيعي ومستدام.
وتساهم هذه العوامل في إطالة فترة النّضج على الشّجرة، ممّا يعزز من تركيز السّكر الطّبيعي في الفاكهة ويُثري نكهتها.
على الرّغم من أن إنتاج "الموز البلدي" في تامري لا يُقارن من حيث الكمية مع الإنتاج الضّخم للأصناف التجارية المستوردة والمنتجة، إلا أنه يتمتّع بسمعة مميزة بين السّكان المحليين والزوار على حد سواء، نظرًا لجودته العالية وندرة توفّره في الأسواق الوطنية.
وتباع هذه الفاكهة بمتوسّط سعر يصل إلى حدود اليوم السبت 5 أكتوبر 2024، ثمانية دراهم، وهو سعر أقل مما يباع فيه موز البيوت البلاستيكية في ضيعات اشتوكة أيت باها وتارودانت وغيرها التي تسوّق للمستهلك بسعر يتراوح ما بين 11 و14 درهما. وقد ترتفع الأسعار في ذروة المواسم السّياحية، حيث يتزايد الطّلب عليه من قبل السّياح الذين يرغبون في تذوق الفاكهة المحلية الأصيلة.
يمثل الموز البلدي في تامري أكثر من مجرد منتج زراعي؛ فهو جزء لا يتجزأ من التراث الزراعي والثقافي للمنطقة. يسعى الفلاحون المحليون للحفاظ على هذه الزّراعة التقليدية، معتمدين على تقنيات زراعية مستدامة تتوارثها الأجيال. وعلاوة على ذلك، يتميز الموز البلدي بكونه جزء من هوية المنطقة الزّراعية، ويعكس اهتمام السكان بالزراعة العضوية والبيئية، التي تحافظ على جودة التّربة والمياه.
يبقى الموز البلدي في تامري رمزًا لجمال المنطقة وثرواتها الطبيعية، ومثالاً على قدرة الفلاحين المحلّيين على تحقيق التّوازن بين الإنتاج المستدام والجودة الفائقة، ممّا يجعله فاكهة لا غنى عنها على الموائد المغربية التّقليدية.