الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

غريب: الجزائر أصغر بكثير من أن يتآمروا عليها

غريب: الجزائر أصغر بكثير من أن يتآمروا عليها يوسف غريب
“أنا اقول لك بأنّ الأعداء متربّصين بأمن الوطن.. وتأتي أنت فتطالبني بتوفير الماء والكهرباء" جعلني  هذا التصريح اقتنع بالمثل المشهور: (أحياناً تأتي الحكمة من أفواه المجانين) 
وأكبرهم بالجزائر هو عبد القادر بنقرينة الذي جاء بهذا التصريح زوال اليوم بإحدى التجمعات الخطابية الرئاسية وهي تقفل أسبوعها الأخير الذي تميّز بإخراج اسطورة "المساس بأمن الدّولة" التّي تمّ التمهيد لها بالوقائع التالية:
1- تعرّضت ثلاث شاحنات عسكرية للإحتراق بالعاصمة الجزائرية 
2- تفكيك شبكة للتجسس والتخابر مع دول معادية تحت إشراف مغربي 
3- عقد مجلس الأمن برئاسة عبد المجيد تبّون/ المرشح الحر 
هذا التمهيد/ التهديد هو من جعل بن قرينة يثور في وجه كل من يطالب من الجزائريين بحقه الادنى من مواصلة العيش كالماء والكهرباء.. وهي الحقوق المؤجلة أمام التعبئة الشاملة للدفاع عن الوطن بالتصويت على رجل الإجماع تبون المغوار.. 
ولأن اسطورة المساس بأمن الدّولة تحتاج إلى أدّلة وبراهين وحجج دامغة فيكفي للنيابة الجزائرية ان تذكر إسم المغرب.
المغرب الذي ولدت معه هذه الاسطورة منذ حرب الرّمال مع جملة (حگرونا المغاربة) وهي تعود بصيغة التجسس الآدمي هذه المرّة بعد التجسس الإلكتروني (بيغاسوس) قبل سنتين.. 
ولأنّهم أوفياء لغبائهم كما في ببان النيابة العامة هناك أن القضية بدأت  بعد توقيف مغربي دخل الجزائر بشكل غير شرعيّ ومن  تمَّ اكتشاف شبكة التجسس بعد تفريغ هاتفه الخاص. 
اليس من الغباء القاتل أن يتمّ هذا "الكشف" بالصدفة عبر مراقبة روتيتية للدرك الجزائري للمهاجرين الغير شرعيين.. 
وهل هناك جاسوس ومخبر يحمل في هاتفه أدلّة تدينه.. وفي سقف ثلاثة أيام يتم ضبط عناصر الشبكة ومصادر التمويل وعناصر القيادة بدول الأعداء.. المغرب طبعاً
الغرابة في هذا الغباء الفظيع هو أنّه إلى حدود البارحة اتهمتمونا بالتجسس التكنولوجي عليكم وعلى أكثر من 700 مسؤول جزائري وفي مواقع متقدمة في هرم الدولة كما جاء في ببان النائب العام الجزائري الخميس 23-07-2021 
فكيف ننتقل إلى التجسس الآدامي المعرّض للكشف والإعتقال ونترك ما هو تقنيّ دقيق.. هذا إذا افترضنا صحة روايتكم.. 
والسؤال الجوهري في ضخم هذه الدراما المرشوخة البئيسة.. من هي الجزائر حتّى يتآمر عليها العالم منذ استقلالها حتّى الآن..
فخلال هذه العهدة التبونية عقدت الجزائر ما يقارب 15 اجتماعا للمجلس الاعلى للأمن.
خلالها أيضاً كما أورد ت جريدة "النهار" العسكرية بأن "الجزائر طلبت من السفير الإماراتي مغادرة التراب الوطني، حيث أمهلته 48 ساعة لذلك"، مضيفة أن هذا القرار اتُخذ بعد "توقيف 4 جواسيس إماراتيين كانوا يتخابرون لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي، لنقل معلومات سرية عن الدولة"، 
وليس هذا فحسب بل العودة إلى الببان الصادر عن اجتماع استثنائي لذات المجلس الأعلى عقب حرائق الغابات التى أودت ب 90 شخص رحمهم الله سيجد شمّاعة المغرب جاهزة وبهذه الصيغة :
" الأفعال المتكررة العدائية للمغرب تتطلّب إعادة النظر في العلاقات ببن البلدين وتمثيف المراقبة الأمنيّة على الحدود الغربية"
فمن اين تسلّل هذا المهاجر السرّي المغربي الذي تحوّل في رمشة عين إلى  مخبر   إذا كانت  المراقبة جد مكثفة.. 
وبالمرة الألف من هي الجزائر حتّى تكون تحت عيون العالم..!؟ 
والحقيقة أن الجزائر أصغر بكثير من أن يتآمر عليها المغرب او غير المغرب.. ولا يخرج ذكر اسمها عن سلسلة فضائح وسلوكيات مافيوزية وتصريحات غرائبية بهلوانية.. وتزوير وتحريف تصريحات الدول الاخرى 
هي الجزائر وصورتها وسط الأمم والشعوب 
هي الآن كأي نظام عسكري ديكتاتوري غالباً ما يلجأ إلى التخويف من المؤامرة الخارجية  للالتفاف على المطالب المشروعة   للشعب الجزائري نظير الماء والكهرباء كحدّ أدنى.. 
هو النظام الذي يهرب من أزمته إلى المكان الخطأ. جعلته يعيش في حالة من التخبطٌ المزمن منذ  العام 1965، حين تحوّلت مجموعة من الضبّاط بقيادة بوخروبة إلى الحكام الفعليين لبلد غنيّ بدّدت ثرواته على كلّ شيء باستثناء التنمية… 
حتّى أصبحت الجزائر اليوم البلد الوحيد الذي يبحث فيه النظام عن سيناريوهات المؤامرة والشعب يبحث عن الماء والكهرباء. 
 

يوسف غريب/ كاتب وصحفيّ