(التسويق الترابي: هو مجموعة الاعمال التواصلية و الاعلامية التي يقوم بها أهل المجال من أجل اقناع مقاولة باختيار ترابهم/ مدينتهم؛ موطنا لممارسة انشطتها الانتاجية)،Texier Laurence : مقولة للكاتب.
أجد هذا التعريف يهم جميع المؤسسات التي تنشط على تراب المدينة.. الجميع معني بتقديم صورة جميلة ومثيرة عن (مدينتنا) من أجل إغراء وإقناع (من يملك ثروة) بالقدوم والاستقرار هنا والآن.. وأقصد بالثروة هنا، المعنى الواسع، فالفكر ثروة والصنعة ثروة والرياضة ثروة وكل أوجه الإبداع ثروة..
وبهذه المقدمة أمهد للقول إن مشروع تسديد التبليغ الذي باشرته مؤسسة العلماء بالمغرب؛ هو مشروع طموح لإعادة ترتيب مفردات الخطاب الديني لإخراجه من مرحلة العشوائية والارتجالية الى مرحلة المساهمة في التواصل البناء والنافع ودخول مرحلة خطاب ديني يبني عقولا وسيكولوجيات مطمئنة وعالمة وواثقة من النفس تتمتع بالأناقة والطمأنينة وهما شرطا إنتاج مواطن قادر على رؤية مظاهر الجمال في ترابه ومدينته.. المواطن الغيور على مجاله والذي يحسن تسويق (خصوصيات بلدته) تلك الخصوصيات التي لا يملكها مجال غيره..
إن الذي لا ينتبه إليه الكثيرون هو كون الخطاب الديني بالمساجد عنصر مهم في تكوين وجدان المواطنين ونفسياتهم و"لاشعورهم"..
إن الذي لا ينتبه إليه الكثيرون هو كون الخطاب الديني بالمساجد عنصر مهم في تكوين وجدان المواطنين ونفسياتهم و"لاشعورهم"..
فإما أن يكون الخطاب الوعظي والعلمي في المساجد دروسا وخطبا؛ مساهما في نشر الشعور بالطمأنينة و الإيجابية والفخر بالهوية، والاعتزاز الوطني، والتمسك بالتوابث المجمع عليها: إمارة للمؤمنين وعقيدة أشعرية ومذهبا مالكيا وتصوفا سنيا.. وهذا سيساهم حتما ويقينا في إنتاج العقلية المجالية والترابية الإيجابية والتسويقية والفاعلة والجاذبة للخير والصلاح وأهل المعروف والتصدق؛ والفاعلين في الاستثمار؛ وهو ما يعبر عنه بمصطلح (الأمن الروحي)..
وإما العكس السلبي، وهو إنتاج دروس وخطب ارتجالية حماسية؛ لا يقدر (منتجها) مآلات ونتائج كلامه ووعظه وخطبه؛ لأنها خطب متأسسة على العاطفة والنقد المتهور؛ والتركيز على السلبيات؛ وتضخيم السيئات؛ وتكريس العقلية المستريحة في جهلها.. مما يملأ "عقلية ونفسية" المواطن المستمع؛ بطاقة الاسترخاء واللامسؤولية؛ واحتراف النقد والتجريح، وتحميل المسؤولية للآخرين، وتبرئة الذات.. أي خطاب ينتج لنا مستمعا للوعظ يعتقد أنه "مرفوع عنه" التكليف والمسؤولية!!
وهذا هو الوعظ والخطابة المغشوشين؛ الذي انتبهت إليه مؤسسة العلماء؛ ورصدت تمدده في بعض المجالات والجغرافيات.. وتابعت ودرست.. وقامت بتشريح أصوله النفسية والفكرية.. وقيمت تداعياته ونتائجه على (عقلية ونفسية وسلوكيات) المواطنين؛ فاستنتجت يقينا أن العلاج أصبح ملحا؛ لغاية حماية العقل المغربي الجمعي والسيكولوجية الوطنية؛ من الآثار التدميرية التي ينتجها على كل المستويات الفردية والاجتماعية وعلى كل الأصعدة، الإدارية والاقتصادية والحضارية.. وبكلمة جامعة (الآثار المعيقة لتنزيل الاستراتيجية التنموية)..
