الأحد 8 سبتمبر 2024
مجتمع

بينها عدم التنفيذ على الدولة.. التقدم والاشتراكية بالنواب يعدد نواقص مشروع المسطرة المدنية

بينها عدم التنفيذ على الدولة.. التقدم والاشتراكية بالنواب يعدد نواقص مشروع المسطرة المدنية البرلمانية نهى الموساوي
اعتبرت النائبة نهى الموساوي، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، قانون المسطرة المدنية يعتبر القانون الأم الذي يتم اللجوء إليه في حالة غياب نصوص خاصة تنظم مادة قانونية معينة.

وأضافت في مداخلة لها اليوم الثلاثاء 23 يوليوز 2024 خلال الجلسة التشريعية المخصصة للمناقشة والتصويت على مشروع قانون رقم 02.23 يتعلق بالمسطرة المدنية، أنه انطلاقا من كون العدالة الإجرائية شرط أساس لتحقيق المحاكمة العادلة وإصدار أحكام منصفة وبالجودة المطلوبة، فإن السؤال الكبير الذي يُطرح بشدة، هو معرفة ما إذا كان المشروع الذي نحن بصدد مناقشته اليوم، من شأنه أن يحقق مبتغى المتقاضين وجل الفاعلين والمتدخلين في العملية القضائية، ويستجيب لروح خطاب جلالة الملك المؤرخ في 20 غشت 2009.

وزادت المتحدثة ذاتها قائلة:" يتعين الإجابة، عما إذا كان المشروع في حلته الحالية، قد وٌفِّقَ في الحفاظ على التوازنات بين الفاعلين من قضاة ومحامين وكتابة الضبط وباقي مساعدي القضاء، أم أن إخراجه إلى حيز الوجود في صيغته الحالية من شأنه أن يمس باستقلالية بعض الفاعلين المذكورين ويمس بمكانتهم ورمزيتهم المتراكمة لعقود، مما سَيَحُولُ دون تسهيل الولوج المستنير إلى العدالة وتحقيق النجاعة والجودة، مقابل سرعة إصدار الأحكام، وبالتالي فإن الحرص على خلق توازن محكم بين الكم والكيف أمر ضروري".

الحق في التقاضي، حسب النائبة البرلمانية، مبدأ دستوري، ولا يمكن تقييده أو مصادرته بأي شكل من الأشكال، ولا أي سبب من الأسباب فالفصل 120 من الدستور ينص على أن " لكل شخص الحق في المحاكمة عادلة، وفي حكم يصدر داخل أجل معقول، وأن حقوق الدفاع مضمونة امام جميع المحاكم ".

وشددت أن هذه المبادئ، هي التي تراجعت عنها، للأسف، العديدُ من المقتضيات الواردة في مشروع القانون، والتي "نعتبرها عرقلة صريحة لحق اللجوء إلى القضاء والولوج إليه بمختلف الطرق والوسائل المتاحة".

وفي السياق ذاته، أبرزت أن المسطرة أمام محاكم الدرجة الأولى تستدعي من جهتها بعض الملاحظات التي نعتبرها موضوعية ووجيهة، حيث جاء، على سبيل المثال، في المادة 76 من المشروع، أن تقديم الدعوى أمام محاكم الدرجة الأولى يتم بمقال مكتوب يودع بكتابة ضبط المحكمة، ويكون مؤرخا وموقعا من قبل المدعي أو وكيله أو محاميه.

وهذه الصياغة تفيد أن المسطرة تكون كتابية أمام هذه المحاكم بمجرد تقديم مقال مكتوب، علما أن المقالات المكتوبة تقدم في المساطر الشفوية أيضا.

وفي هذا الصدد، تضيف النائبة البرلمانية، لا بد من التأكيد على أن مفهوم الوكيل ظل غامضا، فهل الأمر يتعلق بالوكيل حسب تعريف القانون المدني، أم أن هناك نية وإرادة لإحياء مهنة الوكيل الشرعي، أو مهنة جديدة منافسة لمهنة المحاماة؟

وتوقفت النائبة البرلمانية عند عدد من النقط من قبيل ما يتعلق بطرق الطعن، التي جاءت متفرقة ولم يتم تجميعها في أبواب، وأقسام مستقلة بالمشروع، كما تضمن كذلك، على الرغم من بعض إيجابياته التي لا يمكننا إنكارُها، عدة مقتضيات تعرقل صراحة طرق الطعن، وربطها بقيمة النزاع، حيث أن الأحكام ستصدر انتهائيا وابتدائيا في القضايا التي لا تتجاوز قيمتها 30 ألف درهماً، بينما لم يعد ممكنا ممارسة حق الطعن بالنقض نهائيا في القضايا التي لا تتجاوز قيمتها 80 ألف درهماً.

