قال محمد بازّة، وهو خبير دولي في الموارد المائية، أن "مخطّط المغرب الأخضر يبدو أنّه لم يكن بالمستوى الذي تم التّرويج له. صحيح أن هناك زيادة، لكنها لم تحقّق الأهداف المرجوّة. فمنذ إطلاقه، كان الحديث عن رفع الإنتاج بنسبة 50% يبدو غير واقعي".
وأوضح الخبير الدولي في الموارد المائية بازة، في تصريح لـ"أنفاس بريس"، أن "مخطّط المغرب الأخضر، الذي امتد بين 2008 و 2020، تبنى رفع مساحات السلاسل الفلاحية بما يفوق المليون هكتار، بما فيها بين خمسمائة ألف و ستمائة ألف هكتار شهدت أيضا توسعا في السقي، أي تم تحويلها من البور إلى الري بالتنقيط، في الوقت الذي كانت الحاجة الملحة إلى تقليص المساحات المسقية نظرا لارتفاع ندرة المياه، حيث كانت الموارد المائية على الصعيد الوطني قد تقلصت بحوالي ثلاثين بالمائة في سنة 2007، بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل التسعينيات من القرن الماضي، كما كان من المرتقب أنها سوف تتقلص أكثر خلال العقود الموالية نتيجة للتغير المناخي. ومع انتهاء مدة مخطط المغرب الأخضر دخل المغرب في أزمة مائية وبدأت تظهر تداعيات سياسته التوسعية عبر تجفيف عدد من الينابيع المائية الطبيعية بسبب الآبار، واستنزاف عدد من الفرشات المائية نتيجة الافراط في استهلاكها، وهلاك مساحات هائلة من الأشجار التي تم غرسها في إطار المخطط، خاصة منها الحوامض والزيتون، وتم التخلي عنها من قبل مالكيها بسبب ندرة المياه".
وسار الخبير الدولي إلى أنه "مباشرة بعد انتهاء المخطط بدأ برنامج الجيل الأخضر، الذي يمتد بين 2020 و2030، لكنه لم يستفد من الدروس التي كان ينبغي تعلمها من الأخطاء السّابقة، إذ يستمر التوسع في مساحات معظم السلاسل الفلاحية بما مجموعه أكثر من سبعمائة ألف هكتار، بما فيها ثلاثمائة ألف هكتار للزيتون لتصل مساحته الإجمالية إلى 1.4 مليون هكتار وزيادة الإنتاج إلى 3.5 مليون طن، حسب عقد البرنامج الخاص به، غير أن هذه الأهداف تبدو غير واقعية في ظلّ الظروف المناخية الحالية. الوضع الراهن في المغرب لا يتيح إمكانية تحقيق مثل هذه الطموحات ولذا فإن السياسة الراهنة يمكن اعتبارها "سّياسة عمياء".
ونبه الخبير بازة إلى أن "الحديث عن تحقيق هذه الأرقام أشبه بالتّمنّي، خاصّة في ظلّ التّحديات الكبيرة التي تواجه الفلاحة. الحكومة والوزارات المعنية لا تبدو وكأنها تتعامل مع المسألة بالجدّية المطلوبة، بالنظر إلى العديد من العقبات التي تحول دون تنفيذ هذه الأهداف. فهدر الملايير وبرمجة الوصول إلى مساحة 1,4 مليون هكتار لا يمكن تبنيه إلا بتجاهل التغير المناخي وهو تجاهل الحقيقة المرة والهروب عن المسؤولية".
وشدّد على أنه "إذا أخذنا عدد أشجار الزيتون في المغرب، نجد أنه في سنة 2007 كانت المساحة المغروسة المشمولة تقدر بـنحو 720 ألف هكتار في تلك الفترة، كان المغرب قد بدأ في تنفيذ استراتيجية "مخطّط المغرب الأخضر" غير الواقعيّ التنفيذ".
ولم يفت الخبير الدولي بازّة، إلى أن "هذه الاستراتيجية كانت تهدف إلى زيادة الإنتاجية وتحسين الجودة بالنسبة لعدد من السلاسل الإنتاجية، بما فيها سلسلة الزيتون. وفي عام 2019، وصلت المساحة المزروعة بالزيتون إلى مليون و30 ألف هكتار، أي بزيادة قدرها 310 ألف هكتار، وهو ما يمثل زيادة بنسبة تقارب %50 ، ثم جاء الجيل الأخضر ليسعى الى رفعها إلى مليون وأربعمائة ألف هكتار في أفق سنة 2030، لتصل نسبة الزيادة الإجمالية إلى 94 في المائة، في الوقت الذي لا يمكن سقي حتى المساحة الأصلية، أي 720 الف هكتار".
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذه الظروف، يشرح الخبير بازّة، هو: هل كانت الزّيادة الكبيرة مبرّرة أم كان يجب التركيز على رفع إنتاج المساحات المتوفرة أنداك وتحسين نوعية منتجاتها؟. لكن جرى استثمار أموال طائلة في توسيع المساحات المزروعة دون جدوى مثلما نعيشه اليوم"، وفق توضيحاته.