لقد مارست الوعظ والخطابة من على المنابر لمدة ثلاثين سنة.. و مررت بكل مراحل (أنماط) الخطابة التي تدرس في المعاهد اللغوية؛ وأعرف مفاصل (البنية) التي تقوم عليها الممارسة الدعوية.. وقد قرأت خلاصات المناظرات والمؤتمرات التي تدارست إنتاج الخطاب الديني ومستقبل الدعوة إلى الله.. فخلصت كما خلص الغيورون على مستقبل الإسلام إلى أن مشروع تسديد التبليغ قد انبلج في وقته المناسب والحكيم.. وأنه من الملح ومن واجب الوقت في مملكتنا الشريفة التي تسعى إلى التتويج قريبا جدا مع الكبار ومع (أولي الأمر) على المستوى الدولي والعالمي؛ أن يعاد للخطاب الديني، وهو الوجه المشرق لإمارة المؤمنين طاقته الاخلاقية والتخليقية، بعد أن طال عليه الأمد فأصبح يعاني من التسطيح ونقص العقلانية وعدم الانسجام مع الأجوبة الكبرى للوطن وعدم مسايرة (الإمامة) في افريقيا والريادة في المجال الاقليمي والشوكة في المجال الاستراتيجي..
إن خطة تسديد التبليغ؛ تقوم على إحياء الخطاب الديني في المملكة المغربية؛ بعد أن ظهرت عليه آثار الموت؛ ولأن الخطاب منتوج عقلي وفكري من الإنسان الى الإنسان، فلابد أن يدخله التقادم والخطأ وعدم الإصابة؛ والإحياء هو ما دعا إليه المجدد العلامة أبو حامد الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين) المتوفي سنة 505 هجرية.. والإحياء هو عنوان مجلة تصدرها وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية بالمملكة المغربية منذ عقود.. والتجديد هو سنة بشر بها سيدنا رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام بقوله: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)..
وعليه؛ فإن تسديد تبليغ الدين في المملكة في جوهره "إحياء وتجديد" لخطاب الدعاة إلى الله من أجل إرساء مقومات الحياة الطيبة التي تشع من المساجد؛ لتصبح (أنموذجا فريدا) يستقطب إليه الإنسان الذي أتعبته كلفة الحياة المادية البعيدة عن الله..
إن "الحياة الطيبة" كرؤية متأسسة على مفاهيم الإسلام الفطرية والمتأصلة في النفس والمشترك الانسانيين؛ هي الغاية الكبرى للتدين في مجال/ دار الدنيا مع الخلود في الجنة في الدار الآخرة.. وهي الفلسفة التي تبشر بها إمارة المؤمنين العالم من حولها، وتقدمها كمقترح أخلاقي وإنساني للخروج من حياة الضنك والإحصائيات المنذرة والمخيفة.. وإمارة المؤمنين تتبث يوما بعد يوم أن الأنموذج المغربي في التدين والمتأسس على رؤية اندماجية؛ تكون فيه كلمة الله وسنة رسوله (هداية) الى (الحياة الطيبة) تشمل (برحمتها) بدون استثناء (الناس جميعا)..
(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الأرض يرثها عبادي الصالحون) صدق الله العظيم.
إن "الحياة الطيبة" كرؤية متأسسة على مفاهيم الإسلام الفطرية والمتأصلة في النفس والمشترك الانسانيين؛ هي الغاية الكبرى للتدين في مجال/ دار الدنيا مع الخلود في الجنة في الدار الآخرة.. وهي الفلسفة التي تبشر بها إمارة المؤمنين العالم من حولها، وتقدمها كمقترح أخلاقي وإنساني للخروج من حياة الضنك والإحصائيات المنذرة والمخيفة.. وإمارة المؤمنين تتبث يوما بعد يوم أن الأنموذج المغربي في التدين والمتأسس على رؤية اندماجية؛ تكون فيه كلمة الله وسنة رسوله (هداية) الى (الحياة الطيبة) تشمل (برحمتها) بدون استثناء (الناس جميعا)..
(ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الأرض يرثها عبادي الصالحون) صدق الله العظيم.