وأضافت:"فبالإضافة إلى المساس بمبدأ التقاضي على درجتين هناك تقليص للدور الرقابي لمحكمة النقض على بعض الأحكام التي يمكن أن تطالها خروقات".

واعتبرت ما جاء في المادة 502 من المشروع، تعسفا تشريعيا، وشططا في تجاوز الدستور، خاصة الفصل 126 منه، ذلك أن عدم تنفيذ الدولة وكل أشخاص القانون العام للأحكام القضائية، يُعتبر تَنَكُّرًا صَرِيحًا لحقوق المواطن على الدولة، لأن الأموال المحكوم بها ليست ملكية الدولة، وإنما الدولة تُمْسِكُ عليها، بدون وجه حق، لأنها مطالبة بالمبادرة إلى تنفيذ الأحكام القضائية بصفة تلقائية، وهي أموال في ملكية المواطن الدَّائن، وهي حَقٌ له بين يدي الدولة بمقتضى حكم قضائي نهائي.

واعتبرت المتحدثة ذاتها أن أهمية الأحكام لا تُختزل في إصدارها، وإنما في إيجاد الوسائل والطرق التي يمكن الاستناد عليها من أجل العمل على تنفيذها، إذ لا فائدة من وجود قانون بدون تطبيق، ولا قيمة للأحكام من دون تنفيذ. فبدون التنفيذ تكون الأحكام القضائية عديمة الجدوى والفعالية، كما أن بقاء الأحكام والقرارات القضائية دون تنفيذ يتناقض مع مبدأ شرعية الهيئات العمومية للدولة.

من جهة أخرى، أثارت مسألة الحُكم بالغرامة تلقائيا من قِبَل المحكمة التي قضت بعدم قبول الطلب، أو برفض الطلب، فضلا عن التعويض الذي يمكن أن يطالب به المتضرر المفترض، أمر غير عادل نهائيا ولا يمتُّ بصلة لشروط المحاكمة العادلة، و:هو ما نعتبره حرمانا، وتعسفا على ممارسة حق التقاضي والولوج إلى القضاء، كسلطة قضائية مستقلة، ضامنة للحقوق ولإنفاذ القانون". 

وشددت على أن هذه القضايا التي أثارها فريق التقدم والاشتراكية وغيرها من القضايا كإشكالية التبليغ والتنفيذ، والتي كانت موضوع تعديلات، تم رفضها للأسف، واعتبرها تعرقل الولوج إلى العدالة، حيث سَيْطَرَتْ هواجسُ التقاضي بسوء نية وعرقلة حُسن سير العدالة والتغريم، على الفلسفة العامة لمشروع القانون، مما جعله يكرس عدة تراجعات في مجال التقاضي ويضربُ مبدأيْ المحاكمة العادلة وحُسن النية.

لكن ذلك لا يَمْنَعُنا، على سبيل الموضوعية، من التنويه ببعض الإيجابيات التي حَمَلَهَا التداولُ في المشروع من داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، من قبيل التراجع عَمَّا كان واردا في مشروع القانون، مِنْ إطلاقِ اليدِ أمام طلب التصريح ببطلان أحكام قال فيها القضاء كلمته النهائية (المادة 17).  

وسجل الفريق إيجابا، التفاعل الذي أبديتموه، السيد الوزير المحترم، مع عدد من تعديلات الفريق، لكن دون أن يرقى ذلك، للأسف، إلى جعل مشروع القانون برمته في مستوى التطلعات التي تَجِدُ أسَاسًا لها في الأبعاد الحقوقية والدستورية والقانونية.

في حديثها عن رهانات فريق التقدم والاشتراكية، أكدت النائبة البرلمانية أنه كان ولا يزال، هو تخليق المشهد القضائي وتحقيق الأمن القانوني، والارتقاء بالأداء القضائي، من خلال ضمان حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة والمحاكمة العادلة وسيادة القانون، وضمان حقوق الدفاع والولوج المستنير للعدالة، وحجية الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء وتنفيذها دون تمييز أو استثناء أو مفاضلة، والانتقال من محكمة تقليدية إلى محكمة إلكترونية، ستساهم في تعزيز قيم النزاهة والشفافية.